عمولة أصحاب محطات المحروقات تحت المجهر

mainThumb

07-08-2023 01:01 AM

printIcon

طالب خبراء وعاملون في قطاع المحروقات الحكومة برفع قيمة العمولة التي يتقاضاها أصحاب محطات الوقود مقابل بيع المشتقات النفطية للمستهلكين في خطوة تهدف إلى مساعدتهم في مواجهة تراجع المبيعات.

وفي وقت يطالب فيه قطاع محطات المحروقات برفع قيمة عمولتهم واحتسابها من ضمن الضريبة الثابتة، اعتبر البعض أن هذ أمرا قد يكون غير قابل للتطبيق لأن قيمة الضريبة الثابتة على المشتقات النفطية تم إقرارها سابقا بموجب القانون.

وأعلنت وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأسبوع الماضي عن طرح عطاء لشراء خدمات استشارية لدراسة عمولة محطات المحروقات، بناء على مطالبات أصحاب المحطات وأخرى نيابية لإعادة النظر في قيمة هذه العمولة.
يذكر أن محطات المحروقات في المملكة وعددها يقارب 800 محطة مملوكة بالكامل لشركات التسويق الثلاث العاملة في المملكة حاليا، أو مملوكة لأفراد لكن يتم تزويدها بالمشتقات من أحد هذه الشركات.
وكانت شركة أبو غزالة وشركاه للاستثمارات المتخصصة في الاستشارات المالية والدراسات أوصت في دراسة سابقة بوضع ضوابط وتعليمات جديدة لترخيص المحطات، استنادا إلى حاجة السوق وتوفير حماية للمحطات القائمة وبزيادة تفوق قيمتها 15 فلسا على العمولة الحالية لتصبح 33 فلسا لكل لتر بدلا من 18 فلسا حاليا.
نقابة المحروقات من جهتها أكدت لـ"الغد" على لسان رئيسها م.نهار السعيدات أن حال القطاع صعب جدا خصوصا للمحطات خارج العاصمة ما دفع الكثير من هذه المحطات إلى الإغلاق والخروج من السوق.
ووفقا للسعيدات، فإن غالبية محطات المحروقات في المملكة أصبحت تخسر باستثناء بعض المحطات في عمان والعقبة ، عدا عن صعوبة تأمين الوقود في العديد من المحطات إذا ما أخذ بعين الاعتبار قرب حلول فصل الشتاء وهذه عوامل كلها جعلت المحطات تطالب بزيادة عمولتها بمقدار 22 فلسا للتر لتصبح 40 فلسا بدلا من 18 هي القيمة الحالية، علما بأن 46 % تقريبا من استهلاك المحروقات يتركز في العاصمة.
في هذا الشأن قال رئيس نقابة المحروقات الأسبق والخبير الاقتصادي في الشأن المحلي لقطاع المحروقات فهد الفايز إن "زيادة العمولة حق لا جدال فيه لأصحاب المحطات طالما أن هناك متغيرات تحدث وتؤدي إلى زيادة في الكلف التي يتحملونها" معتبرا أن الأصل هو مراجعة قيمة هذه العمولة كل 3 سنوات تقريبا".
وبين الفايز أنه خلال السنوات الماضية كانت هنالك زيادة كبيرة في كلف محطات المحروقات مثل ارتفاع نسب الضمان الاجتماعي ورسوم تصاريح العمالة الوافدة في المحطات المسموح لها تشغيل هذه العمالة عدا أن الارتفاع المضطرد والملموس في رأس المال التشغيلي والفوائد البنكية التي تمت زيادتها تماشيا مع الوضع الاقتصادي العالمي، وغيره من الكلف المصاحبة له.
كما أن زيادة عدد محطات المحروقات قلل من حصص البيع اليومية للعديد من المحطات خصوصا في المحطات البعيدة، الأمر الذي يضاف إلى تراجع المبيعات الكلي للمحطات كما أن انتشار السيارات الكهربائية والهجينة وتقليل الاستهلاك الناتج عن ارتفاع أسعار المحروقات كان له الأثر الذي لا يمكن تجاهله مهما كانت نسبته.
