بينما تشكل البنية التحتية ركنا أساسيا في أي بلد لدعم الاقتصاد الكلي لتحقيق الأهداف التنموية وتحسين كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع مستوى إنتاجيتهم دعا خبراء إلى استقطاب واستخدام المنح والمساعدات المخصصة لتحسين واقع البنية التحتية في الأردن.
ويرى خبراء أن هنالك تدنيا واضحا في حجم المنح والمساعدات الموجهة لمشروعات البنية التحتية، إضافة إلى أنها خلال السنوات الأخيرة لم تكن في قائمة أولويات الحكومات المتعاقبة مشيرين إلى أن من شأن وجود بنية تحتية معاصرة تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.
وبقصد استقطاب المنح التي تساعد في تحسين واقع البنية التحتية في الأردن دعا الخبراء إلى ضرورة إبراز الفرص للمانحين والتي يمكن أن يكون لها أثر في دعم التنمية الاقتصادية المستدامة، إلى جانب وجوب تغيير طريقة عمل الجهات القائمة على ملف الدراسات والمنح والقروض، إضافة إلى أهمية تدشين صندوق خاص بتطوير البنية التحتية وتمويله من المانحين والقطاع الخاص.
ويشار إلى أن تقرير المساعدات والمنح الخارجية للعام الماضي 2022 أظهر تدني استفادة قطاع البنية التحتية من هذه المساعدات والمنح والقروض مقارنة مع العديد من القطاعات الأخرى، إذ ناهز حجم استفادته ما نسبته 1.6 % فقط من الإجمالي العام لها، والتي بلغت حوالي 4.4 مليار دولار بحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وقال وزير الأشغال العامة والإسكان السابق محمد طالب عبيدات “البنية التحتية باتت في حاجة ملحة إلى تطوير، وأن توضع في قائمة الأولويات، إذ أن البنية التحتية تعد رافعة للاقتصاد والتنمية المستدامة”.
ولفت إلى أنها منذ 15 عاما لم تعد في أجندة الأولويات المحلية، إذ انصب التركيز لدينا مؤخرا على المياه والطاقة، وفي الفترة الحالية على الأمن الغذائي.
وأوضح عبيدات أن البنية التحتية الجيدة هي الأساس في تطوير الاستثمارات واستقطابها، والمساعدة في دعم النشاط الاقتصادي والتجاري، إذ عندما تكون هناك طرق جيدة فإنها تخدم خطوط الإنتاج المختلفة وتعمل على تسهيل عبور الصادرات والمستوردات وسلاسة حركة البضائع والسلع محليا.
كما أن لتوفير الإسكانات والفنادق دورا في دعم القطاع السياحي، إضافة إلى أن لتوفر مختلف خدمات البنية التحتية دور في دعم المجتمع المحلي والمستثمرين المحليين.
وبين عبيدات أنه يجب تحقيق وتصميم مشاريع البنية التحتية ذات الأولوية وتقديمها للمانحين بهدف استقطاب المنح والقروض من المانحين والتي تساعد في تطوير البنية التحتية في الأردن، إضافة إلى ضرورة إبراز الفرص للمانحين والتي يمكن أن يكون لها أثر في دعم التنمية الاقتصادية المستدامة، إلى جانب ضرورة إظهار الميزة التنافسية والبيئة الاستثمارية المناسبة التي تتمتع بها كل محافظة ونوعية البنية التحتية التي تحتاجها بهدف جذب المنح والقروض من المانحين، وفي ذات الوقت الاستثمارات الأجنبية.
بدورها، بينت وزيرة النقل السابقة والمختصة في مجال البنية التحتية لينا شبيب أن وجود بنية تحتية جيدة ومأهلة يشكل أرضية اقتصادية مهمة وقاعدة رافدة لدعم وتحسين الاقتصاد إذ أن عدم وجود بنية تحتية سليمة يعني أنه ليس هناك اقتصاد سليم ويهدر الكثير من الفرص على الدولة.
وأشارت إلى أن البنية التحتية الجيدة تساعد في زيادة حجم النشاط الاقتصادي ودعم الحركة السياحية.
وأكدت شبيب أن الجهات المانحة تقدم المساعدات والقروض وفقا لأولويات محددة وهذا ما قد يفسر تدني حجمها في الأردن، ولكن من جانب آخر فإن غياب دراسات الجدوى الاقتصادية، وضعف المشاريع المقدمة من الحكومات لدينا للجهات المانحة له دور في تدني حجمها، داعية إلى ضرورة تغيير طريقة عمل الجهات القائمة على ملف الدراسات والمنح والقروض.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة أن هناك تدنيا واضحا في حجم المنح والمساعدات الموجهة لمشروعات البنية التحتية، نتيجة لذهاب الجزء الأكبر منها إلى دعم الموازنة العامة وقطاعات أخرى، معتبرا ذلك أنه سوء توزيع لها ويقلص من فرصة الاستفادة من هذه المنح في دعم التنمية الاقتصادية.
ولفت المخامرة إلى أن وجود البنية التحتية المتطورة عادة ما يساهم في تسريع وتيرة الاستثمار واستقطابه إضافة إلى دعم النشاط السياحي، والمساعدة في تعزيز التجارة الخارجية مع الإقليم وتجويدها داخليا، ودعم النشاط الاقتصادي، مما يستدعي الالتفات إلى وجوب العمل على زيادة حجم المنح والقروض الموجهة لتطوير البنية التحتية في المملكة.
وأشار إلى أنه أردنيا نحتاج إلى مشروعات بنية تحتية نوعية كشبكة قطار سككي داخلي وإقليمي، إضافة إلى تدشين شبكة طرق جديدة ومتطورة، وإقامة مرافق طيران في محافظة معان وإربد والعقبة وإطلاق خطوط طيران داخلية، إلى جانب تحسين شبكات المياه والكهرباء وتحويلها إلى ذكية.
وبهدف استقطاب المنح التي تساعد في تحسين واقع البنية التحتية في الأردن دعا المخامرة إلى ضرورة تدشين صندوق خاص بتطوير البنية التحتية وتمويله من المانحين والقطاع الخاص، إضافة إلى وجوب تنفيذ الخطط والدراسات لتقييم احتياجات البنية التحتية التي نحتاجها وتقديمها لمجتمع المانحين، إلى جانب أهمية زيادة حجم مخصصات دعمها في الموازنة العامة.
وقال الخبير الاقتصادي زيان زوانة “مفهوم البنية التحتية تطور خلال السنوات بحيث أصبح يشمل قطاعات لم يكن يشملها من قبل، إذ أن من شأن وجود بنية تحتية معاصرة تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي لما يصب في رفاه المواطنين”.
وأوضح زوانة أن تطوير وتحديث مفاصل البنية التحتية سيكون له انعكاس إيجابي على الاقتصاد الوطني ورفاه حياة الأردنيين، وقدرة الأردن على جذب الاستثمارات بما يساعد في توفير فرص عمل ويخفض من ضغوطات البطالة.
الغد