أرادت إسرائيل حماية نفسها من الهجمات من غزة بنظام حدودي كلف ملايين اليوروهات. لكن نظام التكنولوجيا الفائقة هذا، فشل.
مجلة شبيغل الإخبارية الألمانية الأشهر، سلطت الضوء على قدرة إسرائيل على حماية نفسها عبر هذا الجدار، ورصدت عبر خبراء ألمان أبرز ملامح هذا الفشل.
بداية فإن اختراق الحدود والذي أثار انتباه العالم، سلط الضوء على فشل إسرائيل الاستخباراتي، وعدم قدرتها على رصد تحركات حركة حماس بالرغم من التفوق التقني الهائل الذي تحوزه، بيد أن القليل من وسائل الإعلام سلطت الضوء على ماهية الجدار نفسه والذي أقامته إسرائيل بغرض التحكم في قطاع غزة، ومنع انتقال المقاومين إلى المستوطنات الإسرائيلية المجاورة.
بحسب شبيغل فإن فشل الجدار، لا يعود إلى اختراق جدار حدودي عادي، إذ أن إسرائيل زرعت أنظمة استشعار واستطلاع تكنولوجي فائقة عبر هذا الجدار، حيث تباهت مجموعة التكنولوجيا الإسرائيلية Elbit مرارا بقدرات هذا الجدار والنظام الذكي المدمج به، والذي أسمته Torch-X Borders.
إذ يتعلق الأمر بتأمين الحدود، حيث تتم مراقبة المنطقة ليلا ونهارا بالكاميرات والرادارات من أبراج المراقبة الثابتة. بالإضافة إلى ذلك، هناك أجهزة استشعار مزروعة على الجدار أو حتى على المركبات المحيطة، والتي ترتبط بها كذلك شبكة من طائرات الاستطلاع بدون طيار التي تراقب الوضع من الجو، وترصد حتى عمليات الاتصال المحيطة وتنقلها إلى طاقم متخصص من أجل فك تشفيرها أو حتى اعتراضها، وحتى الاتصالات من الجانب الآخر يمكن اعتراضها.
في نهاية المطاف، يتم تجميع كل المعلومات معا في مركز القيادة، حيث يقدم البرنامج الأمني توقعات ونصائح للمسؤولين بشأن التهديدات المحتملة التي يجب معالجتها وبأي ترتيب. يتم توجيه فرق الاستجابة على الأرض إلى موقع انتهاك الحدود المحتمل.
المعدات التقنية الدقيقة للمنشأة الحدودية بين إسرائيل وقطاع غزة ليست معروفة من أجل الخاصية الأمنية. وكانت هناك تقارير عن وجود مركبات روبوتية مستقلة جزئيا على الحدود مع غزة.
ومع ذلك، فإن الهجوم الضخم الذي شنه مقاتلو حماس على إسرائيل، قد أظهر بوضوح شديد قدرات متواضعة لما يمكن أن تحققه التكنولوجيا المتقدمة في مثل هذه المواقف. إذ تم الاجتياح ولم تتمكن إسرائيل من إرسال قوات برية إلى المعركة، وهو ما يشير إلى فشل كبير لهذه التكنولوجيا باهظة الثمن والتي عجزت عن التعامل مع ما حصل على الأرض. فحتى التكنولوجيا الباهظة والمتطورة للغاية لن تتمكن وحدها من الإنقاذ.
ووفقاً للمعلومات الحالية، قُتل ما لا يقل عن 900 شخص في إسرائيل، وتم اختطاف عدد غير معلوم من الإسرائيليين والعودة بهم عبر الحدود، أي تم عبور الجدار بالاتجاهين لأكثر من مرة، وهو ما يشير إلى فشل الأجهزة لعدد كبير من المرات وليس لمرة واحدة فقط، فماذا حدث؟
حتى الآن، كان هناك حاجز يبلغ طوله 65 كيلومترا يحمي الأراضي الإسرائيلية من الهجمات القادمة من غزة. ووصف وزير الدفاع آنذاك بيني غانتس المنشأة بأنها “جدار مصنوع من الحديد وأجهزة الاستشعار والخرسانة” عند افتتاح مرحلة التوسعة الأخيرة قبل عامين تقريبا. وكانت الحكومة فخورة ببنائها الذي عمل فيه 1200 عامل. وتم نقل حمولة 330 ألف شاحنة من الرمال والحجارة والتراب، ووضع مليوني متر مكعب من الخرسانة، واستخدام 140 ألف طن من المعدن.
