د. هديل شقير/دكتوراة في الإعلام السياسي
كلية الإعلام/جامعة بترا
بينما يجد كثيرٌ من الشباب الأردني 'المتعلّم' في يوم الانتخابات النيابية فرصة للراحة، وقد يرتّب لرحلة استجمام مستغلاً إجازة هذا اليوم، تجد كثيراً من الشباب الإنجليزي 'المتعلم' في يومٍ كهذا في المملكة المتحدة في تكتلاتهم الشبابية يتباحثون في المعطيات والتوقعات. لا أجلدُ الذات هنا وإنما أحاول أن أشير لموضع الخلل لتصويبه، فقد منحنا التحديث السياسي الذي تبنّاه الملك، في مئوية الدولة الثانية، فرصة العمل ضمن مجموعات وأحزاب للوصول إلى البرلمان، هذه الفرصة التي لم ينجح الإعلام الأردني، برأيي، بالقيام بدوره في تعميمها، وإن قام فهو لم يفعل على أكمل وجه.
في التجربة البريطانية، مثلاً، الإعلام يعمل كمصدر تعليمي رئيسي، يقدم معلومات حول الأحزاب السياسية، السياسات، المرشحين، والبرامج الانتخابية. وذلك يشمل توفير مواد تعليمية انتخابية رسمية قد تكون مصدرها الهيئات الإدارية للانتخابات أو يقوم الإعلام نفسه بإنتاج هذه المواد. كما يوفر الإعلام منصة للأحزاب والمرشحين لعرض برامجهم الانتخابية والتواصل مع الناخبين، ما يمكّن الناخبين من الحصول على معلومات شاملة حول خياراتهم، ويُعتبر الإعلام الرقيب الذي يتابع أداء المرشحين والحكومات وهيئات إدارة الانتخابات، وبالتالي يُسهم في رفع مستوى الشفافية والمحاسبة. ويعمل الإعلام كمنتدى مفتوح للنقاش والحوار، يسمح للعامة بالتعبير عن آرائهم ومناقشة القضايا الانتخابية بشكل علني.
وفي الساحة الإعلامية في الأردن نلحظ قصوراً في دور الإعلام التوعوي والتثقيفي بخصوص الانتخابات النيابية، مما يسهم في تفاقم مشكلة العزوف عن التصويت. هذا الفقر الذي يُعزى إلى ضعف التغطية الإعلامية، فالإعلام الأردني قد لا يوفر تغطية كافية للعمليات الانتخابية، بما في ذلك النقاشات البرلمانية والأحداث المتعلقة بالانتخابات، مما يقلل من فرص الناخبين للحصول على معلومات مهمة ومفيدة.
في كثير من الأحيان، يركز الإعلام الأردني على الجوانب السلبية مثل الفساد الانتخابي أو العنف، مما يثير الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية ويزيد من ترسيخ اللامبالاة بين الناخبين. كما أنّ نقص التدريب المتخصص للصحفيين يمكن أن يحد من قدرة الإعلام على تقديم تحليلات معمقة ودقيقة حول العملية الانتخابية وأهميتها.
في المقابل يمكن للإعلام الأردني أن يلعب دورًا أكثر فعالية في تعزيز الوعي الانتخابي وتشجيع المشاركة النشطة والمستنيرة في العمليات الديمقراطية، من خلال تدريب الصحفيين على التغطية الانتخابية وأخلاقيات الصحافة لضمان تقديم معلومات دقيقة وغير متحيزة، وتشجيع المنظمات غير الحكومية والجامعات على إنتاج محتوى توعوي حول الانتخابات يساعد في ملء الفجوة التي قد تتركها وسائل الإعلام التقليدية، الاستفادة من الخبرات والموارد التي يمكن أن توفرها المنظمات الدولية في تعزيز القدرات الإعلامية وتوسيع نطاق التغطية الانتخابية، وتوظيف الأدوات التكنولوجية لبث النقاشات الانتخابية والفعاليات التوعوية بشكل أوسع، مما يسمح بالوصول إلى جمهور أكبر وأكثر تنوعًا.
