بعيدا عن ملاعب كرة القدم، كان النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الأكثر خوضا للمعارك الكلامية والتصريحات الهجومية، من بين نجوم الكرة.

واعتاد إبرا على التصريحات النارية، دون التردد أو وضع الحواجز التي تخفف من حدة الاحتقان مع من يعتبرهم (أعداء) ويصورهم كشياطين.

لكن ما حدث بين إبراهيموفيتش والمدرب الإسباني بيب جوارديولا، يعتبر الحرب الكلامية الأطول عمرا بين شخصين في وسط كرة القدم العالمية، اشتعلت نيرانها عام 2010 ولم تنجح الأيام في تخفيف جذوتها وإطفاء شعلتها حتى الآن.

في الحلقة الأولى من زاوية (هجمة مرتدة) نسلط الضوء على هذه الحرب التي ارتفعت شدتها حينا وخفتت حينا آخر، وقد تفعل الأيام فعلها بعد إعلان السلطان زلاتان اعتزاله رسميا، وتهدأ هذه المعركة أخيرا.

القصة من البداية

في عام 2010 انتقل زلاتان إبراهيموفيتش إلى برشلونة قادما من إنتر ميلان الإيطالي بصفقة تبادلية شملت نجم برشلونة في ذلك الوقت صامؤيل إيتو الذي لم ينسجم كثيرا مع المدرب جوارديولا.

ورغم تسجيل النجم السويدي 11 هدفا في أول 14 مباراة، بدأت شرارة الخلاف تشتعل بين اللاعب ومدربه، خاصة بسبب الرؤية الفنية لجوارديولا بمنح ميسي صلاحيات واسعة في المنطقة الهجومية وتحريك إبرا إلى الأطراف، وهو ما أغضب زلاتان الذي انتقد مدربه علانية رغم إقراره باستحقاق ميسي كل الاهتمام الذي حظي به في الفريق، لكنه في الوقت ذاته أكد أنه سجل أهدافا أكثر من ميسي ويستحق البقاء في مركزه المفضل.

ومع تغيير جوارديولا طريقة اللعب بناء على مركز ميسي الجديد، شعر زلاتان بأنه لم يعد قادرا على تسجيل الأهداف وتقديم المستوى المأمول، ودخل في نقاش مع جوارديولا كاد أن يتحول لاشتباك بالأيدي كما صرح رئيس النادي في ذلك الوقت بارتوميو، لكن إبرا صرح أنه قام بضرب مدربه بالفعل، وأن جوارديولا لم يكن بالجرأة التي تجعله يرد بشكل مباشر عليه، مما تسبب في النهاية برحيله عن الكامب نو.

إبرا يشعل الحرب

بعد خروج برشلونة من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا موسم 2010-2010، وصف إبراهيموفيتش ما حدث مع مدربه جوارديولا في غرفة الملابس بتصريح مثير:

"جوارديولا كان يحدق بي وفقدت أعصابي. قلت إن هناك عدوي يحك رأسه الأصلع! " صرخت: "ليس لديك أسوأ من ذلك؟ يمكنك أن تذهب إلى الجحيم توقعت أن يرد جوارديولا ببضع كلمات، لكنه كان جبانا وضعيفا".

وفي تصريح آخر حول مدربه خلال لعبه مع ميلان قال إبراهيموفيتش عن مدربه السابق:

"جوزيه مورينيو هو عكس جوارديولا. إذا كان مورينيو يضيء الغرفة، فإن جوارديولا يسحب الستائر وأعتقد أن جوارديولا يحاول الآن مقارنة نفسه مع مورينيو".

وواصل إبرا حربه على جوارديولا بتصريح آخر حول الدور الذي منحه له مع برشلونة وتسبب في تراجع أدائه:

"عندما تشتريني، فأنت تشتري سيارة فيراري، إذا كنت تقود سيارة فيراري، فإنك تضع بنزينًا ممتازًا في الخزان، وتنطلق على الطريق السريع وتدوس على البنزين، ملأ جوارديولا الخزان بالديزل وأخذ يدور في الريف، كان يجب عليه أن يشتري سيارة فيات ".



بيب يرد بفتور

قال جوارديولا في سبتمبر 2010: "كان من دواعي سروري أن أدرب زلاتان، لقد تعلمت الكثير منه، لقد لعب في المستوى الأعلى منذ ثماني إلى عشر سنوات، بينما دربت لمدة عامين فقط".

وفي تصريح آخر واصل بيب الإشادة بإبرا:

"إبراهيموفيتش لاعب رائع وقوي للغاية ويمكنه القيام بكل شيء على أعلى مستوى".

وقبل أول كلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد بقيادة جوزيه مورينيو، قال جوارديولا:

"إذا تحدثنا أنا وإبرا مرتين فقط في ستة أشهر، فهناك سبب، لكن من الأفضل للنادي إذا لم أتحدث عن ذلك."

هجوم من فرنسا

في تصريح آخر خلال وجوده في فرنسا مع باريس سان جيرمان، قال إبراهيموفيتش:

لا زلت لا أعرف ما هي مشكلة جوارديولا، لا أعتقد أن الرجل قادر على التعامل مع شخصيات قوية، هو يريد أطفالا، وأسوأ من ذلك يهرب من مشاكله ولا يستطيع المواجهة".