وقيل في ذلك الوقت، إن هناك الكثير من حديد التسليح الذي يمكن استخدامه لتغطية الطريق من إسرائيل إلى أستراليا. وبحسب المجلة، فإن نظام الحدود المذكور هدف إلى تجنب المخاطر على الأرض. إذ لم يكن الجدار المجهز بعدد لا يحصى من أجهزة الاستشعار عالية التقنية، فوق الأرض فحسب، بل كان أيضا يحتوي على أجهزة تحت الأرض لمنع محاولات الاختراق وحفر الأنفاق.
وكثيراً ما كانت حماس تتحدى إسرائيل بالأنفاق. فقبل 17 عاما، اختطف الفلسطينيون الجندي جلعاد شاليط عبر نفق من تحت الأرض. ولكن بعد توسيع المرافق الحدودية، لم يعد هذا موجودا.
أسباب فشل عديدة المجلة الألمانية أجرت مقابلة مع خبير أمني متخصص يعمل في جامعة تتبع الجيش الألماني في ميونخ، حيث قال إنه لأمر صادم أن يتم ترك الكثير من الفجوات مفتوحة ضمن جدار أمني يتم التحكم به عبر التكنولوجيا ومجموعة أمنية بشرية مساندة.
وبحسب الخبير الألماني الذي حلل مقاطع الفيديو الخاصة بالهجوم والتي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، رصد قدرات متواضعة واختراقات تمت للتكنولوجيا الأمنية التي تدير الجدار. وبحسب الخبير، فإن ما جرى هو أمر بسيط لكن مهم. العديد من الأمور تطورت، ومن الواضح أنه لم يتم تطوير أو إدخال بيانات جديدة للجدار.
ويوضح: “من المدهش أن بعض الأشياء التي كانت تقلق الخبراء لسنوات لم تكن متوقعة على ما يبدو. على سبيل المثال، لم أكن أعتقد أنه من الممكن أن تتمكن طائرات بدون طيار بسيطة تحمل قنابل يدوية من تدمير صفوف من أبراج المراقبة وحتى دبابة”.
ويقول: “كان ينبغي على الإسرائيليين أن يدركوا هذا الخطر وأن يتفادوه إن أمكن. إن إرسال طائرات بدون طيار رخيصة الثمن محملة بالقنابل اليدوية إلى أهداف ثمينة هي استراتيجية معروفة أيضا من حرب أوكرانيا. هذه الطائرات أو الأجهزة البسيطة كان من الممكن أن يراها شخص يحمل منظارا على الفور. ولكن يبدو أنه تم الاعتماد الكامل أو الأكبر على التكنولوجيا الأمنية التي أظهرت فشلها”.
ويقول الخبير إنه أصبح من الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على هذه التكنولوجيا. جاء المهاجمون من البحر والجو والبر. استخدموا الزوارق، والطائرات الشراعية الآلية التي تحلق ببطء، وسووا السياج بالأرض بالجرافات، والشاحنات الصغيرة والدراجات النارية، ودمروا تكنولوجيا المراقبة بطائرات بدون طيار. لقد فشل النظام بأكمله. إنها ليست مجرد عنصر واحد.
في الأسابيع والأشهر المقبلة، سيتعين على المسؤولين في إسرائيل أن يحللوا كيف حدثت الكارثة في نهاية الأسبوع الماضي. وسيتحدث الناس عن فشل أجهزة المخابرات التي كان من المفترض أن تراقب اتصالات الإرهابيين وتسعى لاختراق مجموعاتهم. سيكون هناك جدل حول الدور الذي لعبته الاعتبارات الاستراتيجية العسكرية. ويشمل ذلك نقل القوات من الجنوب إلى الضفة الغربية من أجل ضمان السلام هناك، بعد أن أدت سياسات حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بشكل متزايد إلى احتجاجات الفلسطينيين العنيفين.
