سهم محمد العبادي
إذا أردت أن تعرف سر الفشل الممنهج، فما عليك إلا أن تحضر عرضًا لإحدى 'خُطط الداتا شو' التي يعشقها مسؤولونا الأفاضل.
تبدأ الجلسة بإطفاء الأنوار ليُضاف جو من الإثارة والتشويق، ثم تظهر الخطة على الشاشة العملاقة بألوانها الزاهية، الأحمر الجريء، الأزرق المطمئن، الأخضر الصديق للبيئة، وحتى بعض التدرجات الأرجوانية لتعزيز 'البعد الجمالي'.
المسؤول، الذي يرتدي بدلة لامعة وربطة عنق تشبه أحد الألوان المستخدمة في العرض، يبدأ الحديث عن الرؤية المستقبلية، الرؤية تتسع لتشمل كل شيء، من ضبط النفقات إلى استكشاف المريخ، مرورًا بتحلية مياه البحر الأحمر وزراعة الطحالب في البتراء.
ثم تأتي اللحظة الحاسمة، عرض الرسوم البيانية، وهنا يبدأ الجمهور بالتأمل في عجائب الرياضيات، خطوط متقاطعة، منحنيات صاعدة وأخرى هابطة، وبعض الأسهم التي تشير إلى المستقبل المشرق الذي سيحل علينا قريبًا بمجرد الانتهاء من العرض، ولا ننسى الجداول المصممة بطريقة تجعل الناظر إليها يشعر وكأنه أمام لوحة فنية من عصر النهضة.
لكن الكارثة الحقيقية ليست في العرض نفسه، بل في الواقع.
بمجرد أن تنتهي الجلسة وتُضاء الأنوار، تعود الحقيقة لتضربنا مثل كف ساخن، تلك الخطط، بكل ألوانها ورموزها، لا تصلح حتى لتسيير دكان في قرية، أرقام لا تتطابق، أهداف لا تتحقق، وموارد غير موجودة من الأساس، باختصار، 'خطة الداتا شو' ما هي إلا خيال واسع مكتوب بألوان فاقعة.
ولا أحد يجرؤ على طرح السؤال المحرج، 'كيف سنُطبق هذا على أرض الواقع؟' لأن الإجابة معروفة: لن نطبقه.
ببساطة، لأن الخطة وضعت لتعرض، لا تُنفذ، فهي جزء من المسرحية الهزلية التي نعيشها، حيث يلعب المسؤول دور الفنان، والشعب دور المتفرج الذي يدفع ثمن التذكرة من جيبه.
إذا رأيت خطة تحتوي على الكثير من الرسوم البيانية والألوان، فأغلق 'الداتا شو' وأعد النظر في الأولويات، أما إذا رأيت مسؤولًا يحمل جهاز عرض داتا شو، فأغلق الباب جيدًا، لأننا على وشك مشاهدة فصل جديد من مسرحية 'الحلول الخيالية' التي لن تنتهي أبدًا.
سهم محمد العبادي
إذا أردت أن تعرف سر الفشل الممنهج، فما عليك إلا أن تحضر عرضًا لإحدى 'خُطط الداتا شو' التي يعشقها مسؤولونا الأفاضل.
تبدأ الجلسة بإطفاء الأنوار ليُضاف جو من الإثارة والتشويق، ثم تظهر الخطة على الشاشة العملاقة بألوانها الزاهية، الأحمر الجريء، الأزرق المطمئن، الأخضر الصديق للبيئة، وحتى بعض التدرجات الأرجوانية لتعزيز 'البعد الجمالي'.
المسؤول، الذي يرتدي بدلة لامعة وربطة عنق تشبه أحد الألوان المستخدمة في العرض، يبدأ الحديث عن الرؤية المستقبلية، الرؤية تتسع لتشمل كل شيء، من ضبط النفقات إلى استكشاف المريخ، مرورًا بتحلية مياه البحر الأحمر وزراعة الطحالب في البتراء.
ثم تأتي اللحظة الحاسمة، عرض الرسوم البيانية، وهنا يبدأ الجمهور بالتأمل في عجائب الرياضيات، خطوط متقاطعة، منحنيات صاعدة وأخرى هابطة، وبعض الأسهم التي تشير إلى المستقبل المشرق الذي سيحل علينا قريبًا بمجرد الانتهاء من العرض، ولا ننسى الجداول المصممة بطريقة تجعل الناظر إليها يشعر وكأنه أمام لوحة فنية من عصر النهضة.
