قبل عامين من قيام إسرائيل على أرض عربية مغتصبة، تأسس مجمع الشفاء الطبي على مفترق طرق شهير في الجانب الغربي من وسط غزة، ليضطلع بتقديم الخدمات الصحية للمدينة وللقطاع بشكل عام.
ومن الانتداب البريطاني إلى الإدارة المصرية إلى الاحتلال والحصار الإسرائيليين، حقق المجمّع نجاحات باهرة تمثلت في عدد المشافي المتخصصة بداخله وكفاءة طواقمه والمساحات الخضراء ومواكبة التطورات الطبية وبناء الشراكات العالمية.
لكن المشفى الثمانيني أصبح اليوم هدفا عسكريا للاحتلال الذي يمطر محيطه بالقنابل من الجو ويحاصره بالدبابات من مختلف الجهات ويمنع عنه الوقود ويضرب سيارات الإسعاف المنطلقة منه وإليه.
فما الأسباب التي جعلت منشأة صحية عريقة هدفا لجيش الاحتلال؟
مجمَّع الشفاء يضم مستشفيات متخصصة ويتكون طاقمه من 500 طبيب و700 ممرض (مواقع التواصل) (1) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استيقظت إسرائيل على نخبة من مقاتلي كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- وقد أحكموا سيطرتهم على مستوطنات غلاف غزة وأثخنوا قتلا في الجنود ثم أسروا عددا كبيرا وأجبروا خلقا كثيرا على النزوح بحثا عن أمان فشل جيش الاحتلال في تحقيقه لهم.
وضعت إسرائيل، التي لم تفق بعد من صدمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هدفين من ردها على عملية طوفان الأقصى: الأول القضاء كليا على حركة حماس، والثاني إعادة الأسرى إلى عائلاتهم.
ومنذ البداية، شكك كل من الشريك الأميركي والرأي العام الإسرائيلي في واقعية الأهداف المعلنة من طرف بنيامين نتنياهو الذي يرى في الحرب فرصة لإنقاذه من خطر الخروج من السلطة ودخول السجن، إذ يُتهم في قضايا فساد وقد يُلاحق بتهمة الخيانة العظمى.
ورغم مرور أكثر من 38 يوما على عدوان إسرائيل المستمر على غزة، فإنها لم تحرر أسيرا واحدا ولم تأسر أيا من قادة حماس، ولم تعرض صورا لفتكها بالمقاومة.
وفي حين تبث فصائل المقاومة كل يوم صورا حية لقتل جنود الاحتلال وتدمير آلياتهم، فإن الإنجاز الإسرائيلي الوحيد هو قصف المنازل والمشافي والمدارس، مما أدى لاستشهاد أكثر من 11 ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال.
وأمام هذا المأزق، عاد الجيش الإسرائيلي لرواية أعلن عنها في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدأ يسوقها لجمهوره وللغرب، وحوّلها إلى محور عملياته العسكرية في القطاع.
تقول الرواية إن مركز قيادة حماس يقع في نفق تحت مجمع الشفاء الطبي، وإن تدميره ضروري للقضاء على الحركة وضمان أمن إسرائيل.
وقد بادرت المقاومة الفلسطينية لتفنيد هذه الرواية وطالبت المجتمع الدولي بإيفاد مراقبين مستقلين للتأكد من عدم استغلال المشفى في أي من الأغراض العسكرية.
ولكن المجتمع الدولي -الداعم في معظمه لإسرائيل- لم يعمل طبعا على تفنيد مزاعمها، ليواصل الاحتلال تكثيف عدوانه على مجمع الشفاء ومحاصرته من كل الجهات.
وأمام تغاضي العالم وتواطئه، قد يتمكن الاحتلال من إعلان نصر وهمي، ويقنع جمهوره بأنه دمر مركز قيادة حماس الواقع في نفق تحت مجمع الشفاء، على حد زعمه.