ويقول الخبير الألماني لشبيغل: “إن الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالباً ما تعتمد على افتراض أن العدو غير قادر على التفكير الموازي القادر على إبطال قدرة هذه الأجهزة، وهذا سبب فشل رئيسي”.
ويوضح: “بطبيعة الحال، هناك جدل حول مدى فعالية نظام الحدود عالي التقنية. المشكلة واضحة: الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالبا ما تعتمد على افتراض أن العدو لا يطور نفسه بسرعة وقدرات تفكيره محدودة لا يفكر في المستقبل ولا يتكيف معها. هذه مشكلة. ويبدو أن المهاجمين الذين طاروا ببطء وعلى ارتفاع منخفض باستخدام الطائرات الشراعية كانوا قادرين على التفوق على أجهزة الاستشعار؛ وكان من الممكن أن يرصدها شخص يستخدم منظارا على الفور”.
هناك شيء واحد واضح: “عدم وجود أشخاص في أبراج المراقبة كان أيضا قرارا سياسيا. أدت الأتمتة واسعة النطاق لمراقبة الحدود إلى تقليل خطر تحول المواقع إلى أهداف للقناصة من غزة. ومع ذلك يبقى السؤال: لماذا لم تتمكن التكنولوجيا من حماية الإسرائيليين”.
أرادت إسرائيل حماية نفسها من الهجمات من غزة بنظام حدودي كلف ملايين اليوروهات. لكن نظام التكنولوجيا الفائقة هذا، فشل.
مجلة شبيغل الإخبارية الألمانية الأشهر، سلطت الضوء على قدرة إسرائيل على حماية نفسها عبر هذا الجدار، ورصدت عبر خبراء ألمان أبرز ملامح هذا الفشل.
بداية فإن اختراق الحدود والذي أثار انتباه العالم، سلط الضوء على فشل إسرائيل الاستخباراتي، وعدم قدرتها على رصد تحركات حركة حماس بالرغم من التفوق التقني الهائل الذي تحوزه، بيد أن القليل من وسائل الإعلام سلطت الضوء على ماهية الجدار نفسه والذي أقامته إسرائيل بغرض التحكم في قطاع غزة، ومنع انتقال المقاومين إلى المستوطنات الإسرائيلية المجاورة.
بحسب شبيغل فإن فشل الجدار، لا يعود إلى اختراق جدار حدودي عادي، إذ أن إسرائيل زرعت أنظمة استشعار واستطلاع تكنولوجي فائقة عبر هذا الجدار، حيث تباهت مجموعة التكنولوجيا الإسرائيلية Elbit مرارا بقدرات هذا الجدار والنظام الذكي المدمج به، والذي أسمته Torch-X Borders.
إذ يتعلق الأمر بتأمين الحدود، حيث تتم مراقبة المنطقة ليلا ونهارا بالكاميرات والرادارات من أبراج المراقبة الثابتة. بالإضافة إلى ذلك، هناك أجهزة استشعار مزروعة على الجدار أو حتى على المركبات المحيطة، والتي ترتبط بها كذلك شبكة من طائرات الاستطلاع بدون طيار التي تراقب الوضع من الجو، وترصد حتى عمليات الاتصال المحيطة وتنقلها إلى طاقم متخصص من أجل فك تشفيرها أو حتى اعتراضها، وحتى الاتصالات من الجانب الآخر يمكن اعتراضها.
في نهاية المطاف، يتم تجميع كل المعلومات معا في مركز القيادة، حيث يقدم البرنامج الأمني توقعات ونصائح للمسؤولين بشأن التهديدات المحتملة التي يجب معالجتها وبأي ترتيب. يتم توجيه فرق الاستجابة على الأرض إلى موقع انتهاك الحدود المحتمل.
المعدات التقنية الدقيقة للمنشأة الحدودية بين إسرائيل وقطاع غزة ليست معروفة من أجل الخاصية الأمنية. وكانت هناك تقارير عن وجود مركبات روبوتية مستقلة جزئيا على الحدود مع غزة.