الآن، وبعد العاشر من أيلول سنكون أمام أربع سنوات يجب أن نتحرّك فيها لإنجاز ما لم ننجزه ونحن متجهين نحو البرلمان العشرين، بأن نقتنع أكثر بأهمية توجّهنا لصناديق الاقتراع من خلال الأداة الأهم؛ الإعلام المعلّم والمثقِّف والمنوّر.
ألاّ نفعل نكُن أمام برلمانات متكررة النسخة تفتقر إلى التمثيل الشعبي الحقيقي وشرعية القرارات، تفتقر إلى التمثيل الواسع فتميل إلى اتخاذ قرارات قد لا تعكس مصالح الغالبية، مما يؤدي إلى سياسات قد تكون غير ملائمة أو غير فعالة في ظلّ نسيج ديمقراطي ضعيف. وبهذا لا نلوم إلاّ أنفسنا، كما قال إميل سيوران: 'لأننا فشلنا في خلق إنسان يفكر؟ لم يتكون لدينا شعب، بل تشكل لدينا جمهور، جمهور مصفق، وجمهور لاعن، يصفق مرة، ويلعن مرة ..لكنه لا يفكر .'
د. هديل شقير/دكتوراة في الإعلام السياسي
كلية الإعلام/جامعة بترا
بينما يجد كثيرٌ من الشباب الأردني 'المتعلّم' في يوم الانتخابات النيابية فرصة للراحة، وقد يرتّب لرحلة استجمام مستغلاً إجازة هذا اليوم، تجد كثيراً من الشباب الإنجليزي 'المتعلم' في يومٍ كهذا في المملكة المتحدة في تكتلاتهم الشبابية يتباحثون في المعطيات والتوقعات. لا أجلدُ الذات هنا وإنما أحاول أن أشير لموضع الخلل لتصويبه، فقد منحنا التحديث السياسي الذي تبنّاه الملك، في مئوية الدولة الثانية، فرصة العمل ضمن مجموعات وأحزاب للوصول إلى البرلمان، هذه الفرصة التي لم ينجح الإعلام الأردني، برأيي، بالقيام بدوره في تعميمها، وإن قام فهو لم يفعل على أكمل وجه.
في التجربة البريطانية، مثلاً، الإعلام يعمل كمصدر تعليمي رئيسي، يقدم معلومات حول الأحزاب السياسية، السياسات، المرشحين، والبرامج الانتخابية. وذلك يشمل توفير مواد تعليمية انتخابية رسمية قد تكون مصدرها الهيئات الإدارية للانتخابات أو يقوم الإعلام نفسه بإنتاج هذه المواد. كما يوفر الإعلام منصة للأحزاب والمرشحين لعرض برامجهم الانتخابية والتواصل مع الناخبين، ما يمكّن الناخبين من الحصول على معلومات شاملة حول خياراتهم، ويُعتبر الإعلام الرقيب الذي يتابع أداء المرشحين والحكومات وهيئات إدارة الانتخابات، وبالتالي يُسهم في رفع مستوى الشفافية والمحاسبة. ويعمل الإعلام كمنتدى مفتوح للنقاش والحوار، يسمح للعامة بالتعبير عن آرائهم ومناقشة القضايا الانتخابية بشكل علني.
وفي الساحة الإعلامية في الأردن نلحظ قصوراً في دور الإعلام التوعوي والتثقيفي بخصوص الانتخابات النيابية، مما يسهم في تفاقم مشكلة العزوف عن التصويت. هذا الفقر الذي يُعزى إلى ضعف التغطية الإعلامية، فالإعلام الأردني قد لا يوفر تغطية كافية للعمليات الانتخابية، بما في ذلك النقاشات البرلمانية والأحداث المتعلقة بالانتخابات، مما يقلل من فرص الناخبين للحصول على معلومات مهمة ومفيدة.
