المادة (11) من قانون الأحزاب تحرم الطفيلة من المشاركة الحزبية الفاعلة

mainThumb

09-07-2023 12:34 PM

printIcon

في محافظة الطفيلة حوالي 120 ألف نسمة، موزعين على ثلاثة ألوية، و(60911) ناخبا وناخبة، حيث بلغت نسبة المقترعين منهم في انتخابات المجلس النيابي التاسع عشر (49.3%)، فيما بلغت نسبة المقترعين في انتخابات البلديات ومجلس محافظة الطفيلة لعام 2022 (54.3%).

وتتشابه أدوات الحراك الإنتخابي بالأدوات المحرّكة للأحزاب، فالإنتخابات تعتمد في تحرّكها على مكونات المجتمع العشائرية، والديموغرافية، والجغرافية، والفكرية، وكذا الأحزاب، فالتنوع الديموغرافي،والفكري، والعشائري، والجغرافي في المحافظة يتسيّد المشهد في الحراك الحزبي، بل ويوجّهه كيفما يُريد، وحيثما يُريد.

لذلك، فإننا نقف أمام محورين مختلفين في النصوص القانونية، لكنّهما متشابهين في التطبيق والأدوات، وحتى القوى البشرية، فالناخب والمُنتسب للحزب هما شخص واحد في ملفين قانونيين مختلفين، لذلك، فإننا نستطيع الحكم على نجاح الحراك الحزبي عبر القوى البشرية التي تتحرك باتجاه الحراك الإنتخابي.

وأطل على محافظة الطفيلة منذ إقرار قانون الأحزاب لعام 2022 بعض القائمين على تأسيس الأحزاب، بشكل خجول، مما عكس في مخرجاته على أرقام المنتسبين من المحافظة، وطغى على تلك الإطلالات هدف دراسة المشهد السياسي والحزبي في المحافظة، أكثر من الإنفاذ للقانون، لأن نص القانون لا يُجبرهم على وجود منتسبين من محافظة الطفيلة عند عقد المؤتمر التأسيسي لحزبهم، حيث أن المادة (11) من قانون الأحزاب سمحت لهم بحشد أعداد المنتسبين عند عقد هذا المؤتمر من (6) محافظات على الأقل، وهذا يمكن تحقيقه من المحافظات ذات التعداد السكاني الكبير.

وبالفعل، فقد حدث ذلك، فعدد المنتسبين للأحزاب في محافظة الطفيلة حتى تاريخ 13/6/2023، بلغ (536) منتسبا ومنتسبة، (المنتسبين الذكور( 375) ، المنتسبات (161) ،وبلغ أعداد الشباب من كلا الجنسين (198)، وفق الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة، محمد خير.

وتشير الفقرة (2/أ) من المادة (11) من قانون الأحزاب رقم (7) لعام 2022 " أن يكون المؤسسون للحزب من سكان (6) محافظات على الأقل، بحيث لا يقل عددهم عن (30) شخصا من كل محافظة، بينما نصّت الفقرة (1/أ) من المادة ذاتها على" أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين للحزب تحت التأسيس عند انعقاد المؤتمر التأسيس عن ألف شخص"، والفقرة(3/أ)" أن لا تقل نسبة الشباب الذين لا تقل أعمارهم عن (18-35) عاما عن (20%) من عدد المؤسسين"، والفقرة (4/أ) " أن لا تقل نسبة المرأة عن (20%) من عدد المؤسسين".

الفقرة (2/أ) من المادة القانونية ذاتها، ساهمت بإستيفاء بقية الفقرات في المادة ذاتها، دون الحاجة للتركيز على المحافظات ذات التعداد السكاني القليل في حشد المنتسبين، لأن (6) محافظات كبرى قد تكون كافية لتحقيق هذا البند، بل وتسوّغ للمؤسسين عدم التركيز على بقية المحافظات ذات الكثافة السكانية القليلة، لأنهم استطاعوا بالفعل تحصيل (30) منتسب من تلك المحافظات، وذلك لغايات إنفاذ نص المادة القانونية، دون الحاجة للتوغل في التحشيد، والإستقطاب.

ولأنه يُمكننا اعتبار الناخب هو الشخص ذاته القادر على الإنتساب للحزب، قانونا ،وسنّا، فإننا سنقف أمام كشوفات الهيئة المستقلة للإنتخاب لأعداد الناخبين في المحافظات الإثنتي عشر، المُقسّمة بالترتيب التنازلي، والتي بيّنت أن عدد الناخبين في محافظة العاصمة حوالي (1.8) مليون ناخب، وإربد (870) ألف ناخب، والزرقاء (705) ألآف ناخب، والبلقاء (341) ألف ناخب، والكرك (183) ألف ناخب، وجرش (126) ألف ناخب، ومأدبا (122) ألف ناخب، والمفرق (115) ألف ناخب، وعجلون (111) ألف ناخب، والعقبة (77) ألف ناخب، والطفيلة (60) ألف ناخب، ومعان (57) ألف ناخب.

