خلال نقاش عائلي على طاولة الغداء وحديثي حول حالة التراجع الكبيرة التي يعيشها قطاع السياحة في الأردن، مقارنة مع ما سبق من قفزات او طفرات استثنائية لنمو غير مستدام بحكم موقعنا وسط محيط ملتهب، استقبلت من ابنتي الغالية أرين سؤالا مباشرا تقول: «لماذا يتم دائما في كل اجتماع او محاضرة او حصة مدرسية او مؤتمر لتسويق الأردن بدء الحديث بعبارة « يتميز الأردن بموقعه الجغرافي»، ولا ارى خلال السنوات الماضية سوى ان موقعه الجغرافي كان من ابرز المخاطر التي تواجهه او سببا في تراجع مؤشرات النمو او الاستقطاب اليه؟ وهل هناك عبارة اخرى يمكن ان نبدأ بها افتتاح الحديث تسويقا غير تلك العبارة؟ وهل يمكن ان نبدأ التعريف من جديد «بأن الأردن يمتاز بوعي الادارة ووضوح الرؤية وسلاسة الخدمات الحكومية» ونكون فعلا كذلك؟ وهل حديثك الدائم عن الامن والامان وكأن المسافر الى اوروبا او الى شرم الشيخ يتم استقباله «بالحجارة» وأردنيا يتم استقباله «بالورود»؟ طبعا لم أستطع الرد على الاسئلة، فكان سكوتي هو اقرار بما ذهبت اليه من تفكير تعلمي واع، تاركا لكل قارئ ان يجيب على هذه الاسئلة من جانب اقتصادي وتنموي وسياحي او حتى جيوسياسي.
إعادة التفكير بالأسئلة وخلق الاجوبة المناسبة لها هو النموذج الصحيح للتعلم عند الحديث بضرورة اعادة صناعة السياحة أردنيا، وقد تكون اولى الخطوات ان نؤمن عند بناء اي نموذج او خطة او موازنة تخص القطاع اننا لسنا الافضل، بل نسعى لنكون جزءا من عالم او منافس هو الافضل، وان نقلل من سقف توقعاتنا وتصريحات مسؤولينا، وان نعترف بالواقع الذي نعيشه من مستوى متدن للاهتمام والاستجابة لبناء مستقبل السياحة الأردنية، والذي تؤكده النماذج والبيانات للجهات العاملة في القطاع، والذي وصل لحد وصفهم بأن اكبر جائحة واجهت العالم اجمع «جائحة كورونا» كانت اكثر تنضيما وفائدة وتجاوب لمحاولة ضمان المنعة والاستدامة بالقطاع، الا انه غاب كل ذلك عن الاجندة والقرارات الرسمية خلال عام كامل وما زال مستمرا من ايام الحرب على غزة، والتي تثقل كاهل القطاع وتجعله في حيرة من مستقبل غير واضح.
