فاطمة الزهراء - لا يكف "التوجيهي" في الأردن عن كونه ضيفًا ثقيل الظل، وهاجسًا يشكل لدى شريحة غير قليلة من الطلبة وأهلهم أكبر المخاوف وأصعب العقبات، ويسلب من عيونهم الألق ليستحل الأرق الساحة منذ بداية العام الدراسي وإلى ساعة صدور النتائج.
هذا "البعبع" القابع في منازل ذوي طلبة الثانوية العامة، يغيِّبُ عنّا كل عام عددًا من الطلبة الذين لا تُسعفهم صحتهم أو مخاوفهم لإكمال المسير، (عبد الله، عبد الرحمن، أحمد، أسامة) كلها أسماء لطلبة غابوا عن مقاعدهم الدراسية ولم يشهدوا اليوم الذي تُعلن فيه النتائج، ليحتفلوا فرحًا بنتائجهم كباقي زملائهم.
*الصورة النمطية للتوجيهي
معلمة اللغة العربية، سلام علي بيّنت أنها كثيرًا ما ترى القلق باديًا على أفعال وتصرفات طالبات الثانوية العامة في صفّها الذي تشرف عليه، "وذلك لما يسمعنه عن هيبة هذه السنة وصعوبتها، وأهميتها في تحديد مصير المستقبل" وهذا في حد ذاته إن كان تحفيزًا لعدد منهن فهو غالبًا ما يكون مفزعًا ومقلقًا لنسبة كبيرة ما يجعلهن في توتر وضغط كبيرين خلال هذه السنة.
وتابعت أنها تحاول في كل حصة بدءها ببعض التوجيهات والنصائح التي تطرد عنهن بعض هذه المخاوف، وتعطيهن شعورًا بالارتياح والطمأنينة والتشجيع للاستمرار في الدراسة والجد دون ضغوط كبيرة تعطل عليهن الاستمرار.
وأضافت أن كلام المجتمع ونظرته لغير المجتاز لامتحانات الثانوية، والأقاويل التي تبعث في النفوس الحزن والشعور بالنقص هي ما عززت هذه الصورة النمطية وكرستها بين الأفراد.
*القلق والتوتر لاعبان أساسيان
من جانبها أوضحت الاستشارية التربوية، حنان العمري أن
للثانوية العامة أهميتها و"هيبتها" لما تفتح من مجالات للطالب للمسارات الأكاديمية والمهنية، كما هو تعزيز ذاتي وداخلي للأهل في نجاح أبنائهم في حياتهم العلمية، "لكن نحن ننصح دومًا أن يجعلوا القلق والتوتر بالدرجة المعقولة، والأبحاث والدراسات تفيد بأنه كلما زاد القلق والتوتر فذلك يؤثر سلبًا على أداء الطلبة في امتحاناتهم، وعلى الأهل في تعاملهم مع أبنائهم"، مضيفةً أن كثيرًا من الأسر تُعلن حالة الطوارئ وتلغي الكثير من فعالياتها اليومية من زيارات ورحلات وأنشطة وتفترض "الالتزام التام من المدرسين والطالب بالدورات والحصص، وهذا جيد أن تكون هناك استعدادات وتحضيرات لهذا العام لكن ليس بالدرجة المُعطلة للحياة اليومية".
*الإخفاق ليس النهاية
وفي سياق متصل تذكر راما عمر إنها أخفقت مرة بعد مرة في اجتياز امتحانات الثانوية العامة، وهذا سبب لها حزنًا كبيرًا لما تسمعه من كلام المجتمع من حولها، ولما تراه من فرحة الطلبة الذين حصلوا على نتائج مرضية، وهذا أقعدها عن العمل والبذل، إلا أنها بعد التفكير مليًّا أدركت أن "التوجيهي" ليس نهاية المطاف أو السبيل الوحيد للوصول، واختارت أن تبدأ تعلُم حرفةٍ وتتقنها وتستطيع الإبداع فيها.
وأضافت أنها تعلمت الحياكة والنسيج وعملت في ذلك ما أكسبها الخبرة لافتتاح مشروعها الخاص، وإنشاء متجر لبيع المنتجات التي تصنعها بكل شغف بهذه الحرفة.
*تخطي هوس الاحتفال
يوم إعلان النتائج وبُعيْدَ الدخول لموقع كشوف النقاط تبدأ الزغاريد تتعالى نغماتها بين الأحياء ويصدح صوت المفرقعات والألعاب النارية وأحيانًا ضربات الرصاص مدويًا من أعلى أسطح المنازل أو بين البيوت في الشوارع وسط أجواء تغمرها فرحة وسعادة النجاح، وهذا إن كان من مظاهر "هوس الاحتفالات" في شيء فهو ضرر يقلب الموازيين في كثير من الأحيان ويُحوِّلُ الفرح إلى ترح في غمضة عين.
يذكر الحاج، سليم عامر إن موعد إعلان النتائج صار يُقلق في كثير من الأحياء، لما يقوم به الشباب من طيش في إطلاق الرصاص والألعاب النارية الخطيرة، "أحد السنوات ابن لجيراننا أثناء احتفاله بنجاح أخيه في الثانوية العامة، أحضر علب كبيرة من الألعاب النارية لإشعالها فوق سطح المنزل والاحتفال، إلا أنه أخطأ لربما في إشعالها ما جعلها تنفجر في وجهه واحتاج لأكثر من عشرة عمليات لترميم جزء من الإصابة التي لحقته، وهذا ضرر نحن في غنى عنه"
وكان وجّه مدير الامن العام اللواء عبيد الله المعايطة، أمس الاثنين إلى تشديد الاجراءات الميدانية والعملياتية والاستخبارية وفق خطط مدروسة لمراقبة إطلاق العيارات النارية في المناسبات التي تعد جريمة بحق المجتمع، وإلقاء القبض على مرتكبيها وتقديمهم للقضاء لينالوا عقابهم الرادع.
وعُقد اجتماع أمني ترأسه مدير الأمن العام، بحضور مساعديه وعدد من كبار القادة والمديرين لمتابعة تعزيز الأمن خلال إعلان نتائج الثانوية العامة.