الجيش و«الدعم السريع» .. تضارب المعلومات حول من يسيطر

mainThumb

02-07-2023 09:52 AM

printIcon

تتضارب تقارير كل من الطرفين المتحاربين حول السيطرة على الأوضاع في العاصمة الخرطوم. ففيما يزعم الجيش أنه ما زال يسيطر على البلاد، تزعم قوات الدعم السريع هي الأخرى أنها تسيطر فعلاً على المدينة، فيما لا يوجد «طرف ثالث» محايد يمكن الركون إليه للتأكد من حقيقة الوضع على الأرض وفي الجو.

بيد أن شهود العيان ووكالات الأنباء يرون أن الانتشار الأوسع على الأرض هو لـ«الدعم السريع»، بينما يسيطر الجيش على الأجواء عبر الطيران الحربي.

فمنذ اندلاع النزاع في 15 أبريل (نيسان)، قال «الدعم السريع»، في بيانات رسمية، إنه سيطر على جزء من القيادة العامة للجيش، والقصر الرئاسي، ومنطقة وسط الخرطوم، بما فيها مقر مجلس الوزراء ووزارات الداخلية والخارجية وغيرها. وحسب شهود، فإن هذه المواقع لا تزال تحت سيطرته، بينما يواصل الجيش قصفها بالطيران الحربي والمدفعية الموجهة.

«الدعم» منشر في الخرطوم
ونقلت وسائل إعلام أن عدة محاولات قام بها مشاة الجيش لاسترداد تلك المواقع، لكنها لم تفلح، بينما تقول بيانات الجيش الرسمية إنه صد الهجوم الأول لقوات «الدعم السريع»، ودمر كافة مقاره الرئيسة وخطوط إمداده.

ووفقاً لـشهود، فإن وحدات «الدعم السريع» تنتشر في معظم أنحاء الخرطوم، وتتحرك بحرية في مساحات واسعة من وسط العاصمة. ففي جنوب الخرطوم، تمتد سيطرتها إلى قرب حدود الخرطوم مع ولاية الجزيرة، وإلى الجنوب الشرقي كذلك، بجانب وسط المدينة في أحياء البراري والرياض والمنشية وشارع الستين شرقاً، وأركويت وغيرها، والخرطوم 2 والخرطوم 3 والديوم والامتدادات والصحافات، وتمتد حتى أحياء مايو في أقصى جنوب الخرطوم. كما تنتشر وحدات «الدعم السريع»، حسب الشهود في الجنوب الغربي حتى جبل أولياء على بعد نحو 40 كيلو متراً جنوب الخرطوم.
ومثلما تنتشر قوات «الدعم السريع» في الأحياء، فهي تسيطر على عدة جسور، منها «جسر المنشية» الذي يربط بين الخرطوم ومنطقة شرق النيل، بما في ذلك ضاحية المنشية، و«جسر سوبا» الذي يربط جنوب الخرطوم بالجنوب الشرقي عند سوبا، و«جسر شمبات» الذي يربط بين الخرطوم بحري وأم درمان، و«جسر المك» القريب من القصر الجمهوري، والجانب الشرقي من «جسر الحلفايا»، والجانب الشرقي من «جسر النيل الأبيض»، والشرقي من «جسر الفتيحاب»، فيما يسيطر الجيش على «جسر النيل الأزرق» المار بالقيادة العامة، و«جسر النيل الأبيض» من جهة أم درمان، و«جسر الفتيحاب» من ناحية أم درمان، و«جسر كوبر» من جهة الخرطوم.

أماكن سيطرة الجيش
أما في ما يتعلق بالمناطق العسكرية، فيسيطر الجيش على جزء من القيادة العامة وسط الخرطوم، وقيادة قوات سلاح الإشارة وسلاح الأسلحة في بحري، وسلاح المهندسين والسلاح الطبي في أم درمان، والمنطقة العسكرية شمال أم درمان ومنطقة كرري العسكرية، وتتضمن مطار «وادي سيدنا» العسكري، ومصنع الذخيرة في منطقة «الشجرة العزوزاب»، فضلاً عن سلاح المدرعات في منطقة «الشجرة» العسكرية.

ويقول مؤيدو الجيش إن هناك مواقع أخرى يسيطر عليها الجيش، أما «الدعم السريع» فيسيطر في جنوب الخرطوم على «قاعدة جبل أولياء العسكرية»، وإدارة التصنيع الحربي المعروفة باسم «اليرموك»، التي سبق أن استهدفتها إسرائيل بضربة جوية تحت ذريعة تصنيع أسلحة لـ«حركة المقاومة الإسلامية» (حماس)، إضافة إلى «معسكر الطيبة» التابع لـ«الدعم السريع»، الذي يتعرض لضربات جوية منذ بداية الحرب.

قوات الاحتياطي المركزي
وأثار استيلاء «الدعم السريع» على رئاسة قوات «الاحتياطي المركزي» و«مركز تدريب عوض خوجلي» أخيراً استياءً وغضباً بين مؤيدي الجيش. وقال الجيش في بيان سابق إنها مرفق شرطي لا علاقة له بالعمليات العسكرية، واعتبر استهدافه لا يحقق انتصاراً عسكرياً، بل هزيمة أخلاقية، وتعدياً على مؤسسات الدولة المدنية، ما يستدعي الإدانة والاستهجان.