وفي السياق قد يكون الاهتمام الملكي في عجلون وجرش ظهر جليا خلال الشهور والسنوات الماضية، وكالعادة سبق الجميع تفكيرا وتسليطا للضوء على ضرورة بناء نموذج سياحي مختلف للمرحلة المقبلة، وتجاوز البقاء بعقلية استهداف نقطة أردنية محددة دون غيرها كما هو الحال دائما، وقد يكون اجتماع دولة رئيس الوزراء قبل ايام لغاية اعادة نهضة ودعم السياحة العلاجية يمثل اولى الخطوات الملموسة لخدمة السياحة خلال عام كامل مضى، وقد يكون قرار وزير الداخلية الجريء والذكي لدخول الاخوة الليبيين للمملكة بإجراءات الفيزا عند الوصول متوافقا وداعما للتوجه الملكي والارادة في خدمة القطاع، ولكن اين دور الجهات المختصة بالتسويق والتنظيم والمنعة للقطاع؟ وهل سيبقى دورها بالسفر والمشاركة بالمعارض واصدار رسائل الاطمئنان للاجنبي هو الحل؟وهل سنبقى نكرر بعض الاسماء والشخوص والافكار والتي تجتمع منذ سنوات ممثلة عن القطاع تقرر المصير؟ وهل لا يوجد الا البتراء أردنيا في جعبتنا للتسويق وبث الصور؟ وهل هناك من يضع المثلث الذهبي ضمن اولوياته للتسويق وتقدم خطوة حقيقية في شركة متخصصة لتسويقه؟ واين وصلنا في شركة طيران منخفض التكاليف تخدم الوصول الى الأردن؟ وهل نعمل فقط لإضافة مواقع لملف اليونسكو وينتهي عندها العمل؟ وهل سنستمر بالتغني بتسجيل المنسف على لائحة التراث الثقافي الحي لليونسكو وثمن كيلو اللحم أردنيا صعب المنال على اصحاب المنسف؟ وهل ستبقى السياحة والمواقع الأكثر جذبا رهينة غضب ورغبات مجتمعات محددة قريبة من تلك المواقع السياحية؟ وهل استطعنا ان ننتج حتى ولو قطعة صغيرة تعكس الهوية السياحية يمكن حملها او شراؤها بكلفة بسيطة ووزن خفيف للتنقل وتمثل هوية وتاريخ المكان؟ وهل سنبقى نردد الأردن متحف مفتوح ونحن اصلا لا نملك عنوانا للوصول لمتحف فعلي يجمع التاريخ يصلح للزيارة في مكان واحد؟ وهل فعلا تنقصنا الغرف الفندقية وجميعها لم تصل لنسبة ملاءة النصف لتقنع المستثمر لزيادة عددها او الاستثمار بهذا القطاع اصلا؟ وهل تنعكس القوانين المعدلة في القطاع على الانظمة والاجراءات ام ستبقى تدور مكانها؟ وهل الاسماء الطويلة لهيئات ولجان متخصصة في التطوير والتدريب والتخطيط السياحي حققت شيئا حقيقيا؟ وهل فعلا نحن نهتم بالبيئة حتى نتحدث عن السياحة البيئية او المستدامة؟ وهل قيمة الضرائب على تذاكر طيران الملكية فيها من الحكمة ما يجعلها اختيارا للسفر؟ اسئلة لن تنتهي الا بانتهاء شخوص وادارة الفكر السياحي التقليدي غير المتطور.
نحتاج ثورة فكرية وعلمية وعملية مدروسة على الواقع في هذا القطاع، في وقت اصبحت السياحية من أكثر الصناعات تطورا في العصر الحاضر، لأهميتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، واعتبارها مصدرا مهما من مصادر العملة الصعبة، ومحركا اساسا لرؤوس الاموال داخل البلد وخارجه، بالاضافة لما تسهم به من توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة من خلال الصناعات الداعمة لها، فهي اعلى نماذج الصناعات المركبة مقارنة مع غيرها، نحتاج دون تردد ضمان استدامة العلاقات السياسية مع الجميع فهي العصب الاول للاستقطاب، نحتاج لإعادة صياغة دورنا وشراكاتنا ضمن الموقع الجغرافي للأردن لنقنع الآخرين بأهمية موقعنا، نحتاج انفتاحا وتسهيلات قائمة على العلاقات الدبلوماسية لسفرائنا، نحتاج للوعي بالعلاقة مع الدول المجاورة وتعزيزها لاستكمال جولة السائح الذي استقطبوه هم وليس نحن، فهي اساس ما يمكن تسميته موقعا جغرافيا مهما لخدمة هذا القطاع، ولنعلم ان تجديد صناعة السياحة والخروج من قاع التكرار المظلم لأفكارنا يبدأ من خلال إعادة تشكيل المشهد السياحي وشخوص ادارته العامة، وإعادة رفع القيود عن محركات النمو، وامتلاك سياسة المنعة لا الفزعة عند المخاطر، وتجاوز الخلافات مع الحدود، واناطة الامر والمشورة لأهل القطاع من المستثمرين الحقيقيين في نجاح مستقبله.
