سهم محمد العبادي
يبدو ان الوجع الفلسطيني لم يعد يشعر به الا الجسد الفلسطيني فقط (ومن رحم ربي)، وأن فلسطين أرضا وشعبا لم تعد الأولوية لدى كثير من الشعوب العربية والإسلامية ومؤسساتها الرسمية والخاصة وعلى وجه الخصوص الإعلام.
كان مجرد رؤية صورة جندي صهيوني في الأقصى المبارك تستثير الأمة بأكملها، وكانت التصريحات تتداعى من المحيط إلى الخليج ومن الهند للسند ، تنديدا برؤية ذلك الجندي أو قد تجد إعلام تلك الدول يشن الهجمة ويشحذ همم الشارع وتجد المظاهرات تعم البلاد والعباد فيها يصرخون "بالروح بالدم نفديك يا فلسطين" ، واليوم لا يمضي طلوع نهار الا ونسمع خبر "مشتوطنون يقتحمون باحات الاقصى" والردود "لا تندهي ما في حدا".
حاليا، لم تعد فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى، ولم تعد الأهمية لها، ولا حتى استشهاد العشرات من أبناء فلسطين يعنيها، فأصبح بيان التنديد جاهز لا يحتاج سوى تغيير تاريخ ، أما محتواه فهو كما هو لم ولن يتغير .
الخلافات العربية العربية والعربية الإسلامية تتفوق بكثير على الصراع العربي الإسرائيلي ( زمان لم نسمع بهذا المصطلخ)، فمشاكل العرب وخلافاتهم أصبحت أكبر من خلافنا مع إسرائيل والصراع اصبح فيما بيننا، وبالتالي الشعوب تلتحق بذلك وأصبح ما بين البحث عن الحياة الرغيدة للبعض والبحث عن لقمة الخبز للآخر هي الاهم يالنسبة لهم اما فلسطين فأصبح لسان حال الشعوب يقول "للكعبة رب يحميها".
اما إعلام "السح الدح امبووو" العربي والاسلامي، فلم يعد يطيق تسمية الامور بمسمياتها ، ولا حتى قول الحق ، فبمتابعة الإعلام العربي ستجد العنوان يتحدث عن "مقتل فلسطيني"، وفي أجهزة إعلام أخرى تجدهم يستخدمون "تحييد فلسطيني" (مصطلح صهيوني)، وبطبيعة الحال لا تذكر كلمة شهيد ، فهذه الكلمة لم تعد بمفهومهم ومضامين خطابهم ومستقبلهم الذي اختاروه بعيدا غن كرامة الأمة وقبلتها فلسطين.
النقابات الإعلامية العربية واتحاد الإذاعات العربية والقنوات الفضائية وكافة الهيئات التي تجمعها لم تعد تتفق على مصطلحات تناصر فلسطين وقضيتها وشعبها وكرامة الأمة، وتركت كل وسيلة إعلام على حسب "تطبيعها" .
الرواية الصهيونية في الخارج يتبناها الإعلام الأجنبي في كافة دول العالم وحتى في بعض الدول العربية والإسلامية، بينما الرواية الفلسطينية تجدها يتيمة ويساندها إعلام دول لا تتعدى أصابع اليد منها الأردن الذي مازال على العهد والوعد حتى قيام الساعة .
مطلوب من الهيئات الإعلامية العربية إعادة النظر فيما تبثه بعضها من سموم تغزو افكار جيل المستقبل ، وتوسع الفرقة بين أبناء الأمة، وأن كان خطابنا الإعلامي غير موحد في كثير من القضايا المفصلية والمصيرية، الا ان توحدنا لاجل فلسطين واجب وفرض ولا يقبل بغير ذلك ولا يغقر لمن يزل اويذل .
شهداء فلسطين، يا أقمار الشرف والرجولة و كرامة هذه الأمة، انتم فخرنا وفخر ما بقي من الامة وستبقون تاجا على جبيننا ، ويكفيكم انكم عند الله أحياء ترزقون ، وهو الشاهد عليكم ، عاشت فلسطين كل فلسطين.