لماذا تراجع تصنيف الأردن بمؤشر الدخل؟

mainThumb

04-07-2023 11:58 PM

printIcon

في ظل التحديات الاقتصادية الصعبة التي تواجه الأردن منذ سنوات وما خلفته من انخفاض في معدلات النمو وزيادة نسب الفقر والبطالة، يرى خبراء اقتصاديون أنه من الطبيعي تراجع تصنيف الاقتصاد الأردني إلى اقتصاد "دخل متوسط منخفض".

ويؤكد الخبراء أن تراجع تصنيف الاقتصاد الأردني على مؤشر الدخل يعكس تواضع نمو الاقتصاد الوطني ومحدوديته، ويعبر عن تراجع المستوى المعيشي للمواطنين وحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.


وبهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين، وتحسين مؤشرات الاقتصاد الوطني دعا الخبراء إلى ضرورة تسريع تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، إضافة إلى زيادة حجم الاستثمارات وتهيئة البيئة المحفزة لها علاوة على وجوب إعادة النظر في العملية الاقتصادية والنظام الضريبي وجعله أكثر عدالة.
كما دعا هؤلاء إلى أهمية تحقيق الشراكة الجادة بين القطاعين العام والخاص، ورفع الحد الأدنى للأجور، والتركيز على القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة والأثر الأكبر في تشغيل الأيدي العاملة كالقطاع السياحي.
وكان قد كشف تقرير حديث للبنك الدولي يرصد تصنيفات اقتصادات الدول حسب مستوى الدخل عن تخفيض تصنيف الأردن من اقتصاد ذي دخل متوسط مرتفع إلى ذي دخل متوسط منخفض، ليتراجع بذلك الأردن إلى هذا التصنيف بعد أن تمكن من الحفاظ على مدار السنوات الست الماضية على تصنيفه كاقتصاد ذو دخل متوسط مرتفع، ويظهر التقرير أن الأردن هو البلد الوحيد الذي شهد تخفيضا لتصنيفه من متوسط مرتفع إلى متوسط منخفض.
ووفق التقرير يعود تخفيض تصنيف الأردن من اقتصاد ذو دخل متوسط مرتفع إلى ذو دخل متوسط منخفض إلى مراجعة شهدت رفع تقدير التعداد السكاني بنسبة 8.6 % نشرتها شعبة السكان التابعة للأمم المتحدة والتي تعكس بيانات جديدة من أحدث تعداد سكاني.
وتضمن التصنيف الدول إلى أربع مجموعات للدخل وهي: منخفض، ومتوسط منخفض، ومتوسط مرتفع، ومرتفع. ويشير التقرير إلى أن الدولة تعد ذات دخل منخفض إذا كان نصيب الفرد من الدخل القومي 1135 دولارا أو أقل، فيما تعد الدولة ذات معدل دخل متوسط منخفض إذا كان نصيب الفرد من الدخل القومي من 1136 دولاراً حتى 4465 دولاراً، وتعد الدولة ذات دخل متوسط مرتفع إذا كان نصيب الفرد من الدخل القومي بين 4466 دولاراً و13845 دولاراً، وتعد الدولة ذات دخل مرتفع إذا كان نصيب الفرد من الدخل القومي أكبر من 13845 دولارا.
واعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن تصنيف الأردن كاقتصاد ذو دخل متوسط منخفض يعكس تواضع نمو الاقتصاد الوطني ومحدوديته، مما كان له انعكاس واضح على المستوى المعيشي للمواطنين، إضافة إلى أنه يؤكد على حجم التحديات التي يواجها الاقتصاد الأردني.
وأشار عايش إلى أن معدل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي انخفض خلال العقد الأخير وقد يكون على أرض الواقع أقل من المعدل المنشور والذي يبلغ نحو 4446 دينارا، وهو ما يعكس نوعية النمو الاقتصادي لدينا أردنيا حيث ان هذا النمو لا يتجاوز المؤشرات وليس له أي أثر أو مردود اجتماعي على المؤشرات الاجتماعية والمعيشية للمواطنين.
ويشار إلى أن متوسط الدخل الشهري للموظفين في الأردن يقارب 425.7 دينار وفق ما اظهر تقرير كانت قد نشرته مجلة "سي إي أو ورلد" الأميركية خلال عام 2022، حيث احتل الأردن المرتبة الـ 61 عالميا، والتاسعة عربياً، في متوسط الرواتب الشهرية التي يتقاضاها المواطنون.
وبين عايش أن نمو حجم السكان بشكل واضح خلال السنوات الماضية، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم نتيجة الازمات التي شهدها العالم وآثارها في ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، إلى جانب محدودية الأجور لدى قطاع واسع من المواطنين وثباتها منذ مدة طويلة، علاوة على معدلات النمو الضعيفة، كان له دور واضح في تخفيض تصنيف الاقتصاد الأردني إلى اقتصاد ذي دخل متوسط منخفض.