بيد أن هذا ليس السبب الوحيد لاستهداف المجمع الذي يقع على مساحة 45 ألف متر مربع، والذي يضم مستشفيات للجراحة والأمراض الباطنية والنساء والتوليد وحضانة الخدج والطوارئ والعناية المركزة ووحدة غسيل الكلى والأشعة وبنك الدم.
كذلك يضم المستشفى عيادات تخصصية في مجالات الأنف والأذن والحنجرة، والعظام، والمسالك البولية، والروماتيزم، وأمراض السرطان، وتخصصات أخرى عديدة.
فمنذ عام 2007، تحول مجمع الشفاء الطبي إلى قلعة نضال، من حيث استضافته وفود كسر الحصار واحتضانه مؤتمرات صحية تعري جرائم الاحتلال، ونجاحاته في بناء شراكات قوية مع المنظمات الدولية.
وبالعودة إلى سبتمبر/أيلول وأغسطس/آب الماضيين، نجد أن المجمع استضاف وفودا من الهيئات والمنظمات الدولية، وحظي بإشادات لنجاحه في مواكبة التطورات الطبية وابتكاره للحلول رغم الحصار .
فيوم 18 سبتمبر/أيلول الماضي، استقبل المجمع وفدا من منظمة 'أطباء بلا حدود- فرنسا' برئاسة الدكتور توماس جوليمتي، في إطار تطوير وإنشاء خدمات جديدة تتعلق بترميم الأطراف وترميم الثدي وإجراء عمليات معقدة في الوجه والفكين.
وقد أشاد الوفد الفرنسي بمستوى الخدمات التي يقدمها المجمع والتطور الملحوظ في قسم الطوارئ واطّلع على سير العمليات في قسم ترميم الكسور المعقدة.
وفي العاشر من أغسطس/آب الماضي، أعلن المجمع اختتام زيارة وفد طبي أميركي بعد أن أجرى 16 عملية جراحية بالاشتراك مع الطواقم المحلية.
وفي حديث للجزيرة، يرى اللواء فايز الدويري أن مجمع الشفاء الطبي تحول إلى عنوان للصمود والتحدي، 'وإسرائيل تريد كسر هذه الرمزية'.
ويلاحظ اللواء الدويري أن المشفى يأخذ حاليا دور الحكومة على صعيد مخاطبة الرأي العام واحتضان المؤتمرات الصحفية التي تفضح الإجرام الصهيوني، وبالتالي لا بد من إسكاته.
لكن هناك شواهد في مسلكيات الاحتلال تؤكد أنه سعيه يتجاوز كسر رمزية هذه المعلمة الصحية الحضارية، إلى إلحاق أكبر قدر من الأذى والمشقة بالناس العاديين.
وبما أن الاحتلال قصف مختلف المدارس والمشافي ومكاتب الإغاثة، فإن تكثيف عدوانه على مجمع الشفاء يهدف أيضا إلى الفتك بالمدنيين الفلسطينيين وحرمانهم من عطاء هذه المنشأة التي تقدم خدمات طبية عالية الجودة على مدار الساعة.
حاليا، يعمل في المشفى أزيد من ربع العاملين في القطاع الصحي في قطاع غزة بالكامل، حيث يضم أزيد من 500 طبيب وأزيد من 700 ممرض، إلى جانب طواقم الإسعاف والصيدلة والإدارة.
وفي وقت سابق، أوضح مدير دائرة الأشعة بمجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد مطر أنهم أجروا 150 ألف خدمة تصوير طبي خلال النصف الأول من العام الجاري وأن عدد صور الأشعة المقطعية بلغ 9611، في حين وصل عدد صور الرنين المغناطيسي إلى 3792، وتصوير الثدي إلى 1327.
ومن الأرقام التي تعكس محورية المجمع في حياة السكان أنه أجرى 6700 حالة ولادة في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، وأجرى في الفترة ذاتها 2312 عملية قيصرية.
