قال خبراء إن مشروع قانون معدِّل لقانون السَّير لسنة 2023، الذي أقرته الحكومة اليوم الأحد، يصب في مصلحة المواطنين وسلامتهم والحد من الحوادث المرورية، ولا سيما البليغة منها، ويُعالج أنماط جديدة من النقل.
وأشاروا في حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى أن تعديل قانون السير أصبح مؤخرًا مطلبا شعبيا، نتيجة المخالفات وحوادث المرور "المروعة"، مبينين أن العملية المرورية هي عملية متغيرة ومتطورة باستمرار، وهو ما ويتطلب إعادة النظر بالتشريعات المرورية بشكل دوري في أية دولة، خاصة أن قانون السير الحالي لم يطرأ عليه تعديل منذ صدوره قبل نحو 15 عامًا.
وقال مدير المعهد المروري الأسبق العميد المتقاعد المهندس أحمد الوراورة، إن القانون الحالي النافذ هو قانون السير رقم 49 لسنة 2008، ولم يطرأ عليه تعديل منذ صدوره قبل نحو 15 سنة، مؤكدًا أن العملية المرورية هي عملية متغيرة ومتطورة باستمرار، ويتطلب إعادة النظر بالتشريعات المرورية بشكل دوري في أية دولة.
وأكد أن التعديلات ستسهم بشكل كبير بخفض الحوادث ونتائجها لافتًا إلى أن أبرز التعديلات على القانون، كانت في الجانب الإداري تسهيلا على المواطنين، مثل الكفالات، والإرث، وكتاب العدل، إضافة إلى تغليظ العقوبات، خاصة مخالفات السير التي تتسبب في وقوع الحوادث أو زيادة حدتها ونتائجها.
وأوضح الوراورة أن التعديلات شملت تجاوز السرعات المقررة، حيث تم فصلها، وتعديل شرائح السرعات لتتناسب مع المخالفة، وكذلك يعاقب مرتكب مخالفة قيادة المركبة برخصة قيادة لا تخوله فئتها حق قيادتها، وتضمنت التعديلات أيضًا استخدام سائق المركبة الهاتف النقال أثناء سير المركبة إذا كان هذا الهاتف محمولاً باليد، وعدم استخدام حزام الأمان، نظرا لخطورة هذه المخالفات ومساهمتها في زيادة حدة الحوادث ونتائجها.
وبين أن مشروع القانون عالج أنماطا جديدة من النقل، فالسيارات التي لديها لوحات خصوصي لم تكن موجودة قبل صدور القانون أول مرة في العام 2008، أيضا مسارات الباص السريع التردد، فهذه كلها جرى أخذها بعين الاعتبار، إضافة إلى إنشاء (المجلس الأعلى للسلامة المرورية)الذي يعنى بتنظيم الجهود اللازمة من قبل كافة الجهات ذات العلاقة.
من جهته، قال الدكتور المحامي فارس المجالي، إن من أهم مبادئ القانون بشكل عام والعقوبات بشكل خاص أن تتناسب العقوبة مع الفعل، مبينًا أن هناك بعض التصرفات المخالفة من قبل السائقين حتى وإن بدت بسيطة لكنها تؤدي إلى نتائج قد تودي بالأرواح.
وأوضح أن من أهم أسباب قيام السائقين بتلك المخالفات شعورهم بضعف العقوبة وعدم الجدية في تطبيقها وبالتالي عدم الخوف منها يؤدي إلى ارتكاب المخالفات، مؤكدًا أنه كان ضروريًا تعديل نصوص قانون السير والتركيز على تعديل وزيادة قيمة المخالفات خصوصاً التي تؤدي إلى حوادث قاتلة.
وأشار المجالي إلى أن قيمة المخالفات المقترحة لا زالت قليلة حيث أن الأردن يعد من أقل دول العالم في قيمة مخالفات السير.
ودعا الأجهزة المختصة العمل على مواكبة التطور العلمي المتسارع واستخدام وسائل الذكاء الاصطناعي لضبط المخالفات، واستخدام أحدث التقنيات وفنون الاتصال الحديثة لتوعية المواطنين بخطورة مخالفات السير، وتغيير سلوكهم على الطرق ورفع الوعي المروري في المجتمع، لتقليل عدد الحوادث المرورية، وبالتالي تحسين الأمن المروري والجوانب الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة به.
من جهته قال الأب بسام شحاتيت، إن القيادة عبارة عن فن وذوق وأخلاق، وإنه يجب على السائق أن يتحلى بالضمير وتلك الصفات، لأن الالتزام بهما يقود السائق لعدم ارتكاب المخالفات وتعريض حياته وحياة الآخرين للخطر.
ودعا المواطنين إلى الالتزام بقانون السير، وبتعديلاته الجديدة، الهادفة تغليظ العقوبات على المخالفين وردعهم وضبطهم، ما يؤدي إلى تقليل حوادث السير، مؤكدًا أن نسبة كبيرة جدًا من المواطنين ملتزمين بقانون السير، وأن القيمة المالية للمخالفات ومدة السجن ستدفع غير الملتزمين بالالتزام بالقانون.
في حين أكدت عضو مجلس أمانة عمان قمر النابلسي، أن التعديلات الجديدة على قانون السير تهدف لحماية المواطنين وجاءت لمصلحتهم ومصلحة البلد واقتصاده، مبينة أن الشيء الذي يميز القانون الجديد تركيزه على التكرار، وتغليظ العقوبة على المكرر لردعه عن ارتكاب المخالفة.
