في ظل تنامي إقبال الناس على مشاهدة محتوى الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى مرحلة قد تصل حد "الإدمان"، يؤكد خبراء أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، فكل المؤشرات تدلل على أن هذه الصناعة ستصبح أكثر انتشارا وإقبالاً لا محالة.
ولم يعد غريبا سيطرة المحتوى الفيديوي على المشهد في العالم الرقمي في صناعة وإنتاج هذا المحتوى أو في جانب استخدامه، فتدفقه يتزايد يوما بعد آخر، وثمة إشارات إلى أن هذا الجانب سيتطور على مستوى الإنتاج والاستخدام.
وبين خبراء أن دخول الجيل الخامس الذي يستخدمه اليوم حوالي مليار مشترك حول العالم، والتنافس الشديد بين شبكات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها أكثر من 4 مليارات إنسان حول العالم، سيعززان المرحلة المقبلة من إنتاج واستخدام المحتوى الفيديوي الذي تشير تقديرات إلى أنه يستحوذ اليوم على نسبة تتجاوز 50 % من نشاط الإنترنت المحلي.
وأكد الخبراء أن المزايا التي يقدمها الجيل الخامس والتي تتفوق على الأجيال السابقة ستدعم وتعزز إنتاج واستخدام المحتوى الفيديوي، وهذه المزايا تتلخص في سرعاته الفائقة وغير المسبوقة والتي تزيد بنحو عشرة أضعاف على سرعات الجيل الرابع، وميزة زمن الاستجابة (Latency) المنخفض جدا، إذ يعرف زمن الاستجابة بأنه (التأخير بين إرسال المعلومات وتلقيها) الذي سيقل ليصبح جزءا من الثانية، فضلا عن أهمية التقنية في سرعة التنزيل والقدرة على تقسيم الشبكة بحسب شرائح وحاجات المستخدمين، فضلا عن القدرة الكبرى على ربط عدد كبير من الأجهزة في الوقت نفسه.
وأشاروا الى أن المزايا والخدمات التي تقدمها شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة والتي تتيح إنتاج وعرض وتصفح المحتوى الفيديوي، ستعمل على تعزيز الاستخدام لهذا النوع من المحتوى الذي سيتركز تأثيره في جوانب التسويق والترفيه والتعليم والألعاب الالكترونية.
وقال نائب الرئيس التنفيذي، المدير التنفيذي للمالية والاستراتيجية في شركة "أورانج" الأردن رسلان ديرانية "إن المحتوى الفيديوي منذ سنوات شهد نموا في العرض والطلب، وخصوصا مع تطور شبكات الاتصالات من الجيل الثاني الى الثالث، فالرابع، فالرابع المتقدم، وحاليا الخامس".
وقال "المحتوى الفيديوي اليوم يستحوذ على حصة تصل الى أكثر من 50 % من حركة الانترنت بالمجمل، وهذه النسبة مرشحة للازدياد في السنوات المقبلة مع تعزيز البنية التحتية للاتصالات والتطورات التي تشهدها، لا سيما من خلال الجيل الخامس والفايبر، وهما تقنيتان تقدمان سرعات هائلة".
وبين ديرانية أن التطور في تقنيات الاتصالات، وخصوصا الجيل الخامس، سيعمل على تطوير إنتاج واستخدام المحتوى الفيديوي، وخصوصا في جانب "جودة المحتوى".
وأشار ديرانية الى أن إنتاج الفيديو سيتحسن مع توفير سرعات وسعات عالية من الانترنت، لا سيما في البث الفيديوي الذي يحتاج الى إيصال المحتوى بشكل مباشر للناس في اللحظة دون تأخير، كما أن المستخدم سيركز في بحثه واستخدامه على الفيديوهات ذات الجودة العالية.
وبين ديرانية أن المحتوى الفيديوي سيتركز في قطاعات التعليم والتدريب والترفيه والألعاب الإلكترونية.