المصدر : الجزيرة
قبل عامين من قيام إسرائيل على أرض عربية مغتصبة، تأسس مجمع الشفاء الطبي على مفترق طرق شهير في الجانب الغربي من وسط غزة، ليضطلع بتقديم الخدمات الصحية للمدينة وللقطاع بشكل عام.
ومن الانتداب البريطاني إلى الإدارة المصرية إلى الاحتلال والحصار الإسرائيليين، حقق المجمّع نجاحات باهرة تمثلت في عدد المشافي المتخصصة بداخله وكفاءة طواقمه والمساحات الخضراء ومواكبة التطورات الطبية وبناء الشراكات العالمية.
لكن المشفى الثمانيني أصبح اليوم هدفا عسكريا للاحتلال الذي يمطر محيطه بالقنابل من الجو ويحاصره بالدبابات من مختلف الجهات ويمنع عنه الوقود ويضرب سيارات الإسعاف المنطلقة منه وإليه.
فما الأسباب التي جعلت منشأة صحية عريقة هدفا لجيش الاحتلال؟
مجمَّع الشفاء يضم مستشفيات متخصصة ويتكون طاقمه من 500 طبيب و700 ممرض (مواقع التواصل) (1) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استيقظت إسرائيل على نخبة من مقاتلي كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- وقد أحكموا سيطرتهم على مستوطنات غلاف غزة وأثخنوا قتلا في الجنود ثم أسروا عددا كبيرا وأجبروا خلقا كثيرا على النزوح بحثا عن أمان فشل جيش الاحتلال في تحقيقه لهم.
وضعت إسرائيل، التي لم تفق بعد من صدمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هدفين من ردها على عملية طوفان الأقصى: الأول القضاء كليا على حركة حماس، والثاني إعادة الأسرى إلى عائلاتهم.
ومنذ البداية، شكك كل من الشريك الأميركي والرأي العام الإسرائيلي في واقعية الأهداف المعلنة من طرف بنيامين نتنياهو الذي يرى في الحرب فرصة لإنقاذه من خطر الخروج من السلطة ودخول السجن، إذ يُتهم في قضايا فساد وقد يُلاحق بتهمة الخيانة العظمى.
ورغم مرور أكثر من 38 يوما على عدوان إسرائيل المستمر على غزة، فإنها لم تحرر أسيرا واحدا ولم تأسر أيا من قادة حماس، ولم تعرض صورا لفتكها بالمقاومة.
وفي حين تبث فصائل المقاومة كل يوم صورا حية لقتل جنود الاحتلال وتدمير آلياتهم، فإن الإنجاز الإسرائيلي الوحيد هو قصف المنازل والمشافي والمدارس، مما أدى لاستشهاد أكثر من 11 ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال.
وأمام هذا المأزق، عاد الجيش الإسرائيلي لرواية أعلن عنها في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدأ يسوقها لجمهوره وللغرب، وحوّلها إلى محور عملياته العسكرية في القطاع.
تقول الرواية إن مركز قيادة حماس يقع في نفق تحت مجمع الشفاء الطبي، وإن تدميره ضروري للقضاء على الحركة وضمان أمن إسرائيل.
وقد بادرت المقاومة الفلسطينية لتفنيد هذه الرواية وطالبت المجتمع الدولي بإيفاد مراقبين مستقلين للتأكد من عدم استغلال المشفى في أي من الأغراض العسكرية.
ولكن المجتمع الدولي -الداعم في معظمه لإسرائيل- لم يعمل طبعا على تفنيد مزاعمها، ليواصل الاحتلال تكثيف عدوانه على مجمع الشفاء ومحاصرته من كل الجهات.
وأمام تغاضي العالم وتواطئه، قد يتمكن الاحتلال من إعلان نصر وهمي، ويقنع جمهوره بأنه دمر مركز قيادة حماس الواقع في نفق تحت مجمع الشفاء، على حد زعمه.