في كثير من الأحيان، يركز الإعلام الأردني على الجوانب السلبية مثل الفساد الانتخابي أو العنف، مما يثير الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية ويزيد من ترسيخ اللامبالاة بين الناخبين. كما أنّ نقص التدريب المتخصص للصحفيين يمكن أن يحد من قدرة الإعلام على تقديم تحليلات معمقة ودقيقة حول العملية الانتخابية وأهميتها.
في المقابل يمكن للإعلام الأردني أن يلعب دورًا أكثر فعالية في تعزيز الوعي الانتخابي وتشجيع المشاركة النشطة والمستنيرة في العمليات الديمقراطية، من خلال تدريب الصحفيين على التغطية الانتخابية وأخلاقيات الصحافة لضمان تقديم معلومات دقيقة وغير متحيزة، وتشجيع المنظمات غير الحكومية والجامعات على إنتاج محتوى توعوي حول الانتخابات يساعد في ملء الفجوة التي قد تتركها وسائل الإعلام التقليدية، الاستفادة من الخبرات والموارد التي يمكن أن توفرها المنظمات الدولية في تعزيز القدرات الإعلامية وتوسيع نطاق التغطية الانتخابية، وتوظيف الأدوات التكنولوجية لبث النقاشات الانتخابية والفعاليات التوعوية بشكل أوسع، مما يسمح بالوصول إلى جمهور أكبر وأكثر تنوعًا.
الآن، وبعد العاشر من أيلول سنكون أمام أربع سنوات يجب أن نتحرّك فيها لإنجاز ما لم ننجزه ونحن متجهين نحو البرلمان العشرين، بأن نقتنع أكثر بأهمية توجّهنا لصناديق الاقتراع من خلال الأداة الأهم؛ الإعلام المعلّم والمثقِّف والمنوّر.
ألاّ نفعل نكُن أمام برلمانات متكررة النسخة تفتقر إلى التمثيل الشعبي الحقيقي وشرعية القرارات، تفتقر إلى التمثيل الواسع فتميل إلى اتخاذ قرارات قد لا تعكس مصالح الغالبية، مما يؤدي إلى سياسات قد تكون غير ملائمة أو غير فعالة في ظلّ نسيج ديمقراطي ضعيف. وبهذا لا نلوم إلاّ أنفسنا، كما قال إميل سيوران: 'لأننا فشلنا في خلق إنسان يفكر؟ لم يتكون لدينا شعب، بل تشكل لدينا جمهور، جمهور مصفق، وجمهور لاعن، يصفق مرة، ويلعن مرة ..لكنه لا يفكر .'
د. هديل شقير/دكتوراة في الإعلام السياسي
كلية الإعلام/جامعة بترا
بينما يجد كثيرٌ من الشباب الأردني 'المتعلّم' في يوم الانتخابات النيابية فرصة للراحة، وقد يرتّب لرحلة استجمام مستغلاً إجازة هذا اليوم، تجد كثيراً من الشباب الإنجليزي 'المتعلم' في يومٍ كهذا في المملكة المتحدة في تكتلاتهم الشبابية يتباحثون في المعطيات والتوقعات. لا أجلدُ الذات هنا وإنما أحاول أن أشير لموضع الخلل لتصويبه، فقد منحنا التحديث السياسي الذي تبنّاه الملك، في مئوية الدولة الثانية، فرصة العمل ضمن مجموعات وأحزاب للوصول إلى البرلمان، هذه الفرصة التي لم ينجح الإعلام الأردني، برأيي، بالقيام بدوره في تعميمها، وإن قام فهو لم يفعل على أكمل وجه.
