تتزايد مخاوف صناديق التحوط وغيرها من شركات التداول التي تعتمد على الحاسوب بشأن التهديد الذي يمثله الذكاء الاصطناعي على أرباحها، بعد أن أدى انتشار صورة مزيفة لانفجار بالقرب من "البنتاجون" إلى عمليات بيع كثيفة لفترة قصيرة في الأسهم الأمريكية. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.3 في المائة في غضون 30 دقيقة في أواخر الشهر الماضي بعد انتشار تغريدة من حساب موثق على منصة تويتر أظهرت صورة انفجار لم يحدث أبدا. ومن المحتمل أن تكون الصورة التي انتشرت بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي وسرعان ما تبين أنها مزيفة، قد أنشئت بوساطة الذكاء الاصطناعي، كما توقع موقع بيلينغكات الاستقصائي وآخرون. مع ذلك، فإن الحادثة تؤكد كيف يمكن للأخبار والصور التي يتم توليدها باستخدام الذكاء الاصطناعي أن تمثل مشكلة كبيرة لصناديق التحوط وللشركات التي تتداول بسرعة فائقة باستخدام أموالها الخاصة، التي تستخدم خوارزميات معقدة للتدقيق في كميات هائلة من الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي بحثا عن إشارات حول تحرك السوق بحيث يمكنها بعد ذلك التداول بسرعة. في حين أصبحت حواسيبهم أكثر خبرة في فرز الأخبار ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي الكاذبة، فإن المسؤولين التنفيذيين في شركات التداول الكمي يحذرون من أن المعلومات الخاطئة التي يتم إنشاؤها آليا أصبحت الأفق الجديد. "من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي يفتح الباب أمام كل أنواع الضرر في بيئة المعلومات، التي أصبحت إدارتها أكثر صعوبة"، كما قال دوج جرينيج، مؤسس صندوق فلورين كورت كابيتال التحوطي، الذي يراهن على الاتجاهات طويلة الأجل في الأسواق البديلة بدلا من تحركات السوق قصيرة المدى. ما يقلق المتداولين بشكل خاص هو قدرة الذكاء الاصطناعي سريعة التطور على إنتاج صور وقصص مقنعة للغاية وبكميات هائلة. يمكن أن يضع ذلك عقبات كثيرة أمام الشركات التي تتداول باستخدام أموالها الخاصة وصناديق التحوط التي تستثمر بكثافة منذ أعوام في الخوارزميات التي تحلل المعلومات المهمة، وتقيم اللغة والمشاعر داخل المصدر، وتستخدم تلك البيانات كإشارة لبدء تداول آلي. قال بيتر حافظ، رئيس علماء البيانات في شركة ريفين باك للبرمجيات، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لقراءة كميات كبيرة من البيانات لمصلحة البنوك وصناديق التحوط والشركات الأخرى، "نحن نرى أن المحللين الكميين يواجهون عقبتين، الصور المزيفة التي قد تخدع أي صحافي، والتقارير عن الصور المزيفة التي قد تخدع الخوارزميات نفسها". تتعلم الخوارزميات القوية التعرف على الأنماط واللغة الطبيعية بطرق تحاكي العقل البشري، لكنها مع ذلك قد تجد صعوبة في التعامل مع تقرير إخباري حقيقي حول الأخبار المزيفة - مثلا، عنما تبلغ جهة إخبارية موثوقة عن انفجار "البنتاجون" المزيف - "لذلك قد تعاملها على أنها أحداث حقيقية وتنتج تحليلات وفقا لذلك"، كما أضاف حافظ. يتوقع يين لو، رئيس قسم الأبحاث الكمية في مجموعة وولف ريسيرتش المختصة بالبيانات في نيويورك، أن الأطراف التي