وطالب الفايز بضرورة إعادة النظر في هذه العمولة للمحطات عموما وللمحطات البعيدة بشكل خاص على غرار عمولة موزعي الغاز في المحافظات الأبعد، معتبرا أن الزيادة المطالب بها محدودة ويمكن للحكومة أن تقتطعها من الضريبة الثابتة لحساب المحطات وبين الفايز أن العمولة الممنوحة للمحطات كانت في 2001 تعادل 6.5 فلس للتر الواحد و في 2008 اصبحت 7.6 فلس للتر و ارتفعت في العام 2012 إلى 9.8 فلس، ثم إلى 15 فلسا في 2014 بعد دخول شركات التسويق الثلاث وبالتنسيق مع وزارة الطاقة حيث كان ذلك لتسهيل عملية التوزيع النسبي للمحطات على هذه الشركات حسب موقعها جغرافيا وعددها وكميات بيعها بشكل عادل نسبيا، علما بأن منح العمولة بمقدار 15 فلسا في ذلك الوقت تم اشتراطه بتقديم كفالة بنكية من قبل المحطات لشركات التسويق التي تزودها بالمحروقات، أما المحطات التي لم ترغب بتقديم هذه الكفالة فقد تم منحها 12 فلسا فقط عن كل لتر، والزيادة الأخيرة كانت عام 2016 لتصبح 18 فلسا أي منذ سبع سنوات، مؤكدا ضرورة إعادة النظر بهذه العمولة.
وحذر الخبير في شؤون النفط هاشم عقل من أن تعكس الحكومة أي زيادة في عمولة المحطات على كلف البيع للمستهلكين لأن عمولة المحطات تعد جزءا من معادلة التسعير.
واتفق عقل على أن المحطات تواجه تراجعا كبيرا في الإيرادات بسبب انخفاض واضح في حجم المبيعات لأسباب من بينها زيادة انتشار السيارات الكهربائية أو تراج الاستهلاك نتيجة الظروف الاقتصادية للمستهلكين وارتفاع أسعار المشتقات النفطية .
وفي وقت تطالب فيه المحطات باحتساب الزيادة من الضريبة الثابتة رأى عقل أن هذا الأمر صعب التطبيق وذلك أن الضريبة مقرة بموجب قانون وأن أي تغيير فيها يحتاج إلى تعديل القانون ، معتبرا أن تخفيض ضريبة الدخل على المحطات يمكن أن يساعد على تخفيض كلفها.
وتفرض الحكومة ضريبة مقطوعة على المشتقات النفطية، مقدارها على مشتق البنزين اوكتان 95 ما قيمته 575 فلسا عن كل لتر، وبالنسبة للبنزين اوكتان 90، تفرض على كل لتر ضريبة مقطوعة بمقدار 370 فلسا فيما تفرض على الكاز ضريبة مقطوعة على كل لتر تبلغ 165 فلسا.
وقال الباحث في شؤون الطاقة عامر الشوبكي "هناك خطأ إستراتيجي في ملف توزيع عمولات المشتقات النفطية في الأردن ،حوالي 18 فلسا للمحطات و 12 فلسا لشركات التوزيع ، علما بأن شركة التوزيع عالميا لا تحصل على عمولة كون لها عمولة إما من عملية الاستيراد إذا كانت الدولة مستوردة أو من المصافي إذا كانت الدولة منتجة لأن عملية التكرير توفر هامش ربح كبير وفي الاستيراد يوضع أيضا الأرباح كبيرة وبالتالي فإن 12 فلسا يجب أن تتحول للمحطات".
أما بالنسبة لاحتسابها من الضريبة الثابتة قال الشوبكي "إنها لاتحتمل المزيد من الضغط وأن أي زيادة يجب أن لا تكون على حساب المواطن، في وقت يرى فيه أن الدولة ليست في وضع يسمح لهم التقليل من قيمة الضريبة لصالح أرباح المحطات وكان أجدر بها تخفيف هذه الضريبة لصالح المواطن".
وكان رئيس لجنة الطاقة النيابية، طلال النسور قال سابقا إن "اللجنة سترفع توصية إلى ‏وزارة الطاقة تتضمن إجراء دراسة ثانية حول أثر التكاليف على عمولة محطات المحروقات، والتحديات ‏التي تواجه قطاع المحروقات".‏
وأشار النسور خلال اجتماع سابق للجنة إلى أنه تم إعطاء مهلة لتسليم نتائج الدراسة مدتها أربعة أشهر، بهدف اتخاذ الإجراء المناسبة، مضيفا أنه وبناء على الكتاب الموجه من قبل نقابة المحروقات إلى "الطاقة النيابية"، بخصوص مطالبتهم برفع عمولة محطات المحروقات، حيث قدمت النقابة دراسة سابقة تحليلية مستفيضة عن العمولة.
وبين النسور أن الدراسة حللت واقع حال محطات المحروقات المتهالك خلال الفترة ما بين عامي 2018 و2022، مبينا تعرضها لخسائر بسبب تدني عمولة البيع، نتيجة التناقص الحاد في المبيعات، وزيادة المصاريف التشغيلية والأجور، وتزايد أعداد المركبات الكهربائية والهايبرد، وتزايد أعداد محطات المحروقات، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية مع بقاء نفس قيمة العمولة المقررة منذ سنوات، والبالغة 18 فلسا / لتر، فضلا عما مر به القطاع من تحديات خلال جائحة فيروس كورونا من خسائر متلاحقة وإغلاقات.