حسين الرواشدة
التزم الأردنيون الصمت، على مدى السنوات الماضية، وهم يتابعون العزف على أوتار ناشزة تدعو الى تجاوز منطق العشيرة، ربما كانوا يعتقدون، آنذاك، ان المقصود هو اعادة الاعتبار لهيبة الدولة والقانون، او الفصل بين السياسي والاجتماعي، لكنهم اكتشفوا ان وراء هذه الدعوات نوايا واجندات تحاول ان تشطب هويتنا، وتمحو ذاكرتنا، وتحولنا الى مجاميع من السكان، كما يريد اصحابها ان يستحوذوا على المناصب والامتيازات، ويحولوا البلد الى شركة مساهمة، يديرونها كما يشاؤون، أو إلى دويلات داخل الدولة.
ثم تكررت هذه الدعوات، حتى كدنا نكتشف ان «ابطالها» ليسوا اكثر من «كومبارس» يعزفون وراء فرقة واحدة، ويستغلون اية حادثة لالباسها بالعشيرة من زاوية التشكيك والقدح، وكأن تجريح عشائرنا اصبح «مائدة» يلتقي عليها اصحاب الاجندات الذين يعرفون « من اين تؤكل الكتف».
بوسع هؤلاء الذين حذرونا من الاعتماد على منطق العشيرة، وحرضونا على شيطنتها والغائها، ان يدلونا، اليوم، على شاهد واحد يقنعنا ان العشيرة قصرت بحق البلد، او أساءت اليه ( لا قدر الله)، أو ان البدائل التي طرحوها لملء فراغ العشيرة اسعفت الدولة في تجاوز مشكلاتنا وازماتنا، نريد ان نسألهم : هل القرارات والسياسات المتوحشة التي قصمت ظهور الفقراء ووسّعت الفجوة بين الطبقات، ودفعت الشباب الى الانتقام من انفسهم، ومن مجتمعهم، جاءتنا على مركب العشيرة ام على مراكب اخرى غرقت في التنظير واغرقتنا معها ايضا..؟
حين صدمتنا حادثة احراق الشهيد معاذ الكساسبة ( 2015) وهو يقف شامخا امام النيران التي اشعلها «الخوارج « في جسده النحيل، وبعدها حوادث استشهاد ابنائنا في الكرك والبقعة والركبان والفحيص والسلط..، على يد الارهاب الغادر، تذكرنا «العشيرة»، آنذاك افزعتنا الهواجس والمخاوف من ارتدادات الحدث على مجتمعنا، لكن بفضل منطق العشيرة الذي نشأت عليه الدولة ونهضت على اساسه، تبددت مخاوفنا، كما تحطمت على صخور ارادة «ابناء العشائر» المنغرسين كقرامي الزيتون في تربة الوطن اطماع المتربصين بنا، والمشككين بقدرتنا على تجاوز الازمات والمحن.
مع كل ازمة تواجهنا او نواجهها، نكتشف أصالة وبسالة «عشائرنا «، فنصحو على صرخة الضمير الذي لطالما حاول البعض اسكاتها باسم الليبرالية والإنتاجية، وكأن العشيرة هي التي اعاقت التنمية واعادتنا للوراء، او كأن هؤلاء النشامى الذين قدموا ارواحهم كرمى للوطن لا يستحقون ان يكون لهم – مثل غيرهم من ابناء الذوات – مقاعد في «قمرة» الخصخصة، اوعلى شرفات الناطقين باسم تحرير البلد من «الرعوية» والرجعية، واعادته الى رعاية « مقاولي» الحروب أو تجار النضالات المغشوشة.
حين تدقق في الاوضاع التي يراد لنا ان نصل اليها، وخاصة على صعيد الهوية والمكونات الاجتماعية، نكتشف ان المشكلة اعمق مما يبدو على السطح، يكفي هنا ان نسأل : ما هي الرواية التاريخية التي نقدمها لابنائنا عن بلدنا ؟ الاجابة- للأسف - موجودة ويمكن لمن اراد ان يعرفها التوجه الى اي كتاب في التاريخ، او التربية الوطنية التي ندرسها لطلبتنا في المدارس، وهي صادمة للاسف، لكن ما يصدمنا اكثر هو اننا نعاني من جدب تاريخي اعجزنا عن كتابة تاريخنا بالشكل المطلوب.