لكن الكارثة الحقيقية ليست في العرض نفسه، بل في الواقع.
بمجرد أن تنتهي الجلسة وتُضاء الأنوار، تعود الحقيقة لتضربنا مثل كف ساخن، تلك الخطط، بكل ألوانها ورموزها، لا تصلح حتى لتسيير دكان في قرية، أرقام لا تتطابق، أهداف لا تتحقق، وموارد غير موجودة من الأساس، باختصار، 'خطة الداتا شو' ما هي إلا خيال واسع مكتوب بألوان فاقعة.
ولا أحد يجرؤ على طرح السؤال المحرج، 'كيف سنُطبق هذا على أرض الواقع؟' لأن الإجابة معروفة: لن نطبقه.
ببساطة، لأن الخطة وضعت لتعرض، لا تُنفذ، فهي جزء من المسرحية الهزلية التي نعيشها، حيث يلعب المسؤول دور الفنان، والشعب دور المتفرج الذي يدفع ثمن التذكرة من جيبه.
إذا رأيت خطة تحتوي على الكثير من الرسوم البيانية والألوان، فأغلق 'الداتا شو' وأعد النظر في الأولويات، أما إذا رأيت مسؤولًا يحمل جهاز عرض داتا شو، فأغلق الباب جيدًا، لأننا على وشك مشاهدة فصل جديد من مسرحية 'الحلول الخيالية' التي لن تنتهي أبدًا.
سهم محمد العبادي
إذا أردت أن تعرف سر الفشل الممنهج، فما عليك إلا أن تحضر عرضًا لإحدى 'خُطط الداتا شو' التي يعشقها مسؤولونا الأفاضل.
تبدأ الجلسة بإطفاء الأنوار ليُضاف جو من الإثارة والتشويق، ثم تظهر الخطة على الشاشة العملاقة بألوانها الزاهية، الأحمر الجريء، الأزرق المطمئن، الأخضر الصديق للبيئة، وحتى بعض التدرجات الأرجوانية لتعزيز 'البعد الجمالي'.
المسؤول، الذي يرتدي بدلة لامعة وربطة عنق تشبه أحد الألوان المستخدمة في العرض، يبدأ الحديث عن الرؤية المستقبلية، الرؤية تتسع لتشمل كل شيء، من ضبط النفقات إلى استكشاف المريخ، مرورًا بتحلية مياه البحر الأحمر وزراعة الطحالب في البتراء.
ثم تأتي اللحظة الحاسمة، عرض الرسوم البيانية، وهنا يبدأ الجمهور بالتأمل في عجائب الرياضيات، خطوط متقاطعة، منحنيات صاعدة وأخرى هابطة، وبعض الأسهم التي تشير إلى المستقبل المشرق الذي سيحل علينا قريبًا بمجرد الانتهاء من العرض، ولا ننسى الجداول المصممة بطريقة تجعل الناظر إليها يشعر وكأنه أمام لوحة فنية من عصر النهضة.
لكن الكارثة الحقيقية ليست في العرض نفسه، بل في الواقع.
بمجرد أن تنتهي الجلسة وتُضاء الأنوار، تعود الحقيقة لتضربنا مثل كف ساخن، تلك الخطط، بكل ألوانها ورموزها، لا تصلح حتى لتسيير دكان في قرية، أرقام لا تتطابق، أهداف لا تتحقق، وموارد غير موجودة من الأساس، باختصار، 'خطة الداتا شو' ما هي إلا خيال واسع مكتوب بألوان فاقعة.
ولا أحد يجرؤ على طرح السؤال المحرج، 'كيف سنُطبق هذا على أرض الواقع؟' لأن الإجابة معروفة: لن نطبقه.
ببساطة، لأن الخطة وضعت لتعرض، لا تُنفذ، فهي جزء من المسرحية الهزلية التي نعيشها، حيث يلعب المسؤول دور الفنان، والشعب دور المتفرج الذي يدفع ثمن التذكرة من جيبه.
إذا رأيت خطة تحتوي على الكثير من الرسوم البيانية والألوان، فأغلق 'الداتا شو' وأعد النظر في الأولويات، أما إذا رأيت مسؤولًا يحمل جهاز عرض داتا شو، فأغلق الباب جيدًا، لأننا على وشك مشاهدة فصل جديد من مسرحية 'الحلول الخيالية' التي لن تنتهي أبدًا.
التعليقات