السلط : الهوية الاجتماعية والجغرافية تطغى على الهوية الحزبية

mainThumb

09-07-2023 11:58 AM

printIcon

أكد ناشطون سياسيون واجتماعيون في مدينة السلط على ان الهويات الاجتماعية والجغرافية أقوى من الهويات السياسية والحزبية، ولا تزال الاحزاب بمرحلة التكوين والاختبار ولم تنضج بعد.

ودعوا الى ضرورة التركيز على الجامعات لغرس مفهوم العمل الحزبي الاصلاحي والتي تعد حاضنة للأحزاب.

واكد النائب السابق الدكتور علي الحجاحجة بان كثيرا من الاحزاب تسابق الزمن من حيث اضافة منتسبين لها لغايات وصول مرحلة الانتخابات القادمة، فالاحزاب ستواجه تحد كبير عند تشكيل القوائم الانتخابية القادمة وتوزيع حصصها من المواقع القيادية، وعند الوصول الى مرحلة الحكومة البرلمانية ولو بشكل جزئي فان الاشخاص المنتسبين لهذه الاحزاب في الاغلب يطمعون بمواقع قيادية إما بترتيبهم بمراحل متقدمة داخل القوائم الحزبية التي ستخوض الانتخابات النيابية على مستوى الوطن، او عن طريق تولي مواقع قيادية باي مؤسسة كانت، وبالتالي فالاستقطاب يكون على اساس وعود لتحقيق طموحات الاشخاص المنتسبين كمكسب آني وسريع بعيداً عن التخطيط للمستقبل.

ووصف الحجاحجة الحياة الحزبية داخل محافظة البلقاء وقصبة السلط بأنها غير ناضجة بالمعنى الحقيقي، مستعرضاً مسيرة أحزاب سياسية مرخصة ومنذ زمن طويل الا انها لا يوجد لها اي نشاط يذكر على ارض الواقع، فهي تعتمد سياسة النشاط الكلامي وليس العملي واغلب الاحزاب ينتهجون نفس النهج وما ينطبق على محافظة البلقاء ينطبق على غيرها من حيث الاعداد والاهداف والانتساب، فلا يوجد قناعات فكرية بالمعنى الحقيقي او نشاطات فعلية، فهي نشاطات مختلفة باساليب متعددة لترويج الحزب بعيداً عن الفكر والتوافق، فالهدف يبقى توجه نحو الكم الرقمي وليس الفكري لغايات الاستقطاب لاشخاص بمواقع مختلفة وبتخصصات مختلفه بعيداً عن التوافق الفكري.

وطالب الحجاحجة الحكومة بضرورة تبني برامج اصلاحية تحدث اثرا على ارض الواقع عن طريق التنسيق والتوافق والعمل المشترك بين الجامعات والتي تعتبر اساساً للاحزاب وحاضنة لها لتوطيد هذا الفكر وصولا الى الحياة الحزبية المأمولة ولضمان نجاح المرحلة القادمة بعيداً عن الاخفاق الذي سيزيد الاحباط لدى المواطنين.

من جهته يرى النائب السابق محمد فلاح العبادي بان الاحزاب فُرضت على المواطن بعيداً عن القناعات وفنون الاستقطاب وهي بمثابة حماية لاشخاص مثقفين على اختلاف مستوياتهم كما ستكون بمثابة نقطة انطلاق لحياة حزبية بالمعنى الفعلي والتي لا تزال تجربة جديدة وغير ناضجة وتقييمها سابق لأوانه.

ولفت العبادي الى عدم وجود قناعات من المواطنين للانتماء إلى الاحزاب جراء عدم وجود فكر سياسي حزبي يحشد الجمهور الذي لا يزال يربط الحياة الحزبية الحالية بالحياة الحزبية القديمة والتي تحمل الكثير من المخاوف والسلبيات بعدم جدواها على ارض الواقع.

وتساءل العبادي في حال حصد اقوى حزب في الاردن، وهو الوحيد القادر على جلب المنتمين واستقطابهم دون البحث عنهم، على نتائج مبهرة هل ستؤهله لتشكيل حكومة برلمانية؟ نحن لا نزال على الدرجة الاولى من سلم الاصلاحات.

واوضح العبادي بان العشائرية لا تزال سيد الموقف فمنتسبي الاحزاب والقوائم الحزبية والذين يطمعون في تحقيق تطلعاتهم وآمالهم، بالغالب يحصدون الاصوات عن طريق العشائرية بالرغم من وجودهم داخل الاحزاب، ولذلك بغض النظر عن الانتماء للاحزاب والذي يكون في بعض الحالات شكلي، فالعشائرية تطغى وتتصدر المشهد.

