وضع الإسلام مجموعة من المسؤوليّات التي تقع على عاتق الرّاعي تجاه الرعية؛ ومجموعة أخرى تقع على عاتق الرعية تجاه الراعي أو تجاه بعضهم؛ وفيما يأتي بيان ذلك: مسؤولية الإمام تكمُن مسؤوليّات الإمام اتّجاه رعيّته وشعبه فيما يأتي:
تَفقُّد شؤونهم.
تلبية احتياجاتهم.
تحقيق حياة كريمة لهم.
حفظهم من الأعداء، وحماية الحدود.
نشر الأمن والاستقرار
بالإضافة إلى تعيين الأكفياء والأُمناء في المناصب؛ ممّن يَثِق في قدرتهم على تولّي زمام المسؤوليّة، وحمل الأمانة.
فضّ النّزاع بين المُتشاجرين، وإحقاق الحقّ بينهم.
ردّ الحقوق لأصحابها كيلا يسود الظّلم والاعتداء على الحقوق.
تقدير الأمور الماليّة وما يستحقّ النّفقة فيه وما لا يستحقّ، وأداءه في وقته دون تقصير.
المُتابعة والإشراف الدّائم. مُراقبة أعمال أصحاب السّلطة للتأكّد من أدائهم لمَهامّهم الموكلة إليهم، وحقوق الرعيّة.
ومن حقوقه عليهم طاعته، والسّمع بالمعروف ما لم يأمر بما يُخالف دين الله؛ ليتمكّن من القيام بواجبه، فهذا نوع من أنواع العبادة التي يُتقرّب بها طاعةً لله ولرسوله لا لشخصه، وعليهم بالدّعاء له أن يُعينه الله على الحقّ ويُصلِح حاله؛ ففي صلاحه صلاح الرعيّة.
مسؤولية الرجل
الرّجل مسؤول عن أهل بيته وذُريّته، ومن هو مُولّى عليهم؛ فهو مسؤول عن زوجاته، وأبنائه، وخَدَمه، وصلاحهم وفسادهم؛ فمن واجبه اختيار أمٌّ صالحةٌ لأولاده قادرةٌ على تربيتهم، والعناية بهم خُلقاً وخَلقاً، كما يجب عليه تربيتهم على الصّفات والخِصال الحميدة.
وذلك يتطلّب صلاحه هو حتّى يكون قدوةً لهم، وعليه أن يحرص على إبعادهم عن رفقاء السّوء ومواطن الفساد، وتنمية مواهبهم، واستغلال أوقاتهم بما هو نافعٌ ومُفيدٌ، وضمان حصولهم على تعليم جيّد، والعدل بينهم.
مسؤولية المرأة
من واجبات المرأة في بيتها طاعة زوجها في غير معصية الله، ومعاشرته بالمعروف، وحفظ نفسها في غيابه، وعدم إنفاق ماله على غير وجه حقّ، أو التّبذير فيه، ورعاية الأبناء رعايةً صالحةً، والاهتمام بهم وبشؤونهم من الولادة حتّى المُراهقة، وتعليمهم ما يحتاجونه من أمور دينهم ودُنياهم، والعناية بالمنزل وترتيبه، وتدبير أموره، وإشاعة السّرور فيه.
ويترتّب على ذلك ضرورة مُعاملتها معاملةً حسنةً، وعدم الصّراخ عليها أو ضربها وتعنيفها، ولها حقّ النّفقة، وتأمين المسكن والملبس، كما يحقّ لها أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وأولادها إن كان الزّوج بخيلاً، ولها حقّ العدل بينها وبين زوجاته الأُخريات، والحرص على حفظ كرامتها.
مسؤولية العبد
من الواجب على العبد الحفاظ على مال سيّده وإنفاقه فيما يجب؛ بعيداً عن الهوى، ومصارف السّوء، والحرص على تنميته، وأن يكون نشاطه في العمل واحدٌ في حضور سيّده كما في غيابه، وعدم الاعتداء على مُمتلكاته، وعِرضه، وخيانة الأمانة وإفشاء أسراره.
وفي المقابل للعبد على سيّده تحمّل أخطائه، والحلم والصّفح عنه إذا بدر منه الخطأ، والتّواضع معه وعدم الكبر عليه، وتذكيره بفقره وحاجته، بالإضافة إلى عدم تأخير أجره، وتزويجه إن كان صالحاً، وتعليمه أمور دينه، وكسوته وإطعامه، وعدم تكليفه بما لا يُطيق.
وبهذا يتّضح أنّ المُجتمع مُكوّن من أفراد، وكلّما كان الأفراد أكثر قياماً بمسؤوليّاتهم كان المُجتمع أكثر انضباطاً وتماسُكاً وثباتاً وقوّةً، وكلما كان الأفراد أكثر تفريطاً في مسؤوليّاتهم كان المجتمع أكثر تَفكُّكاً وضعفاً وذُلاً.
معنى الراعي والرعية الرّاعي مأخوذ من الرّعْي وهو الحفظ، والرّاعي هو الحافظ المُؤتَمن، أو من أوُكِلَ إليه تدبير الشّيء وسياسته، وحفظه ورعايته، المُلتزم بصلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، وكلّ من كان تحت نظره شيء فهو مُطالب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه، ومتعلقاته.
كما ويختلف مفهوم الرّاعي حسب موقع كل إنسان في المجتمع، ومقدار استلامه لمقاليد المسؤوليّة والسّلطة.
أما الرعية فهم أشخاص يقعون تحت مسؤولية إنسان موكل عليهم، ورئيس يرأسهم يسمى راعياً، وهم كل ما يشمله حفظ الراعي ونظره، من عامة الشعب إلى أفراد الأسرة.
كلكم راعٍ
خلق الله -تعالى- النّاس أمماً وجماعات، وجعلهم يتعارفون ويتشاركون في معيشتهم وحياتهم، ومن حكمته سبحانه أن جعلهم بحاجةٍ إلى من يُسوّسهم، ويتولّى أمرهم ويقوم على شؤونهم، ولا يَصلح حالهم ولا تستقيم حياتهم إلا بوجود وليّ أمرٍ وإمام؛ يقوم بتنظيم أمورهم ويرعاها. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (كلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيتِه، فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ وهو مسؤولٌ عنهم، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِه وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلِها وولدِه، وهي مسؤولةٌ عنهم، والعبدُ راعٍ على مالِ سيدِه وهو مسؤولٌ عنه، ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه).
وفي هذا بيان بأنّ كل إنسان مسؤول عن جماعةٍ من النّاس، بما اخُتصّ به من دور في الحياة.