وفي الأردن، يستخدم الانترنت المتنقل من خلال الهواتف أكثر من سبعة ملايين ونصف المليون مستخدم، منهم ستة ملايين مستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي، وأكثرهم يشاهدون ويستخدمون المحتوى الفيديوي.
وأكد الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي، أن تقنية الجيل الخامس ستشهد تطورات ملحوظة خلال المرحلة المقبلة، وستعزز تجربة المحتوى المرئي والفيديو.
ولفت الصفدي الى أن تقنية الجيل الخامس تعد بإمكانية إحداث ثورة في طريقة استهلاكنا لمحتوى الفيديو، من خلال توفير دقة أعلى وزمن وصول أقل ونطاق ترددي أكبر وتمكين تطبيقات جديدة، حيث يعمل الجيل الخامس على تحسين دفق (بث) الفيديو كتجربة أكثر تفاعلية وجاذبة وغامرة.
فنيا، وفي التفاصيل، بين الصفدي أن إدخال الجيل الخامس سيعزز جودة مرئية عالية الدقة ومحسنة، لأنه يقدم دقة أعلى ومعدلات إطارات أكبر لالتقاط وتقديم محتوى مرئي ومقاطع فيديو.
وقال "شبكة الجيل الخامس تتيح دعم دقة عالية جدا مثل 4K و8K، ما يوفر للمستخدمين تجربة مشاهدة غامرة ومفصلة، كما تسهم معدلات الإطارات المتزايدة في تصوير مقاطع الفيديو حركة أكثر سلاسة وانسيابية".
وتحدث الصفدي عن ميزة تقليل وقت الاستجابة التي تتمتع بها تقنية الجيل الخامس في انخفاض زمن الوصول بشكل ملحوظ مقارنة بالأجيال السابقة من شبكات الهاتف المحمول.
وقال الصفدي "يعد وقت الاستجابة المنخفض أمرًا حيويًا بشكل خاص للبث المباشر، مما يسمح للمشاهدين بمتابعة الأحداث أثناء ظهورها في الوقت الفعلي دون أي تأخير يذكر".
وأشار الى ميزة عرض النطاق الترددي الموسع؛ إذ توفر شبكات الجيل الخامس نطاقًا تردديًا أكبر بكثير مقارنة بالأجيال السابقة، وبحيث تتيح هذه السعة الموسعة لعدد أكبر من المستخدمين مشاهدة مقاطع الفيديو في وقت واحد دون التعرض للتخزين المؤقت (buffering) أو التأخير في البث.
وقال الصفدي "تتضح قيمة هذه الخاصية بشكل كبير بمناسبات وأحداث ذات الجماهير الكبيرة والطلب العالي، مثل الرياضات الحية أو الحفلات الموسيقية، حيث توجد حاجة لتلبية عدد كبير من المشاهدين دون المساس بجودة تجربة البث".
وأكد الصفدي أنه مع ظهور الجيل الخامس، أصبحت تطبيقات الفيديو الجديدة التي لم تكن ممكنة مع شبكات الهاتف المحمول السابقة ممكنة، على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من 5G لبث محتوى الواقع الافتراضي (VR) أو الواقع المعزز (AR)، مما يوفر للمستخدمين تجربة مشاهدة غامرة وممتعة تتجاوز حدود الأجيال السابقة.
وقال "قطاع التعليم سيكون من أكبر المستفيدين من مزايا الجيل الخامس وتعزيزه للمحتوى الفيديوي، تدعم تقنية الجيل الخامس بث المحتوى التعليمي المرئي بشكل محسن، مما يمكن الطلاب من الوصول إلى المواد التعليمية من أي مكان في العالم، كما أنه يعزز سيناريوهات العمل عن بعد بتفاعلية أكبر من خلال ضمان البث غير المنقطع وفي الوقت الحقيقي".
المدرب والمستشار في مجال الإعلام الاجتماعي إبراهيم الهندي، قال "هنالك ازدياد في الطلب على مشاهدة مقاطع الفيديو، خاصة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، من خلال الريلز والمنشورات الأخرى على منصات التواصل الاجتماعي، فهو يعد أحد أهم أنواع المحتوى".
