هل تجد صعوبة في قول "لا"؟ إذا كان الأمر كذلك فأنت لست وحدك، إذ يتجنب كثيرون قول تلك الكلمة المؤلفة من حرفين فقط خشية تعريض الآخرين للأذى أو الإزعاج أو الإحباط.
وقد يرى البعض في قول "لا" أنانية، خصوصا إذا جاءت ممن يضع حاجاته فوق حاجات الآخرين، ومع ذلك فإن قولها يعد مهارة اجتماعية مهمة، خاصة إذا كنت ممن يدمنون قول "نعم"، لكن كيف ترفض بلباقة دون أن تشعر بالذنب؟
تقول المستشارة وخبيرة الإتيكيت رامة العساف للجزيرة نت إن كلمة "لا" ترتبط بقدرة الأشخاص على موازنة المواقف والأحداث في إطارها الصحيح بين المهم والأهم في حياتهم وعلاقاتهم العملية والاجتماعية.
قول "لا" في وقتها الصحيح
وتشير العساف إلى أنه ما من أحد يحب سماع كلمة "لا"، وكثيرا ما يتردد الأشخاص في قولها لرفض أمر معين، ونجد أن القبول هو السائد والمحمود أكثر لدى الآخرين.
ورغبة في إرضاء الآخرين يتحمل الأشخاص التزامهم بالقبول الذي قد يسبب الأذى والشعور بالذنب، ودائما ما يسعى هؤلاء إلى الحفاظ على استمرارية العلاقات كونها أساس التعايش السليم، لذا فإن الصدق في التعامل يعفي الأشخاص من التردد في قول "لا" ويحافظ على العلاقات بشكلها الصحيح، وفق العساف.
"لا" كلمة تعبر عن الرفض والصد، وبالتالي من شأنها أن تستجر التوتر وسوء الفهم والغضب، وفق العساف، لذلك لا بد من معرفة بعض قواعد الإتيكيت لقول "لا" بلباقة ومن دون حرج، وأهمها:
ضبط النفس وعدم التسرع في الرد.
قد يكون الرفض الواضح والصريح مهما في بعض الأحيان، وذلك للمحافظة على الحدود في العلاقات ووضع الأمور في إطارها الصحيح.
إعطاء البدائل والحلول الملائمة بدلا من قول "لا" بشكل مباشر.
عدم الإجابة عن أي طلب أو سؤال أو حتى مساعدة بشكل تلقائي، وأخذ الوقت الكافي للتفكير في الرد دون إعطاء أمل للطرف المقابل، ومع ضرورة عدم التأخر أيضا في الرد.
"لا" داخل العائلة
أما مدربة التنمية البشرية ومهارات الحياة سوسن الكيلاني فتقول للجزيرة نت إن كلمة "لا" كانت محذوفة من قواميس كثير من النساء، خصوصا الأمهات العربيات ببذل لا حدود له وإنهاك للروح والجسد في سبيل الأحبة.
وتستطرد قائلة "ولكن يبدو أن الأمهات لم يعدن قادرات على تقديم المزيد، ليس لعدم رغبتهن في ذلك، بل لعدم قدرتهن على المتابعة بالنَفَس ذاته، خصوصا أن الكسل والأنانية عند بعض أفراد العائلة بلغا حدا لا يطاق، والتقدم العلمي والتكنولوجي الهائل زاد رغبتهم في التمتع بكل شيء على حساب كل شخص آخر".
وتضيف "لقد وجدت الأم نفسها فجأة أمام خيارين: إما أن تقول "لا" وكفى، وإما أن تذوب ويذوب معها الحب والضياء والنور والسعادة التي كانت تعمّر به البيوت، وهذه أحد الأمثلة على ما يمكن أن يحدث في البيت وداخل العائلة".
"لا" في العمل
أما على صعيد العمل فترى المدربة كيلاني أن قول "لا" أصبح يتردد كثيرا، عازية الأمر إلى تهرّب بعضهم من المسؤولية بقول "لا أعرف"، معتبرة أن "هذا لا يليق بموظف ذي مبادئ وأخلاق وينتمي إلى المكان الذي يعمل فيه".
وتلفت إلى أنه "في السابق حمل بعض الموظفين المهمات الصعبة ولم يكن الرفض من مصطلحاتهم، لذلك أسيء فهمهم واستُغلت طيبتهم، ولكن مع تواطؤ بعض الإدارات مع من يقولون "لا أعرف" للتهرّب عومل الجميع بالطريقة ذاتها، ولم تكن هناك حوافز للمخلصين، وتراجع هؤلاء وأصبحوا يقولون "لا وقت عندي" وخسرت المؤسسة".
وتضيف "لا فرق هنا إذا كان الأسلوب جيدا أم لا، فالنتيجة هي خسارة مؤكدة على مستوى المؤسسة، وإن كانت خسارة الصداقة والزمالة أمرا لا بد منه في خضم منظومة غير عادلة ولا تنصف المخلصين والمميزين".
كيف تقول "لا" بلباقة؟
نشر موقع "سوشيال سيلف" (Social Self) بعض الطرق التي يمكنك من خلالها رفض طلب مساعدة شخص ما بكل احترام أو قول "لا" أستطيع المساعدة دون إحراج طالب المساعدة، ومنها:
اشكر طالب المساعدة على ثقته: يساعد قول "شكرا على ثقتك بي" على ظهورك بمظهر مهذب، مما يجعل المحادثة ودودة حتى لو شعر الشخص الآخر بخيبة أمل من إجابتك بـ"لا".
اربط الشخص بشخص آخر يمكنه المساعدة: قد لا تتمكن من مساعدة الشخص الذي طلب منك معروفا، ولكن قد تتمكن من ربطه بشخص آخر يمكنه تقديم المساعدة له.
بيّن لطالب المساعدة أنك مشغول: رفض المساعدة على أساس أنك لا تمتلك الوقت الكافي يمكن أن يكون عذرا منطقيا ومقبولا.
عرض "نعم" بشكل جزئي: إذا كنت ترغب في مساعدة شخص ما ولكن لا يمكنك تقديم نوع المساعدة التي يريدها بالضبط يمكنك إعطاء الموافقة الجزئية، مع توضيح ما يمكنك فعله وما لا يمكنك فعله.
قل إنك لست الشخص المناسب: يدرك معظم الناس أنه لا يمكن مجادلة شخص ما يحتاج مساعدة وجرح مشاعره، لذا فإن رفض الطلب على أساس أنك لست الشخص المناسب يمكن أن يكون تكتيكا فعالا.