في الوقت الذي صرح فيه وزير الصناعة والتجارة وزير العمل يوسف الشمالي، السبت الماضي، بأن عدد العاطلين عن العمل نحو 450 ألفا غالبيتهم لا يحملون شهادة الثانوية، أكد خبراء وناشطون أن حديث الوزير ما هو إلا مبرر للحكومة لعدم قدرتها على حل مشكلة البطالة.
وبين خبراء في حديث لـ “الغد” أنه جرت العادة بأن تستخدم الحكومة الأرقام والنسب كذريعة تصب لصالحها بدلا من حل العقبات الموجودة تجاه توفير فرص العمل وزيادة نسب التشغيل.
وأشاروا إلى أن آخر الأرقام الرسمية حول العاطلين عن العمل هي 419 ألف عاطل عن العمل لنهاية العام 2022 متسائلين حول دقة أرقام وزارة العمل وهل فعلا زاد الرقم 30 ألفا مع الربع الأول من العام الحالي.
ورغم محاولات “الغد” المتكررة للحصول على إجابات من وزير العمل، حول الأرقام الدقيقة للعاطلين عن العمل، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل.
وكان وزير الصناعة والتجارة والتموين ووزير العمل يوسف الشمالي، أكد أخيرا أنّ في الأردن قرابة 450 ألف عاطل عن العمل، أكثر من نصفهم لا يحمل شهادة ثانوية عامة، ما يعني صعوبة استيعابهم في القطاع الحكومي، في حين أنّ رؤية التحديث الاقتصادي تعتمد على توظيف مليون أردني وأردنية خلال 10 سنوات جلها في القطاع الخاص.
وقال الشمالي خلال جلسة “البطالة والقطاع غير الرسمي” في منتدى تواصل الذي أطلقته مؤسسة ولي العهد السبت الماضي، إنّ أبرز أسباب البطالة، تتمثل بالاعتماد على العمالة الوافدة خاصة خلال السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين التي شهدت نموا اقتصاديا بنسب جيدة بدون انخفاض أرقام البطالة، إضافة إلى عدم مواءمة مخرجات التعليم الجامعي مع متطلبات سوق العمل.
رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة قال إن الرقم الذي تحدث عنه الوزير غير دقيق، كون أن الرقم الرسمي الأخير هو 419 ألف عاطل عن العمل في نهاية العام 2022.
وأضاف أبو نجمة أنه صحيح أن هناك نسبة عالية من العاطلين عن العمل الذين لا يحملون شهادة ثانوية عامة ولكن في الوقت ذاته نسبة كبيرة منهم يحملون الشهادة الجامعية ولا يجدون فرصة عمل.
وقال إن كون نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل لا يحملون شهادة ثانوية لا يمكن اعتباره مبررا للحكومة لعدم قدرتها على تشغيلهم في القطاع العام.
وبين أن العمال الوافدين غالبيتهم غير متعلمين فلماذا ينافسون الأردنيين غير المتعلمين في وظائف القطاعات الزراعية والانشائية، مشيرا إلى أنه بالتأكيد ظروف العمل وبيئته غير مناسبة للأردنيين في تلك القطاعات.
وقال أبونجمة أنه يجب توفير حماية قانونية وبيئة عمل لائقة للعاطلين عن العمل الذين لا يحملون شهادة ثانوية لينافسوا العمالة الوافدة.
وكان وزير العمل قد أوضح في تصريحاته أنّ ثقافة العيب بين الأردنيين “صارت من الماضي”، لا سيما مع تحسن شروط وأجور بعض الوظائف كعامل الوطن والإناث في قطاع السياحة والفنادق. وعند فتح هذه الوظائف بتنا نرى إقبالاً كبيراً من الأردنيين والأردنيات.
إلى ذلك لفت أبو نجمة إلى أن فئة الشباب بين سن 20 إلى 24 عاما هم الأكثر تعطلا عن العمل وهذا دليل على حاجتهم للحصول على خبرة للدخول لسوق العمل ودخولهم لبرامج تدريب حكومية وإرشاد مهني.
بحسب دائرة الإحصاءات العامة استحوذت فئة الشباب بين عمر
20 – 24 عاما على النسبة الأكبر من عدد العاطلين عن العمل إذ بلغ عددهم في نهاية العام 2022 أكثر من 132.1 ألف عاطل عن العمل.
الناشط النقابي، وناشر موقع الراصد النقابي لعمال الأردن (رنان)، حاتم قطيش، قال إن حديث الوزير يأتي في إطار التبرير لعدم قدرة الحكومة على حل مشكلة البطالة.
وبين قطيش أنه جرت العادة أن تستخدم الحكومة الأرقام والنسب كمبرر يصب لصالحها في كل موضوع يرتبط بواجبها تجاه البطالة.
وأشار إلى أن حديث الحكومات عن عقبات التشغيل غير مقبول كون أن تلك العقبات موجودة أصلا والحكومة عملها هو حل تلك العقبات وليس استخدامها كمبرر.
ورأى قطيش أن على الحكومة ابتكار أدوات وإيجاد أفق لتشغيل الأردنيين وحل مشكلة البطالة وليس البحث عن مبررات.
وتطرق إلى عدم دقة الأرقام والاحصائيات التي تستخدمها الحكومة مشيرا إلى أن غالبيتها تصريحات شفوية وغير واضحة.
واتفق قطيش مع أبو نجمة حول أن الحكومة ليست هي المشغل الأول في المملكة بل يجب تحفيز القطاع الخاص من أجل التشغيل.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض قال إن حديث الوزير يعتبر مبررا للحكومة كونها غير قادرة على حل مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل كافية لمعالجة النسب العالية من العاطلين عن العمل.
وبين عوض أن نسبة عالية من العاطلين عن العمل يحملون شهادات جامعية لماذا لم يتحدث عنهم الوزير؟. في الوقت الذي أثبتت فيه برامج التشغيل الحكومية أنها غير فعالة.
وقال إن “غالبية الوظائف في المملكة لا تحتاج لشهادة ويعمل بها عمال وافدون وذلك بسبب عدم توفر شروط وبيئة عمل مناسبة تشجع الأردنيين للعمل بها”.
واتفق عوض مع قطيش حول عدم دقة الأرقام والنسب التي تستعملها الحكومة وعملية استعمالها بشكل شفوي وارتجالي في مواضع تخدم مصالحها وتبرر مواقفها.
وتطرق إلى موضوع الأجور في الأردن والتي تعد من أهم أسباب ارتفاع نسب البطالة.
(الغد )