بيد أن هذا ليس السبب الوحيد لاستهداف المجمع الذي يقع على مساحة 45 ألف متر مربع، والذي يضم مستشفيات للجراحة والأمراض الباطنية والنساء والتوليد وحضانة الخدج والطوارئ والعناية المركزة ووحدة غسيل الكلى والأشعة وبنك الدم.
كذلك يضم المستشفى عيادات تخصصية في مجالات الأنف والأذن والحنجرة، والعظام، والمسالك البولية، والروماتيزم، وأمراض السرطان، وتخصصات أخرى عديدة.
فمنذ عام 2007، تحول مجمع الشفاء الطبي إلى قلعة نضال، من حيث استضافته وفود كسر الحصار واحتضانه مؤتمرات صحية تعري جرائم الاحتلال، ونجاحاته في بناء شراكات قوية مع المنظمات الدولية.
وبالعودة إلى سبتمبر/أيلول وأغسطس/آب الماضيين، نجد أن المجمع استضاف وفودا من الهيئات والمنظمات الدولية، وحظي بإشادات لنجاحه في مواكبة التطورات الطبية وابتكاره للحلول رغم الحصار .
فيوم 18 سبتمبر/أيلول الماضي، استقبل المجمع وفدا من منظمة 'أطباء بلا حدود- فرنسا' برئاسة الدكتور توماس جوليمتي، في إطار تطوير وإنشاء خدمات جديدة تتعلق بترميم الأطراف وترميم الثدي وإجراء عمليات معقدة في الوجه والفكين.
وقد أشاد الوفد الفرنسي بمستوى الخدمات التي يقدمها المجمع والتطور الملحوظ في قسم الطوارئ واطّلع على سير العمليات في قسم ترميم الكسور المعقدة.
وفي العاشر من أغسطس/آب الماضي، أعلن المجمع اختتام زيارة وفد طبي أميركي بعد أن أجرى 16 عملية جراحية بالاشتراك مع الطواقم المحلية.
وفي حديث للجزيرة، يرى اللواء فايز الدويري أن مجمع الشفاء الطبي تحول إلى عنوان للصمود والتحدي، 'وإسرائيل تريد كسر هذه الرمزية'.
ويلاحظ اللواء الدويري أن المشفى يأخذ حاليا دور الحكومة على صعيد مخاطبة الرأي العام واحتضان المؤتمرات الصحفية التي تفضح الإجرام الصهيوني، وبالتالي لا بد من إسكاته.
لكن هناك شواهد في مسلكيات الاحتلال تؤكد أنه سعيه يتجاوز كسر رمزية هذه المعلمة الصحية الحضارية، إلى إلحاق أكبر قدر من الأذى والمشقة بالناس العاديين.
وبما أن الاحتلال قصف مختلف المدارس والمشافي ومكاتب الإغاثة، فإن تكثيف عدوانه على مجمع الشفاء يهدف أيضا إلى الفتك بالمدنيين الفلسطينيين وحرمانهم من عطاء هذه المنشأة التي تقدم خدمات طبية عالية الجودة على مدار الساعة.
حاليا، يعمل في المشفى أزيد من ربع العاملين في القطاع الصحي في قطاع غزة بالكامل، حيث يضم أزيد من 500 طبيب وأزيد من 700 ممرض، إلى جانب طواقم الإسعاف والصيدلة والإدارة.
وفي وقت سابق، أوضح مدير دائرة الأشعة بمجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد مطر أنهم أجروا 150 ألف خدمة تصوير طبي خلال النصف الأول من العام الجاري وأن عدد صور الأشعة المقطعية بلغ 9611، في حين وصل عدد صور الرنين المغناطيسي إلى 3792، وتصوير الثدي إلى 1327.
ومن الأرقام التي تعكس محورية المجمع في حياة السكان أنه أجرى 6700 حالة ولادة في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، وأجرى في الفترة ذاتها 2312 عملية قيصرية.