أشعر بالمرارة حين أسمع كلاماً مغشوشاً عن تاريخنا، ومزاعم لا أساس لها من الصحة عن دورنا ومواقفنا، ومحاولات لشيطنة عشائرنا، واتساءل: لماذا؟ فيأتي الجواب: انكم لم تحسنوا تقديم انفسكم وتاريخكم للآخرين، وتركتم الفراغ ليملأه من هب ودب، لقد حاول غيركم أن يكتب تاريخكم ويملأ الفراغ الذي تركتم، وكان الأولى بكم أن تنهضوا وتكسروا حواجز الصمت، وأن لا تخشوا شيئاً.
ألا تستحق «العشيرة» في بلدنا ان تسترد اعتبارها، وتستعيد عافيتها ومكانتها التي انتزعها، على غفلة، بعض «العابرين» على أرصفة أوجاعنا، أليس من الواجب ان نصارح هؤلاء «العُزوة» الذين تعمدنا تهميشهم وتجريحهم ونقول لهم : أخطأنا بحقكم، نعتذر لكم، لن تجدوا منا إلا ما يسركم؟
حسين الرواشدة
التزم الأردنيون الصمت، على مدى السنوات الماضية، وهم يتابعون العزف على أوتار ناشزة تدعو الى تجاوز منطق العشيرة، ربما كانوا يعتقدون، آنذاك، ان المقصود هو اعادة الاعتبار لهيبة الدولة والقانون، او الفصل بين السياسي والاجتماعي، لكنهم اكتشفوا ان وراء هذه الدعوات نوايا واجندات تحاول ان تشطب هويتنا، وتمحو ذاكرتنا، وتحولنا الى مجاميع من السكان، كما يريد اصحابها ان يستحوذوا على المناصب والامتيازات، ويحولوا البلد الى شركة مساهمة، يديرونها كما يشاؤون، أو إلى دويلات داخل الدولة.
ثم تكررت هذه الدعوات، حتى كدنا نكتشف ان «ابطالها» ليسوا اكثر من «كومبارس» يعزفون وراء فرقة واحدة، ويستغلون اية حادثة لالباسها بالعشيرة من زاوية التشكيك والقدح، وكأن تجريح عشائرنا اصبح «مائدة» يلتقي عليها اصحاب الاجندات الذين يعرفون « من اين تؤكل الكتف».
بوسع هؤلاء الذين حذرونا من الاعتماد على منطق العشيرة، وحرضونا على شيطنتها والغائها، ان يدلونا، اليوم، على شاهد واحد يقنعنا ان العشيرة قصرت بحق البلد، او أساءت اليه ( لا قدر الله)، أو ان البدائل التي طرحوها لملء فراغ العشيرة اسعفت الدولة في تجاوز مشكلاتنا وازماتنا، نريد ان نسألهم : هل القرارات والسياسات المتوحشة التي قصمت ظهور الفقراء ووسّعت الفجوة بين الطبقات، ودفعت الشباب الى الانتقام من انفسهم، ومن مجتمعهم، جاءتنا على مركب العشيرة ام على مراكب اخرى غرقت في التنظير واغرقتنا معها ايضا..؟
حين صدمتنا حادثة احراق الشهيد معاذ الكساسبة ( 2015) وهو يقف شامخا امام النيران التي اشعلها «الخوارج « في جسده النحيل، وبعدها حوادث استشهاد ابنائنا في الكرك والبقعة والركبان والفحيص والسلط..، على يد الارهاب الغادر، تذكرنا «العشيرة»، آنذاك افزعتنا الهواجس والمخاوف من ارتدادات الحدث على مجتمعنا، لكن بفضل منطق العشيرة الذي نشأت عليه الدولة ونهضت على اساسه، تبددت مخاوفنا، كما تحطمت على صخور ارادة «ابناء العشائر» المنغرسين كقرامي الزيتون في تربة الوطن اطماع المتربصين بنا، والمشككين بقدرتنا على تجاوز الازمات والمحن.