وأشارت إلى أن تشكيل المجلس الأعلى للسلامة المرورية، يعد من الأمور المهمة خلال المرحلة الحالية والمقبلة، حيث سيقيم المجلس أثر القانون الجديد، كما سيعمل على تعديل بعض المواد في المستقبل.
وأشاد رئيس الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس وفائي مسيس بالتعديلات الجديدة على قانون السير، مبينًا أنه يتطلع بإيجابية إليها خاصة فيما يتعلق بتشديد العقوبات على مخالفات السير التي تعد الأكثر خطورة.
وشدد على أهمية تغليظ عقوبة المواكب، خاصة أنها تتسبب بحوادث خطرة أحيانا، إلى جانب أنها تتسبب بإزعاج الآخرين مؤكدا أهمية تغليظ مخالفة قطع الاشارة الضوئية بسبب خطورتها الكبيرة على المواطنين.
وأشار مسيس إلى أن الجمعية تتطلع لتطبيق القانون والعقوبات على المخالفين بحزم وصرامة، خاصة في ظل مشاهد الاستهتار وعدم الالتزام بقواعد السير والمرور وعدم اللامبالاة، التي يراها الجميع، مؤكدًا ضرورة أن يتحمل السائق المستهتر مسؤولية تصرفاته.
وتحدث عضو الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس وجيه الشجراوي، عن أهمية تعديلات قانون السير، حيثُ اعتبرها تصب في مصلحة المواطن وسلامته والحد من الحوادث المرورية البليغة.
وأضاف أن التعديلات جاءت بإضافة نوعية على العديد من المخالفات المسببة لأخطر الحوادث المرورية، والتي تتمثل بقطع الاشارة الضوئية الحمراء التي ارتفعت مخالفتها من 200 إلى 300 دينار مع الحبس لمدة قد تصل إلى شهر.
ولفت الشجراوي إلى أن التعديلات تضمنت سرعة المركبات، التي تتجاوز سرعة الطريق بأكثر من 50 كيلو متر في الساعة، لتصبح غرامتها مقرونة بالحبس وغرامة مالية تصل إلى 100 دينار، مؤكدًا أن زيادة قيمة المخالفات، لا تؤثر على السائق الملتزم، وتحافظ على الأرواح والممتلكات وتخفيف من الأعباء المالية التي تتسبب بها الحوادث المرورية.
وبين أن هناك سلوكيات شائعة بين سائقي المركبات كاستخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة وعدم وضع حزام الأمان، وجاءت التعديلات لترفع قيمة تلك مخالفتين إلى 50 دينارا لكل منهما، منوهًا إلى أن ذلك يُسهم بالتقليل من الإصابات والوفيات نتيجة حوادث السير بنسبة تفوق الـ50 بالمئة.
وأعتبر أن الموافقة على استحداث المجلس الأعلى للسلامة المرورية، إنجازًا كبيرًا من أجل تنسيق الجهود بين كافة الجهات ذات العلاقة والمتمثلة بوزارة الداخلية والأمن العام والبلديات ووزارة النقل والجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق.
بدوره، قال القاضي السابق ومستشار ديوان الرأي والتشريع سابقا الدكتور محمود عبابنة، إنه في الآونة الأخيرة أصبح إجراء تعديلات على قانون السير مطلبا شعبيا، حيثُ تعالت الأصوات التي تنادي بتشديد العقوبات نتيجة المخالفات وحوادث المرور.
وأعتبر أن أهم ما جاء من تعديلات على قانون السير هو تشكيل المجلس الأعلى للسلامة المرورية، الذي سيكون مختصًا لمتابعة وتعديل قانون السير، وذلك بحسب التطورات اليومية، مبينًا تشديد العقوبات في التعديلات ذهبت إلى بعض المخالفات التي تكررت عليها الشكاوى، مثل التحدث على الهاتف أثناء القيادة وعدم ربط حزام الأمان.
وأشار العبابنة إلى أن التعديلات شملت الحوادث المرورية المفتعلة، التي أصبحت ظاهرة تضر بالواجهة الحضارية للبلاد، حيثُ أصبحت بالإضافة إلى عقوبتها الموجودة في قانون العقوبات عقوبة أخرى وهي عدم إصدار رخصة أو الحرمان من الرخصة، وهذه عقوبة تعزز محاربة وسائل الاحتيال الحديثة.
وأوضح أن التعديلات على قانون السير عالجت الحوادث المفتعلة بحيث ان إسقاط الحق الشخصي لا يخفف من عقوبة الفاعل، وكذلك القيادة تحت تأثير المخدر أو الكحول أو قيادة مركبة برخصة لا تؤهل سائقها لقيادة مركبة أخرى، فإسقاط الحق في مثل هذه الحالات لم يعد يفيد الفاعل ولن ينجو من العقوبة المناسبة والرادعة له.
ورجح العبابنة أن تُسهم التعديلات على القانون في الحد من الرقم التصاعدي لحوادث المرور والإصابات الناتجة عنها، لأن قانون السير على تماس مباشر مع حق الإنسان في الحياة وكان بحاجة إلى ما أسماه "نزعة ردعية" تجاه المخالفين.