العقوبات البديلة وسيلة ناجعة لعلاج العنف الجامعي

mainThumb

03-07-2023 12:23 PM

printIcon

يذهب العنف الجامعي بممارسيه إلى العقوبات التي قد تصل حد الفصل النهائي من الجامعة، بيد أن الوقاية من العنف قبل وقوعه أمر بالغ الأهمية، واللجوء إلى إدماج الطلبة وإشغال وقتهم الزائد عن دراستهم بدخولهم العمل الحزبي أو الاتجاه إلى ريادة الأعمال المبتكرة.
استطلعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) آراء عدد من المتخصصين في هذه القضية الذين اعتبروا أن العقوبات البديلة هي الأنفع والأجدر من فصل الطلبة من الجامعة، وأن الدعم المادي للشباب كالمنح بعيدا عن القروض ضرورة ملحة لتمكينهم رياديا وإطلاق مواهبهم.
وقال عميد شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية الدكتور إسماعيل الزيود إن العقوبات التأديبية التي صدرت بحق مجموعة من الطلبة المخالفين لأنظمة وتعليمات الجامعة والمتسببين في المشاجرات التي وقعت في الجامعة أخيرا، جاء بناء على تنسيب من لجان التحقيق التي أنهت أعمالها بعد جلسات مطولة عقدتها خلال الفترة الماضية وفقا للأنظمة والتعليمات النافذة.
وأضاف أن العقوبات التأديبية جاءت بحسب حجم الفعل الذي ارتكبه كل طالب؛ فعقوبة الفصل النهائي بحق طالب واحد، والفصل من الجامعة لأربعة فصول دراسية بحق ثلاثة طلاب، والفصل من الجامعة لمدة فصلين دراسيين بحق طالب واحد، بالإضافة الى عقوبة الفصل من الجامعة لمدة فصل دراسي واحد بحق عشرة طلاب، وإنذار أول بحق طالبين اثنين.
وأكد أن الجامعة احتكمت عند إصدار قراراتها إلى تطبيق مبدأ سيادة القانون، وأن إيقاع مثل هذه العقوبات على الطلبة المخالفين يهدف في الدرجة الأولى إلى الحفاظ على صيرورة العملية التعليمية واستقرارها، بالإضافة إلى تعديل سلوك الطلبة داخل الحرم الجامعي، لافتا الى أن الجامعة الأردنية تضم (60) ألف طالب وطالبة من 116 جنسية.
وأشار إلى أن الجامعة الأردنية تسعى الى توفير بيئة آمنة ومناسبة بالتزامن مع المسار الأكاديمي للطلبة لإقامة فعالياتهم وأنشطتهم، وتنمية مهاراتهم من خلال الأندية الطلابية التي لتعزيز دور الخدمة المدنية، والتنمية السياسية، والسعي المستمر إلى مواكبة التطور التكنولوجي كالذكاء الاصطناعي، وتنمية المواهب الفنية والحرفية كالحرف اليدوية، والنحت والرسم و الغناء من خلال كورال الجامعة، بالإضافة الى وجود الصالة الرياضية متعددة الأغراض، وصالة الأيروبيك للطالبات، وملاعب السكواتش، وصالة تنس الطاولة، والملعب الرئيس وملعب التنس الأرضي، وغيرها من الأنشطة في المجالات كافة.
وقالت دكتورة علم الاجتماع والمتخصصة بعلم الجريمة هناء احمد الطراونة إن تطبيق الإجراءات التأديبية كالفصل من الجامعة لمدة فصل أو فصلين أو أكثر، يجعل الفرد يتطبع السلوك العدواني في كل مسالك حياته، كما يرتبط هذا السلوك بوصمة معينة في بيئته كأن يطلق عليه "العدواني، والعنيف وصاحب المشاكل".
ولفتت إلى أن من الأسباب المختلفة للعنف الجامعي ما يتعلق بالمغامرة والمخاطرة والمتعة وأســباب تتعلــق بالشعور عند بعض الطلبة بعدم العدالة والمساواة داخل الحرم الجامعي، وأخــرى تــرتبط بالتعــصب لفئة معينة، والاســــتفزاز والــــدفاع عــــن الــــنفس والتهــــور واللامبــــالاة، كما أن هناك أسبابا تتعلق بــالتحريض والاقتــداء بالأصــدقاء.
وأشارت إلى عدم إدراك وعلم الطلبــة بالعقوبــات المترتبة السلوك العدواني بصورة كافية، داعية إلى مدونة قواعد السلوك للطلبة كمتطلب إجباري خلال السنة الأولى من قبول الطلبة في الجامعات الأردنية، والتركيز على التواصل الفردي والجماعي مع الطلبة من خلال عقد الندوات وعرض الأفلام التوعوية، وتقديم النصح وتهذيب سلوك الطلبة من خلال المرشدين النفسيين والتربويين باستمرار.
واقترحت إخضاع الطالب إلى برنامج إرشادي مكثف ضمن جلسات تستمر مدتها فصلا دراسيا كاملا عوضا من فصله من الجامعة أو تكليفه بأعمال غير مدفوعة الأجر لصالح مؤسسات المجتمع المحلي والجمعيات الخيرية كعقوبات بديلة؛ مثل أعمال الصيانة أو ترميم الأبنية أو الزراعة أو طلاء جدران، بالإضافة إلى إدماجهم في العمل الحزبي وريادة الأعمال.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية الدكتور جمال الشلبي إن هناك طلبة ذوي توجهات حزبية محددة تمارس ديموقراطيتها الجامعية عبر ما يسمى بـ"انتخابات مجالس الطلبة" التي تعكس بشكل أو آخر، الرؤى والأفكار للأحزاب والتيارات السياسية خارج أسوار الجامعة، دون أن تتلقى منها حرفيا الأوامر لفعل هذا أو ترك ذاك من ناحية بحيث يكون الهدف من هذه الممارسة الديموقراطية في الجامعة موجهة لخدمة الطلاب وقضاياهم الدراسية والبحثية، وهذا يعني أن هناك ممارسة ديموقراطية داخل الجامعات ولكنها ممارسة مؤطرة ومحصورة في الأكاديمية الجامعية دون أن يؤثر التوجه الحزبي الذاتي والشخصي على تحقيق مصالح الطلبة.
