مشروبات الطاقة .. “استهتار” بتناولها قد يعطل وظائف الجسد

mainThumb

16-05-2023 08:44 AM

printIcon

لم يتوقع الشاب عبدالله يوماً أن مشروبات الطاقة قد تكون كفيلة في دخوله المستشفى لستة أيام، بعد الإدمان عليها لمدة تقارب السنتين.
بدأت القصة في مرحلة دراسة وامتحانات الثانوية العامة، التي كانت السبب الرئيسي لديه في الإدمان على مشروبات الطاقة، وهي المرحلة التي تسبب توترا وخوفا عند بعض الطلاب، ما بين ازدحام الأفكار والخوف من عدم النجاح في تلك المرحلة.
كان عبدالله يشرب ما يقارب عبوتين إلى ثلاث عبوات في اليوم، وأصبح يعاني بعض الأعراض التي لم يلتفت إليها.
أول الأعراض التي ظهرت عليه، وجع في الرأس وعدم القدرة على النوم في الليل بسبب الأرق الكبير الذي كان يصيبه بسبب مادة الكافيين العالية الموجودة في هذه المشروبات.
استمر عبدالله في تناول مشروبات الطاقة، حتى تمكنت من السيطرة على جسده وعقله، لتصبح متطلبا رئيسيا لا يمكن مرور يوم دونها، لتصبح حالته أشبه ما تكون بالإدمان.
اللامبالاة بتناول مشروبات الطاقة جعلت الأعراض تزداد ولم تتوقف، حتى وجد نفسه ملقى على سرير الشفاء.
تفاصيل القصة كما رواها عبدالله، بأنه كان يجلس مع أصدقائه في الجامعة ويتابعون مباراة كأس العالم عند الساعة الثالثة عصراً في أجواء صاخبة يملؤها جو حماسي وممتع، ومع صرخات التشجيع تخرج صرخة الألم وعندها فر ساقطاً على الأرض ولم يستطع الحركة.
وعلى صرخات الألم تجمع أصدقاء عبدالله وساعدوه في الذهاب الى عيادات الجامعة، وهنا طلب طبيب الجامعة منه التوجه مسرعا الى أقرب مستشفى لمعرفة الحالة.
وبعد إجراء جميع الفحوصات تبين أن هناك فائضا في مادة الـ (creatinine) التي كادت أن تعرضه إلى غسيل في الكلى.
وكان الأسوأ هو تعرضه إلى الحثل العضلي الذي أبعده عن الحركة بالشكل السليم لمدة ثلاثة أشهر تقريبا، وكانت الصعوبة عند عبدالله بأخذ جرعات العلاج التي كانت تعطى بالوريد.
من جانبه أوضح استشاري جراحة العظام والمفاصل الدكتور عصام أبو الشيخ، أن تناول مشروبات الطاقة بشكل كبير يؤدي الى مجهود وضغط على الدورة الدموية والقلب.
وأضاف أبو الشيخ، أن مشروبات الطاقة تزيد من عمل القلب وذلك يؤدي إلى زيادة الإجهاد على الكلى.
وأوضح، تؤدي المواد الموجودة في مشروب الطاقة بالتأثير على المنبهات العصبية في الدماغ وتزيد من إفرازها مما يسبب إرهاقا لعمل خلايا الدماغ، وبالتالي ممكن أن يؤثر على أداء الدماغ في التركيز والتمييز.
ولم يكن عبدالله الشاب الوحيد الذي مر بهذه التجربة، بل كان هناك شخص آخر بجانبه يرقد على سرير الشفاء بالمستشفى.
وكذلك محمد (اسم مستعار) الذي مر بالتجربة نفسها، لكنها لم تكن بالصعوبات نفسها التي مر بها عبدالله.
بدأ التعب مع محمد بعد أن أصبح يتناول في اليوم من عبوة إلى عبوتين تقريباً من مشروبات الطاقة، وكانت أعراضه تتشابه مع التي مر بها عبدالله من ناحية الأرق.
بدأت الآثار السلبية عليه بالظهور عندما كان جالسا في المنزل وسط أجواء عائلية في ساعات الليل المتأخرة، وبدأ يشعر باختلاف في جسمه، ولاحظت عائلته ذلك عليه، لكن الفارق الأهم الذي حصل عنده شعوره بالدوار (الدوخة).
عندها تم إسعافه إلى المستشفى مباشرة وهو في حالة من اللاوعي، في هذه المرحلة كان مشابها نوعاً ما لحالة عبد الله إلا أنه كان قريبا من الإصابة بالفشل الكلوي وغسيل الكلى بسبب ارتفاع نسبة المادة نفسها(creatinine) ووصولها إلى 2500مل.
وأكمل حديثه: أنه أصبح عنده نقصا في البوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم، وهذه الأسباب التي جعلت محمد يتعرض إلى الدوار(الدوخة).
بعد خروجه من المستشفى، استمر في أخذ العلاج لمدة ستة أشهر وما يزال حتى الآن تحت العلاج.
وبدوره يعلق اختصاصي الطب العام الطبيب قصي أبو عنزة: “إن مشروبات الطاقة تؤثر سلباً على الصحة، وأنها تبدأ في زيادة مادة (creatinine) والتي قد تعرض الشخص إلى غسيل الكلى فوراً”.
وأضاف في تأثيرها السلبي على النساء الحوامل الذي من الممكن أن يعرض الجنين إلى تشوهات خلقية، وأن المرأة الحامل تكون بحاجة كبيرة إلى البروتينات بالجسم، وهذه المشروبات تفقد الكثير من البروتينات وأهمها الكالسيوم الذي يقي من هشاشة العظام”.
حالة أخرى واجهت الثلاثينية إيناس، فلم تكن تعلم أن مشروبات الطاقة قد تفقدها الكثير من البروتينات والفيتامينات الذي عانت جراء تناولها من أوجاع بالعظام، وهذا النقص عرضها إلى أخذ الإبر في الوريد لتعويض النقص الذي حصل.
تقول ايناس: “مشروبات الطاقة جعلتني في حيرة من أمري لم أكن أعرف ما الذي يحصل معي.. لا أستطيع النوم ليلا، ولم يكن لدي القدرة على الحركة.. أشعر وأني في حالة من العجز عن القيام بشيء.. أشبه ما أكون بالعاجزة”.
وعليه تعلق اختصاصية التغذية سناء الجغبير، على حالة ايناس بقولها: “مشروبات الطاقة لا فائدة منها وهذه العبوات فارغة من التغذية السليمة”.
وأضافت الجغبير، “أخطر مضاعفات مشروبات الطاقة الزيادة في الوزن والسمنة المفرطة التي من الممكن أن تجعلك معرضا للإصابة بالسكري، لأنها تحتوي على نسبة عالية من السكر”.
بالرغم من التحذيرات العديدة من تناول مشروب الطاقة، إلا أن الغالبية لا يلتفتون لقراءة التعليمات الخاصة على عبوات مشروبات الطاقة من الخارج، إذ تحتوي على تحذير: “غير مناسب للنساء خلال فترة الحمل، وكذلك الأشخاص دون سن السادسة عشرة، والذين يعانون من أمراض السكري والقلب وارتفاع ضغط الدم، ومن لديهم حساسية لمادة الكافيين والرياضيين أثناء ممارسة الرياضة، يحتوي على نسبة عالية من الكافيين، وتناول أكثر من عبوة قد يؤدي إلى الإضرار بصحتك”.

الغد