المصدر : الجزيرة
قبل عامين من قيام إسرائيل على أرض عربية مغتصبة، تأسس مجمع الشفاء الطبي على مفترق طرق شهير في الجانب الغربي من وسط غزة، ليضطلع بتقديم الخدمات الصحية للمدينة وللقطاع بشكل عام.
ومن الانتداب البريطاني إلى الإدارة المصرية إلى الاحتلال والحصار الإسرائيليين، حقق المجمّع نجاحات باهرة تمثلت في عدد المشافي المتخصصة بداخله وكفاءة طواقمه والمساحات الخضراء ومواكبة التطورات الطبية وبناء الشراكات العالمية.
لكن المشفى الثمانيني أصبح اليوم هدفا عسكريا للاحتلال الذي يمطر محيطه بالقنابل من الجو ويحاصره بالدبابات من مختلف الجهات ويمنع عنه الوقود ويضرب سيارات الإسعاف المنطلقة منه وإليه.
فما الأسباب التي جعلت منشأة صحية عريقة هدفا لجيش الاحتلال؟
مجمَّع الشفاء يضم مستشفيات متخصصة ويتكون طاقمه من 500 طبيب و700 ممرض (مواقع التواصل) (1) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استيقظت إسرائيل على نخبة من مقاتلي كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- وقد أحكموا سيطرتهم على مستوطنات غلاف غزة وأثخنوا قتلا في الجنود ثم أسروا عددا كبيرا وأجبروا خلقا كثيرا على النزوح بحثا عن أمان فشل جيش الاحتلال في تحقيقه لهم.
وضعت إسرائيل، التي لم تفق بعد من صدمة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هدفين من ردها على عملية طوفان الأقصى: الأول القضاء كليا على حركة حماس، والثاني إعادة الأسرى إلى عائلاتهم.
ومنذ البداية، شكك كل من الشريك الأميركي والرأي العام الإسرائيلي في واقعية الأهداف المعلنة من طرف بنيامين نتنياهو الذي يرى في الحرب فرصة لإنقاذه من خطر الخروج من السلطة ودخول السجن، إذ يُتهم في قضايا فساد وقد يُلاحق بتهمة الخيانة العظمى.
ورغم مرور أكثر من 38 يوما على عدوان إسرائيل المستمر على غزة، فإنها لم تحرر أسيرا واحدا ولم تأسر أيا من قادة حماس، ولم تعرض صورا لفتكها بالمقاومة.
وفي حين تبث فصائل المقاومة كل يوم صورا حية لقتل جنود الاحتلال وتدمير آلياتهم، فإن الإنجاز الإسرائيلي الوحيد هو قصف المنازل والمشافي والمدارس، مما أدى لاستشهاد أكثر من 11 ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال.
وأمام هذا المأزق، عاد الجيش الإسرائيلي لرواية أعلن عنها في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدأ يسوقها لجمهوره وللغرب، وحوّلها إلى محور عملياته العسكرية في القطاع.
تقول الرواية إن مركز قيادة حماس يقع في نفق تحت مجمع الشفاء الطبي، وإن تدميره ضروري للقضاء على الحركة وضمان أمن إسرائيل.
وقد بادرت المقاومة الفلسطينية لتفنيد هذه الرواية وطالبت المجتمع الدولي بإيفاد مراقبين مستقلين للتأكد من عدم استغلال المشفى في أي من الأغراض العسكرية.
ولكن المجتمع الدولي -الداعم في معظمه لإسرائيل- لم يعمل طبعا على تفنيد مزاعمها، ليواصل الاحتلال تكثيف عدوانه على مجمع الشفاء ومحاصرته من كل الجهات.
وأمام تغاضي العالم وتواطئه، قد يتمكن الاحتلال من إعلان نصر وهمي، ويقنع جمهوره بأنه دمر مركز قيادة حماس الواقع في نفق تحت مجمع الشفاء، على حد زعمه.