خلال نقاش عائلي على طاولة الغداء وحديثي حول حالة التراجع الكبيرة التي يعيشها قطاع السياحة في الأردن، مقارنة مع ما سبق من قفزات او طفرات استثنائية لنمو غير مستدام بحكم موقعنا وسط محيط ملتهب، استقبلت من ابنتي الغالية أرين سؤالا مباشرا تقول: «لماذا يتم دائما في كل اجتماع او محاضرة او حصة مدرسية او مؤتمر لتسويق الأردن بدء الحديث بعبارة « يتميز الأردن بموقعه الجغرافي»، ولا ارى خلال السنوات الماضية سوى ان موقعه الجغرافي كان من ابرز المخاطر التي تواجهه او سببا في تراجع مؤشرات النمو او الاستقطاب اليه؟ وهل هناك عبارة اخرى يمكن ان نبدأ بها افتتاح الحديث تسويقا غير تلك العبارة؟ وهل يمكن ان نبدأ التعريف من جديد «بأن الأردن يمتاز بوعي الادارة ووضوح الرؤية وسلاسة الخدمات الحكومية» ونكون فعلا كذلك؟ وهل حديثك الدائم عن الامن والامان وكأن المسافر الى اوروبا او الى شرم الشيخ يتم استقباله «بالحجارة» وأردنيا يتم استقباله «بالورود»؟ طبعا لم أستطع الرد على الاسئلة، فكان سكوتي هو اقرار بما ذهبت اليه من تفكير تعلمي واع، تاركا لكل قارئ ان يجيب على هذه الاسئلة من جانب اقتصادي وتنموي وسياحي او حتى جيوسياسي.
إعادة التفكير بالأسئلة وخلق الاجوبة المناسبة لها هو النموذج الصحيح للتعلم عند الحديث بضرورة اعادة صناعة السياحة أردنيا، وقد تكون اولى الخطوات ان نؤمن عند بناء اي نموذج او خطة او موازنة تخص القطاع اننا لسنا الافضل، بل نسعى لنكون جزءا من عالم او منافس هو الافضل، وان نقلل من سقف توقعاتنا وتصريحات مسؤولينا، وان نعترف بالواقع الذي نعيشه من مستوى متدن للاهتمام والاستجابة لبناء مستقبل السياحة الأردنية، والذي تؤكده النماذج والبيانات للجهات العاملة في القطاع، والذي وصل لحد وصفهم بأن اكبر جائحة واجهت العالم اجمع «جائحة كورونا» كانت اكثر تنضيما وفائدة وتجاوب لمحاولة ضمان المنعة والاستدامة بالقطاع، الا انه غاب كل ذلك عن الاجندة والقرارات الرسمية خلال عام كامل وما زال مستمرا من ايام الحرب على غزة، والتي تثقل كاهل القطاع وتجعله في حيرة من مستقبل غير واضح.
