مع موجات حر طويلة .. هل يعاد النظر بتعرفة كهرباء المناطق الأشد حرا؟

mainThumb

18-07-2023 12:51 AM

printIcon

الارتفاع بدرجات الحرارة وقيمة فاتورة الكهرباء، علاقة طردية، تتعمق أواصرها أكثر في المناطق الأشد حرا، في وقت تتجدد فيه المطالبة بضرورة إعادة النظر بتعرفة الكهرباء في هذه المناطق، وتخصيص فترة تخفيض تشمل شهور الصيف وتكسر هذا الترابط المتزامن مع تغير مناخي يشهد مزيدا من الأيام الحارة وموجات حر طويلة.

ويتطلع سكان مناطق تتراوح فيها درجات الحرارة خلال موجات الحر بين 42 إلى 45 درجة مئوية، بأن يكون هناك استثناء يخفف من معاناتهم الثنائية بين حرارة الأجواء ولهيب أثمان فواتير الكهرباء.

هذا المطلب كان فيما مضى يطرح بإطار "إن أمكن ذلك"، بيد أن رفع تعرفة الكهرباء من قبل الحكومة خلال السنوات الماضية وتزامنه مع موجات حر طويلة وغير مسبوقة، يعيد الطرح تحت صيغة "يجب ذلك".
وكانت الحكومة قد وضعت العام الماضي خطة جديدة لإعادة تنظيم التعرفة الكهربائية تتمثّل بتخفيض كلفة الكهرباء على عدد من القطاعات الاقتصادية في الوقت الذي لن يشهد فيه قرابة 90 % من المشتركين الأردنيين في القطاع المنزلي أي تغير يذكر على فواتيرهم الشهرية.
وجاءت هذه الخطة لتنظيم التعرفة الكهربائية، من خلال توجيه دعم التعرفة الكهربائية للمشتركين الأردنيين وإزالة التشوّهات في التعرفة السابقة وزيادة الشفافية وتبسيط الفواتير لتسهيل فهمها من قبل المشتركين.
وأكدت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن أن استحقاق دعم الكهرباء غير مرتبط بكمية الاستهلاك، وفي حال زيادة كمية الاستهلاك الشهري لمستحقي الدعم على 600 كيلو واط/ساعة، فإنه سيستمر بالاستفادة من الدعم المطبق على الشرائح الأولى المدعومة، وقد ترتفع فاتورته قليلًا وبحد أقصى 10 دنانير، وربما تنخفض بنسب قليلة اعتمادًا على كمية الاستهلاك.
وعملت التعرفة الجديدة لأسعار الكهرباء في الأردن على تخفيض عدد الشرائح التي يشملها دعم الكهرباء، لتصبح 3 شرائح بدلًا من 7 شرائح على النحو الآتي: من 1 إلى 300 كيلوواط/ساعة نحو 50 فلسًا لكل كيلوواط/ساعة. من 301 إلى 600 كيلوواط/ساعة نحو 100 فلس لكل كيلوواط/ساعة. أكثر من 600 كيلوواط/ساعة نحو 200 فلس لكل كيلوواط/ساعة.
ووفق الخطة فان فاتورة الكهرباء في التعرفة الجديدة ستنخفض أو لن تتأثر لحوالي 93 % من مشتركي القطاع المنزلي من الأردنيين، وهم الذين يستهلكون أقل من 600 كيلو واط ساعة شهرياً (وقيمة فواتيرهم أقل من 50 ديناراً)، ما يعني أن أبناء العقبة والمناطق الحارة محكومين بحجم استهلاك قد لا ينسجم والاجواء الحارة اذا ما أرادوا الحفاظ على قيمة فواتير متدنية.
في العقبة كمنطقة من المناطق الأشد حرا بالمملكة، والتي تشاركها بذلك مناطق الأغوار، يقول سكان إنه "لا يمكن تصور قضاء يوم من أيام موجات الحر دون تشغيل مستمر لأجهزة التكييف"، ما وضعهم أمام أعباء مالية اعتبروها بـ"غير المحتملة" بالنسبة للعديد من الأسر التي تصنف ضمن متوسطة الدخل وما دون.
تاريخيا، شهدت العقبة مبادرات ومطالبات مجتمعية ونيابية خاضت منذ سنوات جولات مع الحكومة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة من أجل تخفيض تعرفة الكهرباء، لكن دون أي جدوى، بل إن الأمر انتهى بزيادة التعرفة الكهربائية عدة مرات رغم وجود فائض بالتيار الكهربائي بعد استحداث أنظمة الطاقة المتجددة من خلايا الفوتوضوئية والرياح.
حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي اطلقها ناشطون طالبت المواطنين بمقاطعة تسديد فواتير الكهرباء كأداة للضغط على شركة توزيع الكهرباء والحكومة من اجل تخفيض التعرفة الكهربائية لكنها لم تنجح ايضا.
