لم يبخل الأردنيون قيادة وشعب، يوماً في رفعة وطنهم، وتعزيز مكتسباته، وتجاوز التحديات، ومواجهة الأزمات، حيث حققت المملكة إنجازات نفاخر بها، من قوات مسلحة وأمن، ومنظومة صحية، ومنظومة تعليمية، وإدارة عامة، ومؤسسات إعلامية، وكوادر بشرية مميزة بشتى المجالات.
المئوية الأولى للمملكة الأردنية الهاشمية، أنجز الأردنيون الكثير في بناء المؤسسات الوطنية، ما يجعلنا نضع هذا الإرث العريق على صدورنا، ونحاول نحن الشباب أن نعرف أدق تفاصيله، لنأخذ منه الإيجابي والبناء عليه، ونواجه السلبي وتجاوزه، والسعي للتطوير والتجديد والتعزيز وتحقيق التنمية المستدامة عبر عمل حزبي برامجي يأتي بفكر جمعي على طاولة الحوار وصولاً إلى برنامجا واقعياً، متطلعين لمئوية أردنية هاشمية ثانية أكثر إنجازاً وإصلاحاً وعدالة اجتماعية.
اليوم، وبعد عام وشهرين من صدور قانون الأحزاب السياسية بالجريدة الرسمية، انتسب الشباب إلى الأحزاب بنسبة تتجاوز الـ 38% في جميع الأحزاب، إذ نص القانون أن الشباب يجب أن لا تقل نسبتهم من عدد منتسبين الحزب عن 20%، وهذا مؤشر جيد أن الشباب وضعوا هاجس الخوف خلفهم.
أن قانون الأحزاب، والضمانة الملكية في حرية ممارسة العمل الحزبي كسرت حاجز الخوف لدى الشباب، بل تشجعهم على الانخراط في الحزبية البرامجية الهادفة إلى التعزيز والتحسين والتغيير، ما يدفعنا بشكل جدي لنكون شركاء في صنع القرار، وليس أدوات يستغلها البعض، رافضين بشكل مطلق ان نكون أرقاماً.
أزمة علنية أمام الشباب اليوم، وهي مواجهة أزمة أراء قوى الشد العكسي الذين يساومون على أفشال المرحلة، ويحاولون عبر بث توقعاتهم بأن المرحلة ستكون غير ناجحة كمراحل شهدتها المملكة سابقا، وان المواطنين وخاصة الشباب لا يوجد لديهم القدرة على الانخراط بسبب قلة الخبرة، أو عليهم مواجهة ظروف الفقر والبطالة من خلال العمل والتشغيل وليس وضع خطط وبرامج حزبية، وهذا ما يثير الاستغراب!
يتطلع الشباب اليوم، عبر طاولة الحوار الحزبي البرامجي، إلى وضع مسودة سياسات تتلاءم مع طموح الأردنيين من العقبة جنوباً إلى عقربا شمالاً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وتواكب التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي.
ويطالب الشباب من رجالات الدولة السابقين المخلصين لوطننا ومن الأخرين الذين ينظرون للشباب أنهم غير قادرين، أن ينظرون للمرحلة بعين الأمل لمستقبل يليق بالأردنيين نحو مئوية ثانية وثالثة طموحة، وكما يقول الشاعر "لكلّ زمانٍ دولةٌ ورجالُ وَمَنْ هَزَّ في يومٍ جداراً لجارِهِ، سَيسقطُ يوماً بيتُهُ ويُزالُ"، فالدول التي نهضت وتميزت اقتصادياً وسياسياً نهضت عبر الأحزاب البرامجية، وبمشاركة الشباب.
كما يطالب الشباب من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، بدعم المرحلة وعدم الحكم عليها بشكل قاطع في ضوء قانون الأحزاب الجديد، فالتروي من الممارسات الإعلامية المهنية، بهدف عدم الانجرار وراء التحليلات السريعة أو الانطباعات الأولى.
لا نريد إلا تطبيق نظام الديموقراطية الاجتماعية، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، والتقليل من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين أفراد المجتمع، وتوفير فرص متساوية وتوزيع الثروة والدخل بشكل عادل، إضافة إلى تحقيق التنمية المستدامة في جميع المناطق دون تمييز.
وفي حزب إرادة، اجتمع خلال الشهر الماضي، أصحاب العلم، وخبراء المجال ومنهم شباب، في وضع تعليمات لتشكيل اللجان القطاعية التخصصية وآلية عملها في حزبنا، كما يجتمع الشباب على طاولة الأمانة العامة وهم أمناء عامون مساعدون ونسبتهم أيضا تتجاوز 20%، لمناقشة وضع الخطط المستقبلية، فالشاب والمرأة في حزب إرادة يجتمعون في كل من: مجالس الفروع في المحافظات، والمجلس الوطني، والمجلس المركزي، وسيكون لهم دوراً بارز في وضع مسودة السياسات والبرامج عبر اللجان القطاعية التخصصية المركزية والفرعية؛ وهكذا يشارك الشباب في صنع القرار، وتكرس المؤسسية وتطبيق الديموقراطية.
رسالتنا إلى قوى الشد العكسي، أن المرحلة الحزبية البرامجية هي تشاركية ومفتوحة لكم وللجميع، والإرادة السياسية حاضرة، والحكم على المرحلة بالفشل لا تزيد من سيرتكم الذاتية شيئا إيجابيا، في المقابل بث الإحباط سيعزز عملنا نحو التجديد والاصلاح والتغيير، ولن نبخل على وطننا وأحزابنا بالأفكار ومناقشتها، وفي استقطاب الكفاءات الشبابية واصحاب الخبرات ومشاركة خبراتهم والبناءة عليها لنجاح المرحلة وما بعدها، نحن نعمل متطوعين لنكون أحزاب برامجية وطنية تبقى إلى مئات السنين القادمة، خدمة للوطن والمواطن، تحت ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.
وفي النهاية اقتبس من كلام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حول تطلعاته للحياة الحزبية: "أتمنى على بعض نخبنا أن تهجر ثقافة الصالونات السياسية وتنخرط في الحياة الحزبية، فالتغيير للأفضل لن يكون إلا بأدوات الديمقراطية المعروفة، والمشاركة لن تتحقق في المرحلة المقبلة إلا بالعمل الحزبي المنظم".
نؤكد أن المرحلة تحتاج حكمة الكبار وهمة الشباب، ونؤكد أهمية التشاركية الحقيقية لتحقيق مكتسبات جديدة للأردن الذي نريد، بخلاص وفكر جماعي، وننهي فكرة الخلاص الفردي، ونراهن بتشاركية على نجاح المرحلة واستمرارها.