وفي السياق قد يكون الاهتمام الملكي في عجلون وجرش ظهر جليا خلال الشهور والسنوات الماضية، وكالعادة سبق الجميع تفكيرا وتسليطا للضوء على ضرورة بناء نموذج سياحي مختلف للمرحلة المقبلة، وتجاوز البقاء بعقلية استهداف نقطة أردنية محددة دون غيرها كما هو الحال دائما، وقد يكون اجتماع دولة رئيس الوزراء قبل ايام لغاية اعادة نهضة ودعم السياحة العلاجية يمثل اولى الخطوات الملموسة لخدمة السياحة خلال عام كامل مضى، وقد يكون قرار وزير الداخلية الجريء والذكي لدخول الاخوة الليبيين للمملكة بإجراءات الفيزا عند الوصول متوافقا وداعما للتوجه الملكي والارادة في خدمة القطاع، ولكن اين دور الجهات المختصة بالتسويق والتنظيم والمنعة للقطاع؟ وهل سيبقى دورها بالسفر والمشاركة بالمعارض واصدار رسائل الاطمئنان للاجنبي هو الحل؟وهل سنبقى نكرر بعض الاسماء والشخوص والافكار والتي تجتمع منذ سنوات ممثلة عن القطاع تقرر المصير؟ وهل لا يوجد الا البتراء أردنيا في جعبتنا للتسويق وبث الصور؟ وهل هناك من يضع المثلث الذهبي ضمن اولوياته للتسويق وتقدم خطوة حقيقية في شركة متخصصة لتسويقه؟ واين وصلنا في شركة طيران منخفض التكاليف تخدم الوصول الى الأردن؟ وهل نعمل فقط لإضافة مواقع لملف اليونسكو وينتهي عندها العمل؟ وهل سنستمر بالتغني بتسجيل المنسف على لائحة التراث الثقافي الحي لليونسكو وثمن كيلو اللحم أردنيا صعب المنال على اصحاب المنسف؟ وهل ستبقى السياحة والمواقع الأكثر جذبا رهينة غضب ورغبات مجتمعات محددة قريبة من تلك المواقع السياحية؟ وهل استطعنا ان ننتج حتى ولو قطعة صغيرة تعكس الهوية السياحية يمكن حملها او شراؤها بكلفة بسيطة ووزن خفيف للتنقل وتمثل هوية وتاريخ المكان؟ وهل سنبقى نردد الأردن متحف مفتوح ونحن اصلا لا نملك عنوانا للوصول لمتحف فعلي يجمع التاريخ يصلح للزيارة في مكان واحد؟ وهل فعلا تنقصنا الغرف الفندقية وجميعها لم تصل لنسبة ملاءة النصف لتقنع المستثمر لزيادة عددها او الاستثمار بهذا القطاع اصلا؟ وهل تنعكس القوانين المعدلة في القطاع على الانظمة والاجراءات ام ستبقى تدور مكانها؟ وهل الاسماء الطويلة لهيئات ولجان متخصصة في التطوير والتدريب والتخطيط السياحي حققت شيئا حقيقيا؟ وهل فعلا نحن نهتم بالبيئة حتى نتحدث عن السياحة البيئية او المستدامة؟ وهل قيمة الضرائب على تذاكر طيران الملكية فيها من الحكمة ما يجعلها اختيارا للسفر؟ اسئلة لن تنتهي الا بانتهاء شخوص وادارة الفكر السياحي التقليدي غير المتطور.
نحتاج ثورة فكرية وعلمية وعملية مدروسة على الواقع في هذا القطاع، في وقت اصبحت السياحية من أكثر الصناعات تطورا في العصر الحاضر، لأهميتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، واعتبارها مصدرا مهما من مصادر العملة الصعبة، ومحركا اساسا لرؤوس الاموال داخل البلد وخارجه، بالاضافة لما تسهم به من توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة من خلال الصناعات الداعمة لها، فهي اعلى نماذج الصناعات المركبة مقارنة مع غيرها، نحتاج دون تردد ضمان استدامة العلاقات السياسية مع الجميع فهي العصب الاول للاستقطاب، نحتاج لإعادة صياغة دورنا وشراكاتنا ضمن الموقع الجغرافي للأردن لنقنع الآخرين بأهمية موقعنا، نحتاج انفتاحا وتسهيلات قائمة على العلاقات الدبلوماسية لسفرائنا، نحتاج للوعي بالعلاقة مع الدول المجاورة وتعزيزها لاستكمال جولة السائح الذي استقطبوه هم وليس نحن، فهي اساس ما يمكن تسميته موقعا جغرافيا مهما لخدمة هذا القطاع، ولنعلم ان تجديد صناعة السياحة والخروج من قاع التكرار المظلم لأفكارنا يبدأ من خلال إعادة تشكيل المشهد السياحي وشخوص ادارته العامة، وإعادة رفع القيود عن محركات النمو، وامتلاك سياسة المنعة لا الفزعة عند المخاطر، وتجاوز الخلافات مع الحدود، واناطة الامر والمشورة لأهل القطاع من المستثمرين الحقيقيين في نجاح مستقبله.