مع كل ازمة تواجهنا او نواجهها، نكتشف أصالة وبسالة «عشائرنا «، فنصحو على صرخة الضمير الذي لطالما حاول البعض اسكاتها باسم الليبرالية والإنتاجية، وكأن العشيرة هي التي اعاقت التنمية واعادتنا للوراء، او كأن هؤلاء النشامى الذين قدموا ارواحهم كرمى للوطن لا يستحقون ان يكون لهم – مثل غيرهم من ابناء الذوات – مقاعد في «قمرة» الخصخصة، اوعلى شرفات الناطقين باسم تحرير البلد من «الرعوية» والرجعية، واعادته الى رعاية « مقاولي» الحروب أو تجار النضالات المغشوشة.
حين تدقق في الاوضاع التي يراد لنا ان نصل اليها، وخاصة على صعيد الهوية والمكونات الاجتماعية، نكتشف ان المشكلة اعمق مما يبدو على السطح، يكفي هنا ان نسأل : ما هي الرواية التاريخية التي نقدمها لابنائنا عن بلدنا ؟ الاجابة- للأسف - موجودة ويمكن لمن اراد ان يعرفها التوجه الى اي كتاب في التاريخ، او التربية الوطنية التي ندرسها لطلبتنا في المدارس، وهي صادمة للاسف، لكن ما يصدمنا اكثر هو اننا نعاني من جدب تاريخي اعجزنا عن كتابة تاريخنا بالشكل المطلوب.
أشعر بالمرارة حين أسمع كلاماً مغشوشاً عن تاريخنا، ومزاعم لا أساس لها من الصحة عن دورنا ومواقفنا، ومحاولات لشيطنة عشائرنا، واتساءل: لماذا؟ فيأتي الجواب: انكم لم تحسنوا تقديم انفسكم وتاريخكم للآخرين، وتركتم الفراغ ليملأه من هب ودب، لقد حاول غيركم أن يكتب تاريخكم ويملأ الفراغ الذي تركتم، وكان الأولى بكم أن تنهضوا وتكسروا حواجز الصمت، وأن لا تخشوا شيئاً.
ألا تستحق «العشيرة» في بلدنا ان تسترد اعتبارها، وتستعيد عافيتها ومكانتها التي انتزعها، على غفلة، بعض «العابرين» على أرصفة أوجاعنا، أليس من الواجب ان نصارح هؤلاء «العُزوة» الذين تعمدنا تهميشهم وتجريحهم ونقول لهم : أخطأنا بحقكم، نعتذر لكم، لن تجدوا منا إلا ما يسركم؟
حسين الرواشدة
التزم الأردنيون الصمت، على مدى السنوات الماضية، وهم يتابعون العزف على أوتار ناشزة تدعو الى تجاوز منطق العشيرة، ربما كانوا يعتقدون، آنذاك، ان المقصود هو اعادة الاعتبار لهيبة الدولة والقانون، او الفصل بين السياسي والاجتماعي، لكنهم اكتشفوا ان وراء هذه الدعوات نوايا واجندات تحاول ان تشطب هويتنا، وتمحو ذاكرتنا، وتحولنا الى مجاميع من السكان، كما يريد اصحابها ان يستحوذوا على المناصب والامتيازات، ويحولوا البلد الى شركة مساهمة، يديرونها كما يشاؤون، أو إلى دويلات داخل الدولة.
ثم تكررت هذه الدعوات، حتى كدنا نكتشف ان «ابطالها» ليسوا اكثر من «كومبارس» يعزفون وراء فرقة واحدة، ويستغلون اية حادثة لالباسها بالعشيرة من زاوية التشكيك والقدح، وكأن تجريح عشائرنا اصبح «مائدة» يلتقي عليها اصحاب الاجندات الذين يعرفون « من اين تؤكل الكتف».
