نُسبت بعض الأحاديث إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- تبيّن حثّه على أكل التمر بعددٍ فرديٍ، إلّا أنّ أهل العلم أثبتوا بأنّ ذلك لم يصحّ عن النبيّ، وأنّ الثابت ما رُوي من قوله عليه الصلاة والسلام: (إنَّ اللهَ وِترٌ يحبُّ الوِترَ)، وبعد وقوف أهل العلم على الحديث السابق ودراستهم له؛ لم يتبين أي أمرٍ يتعلق بأكل التمر بعددٍ فرديٍ.
فالحديث يتعلق بوتر العبادات؛ من صلاة المغرب، وصلاة الوتر، والطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، وروى الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدُو يَومَ الفِطْرِ حتَّى يَأْكُلَ تَمَراتٍ وقالَ مُرَجَّأُ بنُ رَجاءٍ، حدَّثَني عُبَيْدُ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني أنَسٌ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَأْكُلُهُنَّ وِتْراً).
حكم تناول التمر الفردي في الإسلام
لم تثبت سنيّة أو وجوب أكل التمر بعددٍ فرديٍ إلّا يوم عيد الفطر، وأجاب العلامة ابن عثيمين عندما سُئل عن أكل التمر بعددٍ فرديٍ: "ليس بواجب؛ بل ولا سنة أن يُفطر الإنسان على وتر ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، إلّا يوم العيد، عيد الفطر؛ فقد ثبت أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان لا يغدو للصلاة يوم عيد الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهنّ وتراً"، ويتبيّن ممّا سبق عدم التقيّد بالعدد الفردي بأكل التمر في غير يوم عيد الفطر، كما لا يشرع الالتزام بالوتر في كلّ المأكل، أو الحرص على الوتر عند الرغبة في الزيادة بالأكل.
فضائل التمر في القرآن والسنة
أحلّ الله -سبحانه- لعباده التمر من الأطعمة، وذكره في مواضع من القرآن الكريم، منها: قوله -تعالى- عن ثمار النخل: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ).
قال -تعالى-: (وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ).
قال -تعالى-: (فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ).
كما جُعل تناول التمر في بعض الأحيان من العبادات التي يتقرّب بها المسلم من ربه، ومن تلك المواضع: السحور؛ فقد روى أبو هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (نِعم سَحورُ المؤمنِ التَّمرُ)، كما أنّ من السنة النبوية أن يفطر الصائم على تمرٍ، ودليل ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا أَفْطَر أحدُكم فَلْيُفْطِرْ على تَمْرٍ فإنه بركةٌ فإن لم يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ على ماءٍ فإنه طَهُورٌ)، وثبت أيضاً أنّ النبي كان يأكل التمر قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر.
والحكمة من ذلك تكمُن في اتّباع أمر الله -سبحانه- في الفطر يوم العيد، إذ فرض الله سبحانه صيام رمضان، وحرّم على عباده صيام يوم العيد، واتّباع أوامر الله عبادةٌ، لا بدّ من المسلم القيام بها، ولم يقتصر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الفطر في يوم عيد الفطر، بل جعله أوّل شيءٍ يفعله قبل ذهابه لصلاة العيد، فحريٌّ على المسلم أن يحرص على تطبيق هذه السنة اتبّاعا للنبي الكريم.
الفوائد الصحيّة للتمر بشكل عام
إنّ للتّمر فوائد صحّية عديدة؛ فهو مصدرٌ مرتفعٌ بالألياف، بالإضافة إلى أنّه غنيٌّ بمضادات الأكسدة، ويحتوي على كميّةٍ قليلةٍ من الصوديوم، ومستوياتٍ عاليةٍ من البوتاسيوم، كما يحتوي على الحديد، فهو مفيد للمصابين بفقر الدم.