سهم محمد العبادي/ القاهرة
علاقة الأردنيين بالمصريين تاريخية، فيها تشاركية بكثير من المجالات، ولعب العامل المصري دورا كبيرا في عملية بناء الأردن، من خلال القطاعات التي عمل بها.
غالبية الأردنيين تجمعهم علاقات شخصية مع المصريين، تحكمها روابط العروبة والدم والإخوة، والثقافة المصرية انتشرت في بقاع الأرض وخصوصا الدول العربية، حيث تأتي اللهجة المصرية ثانيا بعد اللغة العربية الفصحى، وكثير من المفردات نعرفها جيدا، سواء ما كان يتردد بالخطابات السياسية أو حتى الثقافية وغيرها.
في الأردن تربطني علاقات أخوية مع المصريين ونتبادل الزيارات وأداء الواجب في المناسبات وحتى التشجيع الرياضي، ولم تفسد هذه العلاقة يوما.
في مصر ينظرون للأردن بعين الحب والاحترام، ويستخدمون المفردات المصرية الجميلة والأصيلة للتعبير عن ذلك، وحتى أفراحنا شاركونا فرحتها، وعلى رأي صديقي "أحنا نحب الأردن ونحب الملك عبد الله أوي، وحضرنا عرس ولي العهد وفرحناله "، فهؤلاء هم المصريون يفرحون للجميع ويحبون الجميع، ورغم الظروف الاقتصادية إلا أنهم أكرم الناس وأطيبهم ضيافة.
ما دعاني لكتابة ذلك، هو ما لمسته من محبة وتقدير كبير خلال وجودي بجامعة القاهرة، حيث أدرس دكتوراة الصحافة بكلية الإعلام، فعندما تسأل عن جنسيتك تشعر بمدى أهميتك لديهم، مثلما يخبرونك عن مدى تقديرهم للأردنيين ومعاملتهم معاملة خاصة جدا.
في الشارع المصري خارج أسوار الجامعة الأمر لا يختلف، فهم من يعبرون لك عن محبتهم للأردن، ويكفيك أن تسمع "أنتم حبايبنا"، والمصري هو من يعرف صنوف الحب والتعبير عنها، وكانت ردة فعلهم جميلة على ما قام به أهل المفرق من احتفال بالطالبة المصرية التي نجحت في التوجيهي مؤخرا.
من على ضفاف النيل الممتدة، وبالقرب من أهراماتها، وكل حارات مصر، أصبح للأردن مكانة بهذا القلب المصري الذي ينبض بالحب، وهذا الأمر لم يأت من فراغ، ولكن لا بد من جهود بذلت حتى وصلنا لهذه المكانة.
لقد أسس لهذه العلاقات جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله، والجهود التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المفدى واضحة للعيان وللتاريخ، فقد شهدت العلاقات الأردنية المصرية خلال السنوات الأخيرة تقدما ملحوظا بمختلف المجالات، وأصبح هنالك شبه موقف رسمي موحد بين الدولتين حيال القضايا العربية والعالمية، والتنسيق الرسمي يذلك واضح في أبهى صورة.
أما حول العلاقات الثنائية الاقتصادية والتعليمية وغيرها فقد شهدت ازدهارا، وهنالك زيارات متبادلة ما بين السلطات الرسمية في البلدين لتمتين العلاقات وتذليل كافة العقبات التي تقف عائقا أمام الحيلولة للوصول إلى التكاملية المنشودة بين البلدين على مختلف الصعد.
حاليا، تشهد الساحة المصرية الرسمية والخاصة نشاطا ملحوظا للسفير الأردني في القاهرة، مندوب الأردن لدى جامعة الدول العربية معالي أمجد العضايلة، الذي شكل حالة جديدة وفريدة وصورة مشرقة في بناء وازدهار العلاقات الأردنية المصرية، وهو خير من يعمل لتنفيذ توجيهات ورؤى جلالة الملك، مثلما جعل من السفارة الأردنية في القاهرة بيتا لكل الأردنيين، ويلتقيهم بها ويستمع لكافة مطالبهم، وهذا نلمسه خلال مراجعاتنا للمؤسسات الرسمية المصرية، وتعاونهم معنا، أو من خلال مراجعتنا للسفارة التي أصبحت بمثابة بيتنا في مصر، وهنا تتضح لنا الجهود الكبيرة والمضنية التي يقوم بها السفير وأركان السفارة.
طلابيا، نتمتع داخل الجامعة بمزايا عديدة لنا كأردنيين، ومعاملاتنا تمضي بكل سهولة ويسر، وفي حال وجود ملاحظات، فلدينا ملحق ثقافي نشيط لا يجيب على الهاتف فقط، بل طوع كل الإمكانات لخدمة الطلاب، وفي غالب الأحيان يتواجد شخصيا في الجامعات ويتابع أدق التفاصيل، مثلما أصبح لدينا ملحقية نفتخر بها مجهزة بكل الإمكانات لخدمة الطلاب.
العيون المصرية تعشق الأردن وأهله وقيادته، وتستخدم أعذب وأجزل مفردات نجيب محفوظ وطه حسين والمنفلوطي وشعر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم بل وحتى كوبليهات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب ونجاة الصغيرة التي عشقنا كلماتها حبا في الأردن.
في مصر يجري حب الأردن فيها كمجرى النيل وهمسات نسائم الدلتا.
حفظ الله تلك العيون المصرية وعيون بهيه .