فاطمة الزهراء - شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا مقلقًا في نسبة "العنوسة" بين الجنسين في الأردن، فضلاً عن تزايد كبير في حالات الطلاق.
ووفقًا للأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة فإن نحو 2.8 مليون نسمة من سكان الأردن عازبون وعازبات، منهم 1.7 مليون أعزب و 1.1 مليون عزباء.
وتشير الأرقام الرسمية المسجلة في الأردن إلى أن معدل العزوف عن الزواج في ارتفاع، حيث تضاعفت أعداد الفتيات اللواتي تجاوزت أعمارهن الثلاثين دون أن يسبق لهن الزواج بمعدل 15 مرة في العقود الأربعة الأخيرة.
"أخبار اليوم" بدورها تابعت هذا الملف الهام مع عدد من الجهات ذات العلاقة في محاولة لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تسهم في زيادة هذه الظاهرة وتأثير ذلك على المجتمع.
إلى ذلك قالت معلمة الثقافة الإسلامية في مدرسة رقية الثانوية، فتحية الصرفندي، أن أبرز أسباب "العنوسة" بين الجنسين وعزوف الشباب عن الزواج يرجع إلى أسباب اقتصادية بحتة تتمثل في الغلاء المعيشي وارتفاع تكاليف الزواج التي باتت عائقًا يثقل كاهل من يرغب في الزواج، مضيفةً أن عدم مراعاة أهل الفتاة للوضع المادي للشباب أسهم بشكل كبير في عدول الكثيرين عن فكرة الزواج مع أن الأصل في المهر في ديننا الحنيف أن يتناسب مع الوضع المادي للزوج وعدم الإثقال عليه.
وبيّنت كذلك أن بعض الأسباب تتعلق بالمستوى التعليمي لكلا الطرفين والوضع الاجتماعي والمواصفات التي لا تتنازل عنها الفتيات اليوم والتي عززت فكرة العزوف عن الزواج.
وذكرت الصرفندي أن حكم الزواج سنة مؤكدة وأن ديننا الحنيف حث على الزواج والتكاثر والعزوف عن ذلك هو مخالفة للسنة، كما أنه يساعد على انتشار الفواحش والمحرمات في المجتمع.
وقال استشاري العلاقات الأسرية والتربوية، الدكتور خليل الزيود أن الصورة التي أظهرها الإعلام لشكل الأسر والزواج والعلاقات الأسرية بثّت فكرة "انتهاء مرحلة الجنة ودخول مرحلة الجحيم" وأن الزواج كبت للنفس.
وذكر أن من أسباب ارتفاع نسب العزوف انتقال الزواج من مؤسسة مودة ورحمة لمؤسسة رأسمالية بحتة، "فاختلفت طريقة تفكير الشباب وانحصرت بالتكاليف المادية للزواج"، بالإضافة للمفاهيم التي شُوِهَت عن الزواج كالقوامة التي انحرفت عن معانيها السامية والقرار في البيوت "الذي صار يُفسر سجنًا للمرأة".
وبيّن الزيود أن من سلبيات العزوف عن الزواج اختلال الأولويات في شبكة العلاقات الاجتماعية فيصبح التكاثر غير قابل للتمدد أو التجدد "فنصل لمجتمع هش"، كما يتشكل مجتمع كراهية يحتوي طبقات عاطفية بين عزاب يحسدون المتزوجين ومتزوجين يحسدون العزاب على حياتهم قبل الارتباط، فتنتقل العلاقات من مرحلة تشاركية إلى فكرة الترويج للأسوأ، مضيفًا أن العزوف يؤدي إلى حدوث الجفاف العاطفي فتصبح المجتمعات تبحث عن أي ارتواء للعواطف.
بدورها قالت سمية أحمد (49) عامًا، إن البطالة تعتبر من الاسباب الأساسية في عزوف الشباب عن الزواج "فمن لا يملك وظيفة كيف سيتزوج؟"، وحتى إن وجد وظيفة فهو يحتاج لسنوات طويلة ليستطيع الإقدام على خطوة كالزواج في ظل التكاليف المرتفعة، مضيفةً أن نسبة كبيرة من الشباب اليوم يتهرب أو يهرب من مسؤولية البيت والأولاد والمصاريف.
أما ملاك عماد (26) عامًا قالت " أفضِلُ أن أستقل ماديًا قبل الزواج كما أنه لا توجد فرص كثيرة ولو توفرت فرص فإن الخاطبين يطلبون مواصفات خيالية وهذا سببه الانفتاح الكبيرعلى العالم ما زاد نسبة العزوف عن الزواج".
وذكرت أن الزواج سنة الله في عباده وهو يحفظ الأنفس والعزوف عنه يفسد المجتمع ويقلل المسؤولية عند الشباب.