ومع ذلك، فإن الهجوم الضخم الذي شنه مقاتلو حماس على إسرائيل، قد أظهر بوضوح شديد قدرات متواضعة لما يمكن أن تحققه التكنولوجيا المتقدمة في مثل هذه المواقف. إذ تم الاجتياح ولم تتمكن إسرائيل من إرسال قوات برية إلى المعركة، وهو ما يشير إلى فشل كبير لهذه التكنولوجيا باهظة الثمن والتي عجزت عن التعامل مع ما حصل على الأرض. فحتى التكنولوجيا الباهظة والمتطورة للغاية لن تتمكن وحدها من الإنقاذ.
ووفقاً للمعلومات الحالية، قُتل ما لا يقل عن 900 شخص في إسرائيل، وتم اختطاف عدد غير معلوم من الإسرائيليين والعودة بهم عبر الحدود، أي تم عبور الجدار بالاتجاهين لأكثر من مرة، وهو ما يشير إلى فشل الأجهزة لعدد كبير من المرات وليس لمرة واحدة فقط، فماذا حدث؟
حتى الآن، كان هناك حاجز يبلغ طوله 65 كيلومترا يحمي الأراضي الإسرائيلية من الهجمات القادمة من غزة. ووصف وزير الدفاع آنذاك بيني غانتس المنشأة بأنها “جدار مصنوع من الحديد وأجهزة الاستشعار والخرسانة” عند افتتاح مرحلة التوسعة الأخيرة قبل عامين تقريبا. وكانت الحكومة فخورة ببنائها الذي عمل فيه 1200 عامل. وتم نقل حمولة 330 ألف شاحنة من الرمال والحجارة والتراب، ووضع مليوني متر مكعب من الخرسانة، واستخدام 140 ألف طن من المعدن.
وقيل في ذلك الوقت، إن هناك الكثير من حديد التسليح الذي يمكن استخدامه لتغطية الطريق من إسرائيل إلى أستراليا. وبحسب المجلة، فإن نظام الحدود المذكور هدف إلى تجنب المخاطر على الأرض. إذ لم يكن الجدار المجهز بعدد لا يحصى من أجهزة الاستشعار عالية التقنية، فوق الأرض فحسب، بل كان أيضا يحتوي على أجهزة تحت الأرض لمنع محاولات الاختراق وحفر الأنفاق.
وكثيراً ما كانت حماس تتحدى إسرائيل بالأنفاق. فقبل 17 عاما، اختطف الفلسطينيون الجندي جلعاد شاليط عبر نفق من تحت الأرض. ولكن بعد توسيع المرافق الحدودية، لم يعد هذا موجودا.
أسباب فشل عديدة المجلة الألمانية أجرت مقابلة مع خبير أمني متخصص يعمل في جامعة تتبع الجيش الألماني في ميونخ، حيث قال إنه لأمر صادم أن يتم ترك الكثير من الفجوات مفتوحة ضمن جدار أمني يتم التحكم به عبر التكنولوجيا ومجموعة أمنية بشرية مساندة.
وبحسب الخبير الألماني الذي حلل مقاطع الفيديو الخاصة بالهجوم والتي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، رصد قدرات متواضعة واختراقات تمت للتكنولوجيا الأمنية التي تدير الجدار. وبحسب الخبير، فإن ما جرى هو أمر بسيط لكن مهم. العديد من الأمور تطورت، ومن الواضح أنه لم يتم تطوير أو إدخال بيانات جديدة للجدار.
ويوضح: “من المدهش أن بعض الأشياء التي كانت تقلق الخبراء لسنوات لم تكن متوقعة على ما يبدو. على سبيل المثال، لم أكن أعتقد أنه من الممكن أن تتمكن طائرات بدون طيار بسيطة تحمل قنابل يدوية من تدمير صفوف من أبراج المراقبة وحتى دبابة”.
ويقول: “كان ينبغي على الإسرائيليين أن يدركوا هذا الخطر وأن يتفادوه إن أمكن. إن إرسال طائرات بدون طيار رخيصة الثمن محملة بالقنابل اليدوية إلى أهداف ثمينة هي استراتيجية معروفة أيضا من حرب أوكرانيا. هذه الطائرات أو الأجهزة البسيطة كان من الممكن أن يراها شخص يحمل منظارا على الفور. ولكن يبدو أنه تم الاعتماد الكامل أو الأكبر على التكنولوجيا الأمنية التي أظهرت فشلها”.