وبين الهندي أنه، بحسب التقرير المنشور بتاريخ 18 نيسان (إبريل) 2023 على موقع "Demand Sage"، فإن 3.1 مليار شخص يستهلكون مقاطع الفيديو على الإنترنت يوميًا 86 % من المسوقين يستخدمون الفيديو كأداة تسويق بناء على الطلب الكبير على الفيديو وقدرة الفيديو على اختصار الفكرة التسويقية بشكل سهل ومباشر.
وأكد أنه أصبح الاعتماد على الفيديو التوضيحي أحد الأساليب المستخدمة في ترويج المنتجات والخدمات، فالدراسات تقول إن 96 % من المستخدمين قاموا بمشاهدة فيديو توضيحي بخصوص منتج أو خدمة معينة قبل شرائها، وكانت السبب الأساسي في دفعهم للشراء في مراحل لاحقة.
ولفت الهندي الى أن الدراسات تشير الى أن 73 % من المسوقين يستخدمون مقاطع فيديو البث المباشر في ترويج المنتجات الخدمات.
وقال "أعتقد أن هنالك مسؤولية كبيرة على صناع المحتوى في تقديم محتوى ذي فائدة، ورسالة هادفة، والابتعاد عن بث أي من الفيديوهات التي يمكن أن تثير الجمهور أو تؤججه تجاه قضايا معينة، بل على العكس يجب أن يتم بث الرسائل التوجيهية ذات المضمون الإيجابي ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لما لذلك من أثر إيجابي على المجتمع".
ومن جانبه، أكد الخبير التقني يزن صوالحة، أن إدخال الجيل الخامس سيسهم في تعزيز إنتاج المحتوى الفيديوي بجودة عالية.
وقال "محتوى الفيديو أصبح مهما لأنه محتوى بسيط يوصل فكرة بصورة سريعة، خاصة مع توفير أدوات لإيصال الرسالة بدقائق أو ثوان عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل خاصية الستوري أو الريل".
وبين صوالحة "مع أهمية الفيديو التي أعطتها المنصة في خوارزمياتها والعائد المادي لأصحاب الحسابات وضع أهمية كبرى لدى صناع المحتوى لإطلاق الإبداع وإيصالها لجمهور كبير من أجل هذا العائد".
وأكد أن المستقبل سيبقى لمنصات الفيديو كـ"يوتيوب" و"تيكتوك" و"انستجرام"، لوجود إقبال كبير لدى المستخدمين في طبيعة المحتوى الترفيهي أو التعليمي والذي أصبح مهما لتنمية مهارات معينة من أصحاب الاختصاص أو للتسلية بشكل عام.
وبين أن هناك العديد من الأدوات التي وفرتها منصات التواصل الاجتماعي مثل "يوتيوب استديو"، أو "انستجرام" للتعديل المباشر بوضع بعض الفيديوهات في قوالب معينة لتعطي فكرة إبداعية تساعد باتصال الفكرة، أو حتى عبر "تيكتوك" الذي يعمل على تعديل مباشر على الفيديوهات ودمها بموسيقى أو فكرة نقل من فيديو إلى اخر
وقال صوالحة "مع وجود أهمية كبيرة مؤخرا، أصبحت هناك تطبيقات تعمل على تعديل الفيديوهات مباشرة عبر تطبيق، بعيدا عن برامج التعديل الكبيرة التي جعلت الأمور أسهل وأسرع لتعديلها عبر الموبايل بدل الحاسوب، ومن هذه البرامج adobe light, capcut, video leap، filmorago, kinemaster، وهي برامج عبر الموبايل تعمل على وضع أدوات للتحرير والتعديل بشكل أكبر من أدوات مواقع التواصل الاجتماعي، ويعتمد حسب حاجة المستخدم لنشر فيديو احترافي بشكل أسرع، خاصة للمبتدئين".