وبالتالي، فإن محافظة العاصمة،وإربد، والزرقاء، والبلقاء، والكرك، والمفرق، قد تكون كافية لإنفاذ هذه المادة القانونية، وقادرة أيضا على حشد أكثر من ألف شخص لغايات عقد المؤتمر التأسيس للحزب، دون الحاجة إلى التحرّك إلى محافظة الطفيلة.

هذا النص القانوني كان سببا غير مباشر في عدم تكثيف القائمين على تأسيس الأحزاب لاستقطاب المنتسبين للأحزاب في محافظة الطفيلة لأنه، وعلى سبيل المثال، لو كانت المادة القانونية تشترط أن لا يقل عدد مؤسسي الحزب الواحد عن (1200) شريطة أن يكونوا من كافة محافظات المملكة، عند عقد مؤتمره التأسيسي، بواقع (100) منتسب من كل محافظة، كحد أدنى، لكان عَمِد القائمون على تأسيس تلك الأحزاب إلى الإنطلاق بقوة أكبر نحو استقطاب أكبر عدد ممكن من المواطنين للإنتساب في محافظة الطفيلة، وذلك للحيلولة دون رفض حزبهم من قبل الجهات الرسمية ذات العلاقة.

ولو كان القانون كذلك، لوجدت أن الأحزاب الـ26 المرخصة تحتضن (2600) منتسب لها من محافظة الطفيلة، كحد أدنى، بدلا من المنتسبين الخمسمائة الذين صرّحت بهم الهيئة المستقلة للإنتخاب في إحصائياتها، حيث كان سيخلق هذا الرقم،حينها، حراكًا حزبيًا يرتقي لطموح الرؤية الحزبية التي ينشدها جلالة الملك عبدالثاني بن الحسين المعظم، والمهتمون بالشأن الحزبي في الأردن.

والمتابع للشأن الحزبي في محافظة الطفيلة، يشعر للحظة وكأن هذه المادة تقول" ليس ضروريا أن يكون هنالك منتسبون للحزب من محافظة الطفيلة، حيث تستطيع ست محافظات ذات التعداد السكاني الكبير القيام بالمهمة، وتأمين الألف منتسب المطلوبين للمؤتمر التأسيسي،وحتى المؤتمر العام للحزب".

هذا يتنافى وتوجّه الدولة الرامي نحو تغيير الفكر الحزبي الأردني نحو التمثيل الشعبي الكبير حزبيا، والتوجه نحو الحياة الحزبية بكافة معاييرها القانونية والسياسية، وإعطاء مجالا أكبر للمشاركة في تجربة الإنتخابات النيابية المقبلة التي سيكون للأحزاب فيها دورا محوريًا.

وبسبب النص الصريح للمادة (11) من قانون الأحزاب الأردني، وبناء على ما سبق من أرقام، فإن نسبة أعداد المنتسبين من أبناء محافظة الطفيلة للأحزاب السياسية مقسومة على أعداد المقترعين في انتخابات محافظة الطفيلة البالغ عددهم نصف الأعداد الكاملة للناخبين،هي(0.0125%)، أي أن كل 100 شخص شارك واقترع وتفاعل في الإنتخابات النيابية والبلدية واللامركزية الأخيرة في محافظة الطفيلة، يقابله شخص واحد فقط من المحافظة مُشارك ومنتسب وفاعل في الأحزاب السياسية.

وفي السياق، أوضح عضو المجلس الوطني لحزب إرادة في محافظة الطفيلة المهندس زكي القيسي أن اشتراط تمثيل 6 محافظات بإنتساب الأحزاب ألحق الضرر بالحراك الحزبي في محافظة الطفيلة، وذلك لأن مواد الفقرات اللاحقة للمادة ذاتها مرتبطة ببعضها البعض.

وأكد القيسي بأن الحراك الإنتخابي في المحافظة بحاجة إلى تدعيم من خلال التدخل الرسمي الذي يُجبر الأحزاب على التوجه إلى المحافظات النائية، دون وضعها ضمن اللواحق الإنتسابية فقط، وذلك لضمان خلق نشاط حزبي يسهم في نجاح هذه التجربة.

وبيّن رئيس اللجنة الإعلامية في إقليم الجنوب لحزب النهج الجديد نضال الشرايدة أنه يعلم بأن المادة 11 من قانون الأحزاب بمثابة مخرج قانوني لمؤسسي الأحزاب لتحشيد منتسبي أحزابهم دون الحاجة إلى التوجه إلى المحافظات ذات التعداد السكاني القليل، مشيرا إلى أن بعض الأحزاب يتجهون إلى محافظة الطفيلة لعمل توازن نسبيي في محاور التمثيل الشعبي،فقط، رغم أنه ليس مجبرا على التوجه إلى الطفيلة، وذلك بحسب نص القانون.

وطالب الشرايدة بإعادة النظر في نص هذه المادة لوضع محافظة الطفيلة، على سبيل المثال، ضمن القائمة الإجبارية التي يجب أن يتجه إليها مؤسسوا الحزب لغايات الإنتساب، مؤكدا على أن الحراك الحزبي في محافظة الطفيلة يعاني من شلل ،نسبيا، وذلك بناء على أعداد المنتسبين للأحزاب من الفاعليات الشبابية، والنشطاء.
(الطفيلة - سهيل الشروش/ الرأي)