ويقول الخبير إنه أصبح من الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على هذه التكنولوجيا. جاء المهاجمون من البحر والجو والبر. استخدموا الزوارق، والطائرات الشراعية الآلية التي تحلق ببطء، وسووا السياج بالأرض بالجرافات، والشاحنات الصغيرة والدراجات النارية، ودمروا تكنولوجيا المراقبة بطائرات بدون طيار. لقد فشل النظام بأكمله. إنها ليست مجرد عنصر واحد.
في الأسابيع والأشهر المقبلة، سيتعين على المسؤولين في إسرائيل أن يحللوا كيف حدثت الكارثة في نهاية الأسبوع الماضي. وسيتحدث الناس عن فشل أجهزة المخابرات التي كان من المفترض أن تراقب اتصالات الإرهابيين وتسعى لاختراق مجموعاتهم. سيكون هناك جدل حول الدور الذي لعبته الاعتبارات الاستراتيجية العسكرية. ويشمل ذلك نقل القوات من الجنوب إلى الضفة الغربية من أجل ضمان السلام هناك، بعد أن أدت سياسات حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بشكل متزايد إلى احتجاجات الفلسطينيين العنيفين.
ويقول الخبير الألماني لشبيغل: “إن الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالباً ما تعتمد على افتراض أن العدو غير قادر على التفكير الموازي القادر على إبطال قدرة هذه الأجهزة، وهذا سبب فشل رئيسي”.
ويوضح: “بطبيعة الحال، هناك جدل حول مدى فعالية نظام الحدود عالي التقنية. المشكلة واضحة: الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالبا ما تعتمد على افتراض أن العدو لا يطور نفسه بسرعة وقدرات تفكيره محدودة لا يفكر في المستقبل ولا يتكيف معها. هذه مشكلة. ويبدو أن المهاجمين الذين طاروا ببطء وعلى ارتفاع منخفض باستخدام الطائرات الشراعية كانوا قادرين على التفوق على أجهزة الاستشعار؛ وكان من الممكن أن يرصدها شخص يستخدم منظارا على الفور”.
هناك شيء واحد واضح: “عدم وجود أشخاص في أبراج المراقبة كان أيضا قرارا سياسيا. أدت الأتمتة واسعة النطاق لمراقبة الحدود إلى تقليل خطر تحول المواقع إلى أهداف للقناصة من غزة. ومع ذلك يبقى السؤال: لماذا لم تتمكن التكنولوجيا من حماية الإسرائيليين”.
أرادت إسرائيل حماية نفسها من الهجمات من غزة بنظام حدودي كلف ملايين اليوروهات. لكن نظام التكنولوجيا الفائقة هذا، فشل.
مجلة شبيغل الإخبارية الألمانية الأشهر، سلطت الضوء على قدرة إسرائيل على حماية نفسها عبر هذا الجدار، ورصدت عبر خبراء ألمان أبرز ملامح هذا الفشل.
بداية فإن اختراق الحدود والذي أثار انتباه العالم، سلط الضوء على فشل إسرائيل الاستخباراتي، وعدم قدرتها على رصد تحركات حركة حماس بالرغم من التفوق التقني الهائل الذي تحوزه، بيد أن القليل من وسائل الإعلام سلطت الضوء على ماهية الجدار نفسه والذي أقامته إسرائيل بغرض التحكم في قطاع غزة، ومنع انتقال المقاومين إلى المستوطنات الإسرائيلية المجاورة.
بحسب شبيغل فإن فشل الجدار، لا يعود إلى اختراق جدار حدودي عادي، إذ أن إسرائيل زرعت أنظمة استشعار واستطلاع تكنولوجي فائقة عبر هذا الجدار، حيث تباهت مجموعة التكنولوجيا الإسرائيلية Elbit مرارا بقدرات هذا الجدار والنظام الذكي المدمج به، والذي أسمته Torch-X Borders.