بوسع هؤلاء الذين حذرونا من الاعتماد على منطق العشيرة، وحرضونا على شيطنتها والغائها، ان يدلونا، اليوم، على شاهد واحد يقنعنا ان العشيرة قصرت بحق البلد، او أساءت اليه ( لا قدر الله)، أو ان البدائل التي طرحوها لملء فراغ العشيرة اسعفت الدولة في تجاوز مشكلاتنا وازماتنا، نريد ان نسألهم : هل القرارات والسياسات المتوحشة التي قصمت ظهور الفقراء ووسّعت الفجوة بين الطبقات، ودفعت الشباب الى الانتقام من انفسهم، ومن مجتمعهم، جاءتنا على مركب العشيرة ام على مراكب اخرى غرقت في التنظير واغرقتنا معها ايضا..؟
حين صدمتنا حادثة احراق الشهيد معاذ الكساسبة ( 2015) وهو يقف شامخا امام النيران التي اشعلها «الخوارج « في جسده النحيل، وبعدها حوادث استشهاد ابنائنا في الكرك والبقعة والركبان والفحيص والسلط..، على يد الارهاب الغادر، تذكرنا «العشيرة»، آنذاك افزعتنا الهواجس والمخاوف من ارتدادات الحدث على مجتمعنا، لكن بفضل منطق العشيرة الذي نشأت عليه الدولة ونهضت على اساسه، تبددت مخاوفنا، كما تحطمت على صخور ارادة «ابناء العشائر» المنغرسين كقرامي الزيتون في تربة الوطن اطماع المتربصين بنا، والمشككين بقدرتنا على تجاوز الازمات والمحن.
مع كل ازمة تواجهنا او نواجهها، نكتشف أصالة وبسالة «عشائرنا «، فنصحو على صرخة الضمير الذي لطالما حاول البعض اسكاتها باسم الليبرالية والإنتاجية، وكأن العشيرة هي التي اعاقت التنمية واعادتنا للوراء، او كأن هؤلاء النشامى الذين قدموا ارواحهم كرمى للوطن لا يستحقون ان يكون لهم – مثل غيرهم من ابناء الذوات – مقاعد في «قمرة» الخصخصة، اوعلى شرفات الناطقين باسم تحرير البلد من «الرعوية» والرجعية، واعادته الى رعاية « مقاولي» الحروب أو تجار النضالات المغشوشة.
حين تدقق في الاوضاع التي يراد لنا ان نصل اليها، وخاصة على صعيد الهوية والمكونات الاجتماعية، نكتشف ان المشكلة اعمق مما يبدو على السطح، يكفي هنا ان نسأل : ما هي الرواية التاريخية التي نقدمها لابنائنا عن بلدنا ؟ الاجابة- للأسف - موجودة ويمكن لمن اراد ان يعرفها التوجه الى اي كتاب في التاريخ، او التربية الوطنية التي ندرسها لطلبتنا في المدارس، وهي صادمة للاسف، لكن ما يصدمنا اكثر هو اننا نعاني من جدب تاريخي اعجزنا عن كتابة تاريخنا بالشكل المطلوب.
أشعر بالمرارة حين أسمع كلاماً مغشوشاً عن تاريخنا، ومزاعم لا أساس لها من الصحة عن دورنا ومواقفنا، ومحاولات لشيطنة عشائرنا، واتساءل: لماذا؟ فيأتي الجواب: انكم لم تحسنوا تقديم انفسكم وتاريخكم للآخرين، وتركتم الفراغ ليملأه من هب ودب، لقد حاول غيركم أن يكتب تاريخكم ويملأ الفراغ الذي تركتم، وكان الأولى بكم أن تنهضوا وتكسروا حواجز الصمت، وأن لا تخشوا شيئاً.
ألا تستحق «العشيرة» في بلدنا ان تسترد اعتبارها، وتستعيد عافيتها ومكانتها التي انتزعها، على غفلة، بعض «العابرين» على أرصفة أوجاعنا، أليس من الواجب ان نصارح هؤلاء «العُزوة» الذين تعمدنا تهميشهم وتجريحهم ونقول لهم : أخطأنا بحقكم، نعتذر لكم، لن تجدوا منا إلا ما يسركم؟
التعليقات