لانا فايز السيد
لم يعد خافيا أن الشاب مستقبل الأمم، وثروة المستقبل، ورأس المال الحقيقي، ولتقدم الدول لابد من الاستثمار في عقول الشباب، والانتقال معهم إلى مستقبل يتميز بالابتكار وريادة الأعمال، ويواكب التطورات التكنولوجية والتنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة، وعند الحديث عن التنمية المستدامة والنهوض في الاقتصاد الوطني للدول لابد وأن نتطرق بالحديث عن التعليم فهو من يساهم في بناء اقتصاد الدول العظمى، وهو عماداً أساسيا في تقدم أي دولة وسبيلاً لنهوضها.
ونحن على اعتاب اختيار شباب الاردن طريقهم الى المستقبل وتحقيق أحلامهم في اختيار التخصصات الدراسية هناك اسئلة تدور في أذهانهم ، ما هو الاختيار الصحيح ؟ وماهو هو التخصص الذي يحتاجه السوق ؟ هل التخصص سوف يؤمن لي ان اكون مواطن فاعل في المجتمع ؟ وهل لسوء اختياري للتخصص سوف انضم إلى صفوف العاطلين عن العمل ؟
بحسب دائرة الإحصاءات العامة لا تزال معدلات البطالة بارتفاع مستمر حتى وصل إلى 23.1% هذا العام ، ونجد أن هناك فجوة كبيرة ما بين المهارات المطلوبة واحتياجات سوق العمل، إذ إن سوق العمل يحتاج إلى ما يزيد على 90 ألف فرصة عمل جديدة سنويا لمخرجات التعليم الأكاديمي بالمقابل يوجد 750 ألف شاغر وفرصة عمل لا يوجد لهم أي موظف بحكم أن المهارات غير متوفرة بحسب وزارة العمل .
ومن هنا؛ لابد من النظر إلى نوع التخصصات التي يجب على الطلبة الإقبال عليها مثل التجميل ، الفندقة ، التمريض ، التصوير اشعاعي ، القبالة ، الإنعاش و التعقيم ، والرسوم المتحركة ، والأمن السيبراني ، والواقع الافتراضي ، والتسويق الرقمي ، وأمن المعلومات والفضاء الالكتروني، والتحقيقات الجنائية الرقمية،و الذكاء الاصطناعي ، والهندسة النووية و الطاقة متجددة ، والابتعاد عن التخصصات الراكدة والمشبعة في السوق ، خصوصاً أنه يقدر عدد خريجي المعاهد والجامعات سنوياً من الأردنيين بأكثر من 70 ألفاً في مجالات مختلفة وخاصة في تخصصات الطب والهندسة والتعليم والشؤون المالية والإدارية وغيرها، لدرجة عجز ديوان الخدمة المدنية عن استمرار استقبال مزيد من طلبات التعيين في الجهاز الحكومي، إذ بلغ عدد طلبات التوظيف المقدمة نحو 423 ألف طلب، وأن استيعاب خريجي السنة الواحدة يحتاج إلى ثماني سنوات، وأن لدى الأردن تخصصات تكفي خريجيها لمدة 12 عاماً والتحدي الأكبر أمام الاقتصاد الأردني هو استيعاب أكثر من مليون شابٍ وشابة سيدخلون سوق العمل خلال العشر سنوات القادمة.
ولأن مستقبل الشباب مرتبط في مستقبل الوطن فهو مسؤولية الجميع ، ويجب أن يتم التعامل مع قضية اختيار المسارات الاكاديمية أو المهنية بشكل جاد وقرارات حاسمة فالتخصصات الراكدة وسوق مشبع ، وسوء الاختيار يعرقل التقدم ويعطل الاقتصاد الوطني و يحول أمام تحقيق التنمية المستدامة ، ويجب أن تتضافر جميع الجهود من مراكز التوجيه والإرشاد المهنيّ في الجامعات وكليات المجتمع و مراكز التدريب المهنيّ وكل ما يقدم خدمة التعليم الأكاديمي و المهنيّ الى جانب ووسائل الإعلام كافة مرئية ومسموعة ومكتوبة ، لإرشاد الطلبة نحو التخصصات الأكاديمية الجديدة أو التخصصات المهنية المطلوبة ، وتوجيههم حسب رغباتهم وميولهم لاختيار تخصص فاعل ، يخرج لنا مبدعين وقياديين و رياديين ومبتكرين و يرسم مستقبلا زاهرا للطلبة ويسهم في ازدهار الوطن وبنائه.