إصابات الأمراض المهنية بين تدني الأرقام وضعف التبليغ

mainThumb

07-05-2023 09:47 AM

printIcon
فيما تطرح ضآلة أرقام إصابات الأمراض المهنية التي تم تعويضها خلال العام الماضي تساؤلات مختلفة حول الأسباب، يؤكد خبراء أن تلك الأرقام لا تعكس الواقع جراء ضعف التبليغ عن الإصابات، سواء من قبل العامل أو صاحب العمل.
وكان كشف إصابات الأمراض المهنية الصادر عن مؤسسة الضمان الاجتماعي الأخير أظهر أن عدد الإصابات التي تم تعويضها خلال العام الماضي بلغ 24 إصابة من أصل 533 إصابة وردت للمؤسسة.
وأظهر الكشف، الذي حصلت “الغد” على نسخة منه، من الناطق الإعلامي باسم المؤسسة أنس القضاة، أن قيمة التعويضات التي صرفتها مؤسسة الضمان لإصابات الأمراض المهنية تلك بلغت 21.368 دينارا خلال العام الماضي، فيما لم يظهر الكشف نوع المهن التي تسببت بإصابات الأمراض المهنية أو أي تفاصيل أخرى.
وعند اللجوء لوزارة العمل للحصول على بيانات حول إصابات الأمراض المهنية أو تفاصيل حولها، أكد أمين عام الوزارة فاروق الحديدي أنه “لا تتوفر أي معلومات حول إصابات الأمراض المهنية لدى الوزارة بل هي من اختصاص الضمان الاجتماعي”.
ورغم محاولات “الغد” المتكررة للتواصل مع مديرة مديرية السلامة والصحة المهنية في وزارة العمل، المهندسة نجاح أبو طافش، للحصول على معلومات حول إجراءات وجولات التفتيش على السلامة والصحة المهنية، الا أن جميع المحاولات باءت بالفشل.
إلى ذلك أظهر كشف الضمان الاجتماعي أنه منذ بداية العام الحالي بلغ عدد إصابات الأمراض المهنية التي وردت للمؤسسة 81 إصابة تم صرف أربع منها فقط بقيمة 6.994 دينارا كتعويضات نقدية.
بدوره، أكد خبير السلامة والصحة المهنية فراس شطناوي أن الأمراض المهنية هي “شكل من أشكال إصابات العمل سواء كانت مباشرة من العمل نفسه أو ناتجة بسببه”.
وأوضح شطناوي أن العدد لدى المؤسسة يعد ضئيلا وهذا يعود لعدة أسباب أهمها عدم وعي العامل نفسه بأهمية تبليغ مؤسسة الضمان عن حالته المرضية نتيجة العمل، وكذلك عدم وعي صاحب العمل أيضا، مما يقلل عدد التبليغات الواردة للضمان.
وأكد ضرورة القيام بالتوعية حول الإصابات المهنية كونها مهمة جدا، بالإضافة إلى التدريب قبل العمل إلى جانب الوقاية والفحص واللجوء إلى التدوير بين العمال لتفادي الأمراض.
وتطرق شطناوي إلى دور النقابات العمالية في التوعية للوقاية من حدوث الأمراض. ومن أحد أسباب ضآلة عدد الإصابات بالأمراض المهنية، ضعف التشخيص، وقلة البحث عن أسباب الإصابات، إلى جانب تحسس بعض أصحاب العمل من موضوع الأمراض المهنية، حيث يحجمون عن الإبلاغ عنها، بحسب شطناوي.
وقال: “للأسف لا يتم التركيز على جانب الوقاية قبل العلاج، بالاضافة إلى عدم إعطاء المفتشين صلاحيات أكبر وتسهيلات مناسبة للوصول إلى أماكن العمل المتنوعة.”
وأشار شطناوي إلى أنه يوجد جدول في قانون الضمان الاجتماعي يوضح 58 نوعا من إصابات الأمراض المهنية، وهو قابل للإضافة في حال تم اكتشاف إصابات جديدة لأمراض مهنية.
وفي دراسة مقارنة لمعايير تحديد أمراض المهنة في قانون الضمان الاجتماعي الأردني، أظهرت ضرورة حماية العامل ضد خطر الأمراض المهنية، خصوصا بعد ظهور العديد من الأمراض المهنية غير المشمولة بالحماية التأمينية في قانون الضمان الاجتماعي الأردني، بالإضافة لـصعوبة وإضافة أي مرض قد يظهر مستقبلا لقائمة جدول أمراض المهنة.
وتوصلت الدراسة إلى أنه “لا بد من الاهتمام بالإجراء الوقائي بالدرجة الأولى، أي الوقاية من المرض قبل علاجه، وخاصة بعد أن ازدادت حالات المـرض المهني، وتنوعت نتيجة الثورة الصناعية، وزيادة استخدام الكيماويات والمواد الأولية في المصانع، ورغـم ذلـك فإن ظهور الحماية القانونية للعمال من الأضرار الناجمة عن تلك الأمراض جاء متأخرا، لذلك فإن المنظمات الدولية أولت اهتمامها بإصدار العديد من الاتفاقيات والتوصيات المتعلقة بهذا الأمر، لمساعدة المشرع الوطني على تـوفير حماية مناسبة من الأمراض المهنية”.
بدوره، تطرق مركز بيت العمال للدراسات، إلى أبرز الأعمال التي يتعرض فيها العمال لأمراض مهنية، كالأعمال الزراعية التي تستوجب التعامل مع الحبوب والأعلاف ومواد التبخير والمبيدات، واستخراج المعادن والمحاجر وتصنيع المعادن، وأعمال النجارة، والمهن الإنشائية التي تفرض التعامل مع الرمال والإسمنت وقطع الأحجار.
وأوضح تقرير للمركز أن تلك الأعمال تتسبب بأمراض حساسية وأزمات صدرية رئوية، في حين أن أغبرة الفحم والسيليكا تصيب الأنسجة الرئوية بشكل مباشر وتتسبب بتليفها.
ومن باب الوقاية، أظهر التقرير أن قانون العمل الأردني يوجب إجراء فحص طبي للعاملين في مهن يتعرضون خلالها لمواد وأغبرة قبل مباشرتهم العمل، للتأكد من عدم وجود حالة مرضية أو حساسية، كما أنه يوجب إجراء فحص دوري لهم مرة كل سنة على الأقل، لرصد أضرار من الممكن أن يكون العمال تعرضوا لها خلال عملهم.
وأكد التقرير أن القانون يفرض على صاحب العمل توعية العمال بالأخطار الصحية التي قد يسببها العمل، والوسائل الواجب اتباعها للوقاية منها، وتوفير معدات الوقاية والسلامة العامة على نفقته، إضافة إلى التزامه باتباع تعليمات الجهات الرسمية وإجراءاتها.