كيف أثرت أزمة اللجوء على مؤشرات الاقتصاد؟

mainThumb

01-08-2023 12:35 AM

printIcon

تركت أزمة اللجوء السوري على مدار أكثر من عقد ندبات في الاقتصاد الأردني تجلت بضغوط كبيرة على البنية التحتية والخدمية وارتفاع معدلات الإنفاق الحكومي إضافة إلى مفاقمة معدلات الفقر والبطالة ما أدى إلى كبح النمو الاقتصادي في الأردن، بحسب خبراء اقتصاديين.

وأكد الخبراء في تصريحات خاصة لـ"الغد" أن أزمة اللجوء السوري أثقلت كاهل الاقتصاد الأردني وقدرته على بلوغ معدلات نمو اقتصادية فعالة إضافة إلى زيادة عدد السكان بصورة كبيرة ومفاجأة ما كان له تأثير سلبي واضح على موارد و أداء الاقتصاد الوطني.

وحذر الخبراء من أن استمرار أزمة اللجوء السوري سيفرض مزيدا من الضغوط الاقتصادية على الأردن إلى جانب واقع ديموغرافي جديد سيكون لها انعكاس سلبي على الواقع الخدمي والاقتصادي، إضافة إلى حدها من قدرة الاقتصاد الوطني على النمو و مفاقمة مشكلة الفقر.
و شهد الاقتصاد الأردني تباطؤا في معدلات النمو خلال السنوات الست الماضية الممتدة بين (2017-2022) ليبلغ 1.56 % ، مقارنة مع الفترة الممتدة بين الأعوام (2011-2016) والتي وصل معدل النمو خلالها إلى2.5 % متراجعا من 5.8 % للفترة الزمنية المحددة (2005-2010).
وبقصد رفع معدلات النمو الاقتصادي والحد من تأثير أزمة اللجوء السوري عليها دعا هؤلاء الخبراء إلى ضرورة استثمار فرصة تحويل هؤلاء من مجرد مستهلكين لا يملكون القدرة على الانفاق على متطلباتهم واحتياجاتهم إلى منتجين يساهمون في النمو الاقتصادي وذلك من خلال إقامة مناطق اقتصادية في المنطقة الحدودية بين الأردن وسورية لتشغيل الأيدي العاملة السورية والأردنية، و تحضيرهم في ذات الوقت للعودة إلى بلادهم عندما تحين فرصة ذلك
كما دعا الخبراء إلى وجوب العمل على استقطاب الاستثمارات وتهيئة البيئة المناسبة لها إضافة إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية وزيادة حجم الإنفاق الرأسمالي وإزالة التحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية.
وشهد الاقتصاد الأردني تباطؤا في معدلات النمو خلال السنوات الست الماضية الممتدة بين (2017-2022) ليبلغ 2.2 % مع استثناء عام 2020 (عام كورونا ) ، والذي انكمش خلاله الاقتصاد محليا بما نسبته 1.6 % ، مقارنة مع الفترة الممتدة بين الأعوام (2011-2016) والتي وصل معدل النمو خلالها إلى2.5 % متراجعا من 6.5 % للفترة الزمنية المحددة (2000-2009).
وقال نائب رئيس الوزراء السابق جواد العناني لـ"الغد" أن أزمة اللجوء السوري كان لها أثر سلبي واضح على معدلات النمو الاقتصادي الذي بقي يتأرجح منذ عام 2011 –2022 ما بين 2-2.5 % إذ يعتبر معدل نمو متواضعا، و أقل من عدد السكان ما أدى إلى تراجع دخل الفرد.
وأوضح العناني أن الضغط على الموارد الأساسية خاصة المياه والخدمات الصحية والتعليمية نتيجة هذه الأزمة أدى إلى زيادة حجم إنفاق الحكومة وأثقل من كاهل الاقتصاد الأردني وقدرته على بلوغ معدلات اقتصادية فعالة.
وأشار العناني إلى أن الضغط على الموارد كان له في ذات الوقت أيضا الانعكاس على الطبقات المتوسطة والأقل دخلا حيث ارتفعت عليه كلفة بعض هذه الخدمات.
ولفت العناني إلى أن عدد سكان الأردن نما بوتيرة مرتفعة و أسرع من معدلات النمو الطبيعية، إذ بلغ 11 مليون نسمة وبلوغ هذا العدد من السكان كان من المنتظر أن نبلغه خلال عام 2036 حيث كان لهذا النمو المطرد انعكاسا على زيادة معدلات الفقر.
وأكد العناني أن استمرار أزمة اللجوء السوري ستحد من قدرة الاقتصاد الوطني على النمو إضافة إلى مفاقمة مشكلة الفقر.
ومن أجل رفع معدلات النمو الاقتصادي والحد من تأثير أزمة اللجوء السوري عليها دعا العناني إلى ضرورة العمل على استقطاب الاستثمارات وتهيئة الظروف التي تحقق ذلك، إضافة إلى التنسيق مع الدولة السورية بهدف زيادة أعداد الراغبين في العودة إلى بلادهم من اللاجئين
