فيما كشفت مصادر متطابقة من عدة جهات رسمية لـ"الغد"، بأن العمل جار لدراسة مخططات اختيار الموقع الذي سيخصص كمركز لمعالجة "الإدمان" لمن تقل أعمارهم عن 18 عاما، أبدى خبراء تخوفهم من أن منظومة علاج ومتابعة من تقل أعمارهم عن سن 18 عاما من الإدمان رسميا حتى الآن، تفتقر إلى برامج مؤسسية شاملة.
بدورها بينت المصادر أن مركز المعالجة المزمع إنشاؤه، سيكون مركزا رسميا معتمدا، لعلاج وإعادة تأهيل فئة الأحداث من متعاطي المخدّرات أو المؤثرات العقلية أو المواد الطيارة.
وبينت أن مباحثات متقدمة تجري الآن فيما يتعلق بإنشاء أو إيجاد مركز لعلاج إدمان الأحداث، بعد أن تم تخصيص موازنة لهذا المركز من صندوق مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، المنشأ بموجب المادة 32 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية وتعديلاته لسنة 2023، وبمتابعة مباشرة من اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
ورجحت المصادر أن يتضمن المركز أيضا جناحا، لعلاج النساء والفتيات من الإدمان.
ويأتي المضي قدما في تأسيس المركز، تفعيلا لقانون حقوق الطفل رقم 17 لسنة 2022، حيث نصت المادة 11ح منه، على "إيجاد مراكز متخصصة لعلاج الطفل" وتأهيله في حالات الإدمان على المخدرات أو المؤثرات العقلية أو المواد الطيارة ووفقا للإمكانيات المتوفرة".
وألزم القانون الجديد الذي عرّف (الطفل) على أنه كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره، بإنشاء هذه المراكز، ولم يحدد في أحكام هذه المادة مهلة زمنية، بخلاف المادة 10 المتعلقة بالرعاية الصحية الأولية المجانية.
وبيّنت المادة 11، أن على وزارة الصحة أن تتخذ بالتنسيق مع الجهات المختصة، جميع التدابير اللازمة لضمان تمتع الطفل بأعلى مستوى صحي، بما في ذلك إيجاد تلك المراكز.
ويعتبر إنشاء هذا المركز، خطوة متقدمة جدا لعلاج المراهقين والأطفال من الإدمان، في الوقت الذي يرى فيه خبراء أن منظومة علاج ومتابعة من تقل أعمارهم عن سن 18 عاما من الإدمان رسميا حتى الآن، تفتقر إلى برامج مؤسسية شاملة، وتقتصر على الخدمات النهارية في القطاع الحكومي، دون مأسسة لبرامج إعادة التأهيل والدمج.
وتتم معالجة الأحداث الموقوفين في مراكز توقيف الأحداث التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية في مركز علاج الإدمان التابع لإدارة مكافحة المخدرات، عن طريق برامج طبية دون إيوائهم في مركز علاج الإدمان، أو من خلال التحويل إلى القطاع الخاص من خلال برامج قسم "مطمئنة" في مستشفى الاستقلال عبر شراء الخدمات المطبّق منذ أكثر من عام ضمن شراكة بين القطاعين العام والخاص، أو من خلال العلاج في القطاع الخاص على النفقة الخاصة.
ويعتبر مركز العدل للمساعدة القانونية، من منظمات المجتمع المدني التي عملت منذ 2014 على تبني حملات واسعة للتوعية من مخاطر المخدرات بالشراكة مع مديرية الأمن العام ووزارة الصحة، وسبق للمركز أن تلقى مخاطبة رسمية بالشكر من إدارة مكافحة المخدّرات على تسليم 80 شخصا أنفسهم للعلاج في المركز الرسمي، على إثر حملة التوعية التي قادها المركز.
وتقول المديرة التنفيذية للمركز، هديل عبدالعزيز لـ"الغد"، إن حملة التوعية استهدفت البالغين وغيرهم من المعرضين لخطر التعاطي.
وقالت إن هناك حملة جديدة سيتم إطلاقها أيضا في وقت قريب سيتم التركيز فيها على الأطفال والمراهقين دون سن 18 عاما، في إطار مضامين نشاطات الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات، وفي ظل تطوّر وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تتطلب استخدام خطاب أوسع يحاكي هذا التطوّر بالتعاون مع الجهات المعنية كوزارة التنمية الاجتماعية والأمن العام والقضاء العسكري وغيرها، في إطار منظومة عدالة الأحداث.
وأكدت عبدالعزيز، إن إيجاد مركز متخصص للأحداث، خطوة متقدمة جدا، مبينة أن جهود هذا النوع من الحملات يتقاطع مع فكرة إيجاد "مركز لعلاج الأحداث"، من حيث مأسسة برامج إعادة التأهيل، والتركيز على الإصلاح، وإعادة الدمج في المجتمع في ظل التخوف الكبير من العود الجرمي.
ونوهت بأن مخاطر التعاطي تمتد إلى ما بعد العلاج والتعافي إن لم يترافق مع إعادة التأهيل، وقالت إن "الإعلان عن بدء العمل على إيجاد مركز لعلاج الإدمان للأطفال هو إنجاز وطني ليصبح هناك عمل تكاملي لمحاربة المخدرات وحماية الأجيال الجديدة".
وبحسب التقرير الإحصائي الجنائي لمديرية الأمن العام لسنة 2022، أظهر تسجيل 200 قضية مخدرات لأحداث، من بينها 133 قضية حيازة وتعاطي مخدرّات، مقابل 67 قضية اتجار مسجلة تراجعا عاما عن العام 2021 بنسبة 23.6 %.
من جهته، قال رئيس قسم الإعلام في مستشفى الرشيد للطب النفسي والادمان، أنس الطنطاوي، إن توفير خدمات شاملة لعلاج الإدمان لفئة المراهقين أو الأحداث أو الأطفال" وإعادة تأهيلهم ضرورة قصوى، لاعتبارات عدة من أهمها "انخفاض أعمار المتعاطين في المنطقة العربية بواقع 1-3 سنوات عن سن التعاطي في السنوات السابقة، وما أسماه الاكتشاف المتأخر للأهالي حول تعاطي أبنائهم المخدرات.
وشدد الطنطاوي على أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأهالي في الرقابة على أبنائهم، مع انخفاض سن التعاطي في الوطن العربي مع "وجود مواد مخدرّة يسهل الوصول لها."
ونوه بأن إيجاد مراكز متخصصة لمعالجة الإدمان لهذه الفئة، من شأنه أن يحمي المجتمع من توجه المتعاطين لارتكاب جرائم أخرى.
وأكد أن برامج معالجة الإدمان، تمر في مراحل علمية ومنهجية خاصة للفئات العمرية الصغيرة، بما في ذلك إعادة التأهيل من خلال كوادر صحية متخصصة ومدربة.
(الغد)