وأضاف "في يومي الأول مع برشلونة كانت لي أول محادثة معه، قال لي نحن هنا نشعر بالتواضع وأقدامنا على الأرض، وبالتالي نحن لا نأتي للتدريبات بسيارات الفيراري أو البورش".

وتابع "لم أفهم ماذا قال وقتها، وما الرسالة الذي أراد إيصالها لي، لست بحاجة لإظهار قوتي من خلال قيادة سيارات رائعة ووضعها فوق الرصيف، إنني أحب السيارات ومتعلق بها كثيرا، فهمت من ذلك الحديث أنه يريد قول: لا تظن نفسك النجم الأكبر هنا".



اشتعال المعركة من جديد

عاد الزمن ليجمع بين الغريمين في الدوري الإنجليزي، بعد أن تسلم بيب جوارديولا قيادة مانشستر سيتي، في الوقت الذي رحل فيه إبراهيموفيتش إلى الغريم مانشستر يونايتد، وقبل مواجهة الفريقين في 2016، وجه إبراهيموفيتش رسالة إلى حارس المرمى كلاوديو برافو زميله السابق في برشلونة قال فيها:

لن أعمل مع جواريولا مرة أخرى، لأنني لا أملك إجابات عما حدث، هذا لا يعني أنني أعتقد أنه مدرب سيء، لقد منحته صوتًا كأفضل مدرب في العالم..كشخص؟ ليس لدي تعليق على ذلك، إنه ليس رجلًا، هو شيء آخر".

بيب يكسر حاجز الصمت

وبعد صمت طويل على هجوم زلاتان الدائم في كل مناسبة، اضطر جوارديولا أن يرد أخيرا، خلال المؤتمر الصحفي الخاص بديربي مانشستر عام 2016، وقال موجها كلماته إلى زلاتان:

"كان لاعبًا مهمًا جدًا بالنسبة لنا.. لقد ساعدنا كثيرًا في الأشهر الستة الأولى، كان رائعًا.. إذا قابلته سأقدم له التحية، وأكرر مرة أخرى، أنا لا أملك أي مشاكل معه".

هجوم من الولايات المتحدة

في عام 2019 وخلال ارتداء إبرا قميص لوس أنجلوس جالاكسي الذي يلعب في الدوري الأمريكي، قال في تصريحات نارية اشتملها الكتاب الذي أصدره حول مسيرته، ووجهها لمدربه السابق:

"لم يرغب أبداً بمواجهتي، وبعد المشاجرة التي حصلت بيننا بات جوارديولا يقوم بالاختباء مني، أذكر مرة بعد إحدى المباريات عاد المدرب إلى غرفة خلع الملابس حتى يقوم بمناقشة اللاعبين حول ما حدث في اللقاء".

وتابع: "لقد قام غوارديولا بالتحدث مع أحد مساعديه، الذي أبلغه برحيلي عن غرفة خلع الملابس، وبإمكانه الآن الدخول إليها، لكنني حتى الآن لا أفهم سبب كل ذلك، لأنني دائماً أراه عبر شاشات التلفزة يظهر بشكل قوي مع فريقه".

ورغم صمت جوارديولا الطويل على هجوم المهاجم السويدي، اضطر من جديد للدفاع عن نفسه في تصريحات أبرزتها صحيفة ديلي ميرور "لقد أوضح في كتابه ما يؤمن به، ولكنني كنت دائماً واضحاً معه، لقد كنت أتحدث معه باستمرار وجهاً لوجه".

وتابع "أنا لن أستخدم وسائل الإعلام لكي أشرح ما أردته من زلاتان داخل أرض الملعب، الناس يمكنهم قول أشياء كثيرة، لكني لم أكن كما يدعي، لقد كنت واضحاً ومباشراً".



هالاند يدخل المعركة

عاد إبراهيموفيتش، مجددًا، إلى توجيه النقد اللاذع إلى بيب، بعدما أشاد في تصريحاته بالمهاجم النرويجي إيرلينج هالاند.

وقال زلاتان: "هل يستطيع جوارديولا تطوير هالاند؟ يعتمد ذلك على غروره.. إذا سمح له أن يكون أكبر منه، بيب لم يسمح لي ولم يسمح للآخرين أيضًا".
لكن رد جوارديولا هذه المرة كان الأكثر قوة في حربه مع إبرا، وقال ردا عليه بأسلوب ساخر:

"إنه على حق، إنه محق تماما. في هذا الفريق أنا متفوق على أي شخص آخر، كل لاعب".

"لا يعجبني عندما يسجل إرلينغ 3 أهداف وتكون كل النقاط البارزة بالنسبة له، أنا أشعر بغيرة شديدة. بصراحة، أشعر بغيرة شديدة".

"قلت لإيرلنج من فضلك لا مزيد من الأهداف، وإلا فإن الصحف لن تتحدث عني، وفقط عني. إنه (إبراهيموفيتش) على حق، هو يعرفني تماما".

توقف إبراهيموفيتش عن اللعب، لكن هل سيتوقف عن تصريحاته النارية ضد جوارديولا؟ وفي المقابل هل سيواصل جوارديولا سياسته بالاكتفاء بالرد بكلمات تغلفها معاني الاحترام لمسيرة إبرا، واستخدام أسلوب التهكم والاختباء خلف الكلمات، أم أن صلحا قد ينهي هذه الحرب الطويلة بين الغريمين؟