فيما وصف الدكتور معن العواملة / حزب التقدم الاردني، الحياة الحزبية داخل قصبة السلط بالغير ناضجة نتيجة معتقدات مترسخة بأذهان المواطنين بأن الشخص المنتمي للحزب سيكون محارب ولا بستطيع الالتحاق ببعض الوظائف وتخوفهم من الانضمام للحزب وعدم قناعتهم بقدرة الاحزاب على تغيير اي شيء على ارض الواقع، فالانتماء للاحزاب جاء بنظام الفزعة لا بنظام ممنهج ومرتب حسب متطلبات المرحلة.

ولفت العواملة الى ان الاحزاب لا ترتقي للمستوى المأمول منها وقدرتها على تحقيق الاصلاح السياسي، ولذلك أصبح الانتماء للحزب لغاية الحديث عن الانتماء لحزب فقط، فهي مفروضة وليست خيار بعيداً عن الافكار والاراء والمعتقدات والبرامج التي يطرحها الحزب وبالتالي المدخلات ستكون نتاج واضح ومؤشر دقيق للمخرجات مستقبلاً .

ودعا العواملة الى ضرورة التركيز على المدارس والجامعات لغايات التثقيف الحزبي وكسر حاجز التخوف من الانتماء للاحزاب تمشياً مع توجيهات جلالة الملك بضرورة اشراك المواطنين بالاحزاب لتحقيق الاصلاحات المختلفة والاستفادة من الفرصة الكبيرة وخاصة للشباب والمرأة لخلق قيادات اصلاحية وحكومات برلمانية، ولذلك المطلوب من الشباب تفعيل دورهم داخل الاحزاب لتحقيق الاصلاح المنشود.

من جانبها طالبت المحامية الدكتورة إيمان الحياري بضرورة ان يكون هنالك احزاب قويه وفاعلة تتبنى برامج سياسية إصلاحية قابلة للتطبيق وهادفة لتكون رديف للحكومات بتطوير الدولة الاردنية بكافه المستويات، واصفة الاحزاب بالدكاكين السياسية التي تبيع نفس البضاعة، فهي متشابهة بالبرامج الشكلية الغير قابلة للتطبيق، ما يعزز قناعات وفكر المواطنين بعدم قدرة الاحزاب على تغيير اي شيء على ارض الواقع وعدم تحقيق الاصلاحات المنشودة.

ودعت الحياري منتسبي الاحزاب الى ان يكونوا على درجه عاليه من الوعي والنضج السياسي والاجتماعي والثقافي والصحي قبل ان يفكروا بتولي المناصب القيادية فيها لضمان عدم الاخفاق بالمرحلة المقبلة.

ولا تزال الحياري تبحث عن حزب يمثلها ويلبي طموحات المواطنين ليكشف الغمة عن المجتمع الاردني واخراج حكومات برلمانية وتحقيق الاصلاحات المنشودة، رافضة ان يتم استغلال منتسبي الاحزاب ليكونوا بمثابة سلم للوصول الى المناصب القيادية الحزبية وغير الحزبية بعيدا عن الانخراط بهموم ومشاكل المجتمع الاردني.

فيما نفى الناشط السياسي والاجتماعي الدكتور محمود عواد الدباس وجود حركة حزبية ذات دلالة ضمن محيط قصبة السلط.

واستعرض الدباس العوامل التي تعيق حركة الاحزاب في لواء قصبة السلط ومحافظة البلقاء والتي لا تختلف عن بقية المحافظات الاخرى، حيث ان الحركة التي مرت خلال الفترة الماضية كان هدفها استقطاب اعضاء لغايات استكمال شروط التأسيس اضافة الى ان الاحزاب انشغلت بشؤونها الداخلية لانتخاب المواقع القيادية لها فضلاً على ان الهويات الاجتماعية والجغرافية في لواء قصبة السلط وعموم باقي محافظات الاردن اقوى من الهويات السياسية والحزبية، لذا لا يعتبرها المواطنين ضرورة كونها تعتمد على الاستقطاب الرقمي أي على الكم لا على النوع، وبانتهاء هذه المهمة لم يعد هناك داعِ للحركة وبالتالي أصبح لا يوجد اي نشاط حزبي لها.