وأكد أن دور الجامعات ليس تأهيل الطلبة للعمل الحزبي فقط، بل دور الجامعات أكبر من ذلك بكثير المتمثل بصناعة "الوعي العام" بالعموم، والوعي السياسي بالخصوص، فضلا عن ممارسة الحق السياسي داخل حرمها الجامعي؛ أي أن الجامعات تمارس العمل الديموقراطي لما فيه مصلحة الطلبة أولا؛ ما يعمق مفهوم الديموقراطية لديهم، ويدفعهم لاحقا لممارسة هذه التجربة في أماكن أخرى في انتخابات النقابات، وانتخابات البلديات، والانتخابات التشريعية وغيرها.
وشدد على ضرورة "إعادة الثقة" بمفهوم الديموقراطية أولا، والأحزاب السياسية وممارستها ثانيا، وهذا يحتاج إلى وقت لتصحيح الصورة السلبية للأحزاب لدى الشباب من ناحية، ويتطلب الأمر كذلك "إشاعة الممارسة الديموقراطية" في بناءات ومؤسسات الدولة؛ مثل المدارس، والجامعات، والنقابات، والجمعيات ما يخلق" حالة ديموقراطية" على المستوى الوطن بشرط أن تكون ممارسة حقيقية، وجادة، وفاعلة يلمس نتائجها الإيجابية الفرد والجماعات بوضوح.
وبين أهمية أن تركز مؤسسات الدولة وخاصة التربوية والإعلامية والثقافية على "تجارب الآخرين" الديموقراطية في العمل الحزبي، سواء عبر المناهج التعليمية أو الندوات والمؤتمرات المتعددة والمتنوعة، وحتى عبر الأفلام والمسلسلات الموجهة للشباب والطلبة بالخصوص وللمواطنين بالعموم.
وقال مدير عام هيئة شباب كلنا الأردن عبد الرحيم الزواهرة إن مفهوم ريادة الأعمال عملية ينشأ من خلالها مشروع جديد قادر على إنتاج السلع والخدمات عبر استثمار الطاقات والأفكار الشبابية وترجمتها الى واقع يحقق الأرباح المادية والمعنوية لدى رائد الأعمال، كما تتسم بالإبداع من خلال الأفكار الجديدة التي تسهم في حل مشكلة وإيجاد حلول بطريقة مميزة.
وأضاف أن الهيئة هي إحدى مبادرات جلالة الملك عبدالله الثاني والذراع الشبابي الذي ينفذه صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، وتضم 13 فرعا موزعة على محافظات المملكة بهدف تفعيل دور الشباب كشريك حقيقي ومؤثر في الحياة العامة سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، من خلال بناء قدرات الشباب وتعزيز ثقافة المبادرة والعمل التطوعي لديهم، والتشبيك بين مختلف المؤسسات العاملة في قطاع الشباب.
وأكد أن الهيئة تستهدف الفئة العمرية من (18-35) عاما من خلال 13 محطة معرفية تقدم العديد من البرامج مثل تكنولوجيا المعلومات، المعرفة الرقمية، والتسارع الرقمي، بالإضافة الى الدورات التدريبية التأسيسية أو المتقدمة، لافتا إلى أن الهيئة تساعد الشبان على كيفية بناء مشاريعهم وعمل دراسة الجدوى للمشاريع الصغيرة مجانا، بالتعاون مع مؤسسة إرادة والعديد من المؤسسات الأخرى، وكذلك مواكبة التسارع التكنولوجي وصولا إلى الذكاء الاصطناعي حيث تم حديثا إنشاء 13 حاضنة لريادة الأعمال لتعزيز دور الهيئة في التواصل مع الشبان وتحفيزهم على إيجاد مشاريع ريادية وتنفيذ أفكارهم على أرض الواقع داخل الأردن أو خارجها.
وأشار إلى أهمية العمل التطوعي في ضبط السلوك والتوعية، وتنمية مهارات جديدة تصقل شخصيتهم، واستثمار أوقات فراغهم بما هو هادف وإيجابي ويبعدهم كإحدى الوسائل عن العنف الجامعي وترسيخ دورهم الحقيقي كشباب فاعل في المجتمع، مضيفا أن هنالك مؤسسات رسمية تدعم تطوير المشاريع كصندوق التنمية والتشغيل، جيدكو، وبعض الجهات التي تقدم قروضا إلى المشاريع الناشئة أو المتوسطة أو قيد التطوير.
ودعا الزواهرة إلى زيادة الدعم الاقتصادي كالمنح بعيدا عن القروض باعتبارها ركيزة أساسية تدعم المشاريع الريادية الشبابية في تخطي الكثير من العقبات، وفي
في زيادة الوعي عندهم بدءا من الأسرة ثم المدارس من خلال تطوير المناهج المدرسية وإدراج ريادة الأعمال والريادة المجتمعية، بالإضافة الى دور الجامعات كحاضنات رئيسة، وإعادة صياغة التشريعات والأنظمة الاقتصادي الناظمة الداعمة للجانب الريادي.
--(بترا)