إذ يتعلق الأمر بتأمين الحدود، حيث تتم مراقبة المنطقة ليلا ونهارا بالكاميرات والرادارات من أبراج المراقبة الثابتة. بالإضافة إلى ذلك، هناك أجهزة استشعار مزروعة على الجدار أو حتى على المركبات المحيطة، والتي ترتبط بها كذلك شبكة من طائرات الاستطلاع بدون طيار التي تراقب الوضع من الجو، وترصد حتى عمليات الاتصال المحيطة وتنقلها إلى طاقم متخصص من أجل فك تشفيرها أو حتى اعتراضها، وحتى الاتصالات من الجانب الآخر يمكن اعتراضها.
في نهاية المطاف، يتم تجميع كل المعلومات معا في مركز القيادة، حيث يقدم البرنامج الأمني توقعات ونصائح للمسؤولين بشأن التهديدات المحتملة التي يجب معالجتها وبأي ترتيب. يتم توجيه فرق الاستجابة على الأرض إلى موقع انتهاك الحدود المحتمل.
المعدات التقنية الدقيقة للمنشأة الحدودية بين إسرائيل وقطاع غزة ليست معروفة من أجل الخاصية الأمنية. وكانت هناك تقارير عن وجود مركبات روبوتية مستقلة جزئيا على الحدود مع غزة.
ومع ذلك، فإن الهجوم الضخم الذي شنه مقاتلو حماس على إسرائيل، قد أظهر بوضوح شديد قدرات متواضعة لما يمكن أن تحققه التكنولوجيا المتقدمة في مثل هذه المواقف. إذ تم الاجتياح ولم تتمكن إسرائيل من إرسال قوات برية إلى المعركة، وهو ما يشير إلى فشل كبير لهذه التكنولوجيا باهظة الثمن والتي عجزت عن التعامل مع ما حصل على الأرض. فحتى التكنولوجيا الباهظة والمتطورة للغاية لن تتمكن وحدها من الإنقاذ.
ووفقاً للمعلومات الحالية، قُتل ما لا يقل عن 900 شخص في إسرائيل، وتم اختطاف عدد غير معلوم من الإسرائيليين والعودة بهم عبر الحدود، أي تم عبور الجدار بالاتجاهين لأكثر من مرة، وهو ما يشير إلى فشل الأجهزة لعدد كبير من المرات وليس لمرة واحدة فقط، فماذا حدث؟
حتى الآن، كان هناك حاجز يبلغ طوله 65 كيلومترا يحمي الأراضي الإسرائيلية من الهجمات القادمة من غزة. ووصف وزير الدفاع آنذاك بيني غانتس المنشأة بأنها “جدار مصنوع من الحديد وأجهزة الاستشعار والخرسانة” عند افتتاح مرحلة التوسعة الأخيرة قبل عامين تقريبا. وكانت الحكومة فخورة ببنائها الذي عمل فيه 1200 عامل. وتم نقل حمولة 330 ألف شاحنة من الرمال والحجارة والتراب، ووضع مليوني متر مكعب من الخرسانة، واستخدام 140 ألف طن من المعدن.
وقيل في ذلك الوقت، إن هناك الكثير من حديد التسليح الذي يمكن استخدامه لتغطية الطريق من إسرائيل إلى أستراليا. وبحسب المجلة، فإن نظام الحدود المذكور هدف إلى تجنب المخاطر على الأرض. إذ لم يكن الجدار المجهز بعدد لا يحصى من أجهزة الاستشعار عالية التقنية، فوق الأرض فحسب، بل كان أيضا يحتوي على أجهزة تحت الأرض لمنع محاولات الاختراق وحفر الأنفاق.
وكثيراً ما كانت حماس تتحدى إسرائيل بالأنفاق. فقبل 17 عاما، اختطف الفلسطينيون الجندي جلعاد شاليط عبر نفق من تحت الأرض. ولكن بعد توسيع المرافق الحدودية، لم يعد هذا موجودا.
أسباب فشل عديدة المجلة الألمانية أجرت مقابلة مع خبير أمني متخصص يعمل في جامعة تتبع الجيش الألماني في ميونخ، حيث قال إنه لأمر صادم أن يتم ترك الكثير من الفجوات مفتوحة ضمن جدار أمني يتم التحكم به عبر التكنولوجيا ومجموعة أمنية بشرية مساندة.