بيد أن هذا ليس السبب الوحيد لاستهداف المجمع الذي يقع على مساحة 45 ألف متر مربع، والذي يضم مستشفيات للجراحة والأمراض الباطنية والنساء والتوليد وحضانة الخدج والطوارئ والعناية المركزة ووحدة غسيل الكلى والأشعة وبنك الدم.
كذلك يضم المستشفى عيادات تخصصية في مجالات الأنف والأذن والحنجرة، والعظام، والمسالك البولية، والروماتيزم، وأمراض السرطان، وتخصصات أخرى عديدة.
فمنذ عام 2007، تحول مجمع الشفاء الطبي إلى قلعة نضال، من حيث استضافته وفود كسر الحصار واحتضانه مؤتمرات صحية تعري جرائم الاحتلال، ونجاحاته في بناء شراكات قوية مع المنظمات الدولية.
وبالعودة إلى سبتمبر/أيلول وأغسطس/آب الماضيين، نجد أن المجمع استضاف وفودا من الهيئات والمنظمات الدولية، وحظي بإشادات لنجاحه في مواكبة التطورات الطبية وابتكاره للحلول رغم الحصار .
فيوم 18 سبتمبر/أيلول الماضي، استقبل المجمع وفدا من منظمة 'أطباء بلا حدود- فرنسا' برئاسة الدكتور توماس جوليمتي، في إطار تطوير وإنشاء خدمات جديدة تتعلق بترميم الأطراف وترميم الثدي وإجراء عمليات معقدة في الوجه والفكين.
وقد أشاد الوفد الفرنسي بمستوى الخدمات التي يقدمها المجمع والتطور الملحوظ في قسم الطوارئ واطّلع على سير العمليات في قسم ترميم الكسور المعقدة.
وفي العاشر من أغسطس/آب الماضي، أعلن المجمع اختتام زيارة وفد طبي أميركي بعد أن أجرى 16 عملية جراحية بالاشتراك مع الطواقم المحلية.
وفي حديث للجزيرة، يرى اللواء فايز الدويري أن مجمع الشفاء الطبي تحول إلى عنوان للصمود والتحدي، 'وإسرائيل تريد كسر هذه الرمزية'.
ويلاحظ اللواء الدويري أن المشفى يأخذ حاليا دور الحكومة على صعيد مخاطبة الرأي العام واحتضان المؤتمرات الصحفية التي تفضح الإجرام الصهيوني، وبالتالي لا بد من إسكاته.
لكن هناك شواهد في مسلكيات الاحتلال تؤكد أنه سعيه يتجاوز كسر رمزية هذه المعلمة الصحية الحضارية، إلى إلحاق أكبر قدر من الأذى والمشقة بالناس العاديين.
وبما أن الاحتلال قصف مختلف المدارس والمشافي ومكاتب الإغاثة، فإن تكثيف عدوانه على مجمع الشفاء يهدف أيضا إلى الفتك بالمدنيين الفلسطينيين وحرمانهم من عطاء هذه المنشأة التي تقدم خدمات طبية عالية الجودة على مدار الساعة.
حاليا، يعمل في المشفى أزيد من ربع العاملين في القطاع الصحي في قطاع غزة بالكامل، حيث يضم أزيد من 500 طبيب وأزيد من 700 ممرض، إلى جانب طواقم الإسعاف والصيدلة والإدارة.
وفي وقت سابق، أوضح مدير دائرة الأشعة بمجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد مطر أنهم أجروا 150 ألف خدمة تصوير طبي خلال النصف الأول من العام الجاري وأن عدد صور الأشعة المقطعية بلغ 9611، في حين وصل عدد صور الرنين المغناطيسي إلى 3792، وتصوير الثدي إلى 1327.
ومن الأرقام التي تعكس محورية المجمع في حياة السكان أنه أجرى 6700 حالة ولادة في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، وأجرى في الفترة ذاتها 2312 عملية قيصرية.
المصدر : الجزيرة
التعليقات
3 أسباب جعلت مجمع الشفاء أهم هدف عسكري لإسرائيل
 
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
التعليقات