دعوات لإطلاق حملات تشجع على "الاحتضان" و"إثبات النسب" والتوفيق الأسري في شرق عمان

mainThumb

02-08-2023 12:56 AM

printIcon

أوصت دراسة بحثية، أجرتها جمعية قرى الأطفال الأردنية SOS حول "احتياجات الأسر المهددة بالتفكك والانفصال في مناطق شرق عمّان"، بإطلاق حملات توعية مكثفة، لتشجيع المجتمع على "الاحتضان" للأطفال فاقدي السند الأسري، والتوجه نحو مزيد من قضايا إثبات النسب، وافتتاح مكتب ثان في المنطقة للإصلاح والتوفيق الأسري.

وجاءت هذه التوصيات، ضمن أكثر من 50 توصية وتدخل، خلصت لها الدراسة التي أعدها الباحث سامر العزة العام الماضي لـSOS الأردنية، بهدف تقييم احتياجات الأسر المعرّضة لخطر الانفصال والتخلي عن الأطفال في شرق عمان، ووقاية الطفل من فقدان الرعاية الأسرية، وتحديد التدخلات المتعددة الأكثر احتياجا، والتي تسهم بمساندة الأسر المستهدفة ومساعدتها على الاستقرار، بناء على تحليل دقيق لها ولأطفالها، وكذلك تحليل أصحاب المصلحة وتدخلاتهم واستجابتهم الحالية والفجوات الموجودة، وفرص SOS الأردنية، لملء هذه الفجوات.