وبقصد جعل معدلات النمو الاقتصادي في الأردن أكثر فاعلية، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين طالب عايش بضرورة العمل على زيادة معدلات الاستثمار التي تكون كثيفة الاستخدام لرأس المال البشري وتوفير البيئة المحفزة لها، إضافة إلى إعادة النظر بالعملية الاقتصادية وبالمنظومة الضربية بكل تفاصيلها، إلى جانب وجوب مراجعة منظومة السياسات والقوانين والأنظمة التشريعية التي تعمل بها القطاعات الاقتصادية وتؤثر على القرار الاستثماري داخل هذه القطاعات.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة إن "تصنيف الاقتصاد الأردني على انه اقتصاد ذو دخل متوسط منخفض يعبر عن تراجع المستوى المعيشي للمواطنين وحصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي" موضحا أن تقرير البنك الدولي الخاص بتصنيف اقتصادات الدول يتسق مع تقارير سابقة للبنك الدولي وغيرها من المؤسسات حذرت من ارتفاع نسب الفقر في الاردن.
وبين زوانة أن ارتفاع عدد سكان المملكة خلال العقد الأخير إضافة إلى تواضع معدلات النمو الاقتصادي والتي تراوح مكانها منذ فترة ليست بالقصيرة حيث تتراوح بين 2 و2.5 % إضافة إلى ثبات الأجور وتآكلها في ظل ارتفاع التضخم، قد كان لها دور في تخفيض تصنيف الاقتصاد الأردني إلى مستوى دخل متوسط منخفض.
وأكد زوانة أن معالجة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني ورفع معدلات النمو يتطلب من الحكومة الاسراع في إنجاز وتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، إضافة إلى تركيز على القطاعات الواعدة سريعة النمو والتشغيل كالسياحة والنقل.
كما طالب زوانة بوجوب تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبصورة جادة وتنفيذ مشاريع تتنموية مشتركة بينهما ، إلى جانب أهمية التركيز على أسواق التصدير العربية الخليجية ورفع حجم التنافسية معها.
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة " في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي يشهده الأردن منذ سنوات وما تركه هذا الواقع من تراكمات على انخفاض معدلات النمو وزيادة نسب الفقر والبطالة، وتفاقمها بشكل أكبر خلال جائحة كورونا إضافة إلى تدني معدلات الدخل وزيادة عدد السكان، فانه من الطبيعي أن يكون هناك تراجع في مؤشرات الاقتصاد الوطني وأيضا تراجع في التصنيفات والمؤشرات العالمية كتصنيف البنك الدولي".
ولفت مخامرة إلى أن معدلات التضخم في الاردن قد تكون على أرض الواقع أعلى مما هي مرصودة في التقارير والمؤشرات حيث ان ارتفاع اسعار الغذاء في العالم خلال الأعوام الأخيرة من بعد كورونا والتوتر الروسي الاوكراني والتي انعكست أيضا على الأسعار محليا ترافقت مع ضعف في معدلات الدخل الذي لم تطرأ عليه أي زيادات منذ أمد طويل، إذ كان لذلك انعكاس على تراجع القدرة الشرائية والنشاط الاستهلاكي محليا.
وأوضح مخامرة أن زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتوفير مستوى معيشي جيد للمواطنين وتحسين مؤشرات الاقتصاد المحلي يتطلب من الحكومة الإسراع في تنفيذ خطة التحديث الاقتصادي، إضافة إلى أهمية إعادة النظر في النظام الضريبي وجعله أكثر عدالة، إلى جانب تهيئة البيئة المحفزة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات، والسعي نحو تحقيق الشراكة الجادة بين القطاعين العام والخاص.
ودعا مخامرة إلى وجوب رفع الحد الأدنى للأجور، إلى جانب العمل على زيادة معدلات الدخل للفئات ذات الدخل المتدني، وحماية الطبقة المتوسطة من أجل ضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ورفع الاستهلاك المحلي الذي له دور في زيادة معدلات النمو الاقتصادي.

الغد