ولفت الدباس الى ان هنالك 27 حزب حاصل على الترخيص بموجب قانون الاحزاب الجديد تضم وحسب مؤتمرات التأسيس التي عقدتها 36876 ألف منتسب حيث بلغت نسبة النساء والشباب فيها ما يقارب 40% وبحسب الاحصائيات فان قلة من الاحزاب تمكنت من ان تنتشر في كل الجغرافيا الاردنية في 12 محافظة، فغالبيتها اكتفت بالانتشار في 6 محافظات فقط.

أما الناشطه السياسية في حزب ارادة رولا الحياري فاوضحت بان الحزب يتبنى برامج حزبية وهنالك جاهزية عالية لتطبيق هذه البرامج وطرحها خلال الثلاث شهور القادمة وهو برنامج موحد سيتم اطلاقه في كافة محافظات المملكة واصفه اياه بالبرنامج الفعلي الواقعي القابل للتطبيق.

وعن عدم وجود حياة حزبية داخل قصبة السلط بينت الحياري بأن الاحزاب منشغلة بمرحلة الاستقطاب ووضع اللجان وتوزيع الادوار وفق الهياكل التنظيمية واعداد اللجان المتخصصة وفي نهاية العام ستشهد الاحزاب نشاط واسع وحركة حزبية سيلمس المواطن اثرها على ارض الواقع، فلا يزال الحديث عن تقييم التجربة سابق لاوانه لانها لم تعطي ثمارها لغاية الان.

وابدت الحياري استيائها جراء الحديث عن التخوف من الانضمام للاحزاب والذي يعد من ترسبات الماضي ويحتاج الى وقت ووقفة لاحياء وانعاش الحركة الحزبية وتنظيف مكونات المجتمع الاردني من هذه الرواسب والافكار المترسخة باذهان المواطنين، فالاصلاح سيكون سيد الموقف والحزب القوي صاحب البرنامج القابل للتطبيق سيكتسح الاحزاب، مشيرة الى ان هنالك 4 احزاب قوية وتتنافس داخل محافظة البلقاء من اصل 27 حزب على مستوى المملكة.

وأكد الناشط السياسي والاجتماعي رائد النسور أن العمل الحزبي داخل قصبة السلط غير فعال ولا يرتقي للطموح بالرغم من وجود ثقافة سياسية متقدمة، فهو اشبه بعمل الجمعيات والمنتديات، فالاحزاب تكتفي احيانا في عقد جلسات حوارية وامسية او لقاء نقاشي دون نتائج او مخرجات تذكر.

وعزا النسور اسباب الركود الحزبي في منطقة قصبة السلط الى انها تمتاز بالتجمعات العشائرية والتي بدورها تلعب دور الحزب في اختيار من يخوض الانتخابات بكافة انواعها والعشائر ايضا تلعب الدور الرقابي على السلطة التشريعية ومجلسي المحافظة والبلدية.

واشار النسور الى الارث التاريخي ابان الاحكام العرفية والتي انتهت عام 1989 حيث ما زال هناك معتقدات لدى البعض بان الانضمام للاحزاب هو بمثابة عمل غير محبب للدولة ( هذا اعتقاد خاطئ في هذه المرحلة) اضافة الى ان الاحزاب يغيب عن ادائها برامج تحاكي الشارع وتكون قادرة على ادارة الدولة وما زالت الاحزاب في معظمها احزاب فردية قائمة بوجود الشخص المؤسس، فضلاً عن عدم وجود مصادر مالية للأحزاب لتغطية برامجها وانشتطها وهذا يحد من توسعها وقدرتها على استقطاب اعضاء جدد.

وهناك عوامل اخرى ايضا، منها ان النقابات المهنية والعمالية اخدت تاريخيا دور الاحزاب في تبني مواقف حيال قضايا وطنية اقنعت الشارع الاردني فيها وبالتالي اصبح العمل الحزبي وجوده وعدمه واحد، كون الاحزاب لم تكن العلامة الفارقة في القضايا الوطنية والتي كان يتطلب منها ان تكون هي من تقود الرأي العام وليس العكس.

وعرّج النسور على الاوضاع الاقتصادية للمواطنين وزيادة التكاليف المعيشية في قصبة السلط، الأمر الذي كان له الاثر السلبي على العمل الحزبي والانتماء للاحزاب، فاولويات المواطن اصبحت اقتصادية مالية وهي الحاجات الاساسية للمواطن، معتقدين ان مهما كان هناك اراء وخطط من الاحزاب لن تكون سببا في التطور الاقتصادي الوطني .

(اسلام النسور/ الرأي)