وعرضت نتائج هذه الدراسة في الاجتماع الدوري الثالث، لأعضاء الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف في المجلس الوطني لشؤون الأسرة الأسبوع الماضي، وحصلت "الغد" على نسخة منها.
وقسمت الدراسة التوصيات إلى 3 محاور: التدخلات المتعلقة بمقدمي الرعاية، والتدخلات مع الأطفال على اختلاف فئاتهم من الملتحقين بدور الرعاية بمن فيهم لأطفال خارج إطار الزواج وفاقدي السند الأسري والأطفال ذوي الإعاقة، والتدخلات المتعلقة بالمجتمع والسلطات.
وبشأن التوصية بإنشاء مكتب إصلاح وتوفيق أسري ثان في شرق عمّان، اقترحت الدراسة مساهمة SOS الأردنية بالشراكة مع دائرة قاضي القضاة، بإنشاء هذا المكتب للمساعدة في الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري، للأسر المهددة بخطر التفكك والانفصال، بسبب الكثافة السكانية في المنطقة.
كذلك، أوصت برفع قيم المساعدات المادية والعينية، لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسر وإيجاد آلية مدروسة بشأن قروض دعمهم ودعم المشاريع الصغيرة، وإعطاء تسهيلات لتحقيق الاستدامة، والتوعية بقضايا الصحة الإنجابية والجنسية، وتقديم تدريبات للمقبلين على الزواج حول مفهوم الأسرة والحقوق والواجبات بين الزوجين وعن رعاية الأطفال، وبشكل رئيس، الحث على التبليغ لإدارة حماية الأسرة في حال التعرض للعنف أو انتهاك الحقوق.
كما أوصت، بتسهيل إجراءات الزيارة وتخصيص أوقات لزيارة الأطفال والزوجات في مراكز الإصلاح والتأهيل، والسماح للأب والأم بالتواصل مع الأبناء، والزوج أو الزوجة باستخدام قنوات التواصل الإلكتروني، والتوسع بتطبيق بدائل العقوبة السالبة للحرية، وإيجاد طرق جديدة لرعاية أسر السجناء.
كذلك أوصت، بتفعيل التعاون بين وزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن، لتشغيل دار حضانة مركز إصلاح وتأهيل النساء، التي نص عليها قانون مراكز الإصلاح، ما قد يمكن النساء النزيلات في المركز من رعاية أطفالهن ومشاهدتهم، والسعي لإثبات حق بعض الأطفال في النسب الشرعي لآبائهم وأمهاتهم، بخاصة وأن غالبية الحالات تكون الأمهات فيها معروفات، عبر وزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام، عن طريق إجراء فحوصات DNA.
واعتمدت الدراسة منهجيات التحليل الكمي والنوعي للفئات المستهدفة، بتحليل أوضاع الأطفال ممن يعانون خطر التخلي وفقدان الرعاية الأسرية، من القادمين من مناطق شرق عمّان، وأودعوا بدور الرعاية من مناطق شرق عمان في العامين 2021 و2022، وتحديدا في مركزي دار رعاية الأطفال بجبل الهاشمي الشمالي ودار رعاية وحماية الفتيان في شفا بدران التابعة لوزارة التنمية ومؤسسة الحسين الاجتماعية، من فئات الأطفال المسحوبين من عائلاتهم، لتعرضهم لشكل من أشكال الإساءة، والأطفال المولودين خارج إطار الزوجية وحرموا من الرعاية الأسرية، ومن فاقدي السند الأسري، ومن لديهم أم أو أب في السجون، عدا عن شمول أصحاب المصلحة والأخصائيين والمشرفين الاجتماعيين وموظفي وزارة التنمية، ورؤساء جمعيات ومخاتير من مجتمع الدراسة.
وتهدف الدراسة التي تجرى على 7 مراحل، لتطوير برنامج "تعزيز الأسر في شرق عمّان"، كما ربطت تحليل النتائج وتقديرات الزيادة السكانية في الألوية الثلاثة في شرق عمّان، وتضم أكثر من 460 ألف أسرة، وانعكاساتها على الاستجابة لخدمات الرعاية، وتحليل حالات الزواج والطلاق في المناطق المشمولة بها، وحجم الدعم النقدي الذي تتلقاه تلك العائلات من صندوق المعونة الوطنية والجهات الخيرية.
وتشير الدراسة، إلى أن غالبية حالات الأطفال في دور الرعاية، هم نتيجة لقضايا التفكك الأسري وعدم رغبة الأهالي برعاية أبنائهم بعد الطلاق.
وأظهرت أن بيانات دائرة قاضي القضاة تشير لوجود 14 سببا لحالات الطلاق في شرق عمان وفقا لتحليل إحصاءات 2021، في مقدمتها الوضع الاقتصادي بنسبة 27.5 %، ومن ثم تدخل الأهل بنسبة 18.6 %، ومن ثم العنف الأسري بنسبة 16.4 %، ومن ثم سوء الاختيار، ومن ثم تعاطي المخدرات والكحول، ومن ثم الخيانة الزوجية، ومن ثم مواقع التواصل الاجتماعي، الى جانب المرض النفسي، واختلاف المستوى التعليمي والاجتماعي، وفارق العمر بين الزوجين لكن بنسب أقل، بينما اعتبر عمل الزوجة السبب الأقل بينها للطلاق بنسبة 0.8 %.