تنشر أخبارا مزيفة عن تحركات السوق والمتداولين الذين يأملون في البقاء متقدمين بخطوة يلعبون لعبة "القط والفأر". كما قال إنه في الوقت الحالي، من المرجح أن يعتمد المستثمرون على مصادر أخبار وبيانات موثوقة أكثر، مضيفا أنه يتم بالفعل تطوير خوارزميات للتحقق من مصادر الأخبار المتعددة لضمان سلامة البيانات. وقال مسؤول تنفيذي في أحد الصناديق الكمية في لندن إن صعود الذكاء الاصطناعي من المرجح أن يدفع المتداولين إلى استخدام شركات البيانات التي تجمع كمية كبيرة من المصادر وتضعها في درجات تمثل نسبة الشعور. قد يكون الانخفاض الحاد في مؤشر ستاندرد آند بورز قد تفاقم أيضا بسبب مخاوف المستثمرين بشأن القضايا التي كانت تخيم على السوق في ذلك الوقت، مثل أزمة سقف الديون الأمريكية وتأثير ارتفاع أسعار الفائدة. قال تشارلز هنري مونشاو، كبير مسؤولي الاستثمار في سيز بنك، إن هذه العوامل أدت إلى زيادة شعبية أوامر وقف الخسائر المشددة على الصفقات. إذ تفرض الأوامر أن يتم بيع مراكز الطلب عندما تصل الأسعار إلى مستوى معين، لتجنيب المستثمرين تكبد خسائر أكثر. "هناك شد وجذب هائل بين المتفائلين والمتشائمين على أساس يومي، وهناك كم هائل من عدم اليقين في الوقت الراهن. أي تحرك حاد لا تفسره الأرقام الكلية التي تتعرف عليها "الخوارزميات"، ستتفاعل معه وتفرض بعض عمليات البيع، ما يؤدي إلى تسريع هذه الحركة"، كما قال مونشاو. لكن من غير المرجح أن تواجه جميع الشركات الكمية هذه المشكلة. قال أحد الاستراتيجيين الكميين في مجموعة استثمارية رائدة إن الشركات لديها ضوابط وتوازنات مصممة لضمان ألا تؤدي نقاط البيانات "الخطيرة" إلى بيع إجباري من المحللين الكميين يدفع الأسعار إلى الانخفاض أكثر، ما يؤدي إلى بيع أكثر. يتداول كثير من المحللين الكميين في أنماط السوق بدلا من الأخبار أو وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الأغلب ما ينظرون إلى الاتجاهات على مدى فترات زمنية أطول، ما يعني أنهم يتجاهلون تحركات الأسعار قصيرة الأجل للغاية. فيما يراهن معظم المتداولين الذين يعتمدون على الحاسوب أيضا رهانات صغيرة كثيرة، ما يقلل من الخسائر المحتملة من تحركات الأسعار الناتجة عن مصادر غير موثوقة. قال الخبير الاستراتيجي، "إن البيانات السيئة إجمالا من أي نوع هي مصدر قلق كبير لكنها مصدر قلق كبير منذ الأزل". قال كيت جوكس، الاستراتيجي الكلي في بنك سوسيتيه جنرال، "بمعنى ما، عاد الأمر إلى الماضي، عندما لم تكن تتوافر لدينا أخبار دقيقة وسريعة. وهذه خطوة أخرى على طريق المعلومات المضللة السهلة، التي أصبحت ممكنة بفضل التكنولوجيا وربما إلى حد ما بسبب التنظيم والكسل. لكن نعم، إنها خطوة مهمة". لكن الذين بنوا شركاتهم على دمج التكنولوجيا والتداول، يدركون أن الطريق سيكون طويلا وأنهم في مرمى النار. قال مايك زيجمونت، رئيس التداول في شركة هارفيست فولاتيليتي مانيجمنت في الولايات المتحدة، "ما إذا كانت القصة المزيفة قد استغلها منشئها من أجل الربح يبقى أمرا غير معروفا، ولكن ستكون هناك قصص كثيرة من هذه لفترة طويلة وسيحاول الجناة استخراج قيمة من الأسواق نتيجة لذلك".