من جانبه بين الخبير الاقتصادي حسام عايش أن ما رتبته أزمة اللجوء السوري على الاقتصاد الأردني وما نجم عنها من زيادة مفاجئة على عدد سكان الأردن وبصورة كبيرة كان له تاثير سلبي واضح على موارد و أداء الاقتصاد الوطني، حيث أن هذا العدد المفاجئ من اللاجئين يتطلب توفير المزيد من الخدمات العامة والإنفاق عليها وفي النتيجة النهائية أدى إلى كبح النمو الاقتصادي في الأردن
واعتبر عايش أن إدارة الاقتصاد الأردني خلال السنوات الماضية والتي شهدت أزمة اللجوء السوري في ظل الضغوط التي ترتبت على الموارد والبنية التحتية وتدني حجم التمويل الدولي الموجه للاجئين وجائحة كورونا يعد قصة نجاح وطنية حقيقية
وأشار عايش إلى أنه على الرغم من كبح أزمة اللجوء السوري لمعدلات النموالاقتصادي ،إلا أن معدلات النمو في الأردن كانت قبل أزمة اللجوء تنمو بوتيرة بطيئة نتيجة بعض المشكلات الهيكيلة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني منذ سنوات طويلة كارتفاع العبء الضريبي على المواطنين والقطاعات الاقتصادية والمستثمرين، وضعف النفقات الرأسمالية .
وبحسب عايش فإن خطورة تراجع معدلات النمو الاقتصادي تكمن في أنها تؤدي إلى تخفيض حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع تكاليف المعيشة لذلك فأن زيادة معدلات النمو من شأنه أن يساعد في معالجة مشكلتي البطالة والفقر إضافة إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين وتحسين وتيرة الإنتاجية .
وأكد عايش أن استمرار أزمة اللجوء السوري سيفرض المزيد من الضغوط الاقتصادية على الأردن ووقائع ديموغرافية سيكون لها انعكاس سلبي على الواقع الخدمي والاقتصادي حيث إن هذا يتطلب وضع مقاربة جديدة للتعامل مع هذه الأزمة من خلال تضمين البرامج والخطط الاقتصادية وجود هذه الكتلة البشرية، إضافة إلى الاستفادة من هؤلاء اللاجئين كفرصة اقتصادية حتى لا يؤثر ذلك على تراجع معدلات النمو الاقتصادي
وفي ظل تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين وتوقف بعض برامج المساعدات دعا عايش إلى ضرورة استثمار فرصة تحويل هؤلاء من مجرد مستهلكين لا يملكون القدرة على الانفاق على متطلباتهم واحتياجاتهم إلى منتجين يساهمون في النمو الاقتصادي وذلك من خلال غقامة مناطق اقتصادية في المنطقة الحدودية بين الأردن وسورية لتشغيل الأيدي العاملة السورية والأردنية، و تحضيرهم في ذات الوقت للعودة إلى بلادهم عندما تحين فرصة ذلك
بدوره أكد الخبير الاقتصادي موسى الساكت أن أزمة اللجوء السوري أدت إلى استنزاف الموارد المختلفة للاقتصاد الوطني، وألقت بأعباء إضافية على الخزينة العامة نتيجة زيادة الإنفاق العام الحكومي مما قلص من حجم النفقات الموجهة للقطاع الخاص إضافة إلى تقليل الموارد المتاحة للقطاعات الاقتصادية.
وأوضح الساكت أن هذه الضغوط على الموارد كان لها تأثير سلبي على القطاعات الإنتاجية، ما أدى إلى خفض معدلات النمو الاقتصادي المسجلة خلال السنوات الماضية إذ غن هذا النمو المنخفض الحاصل لا يمكن من خلاله استحداث وظائف و رفع المستوى المعيشي للمواطنين، ومعالجة أزمة المديونية المرتفعة .
ويرى الساكت أنه في ظل استمرار هذه الأزمة وتواضع معدلات النمو الاقتصادي لابد أن يكون هناك تحرك حكومي من أجل تحفيز القطاعات الإنتاجية إضافة إلى زيادة حجم الإنفاق الرأسمالي وإزالة التحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية
إلى ذلك، قال المختص في الاقتصاد السياسي زيان زوانة "استمرار أزمة اللجوء السوري أدى مباشرة إلى تخفيض تصنيف الأردن من معدل متوسط مرتفع الدخل لمتوسط منخفض حسب البنك الدولي المستند إلى زيادة عدد السكان "موضحا أن قرار برنامج الغذاء العالمي الأخير سيعمق مشكلة البطالة في الأردن بسبب المنافسة التي سيشهدها سوق العمل بين اللاجئيين الذين يعيشون خارج المخيمات ويمثلون الحصة الأكبر من اللاجئين.
ولفت زوانة إلى أن تراجع المجتمع الدولي عن التزاماته بمساعدة الأردن، سيشكل ضغوطا شديدة على الخزينة العامة وعلى جميع المواطنين والحكومة مما سيؤثر على معدلات النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن تواضع النمو الاقتصادي ما يزال يرافق الاقتصاد الوطني منذ الأزمة المالية التي شهدها العالم عام 2008 .

الغد