في التجربة البريطانية، مثلاً، الإعلام يعمل كمصدر تعليمي رئيسي، يقدم معلومات حول الأحزاب السياسية، السياسات، المرشحين، والبرامج الانتخابية. وذلك يشمل توفير مواد تعليمية انتخابية رسمية قد تكون مصدرها الهيئات الإدارية للانتخابات أو يقوم الإعلام نفسه بإنتاج هذه المواد. كما يوفر الإعلام منصة للأحزاب والمرشحين لعرض برامجهم الانتخابية والتواصل مع الناخبين، ما يمكّن الناخبين من الحصول على معلومات شاملة حول خياراتهم، ويُعتبر الإعلام الرقيب الذي يتابع أداء المرشحين والحكومات وهيئات إدارة الانتخابات، وبالتالي يُسهم في رفع مستوى الشفافية والمحاسبة. ويعمل الإعلام كمنتدى مفتوح للنقاش والحوار، يسمح للعامة بالتعبير عن آرائهم ومناقشة القضايا الانتخابية بشكل علني.
وفي الساحة الإعلامية في الأردن نلحظ قصوراً في دور الإعلام التوعوي والتثقيفي بخصوص الانتخابات النيابية، مما يسهم في تفاقم مشكلة العزوف عن التصويت. هذا الفقر الذي يُعزى إلى ضعف التغطية الإعلامية، فالإعلام الأردني قد لا يوفر تغطية كافية للعمليات الانتخابية، بما في ذلك النقاشات البرلمانية والأحداث المتعلقة بالانتخابات، مما يقلل من فرص الناخبين للحصول على معلومات مهمة ومفيدة.
في كثير من الأحيان، يركز الإعلام الأردني على الجوانب السلبية مثل الفساد الانتخابي أو العنف، مما يثير الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية ويزيد من ترسيخ اللامبالاة بين الناخبين. كما أنّ نقص التدريب المتخصص للصحفيين يمكن أن يحد من قدرة الإعلام على تقديم تحليلات معمقة ودقيقة حول العملية الانتخابية وأهميتها.
في المقابل يمكن للإعلام الأردني أن يلعب دورًا أكثر فعالية في تعزيز الوعي الانتخابي وتشجيع المشاركة النشطة والمستنيرة في العمليات الديمقراطية، من خلال تدريب الصحفيين على التغطية الانتخابية وأخلاقيات الصحافة لضمان تقديم معلومات دقيقة وغير متحيزة، وتشجيع المنظمات غير الحكومية والجامعات على إنتاج محتوى توعوي حول الانتخابات يساعد في ملء الفجوة التي قد تتركها وسائل الإعلام التقليدية، الاستفادة من الخبرات والموارد التي يمكن أن توفرها المنظمات الدولية في تعزيز القدرات الإعلامية وتوسيع نطاق التغطية الانتخابية، وتوظيف الأدوات التكنولوجية لبث النقاشات الانتخابية والفعاليات التوعوية بشكل أوسع، مما يسمح بالوصول إلى جمهور أكبر وأكثر تنوعًا.
الآن، وبعد العاشر من أيلول سنكون أمام أربع سنوات يجب أن نتحرّك فيها لإنجاز ما لم ننجزه ونحن متجهين نحو البرلمان العشرين، بأن نقتنع أكثر بأهمية توجّهنا لصناديق الاقتراع من خلال الأداة الأهم؛ الإعلام المعلّم والمثقِّف والمنوّر.
ألاّ نفعل نكُن أمام برلمانات متكررة النسخة تفتقر إلى التمثيل الشعبي الحقيقي وشرعية القرارات، تفتقر إلى التمثيل الواسع فتميل إلى اتخاذ قرارات قد لا تعكس مصالح الغالبية، مما يؤدي إلى سياسات قد تكون غير ملائمة أو غير فعالة في ظلّ نسيج ديمقراطي ضعيف. وبهذا لا نلوم إلاّ أنفسنا، كما قال إميل سيوران: 'لأننا فشلنا في خلق إنسان يفكر؟ لم يتكون لدينا شعب، بل تشكل لدينا جمهور، جمهور مصفق، وجمهور لاعن، يصفق مرة، ويلعن مرة ..لكنه لا يفكر .'
التعليقات