بلهفة وفرح غامر ينتظر الأردنيون عقد قران وحفل زفاف سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، على الآنسة رجوة خالد السيف اليوم، في احتفال تاريخي يزاوج بين بروتوكولات ملكية خاصة وتقاليد أردنية عريقة ومتوارثة.
وفي وقت يتهيأ الأردن لاستقبال ضيوف المملكة من البلاد العربية والصديقة، ستواكب مراسم الزفاف الرسمية احتفالات شعبية ووطنية وعروض فنية بطقوس فلكلورية وتراثية أردنية عريقة ابتهاجا بالفرح.
الكاتب والباحث في التراث الاردني الشعبي محمود الزيودي عاد بالذاكرة في حديث مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا) ليسرد تاريخ فرح الأردنيين بزفاف ملوكهم، مشيرا الى أن الأردن شهد خلال المئوية الأولى من عمر الدولة احتفالات زفاف ملكية بمشاركات شعبية كان أولها حفل زفاف الملك طلال بن عبدالله ثم زفاف الملك حسين بن طلال طيب الله ثراهما، ثم زفاف جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين.
ويوضح الزيودي: إن أول أفراح الأردنيين كانت بزفاف ولي العهد آنذاك الأمير طلال بن عبدالله قبل توليه الحكم عام (1934) على عروسه الشريفة (زين الشرف بنت جميل).
وحينها اعتلى رجال القبائل الأردنية خيولهم يلوحون بسيوفهم وبنادقهم فرحا في مسيرة احتفالية من ساحة الجامع الحسيني مرورا بشارع الهاشمي والساحة الهاشمية وصولا الى قصر رغدان العامر حيث كان مقر الأمير عبدالله الأول بن الحسين.
أما العرس الثاني، يضيف الزيودي، فكان لجلالة الملك حسين بن طلال طيب الله ثراه في بداية تسلمه الحكم حيث ظهرت العروس الأميرة دينا مع الملك العريس من تحت سيوف ضباط الجيش العربي تعظيما للمناسبة، وبالتزامن، كان الاردنيون في المحافظات ينحرون الجمال والأغنام تعبيرا عن فرحهم بالمناسبة.
وكان الفرح الثالث للأردنيين يوم زواج جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين والملكة رانيا العبدالله، حيث ظهر الأمير الشاب (حينها) وعروسه بسيارة ملكية حمراء في موكب ملكي جاب شوارع عمان العاصمة عمان حيث اصطف الأردنيون بالآلاف فرحا بالأمير العريس وعروسه.
وأكد الزيودي أن المجتمع الأردني طور من طقوس مراسم الزواج كما هو الحال في استعدادات الأردنيين وتسابقهم للفرح بعرس سمو الأمير حسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، لافتا الى أن هذه الأفراح لم يسبق إقامتها في تاريخ الأردن منذ عشرات الأعوام.
وأشار الى أن جلالة الملكة رانيا العبدالله أحيت مع الأردنيات طقسا من طقوس الفرح بالزواج وهو (حنا العروس) الذي يعود تاريخه إلى ألف عام مضت ويسمى (الخضاب).
ويسرد الزيودي في سياق وصف الفرح الاردني، بعضا من طقوس العرس التقليدي حيث كان الرجال يدفعون مهر زوجاتهم من الأغنام أو الخيل او من الأرض، ونادرا ما كانوا يدفعون المهر نقوداً، مؤكدا أنه لا يتم عقد القران الا بعد طلب من جاهة يترأسها الشيخ أو أحد الوجهاء سواء أكانت العروس من الأقارب او غريبة، مع ما يتخلل الجاهة من طقوس وعادات عربية.
وبمجرد أن يعلن والد العروس موافقته تسكب القهوة وتنطلق الزغاريد من حرم النساء اللواتي استقبلن قريبات العريس، مشيرا الى أنه في حال كانت الجاهة قادمة من مكان بعيد جداً يستضيفها أحد رجال النزل على وليمة عشاء، لافتا الى أنه كانت تتم دعوة المدعوين الى حفل العرس بواسطة خيّال يطوف على منازل القبيلة والجيران، وفي أول أيام العرس يتم نشر بعض من جهاز العرس على حبال البيت للزينة.
وقبل ليلة الزفاف تجتمع القريبات والصديقات والجارات في بيت العروس لإقامة حفل الحناء، مؤكدا أن سهرة الحناء من الطقوس والعادات المتوارثة الى يومنا هذا، حيث تصبغ أيدي العروس ومودعاتها من النساء بالحناء.
وعند خروج العروس من بيت اهلها يقدم أهل العريس العباءة أو ثمنها إلى خال العروس التي كانت تسمى (عباءة الخال).
ويستذكر الزيودي بالقول: كان يتم إحضار العروس من منزل ذويها الى منزل عريسها بقافلة من الجمال تسمى(الفاردة) حيث تركب العروس في «هودج» مستور من جهاته الأربعة ترافقها والدتها أو احدى قريباتها وغالبا ما يقود جمل الهودج شقيقها او أحد افراد عائلتها، وترافق الفاردة فرسان يتسابقون على خيولهم إذا كانت المسافة بعيدة، اما اذا كانت قريبة فتسير الفاردة على الأقدام يتقدمها الرجال ومن خلفهم يتعالى غناء النساء حين الاقتراب من منزل العروس بقولهن:
«وسع الميدان يابي عبدالله وسع الميدان..
العز لك والفرحة للصبيان».
وحينها، يتابع الزيودي، يستقبلهم ذوو العريس بالزغاريد ترحيبا بهم، وينضم الرجال الى حفلة السامر فيما تتجه النساء الى المحرم للمشاركة في الغناء ويبدأ السامر برقصة «الدحية» وهي دائرة من الرجال يصفقون على ايقاع واحد وهم يدحون بالغناء ويضبط ايقاعهم رجل يقابلهم في منتصف الدائرة، وفي نهايتها يبدأ احدهم بحداء القصيد ويتطوع اثنان أو أكثر للرد عليه ويسمون هذا الحادي بالبدّاع والتسمية مشتقة من الابداع، اما ما يرد به الآخرون فيسمى (الرواديد) ومنها قولهم:
«يا هل البيت الجديد..
يا ليته مبروك وسعيد»، و «يا هل البيت المبني..
ياللي هواكم جذبني».
وأشار الى أن انتهاء الحفل في الليلة الاخيرة بزفاف العريس الى (البرزة) وهو بيت صغير يبنى قريبا من بيت اهل العريس، حيث يصطحبه مجموعة من الرجال باصطحاب العريس الى البرزه وهم يحدون، وبعدها يخرج العريس الى والده يتقبل التهاني والنقوط فيما يصطحب العروس مجموعة من النساء وهن يغنين.
وتمكث العروس في «البرزة» من ثلاثة ايام الى اسبوع، وفي اليوم الأخير تصنع والدة العريس طعاما تدعو له الجارات قبل أن تخرج العروس من «البرزة» لتمارس حياتها اليومية الطبيعية
بترا