يقول سكان في العقبة، إنه لا يمكن العيش بالمدينة الساحلية في فصل الصيف دون تشغيل اجهزة التبريد وخاصة "مكيف السيبليت"، مؤكدين أن أجهزة التبريد التقليدية لا تجد نفعا مع لهيب الأجواء، بل يكون تأثيرها سلبيا في بعض الأحيان.
في هذا المأزق، يجد غالبية السكان انفسهم أمام حقيقتين، إما قبول الأمر الواقع والحرص على تسديد فواتير مرتفعة خلال أشهر الصيف، أو عدم تسديدها ومواجهة فصل التيار الكهربائي.
يشير المواطن حسن الكباريتي إلى أن فاتورة الكهرباء المنزلية في العقبة أصبحت تشكل عبئاً ماديا على أصحاب الدخول المتدنية، لافتا إلى أن المواطن في العقبة أصبح همه الأول والأخير تأمين مبلغ لتسديد فاتورتي الايجار والكهرباء دون النظر الى الحاجات الاساسية للاسرة، مؤكداً أن ارتفاع درجات الحرارة في العقبة لا يطاق والمواطن مضطر إلى تشغيل أجهزة التبريد خاصة عند الاطفال وكبار السن والمرضى.
في هذا الشأن، يدعو مواطنون الى أن تنظر الحكومة بعين الرحمة لكبار السن والاطفال والمرضى في العقبة وحاجتهم على مدار 24 ساعة لاستخدام اجهزة التبريد الكهربائية في ظل موجات الحر المتتالية والطويلة وهو ما يتطلب تخفيض التعرفة الكهربائية خاصة خلال أشهر الصيف اللهاب.
يقول المواطن اسامة النعيمات إنه قام بدفع مبلغ 255 دينارا ثمن فاتورة التيار الكهربائي عن شهر حزيران (يونيو) الماضي، رغم أن راتبه لا يتجاوز 400 دينار، ويسكن في منزل وصفه بـ "عادي" ولديه أسرة صغيرة.
واضاف، كنت أعتقد أن استهلاكي للكهرباء ضمن المعقول، تفاجأت بثمن الفاتورة الكبير، مشيرا إلى ضرورة أن تعامل شركة الكهرباء المنازل السكنية ضمن تعرفة مختلفة، سيما في العقبة والمناطق التي تشهد ارتفاعا غير محتمل بدرجات الحرارة تصل الى اكثر من 45 درجة مئوية في بعض الأحيان.
ودعا الحكومة إلى إعادة النظر في تعرفة الكهرباء في العقبة والمناطق الأشد حرا بالمملكة، خاصة أن هذه المناطق محددة ومعروفة، على أن يتم تحديد أشهر بالسنة لتخفيض التعرفة وهي أشهر الصيف.
في الأسواق والمحال التجارية، تبدو مدينة العقبة خلال النهار شبه خالية، بعد أن لجأ غالبية التجار إلى إغلاق محالهم نهارا من أجل توفير أثمان الطاقة.
يشير التاجر محمد سعيد أنه يتجنب فتح محله المتخصص ببيع الملابس خلال ساعات النهار، مؤكداً أن فتح محله يعني تشغيل اجهزة التبريد بالمحل وعددها ثلاثة أجهزة، وهو ما سيرتب عليه فاتورة كهرباء لا يستطيع سدادها.
نيابيا، تطالب النائب تمام الرياطي بضرورة استثناء العقبة وتخفيض التعرفة الكهربائية نظرا لخصوصية المدينة والاستعمالات المتعددة للكهرباء، سيما في فصل الصيف، حيث تتجاوز درجات الحرارة الـ 45 درجة مئوية ما يضطر الأسر الى تشغيل المكيفات الكهربائية على مدار الساعة.
من جهته، أكد مدير عام شركة توزيع الكهرباء الاردنية – مديرية العقبة المهندس سهم المجالي أن تعرفة التيار الكهربائي لجميع الاشتراكات المنزلية في محافظة العقبة وباقي المحافظات والمدن الأردنية موحدة ولكافة شركات التوزيع من قبل هيئة تنظيم قطاع الطاقة، مؤكداً ان تخفيض سعر التعرفة الكهربائية في العقبة ليس من اختصاص شركة توزيع الكهرباء وإنما من اختصاص الحكومة، مشيرا إلى أن الشركة تشتري الكهرباء من شركة الكهرباء الوطنية وتقوم ببيعها للاشتراكات المنزلية والمؤسسات والشركات، موضحا ان عدد الاشتراكات المنزلية بمنطقة قصبة العقبة يصل إلى 41 ألف اشتراك، بينما تصل الاشتراكات التجارية الى 4800 اشتراك.
وأرجع المجالي السبب الرئيس لارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء بالمدينة وخاصة في هذه الفترة إلى زيادة كمية الاستهلاك بسبب العوامل الجوية.
ورغم محاولات متكررة والاتصال مع الناطق الإعلامي لهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن تحرير القاق للحصول على رد إلا أنها لم تجب على اتصالات "الغد".

الغد