جسدت مشاريع زراعية وإنتاجية لجمعيات تعاونية في مناطق البادية الشمالية، نفذتها المبادرات الملكية، بالشراكة مع الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية ومؤسسة نهر الأردن، قصص نجاح نهضت بالمستوى المعيشي لعشرات الأسر، ودعمت واقع الحال للعديد من الجمعيات التعاونية، وعززت التنمية المستدامة في تلك المناطق.
وخلال أشهر معدودة، انتقلت أفكار مشاريع المرحلة الأولى من المبادرة الملكية لتفعيل دور القطاع التعاوني بالعملية التنموية من حبر على ورق إلى واقع يعايشه أبناء وبنات المناطق المستهدفة، والتي تم اختيارها بموجب دراسات ومعايير وأسس واضحة.
فبعد شح المواسم المطرية لعدة سنوات وارتفاع أسعار الأعلاف، اضطرت المواطنة مشيرة الدهون لبيع العديد من المواشي التي كانت تملكها وتعيل بها أسرتها، لتبقي منها ما يلبي كفاف حاجتها، إلا أن هذا الواقع لم يستمر، لتجد في مشروع المبادرة الملكية لإنتاج مشتقات الألبان لجمعية عبق الصحراء التعاونية الفرصة الحقيقة لتعظيم استفادتها منه، ما انعكس على مستوى دخل ومتطلبات واحتياجات أسرتها.
حال المواطنة مشيرة، التي تحدثت إليها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، يحاكي حال العديد من المواطنين في مناطق البادية الشمالية الذي استفادوا من مشاريع المبادرة الملكية لتفعيل دور القطاع التعاوني بالعملية التنموية.
وروت الدهون قصة نجاح مشروعها الذي بدأ بظروف صعبة، حيث كانت وزميلاتها في الجمعية يعانين من نقص الأجهزة والمعدات التي تستخدم في إعداد وتجهيز منتجات الألبان المختلفة، مشيرة إلى أنه بعد إطلاق المبادرة الملكية تغيرت الظروف وتحسن الإنتاج وأصبحت المنتجات بكميات كبيرة تناسب الطلبيات وتعزز تنافسيتها في الأسواق.
وقالت إنه بعد خدمة في الجمعية لمدة أربع سنوات استطاعت، وبدعم من المبادرة الملكية، توفير دخل مناسب مكنها من تأمين حياة كريمة لأسرتها وإرسال بناتها لإتمام دراستهن في الجامعة.
في حين وجدت المواطنة حمدة الشرفات، العاملة في مشروع تصنيع البندورة المجففة التابع لجمعية أيادي البادية التعاونية في منطقة المكيفتة – أم القطين، في المبادرة الملكية، نقطة الانطلاق نحو النجاح و تطوير المشروع بإتباع أحدث المواصفات الفنية.
وقالت في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن المشروع شكل نقطة تحول بالنسبة لها ولأسرتها، فبعد أن عملت لسنوات طويلة في مجال الزراعة استقر بها الحال في المشرع القريب من موقع سكنها، ما حقق لها دخلا ماليا، وأتاح لها العمل والاهتمام بأسرتها دون تداخل.
وبينت الشرفات، الحاصلة على شهادة البكالوريوس في التربية الخاصة، أن إنتاج المشروع، الذي يُعبأ في عبوات زجاجية، قد يصل إلى 32.4 طن سنوياً، ما يعني توفير الموارد المالية اللازمة لتحسين الإنتاج وإدخال منتجات جديدة.
وبعد عام من تلقيها تدريبا على الإنتاج الغذائي في المركز الوطني للبحوث الزراعية، وجدت المهندسة ليالي الشرفات في العمل بمشروع تصنيع البندورة المجففة فرصة حقيقية لتطبق ما تدربت عليه ومساعدة سيدات أخريات.
وأكدت الشرفات أهمية ودور المبادرة الملكية لأبناء وبنات المجتمع بالبادية الشمالية من خلال مساعدتهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتوفير فرص العمل وإيجاد فرص تنموية أمام القطاعات الاقتصادية المختلفة.
هذان المشروعان يضاف إليها مشاريع: زراعة الأعلاف ومحاصيل العجز لجمعية قضاء أم الجمال التعاون، والزراعة باستخدام التكنولوجيا الحديثة والزراعة المائية (هايدروبونيك) لزراعة المحاصيل ذات القيمة المضافة العالية، وتربية النحل وإنتاج العسل لجمعية عناقيد الخير التعاونية، نفذت بالشراكة مع المؤسسة التعاونية الأردنية، والمركز الوطني للبحوث الزراعية لتقديم الدعم الفني اللازم لتنفيذ المشاريع الزراعية، ومراكز تعزيز الإنتاجية "إرادة" التابعة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، الذي أعد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع.
رؤساء هيئات إدارية للجمعيات المستفيدة من مشاريع المبادرة، أكدوا، خلال افتتاح المشاريع الأحد الماضي، أهمية المبادرة الملكية، التي أحدثت نقله نوعية كبيرة وساهمت بدرجة كبيرة في تحسين الواقع الزراعي.
وبينوا أن هذه المشاريع عملت على فتح أسواق جديدة لتسويق المنتجات، وإيجاد فرص العمل وتشغيل المئات من أبناء المجتمع المحلي، ما انعكس إيجابا على استقرار وأمان للأسرة المستفيدة من أبناء وبنات البادية الشمالية، وتفعيل دورهم في المجتمع.
ولفتوا إلى أن مشاريع المبادرة الملكية ساهمت في بناء القدرات المؤسسية للجمعيات التعاونية وتدريب العاملين فيها على مختلف الجوانب الفنية والإدارية مما ساهم في تحقيق التنمية المستدامة وإيجاد فرص تنموية جديدة تمثلت في السعي، لافتتاح أسوق جديدة للمنتجات الغذائية والمشاركة في المهرجانات والبازارات المحلية والخارجية إلى جانب إيجاد اسواق في دول عربية وخليجية مجاورة.
واختيرت الجمعيات التعاونية المستفيدة من المبادرة الملكية، وفق منظومةٍ من المعايير والأسس تراعي تحقيق الشفافية والعدالة، حيث تضع هذه المبادرة بالاعتبار بناء قدرات هذه الجمعيات، وتفعيل دورها في العمليةِ التنموية.
وتهدف المبادرة، التي تعد الأولى من نوعها في هذا المجال، وستشمل باقي مناطق البادية الأردنية في مراحلها اللاحقة، إلى تعزيز التنمية المستدامة في المجتمعات المحلية وتحسين مستوى معيشة الأسر وتوفير فرص عمل، والتوعية بأهمية العمل التعاوني وتعزيز دوره التنموي، بما يُسهم في تعظيم الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
بترا