و«قوات الاحتياطي المركزي» هي قوات مهام خاصة تابعة لـ«الشرطة»، مدربة تدريباً عالياً على حرب المدن والعصابات، واستخدمها الجيش في معاركه مع الحركات المسلحة في دار فور، كما شاركت في عمليات عسكرية وسط الخرطوم قيل إنها ألحقت خسائر فادحة بـ«الدعم السريع». وقال «الدعم السريع» في بيانه: «لقد حذرنا مراراً وتكراراً قيادة وقوات الشرطة من الدخول في هذه المعركة التي ليسوا هم طرفاً فيها... لكنهم لم يستبينوا النصح»، معلناً عن استيلائه على كميات كبيرة من العتاد والمعدات العسكرية من داخل المعسكر.
الصناعات العسكرية
وفي جنوب شرق الخرطوم، يقول «الدعم السريع» إنه يسيطر على مباني «شركة جياد للصناعات الثقيلة» التابعة للجيش، وقيادة اللواء الأول في منطقة الباقير، ورئاسة هيئة الدفاع الجوي في «العمارات» وفرع الرياضة العسكرية المتجاورين، إلى جانب سيطرته على «مقر هيئة العمليات» في شارع الستين التابع له، الذي يتعرض لقصف بالطيران الحربي منذ مدة، إضافة إلى معسكري «سوبا» ومعسكر المدينة الرياضية، ومقر رئاسة جهاز المخابرات الوطني (الأمن السياسي)، بينما تنقل معلومات صادرة عن مؤيدي الجيش أنه استرد معظم هذه المواقع.

وفي أم درمان، يسيطر «الدعم السريع» على مبنى الإذاعة والتلفزيون، ومقار الشرطة كاملة، إلى جانب سيطرته على معسكر صالحة التابع له، كما تنتشر وحدات الدعم السريع في معظم مناطق مدينة أم درمان، من منطقة صالحة جنوباً إلى حدود جسر الحلفايا شمالاً، ومن منطقة «قندهار» غرباً حتى منطقة «ريفيرا» على ضفة نهر النيل، وتشمل انتشاراً واسعاً للوحدات في كل أحياء أم درمان القديمة وشوارع العرضة والموردة وأحياء أم درمان الحديثة: أم بدة، والثورات، وغيرها، كما يتحكم «الدعم السريع» بمصفاة الجيلي التي تزود البلاد بالوقود. وينتشر «الدعم السريع» في كل مناطق بحري المدنية، ويسيطر على بعض المناطق العسكرية، بما في ذلك منطقة سلاح المظلات، وموقع هيئة العمليات التابع في كافوري، بما في ذلك المدينة، وسوق «سعد قشرة»، ومناطق أخرى مثل أحياء شمبات والحلفايا والمزاد وغيرها.

السيطرة خارج العاصمة
وخارج العاصمة الخرطوم، يسيطر الجيش على 12 ولاية من جملة ولايات البلاد البالغة 18 ولاية، فيما يتقاسم السيطرة مع «الدعم السريع» في ولايات غرب وشمال وجنوب ووسط دارفور، وشمال كردفان. وتشهد هذه الولايات عمليات قتالية مستمرة، وشهدت الولايات الغربية من دارفور عمليات عنف قتل على أثرها والي ولاية غرب دارفور، واتهمت «الدعم السريع» والمجموعات القبلية التابعة لها بقتله، كما أعلنت «الدعم السريع» في وقت سابق استيلاءها على حامية أم دافوق الحدودية مع أفريقيا الوسطى، إلاّ أن الجيش كذبها، إلى جانب حامية طويلة التي نفى الجيش سيطرته عليها.

ويقول الجيش إنه يسيطر على معظم البلاد، بينما يسيطر «الدعم السريع» على مناطق محدودة في الخرطوم، ويقود حرباً ضد المدنيين في ولايات خارج البلاد، ويمارس عمليات نهب وسلب وغنم لممتلكات المدنيين، ويحول بينه وبين طرده من تلك المناطق وجوده بين المدنيين والاستيلاء على منازلهم وسيارتهم وتحويلهم إلى دروع بشرية، وذلك بعد أن كان الجيش قد قال إنه دمر معظم مقاره وسلسلة تمويناته، بينما يتمسك «الدعم السريع» بالسيطرة على «المركز القيادي» في البلاد، الخرطوم، وحال إكمال سيطرته عليه ستدين له البلاد.

لا تقارير مستقلة
ولا يوجد طرف ثالث يؤكد صحة مزاعم أي من الطرفين. لكن شهوداً عياناً ومواطنين فارين من الحرب، يقولون إنهم لا يجدون إلا مواقع سيطرة قليلة تابعة للجيش، بينما تنتشر وحدات «الدعم السريع» في كل أنحاء الخرطوم، وعلى طول الطريق في اتجاه جنوب وشمال وغرب وشرق البلاد.

ويعتمد الجيش في حربه مع «الدعم السريع» على تفوقه التسليحي النوعي. فهو يمتلك سلاح طيران حربي فعال، وسلاح مدرعات قوياً، إلى جانب مدفعية موجهة دقيقة التصويب، بينما يعتمد «الدعم السريع» في عملياته على سرعة الحركة، مستغلاً سيارات الدفع الرباعي المسلحة من طراز «لاند كروزر بيك آب»، وعدداً من الآليات الخفيفة سريعة الحركة.

وفي كل الأحوال يؤكد كلا الطرفين لوسائل الإعلام أنه مسيطر، وأن نصره قريب.