خلال نقاش عائلي على طاولة الغداء وحديثي حول حالة التراجع الكبيرة التي يعيشها قطاع السياحة في الأردن، مقارنة مع ما سبق من قفزات او طفرات استثنائية لنمو غير مستدام بحكم موقعنا وسط محيط ملتهب، استقبلت من ابنتي الغالية أرين سؤالا مباشرا تقول: «لماذا يتم دائما في كل اجتماع او محاضرة او حصة مدرسية او مؤتمر لتسويق الأردن بدء الحديث بعبارة « يتميز الأردن بموقعه الجغرافي»، ولا ارى خلال السنوات الماضية سوى ان موقعه الجغرافي كان من ابرز المخاطر التي تواجهه او سببا في تراجع مؤشرات النمو او الاستقطاب اليه؟ وهل هناك عبارة اخرى يمكن ان نبدأ بها افتتاح الحديث تسويقا غير تلك العبارة؟ وهل يمكن ان نبدأ التعريف من جديد «بأن الأردن يمتاز بوعي الادارة ووضوح الرؤية وسلاسة الخدمات الحكومية» ونكون فعلا كذلك؟ وهل حديثك الدائم عن الامن والامان وكأن المسافر الى اوروبا او الى شرم الشيخ يتم استقباله «بالحجارة» وأردنيا يتم استقباله «بالورود»؟ طبعا لم أستطع الرد على الاسئلة، فكان سكوتي هو اقرار بما ذهبت اليه من تفكير تعلمي واع، تاركا لكل قارئ ان يجيب على هذه الاسئلة من جانب اقتصادي وتنموي وسياحي او حتى جيوسياسي.
إعادة التفكير بالأسئلة وخلق الاجوبة المناسبة لها هو النموذج الصحيح للتعلم عند الحديث بضرورة اعادة صناعة السياحة أردنيا، وقد تكون اولى الخطوات ان نؤمن عند بناء اي نموذج او خطة او موازنة تخص القطاع اننا لسنا الافضل، بل نسعى لنكون جزءا من عالم او منافس هو الافضل، وان نقلل من سقف توقعاتنا وتصريحات مسؤولينا، وان نعترف بالواقع الذي نعيشه من مستوى متدن للاهتمام والاستجابة لبناء مستقبل السياحة الأردنية، والذي تؤكده النماذج والبيانات للجهات العاملة في القطاع، والذي وصل لحد وصفهم بأن اكبر جائحة واجهت العالم اجمع «جائحة كورونا» كانت اكثر تنضيما وفائدة وتجاوب لمحاولة ضمان المنعة والاستدامة بالقطاع، الا انه غاب كل ذلك عن الاجندة والقرارات الرسمية خلال عام كامل وما زال مستمرا من ايام الحرب على غزة، والتي تثقل كاهل القطاع وتجعله في حيرة من مستقبل غير واضح.