ولفتت إلى أن أهم سبب للطلاق في شرق عمّان، وهو العامل الاقتصادي، قد توافق مع أسباب العنف الأسري المسجّل في تلك المناطق، وفق بيانات إدارة حماية الأسرة للحالات التي وردت إلى قسم شرق عمّان، وفقا للدراسة في العام ذاته.
وشكّل توفير معلومات رسمية منشورة حول عوامل الخطر الأسرية التي تعزز فصل الأطفال عن أسرهم، تحديًا كبيرًا أمام الباحث، إذ اعتمد الباحث على معلومات مؤسسة الحسين الاجتماعية، بعد أن شخصت الأسباب الرئيسة لانفصال الأطفال عن أسرهم، وهي: التفكك الأسري أو العنف الأسري تجاه الأطفال والأمهات والإهمال، أو الأطفال حديثي الولادة (غير معروفي النسب)، أو الفقر وعدم قدرة مقدم الرعاية على تأمين الاحتياجات الأساسية للأطفال، أو تعاطي الأهل- وغالبا الأب للمخدرات، أو معاناة الأب أو الأم من أمراض نفسية، أو التسول سواء بامتهان الأب والأم للتسول، وإجبار الأطفال على المشاركة فيه، أو الإساءات الجنسية من مقدمي الرعاية والأقارب، أو دخول مقدمي الرعاية أو أحدهم للسجن.
وفي "حالات محدودة"، تكون الأسباب متعلقة بالإعاقات والأمراض وعدم قدرة مقدمي الرعاية على التعامل مع الأطفال، أو عمل مقدمي الرعاية في إدارة أعمال "الدعارة"، أو عدم امتلاك شهادة ميلاد وأوراق ثبوتية للطفل، لعدة أسباب منها تأخر الأهل بتسجيل أطفالهم في الأحوال المدنية لعدة سنوات، جراء ظروف السجن أو الإدمان وغيرها.
وبينت الدراسة، أنه عند اكتشاف هذه الحالات عند وجود بلاغات عن العنف أو الإساءة أو الإهمال أو التسول، فيحتفظ بالأطفال ممن ليس لديهم شهادات ميلاد في دور الرعاية، حتى تصدر أوراقهم الثبوتية وتصحح أوضاعهم.
وخلصت إلى أن هناك غيابا لإستراتيجية شاملة لمعالجة موضوع التفكك الأسري والتخلي عن الأطفال وجودة الرعاية، والافتقار لمسوحات وقاعدة بيانات كاملة ومحدثة عن وضع الأسر والجمعيات العاملة، الموجودة في شرق عمّان، بالإضافة لعدم وجود تشريعات أو قوانين محدثة وملزمة، وغياب التنسيق بين الجهات العاملة بتقديم الخدمات للأسر.
وأظهرت الدراسة، تأثر جودة الرعاية المقدمة من مقدمي الرعاية للأطفال، بسبب التأثر "سلبا" بالنزاعات الأسرية والتفكك الأسري وانفصال الأسر، ما يؤدي لانتهاكات لحقوقهم، من أهمها انعدام الأمن الغذائي وعدم استقرار وأمن مكان السكن، وعدم الوصول للخدمات الصحية النفسية والجسدية، وعدم وجود ضمان اجتماعي، بالإضافة لعمالة الأطفال، بخاصة الذكور والزواج المبكر للإناث والجنوح والانحراف، وضعف التفاعل الاجتماعي، وانخفاض التحصيل الدراسي، أو حتى التسرب من الدراسة والتشرد والتسول، وفقدان الأمن النفسي الذي قد يؤدي لتفشي المخدرات، أو حتى الانتحار بسبب الرغبة في الهروب من الواقع. عدا عن بعض الممارسات كالعنف والسلوك العنيف، والاستغلال والتمييز والوصمة والتعرض للتنمر.
ولفتت إلى أن مقدمي الرعاية، لا يستطيع مقدمو الرعاية ممن يعانون من خطر الانفصال، أن يقدموا لأطفالهم الدفء العاطفي والتوجيه الإيجابي والتحفيز وفرص التنشئة الاجتماعية، ولا يشاركونهم باتخاذ القرارات التي تخص حياتهم، كما أن بعض الشباب ممن يعيشون في الأسر المستهدفة بالتعليم الثانوي، لا يلتحقون بالمدرسة، كما لا يلتحق غالبيتهم بالتعليم في المعاهد والجامعات، وافتقارهم لمهارات سوق العمل والحياة، ولا تتاح لهم فرص التدريب المهني والحرفي والتقني المنتهي بالتوظيف والتشغيل، ويعاني ذوو الاحتياجات الخاصة من هذه الأسر أكثر من غيرهم، إذ كثيرا ما تفتقر هذه الأسر للدعم الاجتماعي من المؤسسات، كما يتعرضون للوصم بالإعاقة وصعوبة الاندماج في المجتمع.
ومن أهم الفجوات التي رصدتها الدراسة، الافتقار لمسوحات وقاعدة بيانات كاملة ومحدثة عن وضع الأسر في شرق عمان، وعدم وجود خدمات قائمة حاليا، تتابع حالات التفكك الأسري وجودة الرعاية المقدمة للأطفال، ولكنها تقدم خدمات دعم الأسر والمجتمع، فبعض المشاريع التي تقدمها الجهات المانحة لتقديم خدمات للأسر، تصطدم بالعادات والتقاليد والثقافة المجتمعية دون تحقيق أهدافها، وكذلك عدم استدامة مشاريع تقديم الخدمات وصعوبة المعايير والشروط الحكومية أحيانا، والبيروقراطية التي تحول دون تقديم الخدمة.
وأشارت لضعف التنسيق والتعاون بين الجهات التي تقدم الخدمات للأسر، أكانت حكومية أو محلية أو دولية أو مانحة، وعدم توافر آلية واضحة للتبليغ، بخاصة في حالات تتخللها ازدواجية في الحماية، بخاصة في حماية الأطفال.

الغد