أوصت ورقة سياسات بحثية حول كبار السن من الأردنيين واللاجئين السوريين، بضرورة توسيع مفهوم الرعاية الصحية والاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية لهم، وتخصيص إدارة لصحة كبار السن في وزارة الصحة إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات وشمول بوليصات شركات التأمين”بالطب النفسي”، عدا عن إيجاد نصوص قانونية تعتمد ساعات عمل مرنة لهم.
وأعد الورقة البحثية مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية لسنة 2023 في 29 صفحة وحصلت “الغد” على نسخة منها، واعتمدت الورقة المنهج الوصفي التحليلي (الكمي والنوعي وتحليل المضمون)، من خلال مراجعة مكتبية للأطر التشريعية الناظمة والاستراتيجيات المتعلقة بكبار السن الأردنيين واللاجئين، وكذلك بيانات كمية من خلال عينة استطلاع قوامها 200 من كبار السن في عمان والزرقاء وإربد واستخدام استبانة اعتمدت مقياس “بيك” للاكتئاب، إضافة إلى نتائج 10 جلسات مجموعات نقاش مركزة ، و9 مقابلات شخصية معمقة مع أصحاب مصلحة، واستهدفت الورقة الفئات العمرية 65-70 و 71-75 و 76 فما فوق.
وعرضت الورقة، لأبرز الإشكاليات والتحديات التي يعاني منها كبار السن مع إدراج عشرات التوصيات وفق عدة محاور على مستوى السلامة النفسية والتكيف الاجتماعي وضعف الرعاية الصحية لهم والإطار الحمائي لهم وضعف التأمينات الصحية خاصة ضمن مرحلة ما بعد التقاعد.
وقاست الورقة احتياجات كبار السن النفسية والاجتماعية على ضوء الرعاية المقدمة لهم، ومدى إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة النفسية والدعم الاجتماعية من خلال 4 مسارات هي؛ السلامة النفسية (الخلو من المرض) مثل اضطرابات القلق والاكتئاب والوسواس القهري التي تؤثر سلبا على المسن، والتكيف النفسي، والقدرة على مواجهة متطلبات الحياة، إضافة إلى التكيّف الاجتماعي.
وأظهرت أبرز النتائج أن معاناة غالبية كبار السن من أمراض عديدة مثل الضغط والسكري والدهنيات والمفاصل سبب رئيسي لمنعهم من القيام بنشاطات عديدة، ما يؤثر على أوضاعهم النفسية دون تلقي خدمات لمعالجة ذلك.
وعن كبار السن من الأردنيين، خلصت الورقة إلى وجود اكتظاظ على المرافق الصحية الرئيسية وافتقارها إلى الأجهزة الطبية وضعف خدمات الرعاية الصحية الثانوية، وغلاء العلاج في القطاع الخاص.
وأشارت الورقة إلى ضعف خدمات الرعاية الصحية النفسية لكبار السن في القطاع الحكومي، بوجود 3 مستشفيات عامة فقط تقدم العلاج النفسي للبالغين في المملكة تتمركز في العاصمة.
وأكدت الورقة على معاناة كبار السن من آلام فقدان أحد أفراد الأسرة أو أكثر، والمعاناة من اضطرابات مابعد الصدمة خاصة بين الإناث، وكشفت عن استمرار إصابة بعضهن بالشعور “بالهلع” والقلق الشديد والغضب واليأس وعدم القدرة على النوم، فيما عبرت كبار السن من السوريات عن مخاوفهن من سوء المعاملة لأولادهن في المجتمع المضيف.
ويواجه كبار السن العنف الاقتصادي بحسب الورقة، بسبب الحرمان من الأموال بالدرجة الأولى، والعنف النفسي والمتمثل بالإساءة اللفظية وهي الأكثر شيوعا.
وتؤشر الورقة على صعوبة تقديم كبار السن شكاوى حيال أي عنف ضدهم، خشية فقدان مصدر الرعاية.
وفيما يخص اللاجئين السوريين، أظهرت النتائج أن الضعف الواضح في تقديم الخدمات الصحية لهم، بسبب حصر مفوضية اللاجئين على الفحوصات دون التحاليل وصور الأشعة، دفعهم إلى اللجوء إلى آليات “التكيّف السلبية”عند نفاذ مواردهم في تأمين نفقاتهم، تمثلت باللجوء إلى الجمعيات الخيرية وبيع المعونات واستخدام أدوية منتهية الصلاحية والاستدانة أو التسّول.
أما عن الحماية القانونية من العنف لكبار السن، فرأت الورقة أن الإطار القانوني لتوفير هذه الحماية “ما يزال قاصرا”، سواء في قانون الحماية من العنف الأسري رقم 15 لسنة 2017 الذي لم “يخصص نصا لكبار السن” وكذلك نظام المساعدة القانونية لسنة 2018، الذي حصر المساعدة القانونية لهم في “الجنايات فقط.”