وبحسب الخبير الألماني الذي حلل مقاطع الفيديو الخاصة بالهجوم والتي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، رصد قدرات متواضعة واختراقات تمت للتكنولوجيا الأمنية التي تدير الجدار. وبحسب الخبير، فإن ما جرى هو أمر بسيط لكن مهم. العديد من الأمور تطورت، ومن الواضح أنه لم يتم تطوير أو إدخال بيانات جديدة للجدار.
ويوضح: “من المدهش أن بعض الأشياء التي كانت تقلق الخبراء لسنوات لم تكن متوقعة على ما يبدو. على سبيل المثال، لم أكن أعتقد أنه من الممكن أن تتمكن طائرات بدون طيار بسيطة تحمل قنابل يدوية من تدمير صفوف من أبراج المراقبة وحتى دبابة”.
ويقول: “كان ينبغي على الإسرائيليين أن يدركوا هذا الخطر وأن يتفادوه إن أمكن. إن إرسال طائرات بدون طيار رخيصة الثمن محملة بالقنابل اليدوية إلى أهداف ثمينة هي استراتيجية معروفة أيضا من حرب أوكرانيا. هذه الطائرات أو الأجهزة البسيطة كان من الممكن أن يراها شخص يحمل منظارا على الفور. ولكن يبدو أنه تم الاعتماد الكامل أو الأكبر على التكنولوجيا الأمنية التي أظهرت فشلها”.
ويقول الخبير إنه أصبح من الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على هذه التكنولوجيا. جاء المهاجمون من البحر والجو والبر. استخدموا الزوارق، والطائرات الشراعية الآلية التي تحلق ببطء، وسووا السياج بالأرض بالجرافات، والشاحنات الصغيرة والدراجات النارية، ودمروا تكنولوجيا المراقبة بطائرات بدون طيار. لقد فشل النظام بأكمله. إنها ليست مجرد عنصر واحد.
في الأسابيع والأشهر المقبلة، سيتعين على المسؤولين في إسرائيل أن يحللوا كيف حدثت الكارثة في نهاية الأسبوع الماضي. وسيتحدث الناس عن فشل أجهزة المخابرات التي كان من المفترض أن تراقب اتصالات الإرهابيين وتسعى لاختراق مجموعاتهم. سيكون هناك جدل حول الدور الذي لعبته الاعتبارات الاستراتيجية العسكرية. ويشمل ذلك نقل القوات من الجنوب إلى الضفة الغربية من أجل ضمان السلام هناك، بعد أن أدت سياسات حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بشكل متزايد إلى احتجاجات الفلسطينيين العنيفين.
ويقول الخبير الألماني لشبيغل: “إن الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالباً ما تعتمد على افتراض أن العدو غير قادر على التفكير الموازي القادر على إبطال قدرة هذه الأجهزة، وهذا سبب فشل رئيسي”.
ويوضح: “بطبيعة الحال، هناك جدل حول مدى فعالية نظام الحدود عالي التقنية. المشكلة واضحة: الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالبا ما تعتمد على افتراض أن العدو لا يطور نفسه بسرعة وقدرات تفكيره محدودة لا يفكر في المستقبل ولا يتكيف معها. هذه مشكلة. ويبدو أن المهاجمين الذين طاروا ببطء وعلى ارتفاع منخفض باستخدام الطائرات الشراعية كانوا قادرين على التفوق على أجهزة الاستشعار؛ وكان من الممكن أن يرصدها شخص يستخدم منظارا على الفور”.
هناك شيء واحد واضح: “عدم وجود أشخاص في أبراج المراقبة كان أيضا قرارا سياسيا. أدت الأتمتة واسعة النطاق لمراقبة الحدود إلى تقليل خطر تحول المواقع إلى أهداف للقناصة من غزة. ومع ذلك يبقى السؤال: لماذا لم تتمكن التكنولوجيا من حماية الإسرائيليين”.
التعليقات
خبير ألماني يوضح لماذا فشل السياج الحدودي في حماية إسرائيل من هجوم حماس؟
 
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
التعليقات