وفي السياق قد يكون الاهتمام الملكي في عجلون وجرش ظهر جليا خلال الشهور والسنوات الماضية، وكالعادة سبق الجميع تفكيرا وتسليطا للضوء على ضرورة بناء نموذج سياحي مختلف للمرحلة المقبلة، وتجاوز البقاء بعقلية استهداف نقطة أردنية محددة دون غيرها كما هو الحال دائما، وقد يكون اجتماع دولة رئيس الوزراء قبل ايام لغاية اعادة نهضة ودعم السياحة العلاجية يمثل اولى الخطوات الملموسة لخدمة السياحة خلال عام كامل مضى، وقد يكون قرار وزير الداخلية الجريء والذكي لدخول الاخوة الليبيين للمملكة بإجراءات الفيزا عند الوصول متوافقا وداعما للتوجه الملكي والارادة في خدمة القطاع، ولكن اين دور الجهات المختصة بالتسويق والتنظيم والمنعة للقطاع؟ وهل سيبقى دورها بالسفر والمشاركة بالمعارض واصدار رسائل الاطمئنان للاجنبي هو الحل؟وهل سنبقى نكرر بعض الاسماء والشخوص والافكار والتي تجتمع منذ سنوات ممثلة عن القطاع تقرر المصير؟ وهل لا يوجد الا البتراء أردنيا في جعبتنا للتسويق وبث الصور؟ وهل هناك من يضع المثلث الذهبي ضمن اولوياته للتسويق وتقدم خطوة حقيقية في شركة متخصصة لتسويقه؟ واين وصلنا في شركة طيران منخفض التكاليف تخدم الوصول الى الأردن؟ وهل نعمل فقط لإضافة مواقع لملف اليونسكو وينتهي عندها العمل؟ وهل سنستمر بالتغني بتسجيل المنسف على لائحة التراث الثقافي الحي لليونسكو وثمن كيلو اللحم أردنيا صعب المنال على اصحاب المنسف؟ وهل ستبقى السياحة والمواقع الأكثر جذبا رهينة غضب ورغبات مجتمعات محددة قريبة من تلك المواقع السياحية؟ وهل استطعنا ان ننتج حتى ولو قطعة صغيرة تعكس الهوية السياحية يمكن حملها او شراؤها بكلفة بسيطة ووزن خفيف للتنقل وتمثل هوية وتاريخ المكان؟ وهل سنبقى نردد الأردن متحف مفتوح ونحن اصلا لا نملك عنوانا للوصول لمتحف فعلي يجمع التاريخ يصلح للزيارة في مكان واحد؟ وهل فعلا تنقصنا الغرف الفندقية وجميعها لم تصل لنسبة ملاءة النصف لتقنع المستثمر لزيادة عددها او الاستثمار بهذا القطاع اصلا؟ وهل تنعكس القوانين المعدلة في القطاع على الانظمة والاجراءات ام ستبقى تدور مكانها؟ وهل الاسماء الطويلة لهيئات ولجان متخصصة في التطوير والتدريب والتخطيط السياحي حققت شيئا حقيقيا؟ وهل فعلا نحن نهتم بالبيئة حتى نتحدث عن السياحة البيئية او المستدامة؟ وهل قيمة الضرائب على تذاكر طيران الملكية فيها من الحكمة ما يجعلها اختيارا للسفر؟ اسئلة لن تنتهي الا بانتهاء شخوص وادارة الفكر السياحي التقليدي غير المتطور.
نحتاج ثورة فكرية وعلمية وعملية مدروسة على الواقع في هذا القطاع، في وقت اصبحت السياحية من أكثر الصناعات تطورا في العصر الحاضر، لأهميتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، واعتبارها مصدرا مهما من مصادر العملة الصعبة، ومحركا اساسا لرؤوس الاموال داخل البلد وخارجه، بالاضافة لما تسهم به من توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة من خلال الصناعات الداعمة لها، فهي اعلى نماذج الصناعات المركبة مقارنة مع غيرها، نحتاج دون تردد ضمان استدامة العلاقات السياسية مع الجميع فهي العصب الاول للاستقطاب، نحتاج لإعادة صياغة دورنا وشراكاتنا ضمن الموقع الجغرافي للأردن لنقنع الآخرين بأهمية موقعنا، نحتاج انفتاحا وتسهيلات قائمة على العلاقات الدبلوماسية لسفرائنا، نحتاج للوعي بالعلاقة مع الدول المجاورة وتعزيزها لاستكمال جولة السائح الذي استقطبوه هم وليس نحن، فهي اساس ما يمكن تسميته موقعا جغرافيا مهما لخدمة هذا القطاع، ولنعلم ان تجديد صناعة السياحة والخروج من قاع التكرار المظلم لأفكارنا يبدأ من خلال إعادة تشكيل المشهد السياحي وشخوص ادارته العامة، وإعادة رفع القيود عن محركات النمو، وامتلاك سياسة المنعة لا الفزعة عند المخاطر، وتجاوز الخلافات مع الحدود، واناطة الامر والمشورة لأهل القطاع من المستثمرين الحقيقيين في نجاح مستقبله.
التعليقات