'صلوا على محمد.. مكحول العين.. العادية.. والله عليه'.. أسلوب غنائي استعراضي لم يكن للأردنيين أن يسمعوه ولا يشاهدوه في مناسباتهم وحفلاتهم قبل ثورة سوريا عام 2011 إلا بالحدود الدنيا أو عبر شاشات التلفزة، ولكنه أصبح تقليدا مستحدثا يمتزج بعاداتهم.
تلك هي 'العراضة' السورية أو ما تعرف بـ'العراضة الشامية'، والتي انتقلت إلى المجتمع الأردني كأحد عوامل تأثير لجوء سوريين إلى المملكة؛ تحت وطأة حرب لم تسلم منها أبسط جوانب الحياة، وطالت المادي منها والمعنوي.
وبحكم القرب الجغرافي والترابط الديموغرافي بين الجارتين سوريا والأردن، كانت المملكة من أكثر الدول تأثرا بما تشهده سوريا إذ يستضيف الأردن على أراضيه نحو 1.3 مليون سوري، ما أدى إلى انتقال طقوس وعادات، بينها 'العراضة الشامية'.
مراسل الأناضول تابع مع إحدى الفرق السورية المتخصصة أجواء العراضة في حمام 'الساحة'، وهو من أقدم الحمامات الشامية في محافظة إربد شمالي الأردن، واطلع على الفقرات التي يقومون بها، وكيف تحولت منذ نحو عقد من الزمن إلى عرض أساسي في العديد من أفراح المملكة.
وبمجرد وقوف محمد أبو سردانة (48 عاما) وكنيته أبو أحمد مرتديا زيّا شاميا تراثيا بين صفين من الشبان بلباس موحد ويحملون آلات موسيقية متنوعة من طبول ودفوف، تجمع المارة في الطرقات منتظرين بدء العرض، ليعطي الإشارة بزفة عريس إلى الحمام.
'عريـس الزين يتهنّـى.. يطلـب علينا ويتمـنى'.. بهذه الكلمات بدأ أبو أحمد ورفاقه استعراضهم، يتقدمهم الطفل كنان (10 أعوام) يرقص بسيف وترس، وشابان آخران يقدمان حركات بسيوف معدنية، وسط مسيرهم صوب الحمام؛ ليكملوا فقرات اعتادوا القيام بها في مثل هذه المناسبات.
وقال أبو أحمد، وهو قائد الفرقة، للأناضول: 'نحن فرقة عراضة سورية، جئنا بأول اللجوء، وكان لدينا فرقة بالشام.. بالقديم قبل الأحداث في سوريا كان هناك فرق موجودة بالأردن، ولكن بشكل قليل، وقررنا أن نعيد إحياء تراثنا هنا، وحاولنا أن نمزج بينه وبين الأردني لأن هناك ترابطا، وهو ما خفف علينا'.
أبو أحمد تابع: 'الآن تستطيع أن تشاهد العراضة متواجدة بجميع الأعراس الأردنية والمهرجانات وحفلات الجامعات؛ لأنها نموذج فني خاص'.
وشدد على أن 'اللجوء كلمة سلبية، ونحاول أن نحدث تمازجا مع الثقافة الأردنية'.
كنان حماد (23 عاما)، عازف الطبل في الفرقة، قال للأناضول: 'وجودنا في الأردن من آثار الأزمة في بلادنا، بالقديم لم تكن لتشاهد العراضة بشكل كبير، أما حاليا فأصبحت تشاهدها في الأعراس والأفراح الأردنية'.
أما غسان عكاوي (24 عاما)، وهو راقص تنورة (المعروفة باللهجة السورية الميلوية)، فقال: 'نحن هنا بالأردن منذ عام 2013، ونسعى لإحياء تراثنا وتراث أجدادنا، وتقريبا نشارك الأردنيين في كافة أفراحهم'.
وأضاف أن 'الفرقة مكونة من 12 شخصا، نقوم بأداء كل فقرات العراضة السورية بكل تفاصيلها، مستخدمين الطبل والدربكة والدف والمزاهر والمشاعل والسيف والترس'.
الأكاديمي والباحث في علم الاجتماع حسين خزاعي، قال إن 'العراضة أصبحت مؤخرا جزءا من العادات الأردنية، والسبب في ذلك هو أن الأردنيين يتابعون الدراما السورية ويتأثرون بها'.
وأردف خزاعي للأناضول: 'زي المشاركين بهذه الفقرات الفنية شعبي ومقبول وقريب من الأردنيين، إضافة إلى أن العراضة باتت من صلب اهتمام المجتمع الأردني'.
واعتبر أن 'ما يزيد الإعجاب والإقبال عليها أن المشاركين أيضا من فئات عمرية مختلفة، كبار وصغار السن، ما يجعلها محببة من كبار السن بشكل خاص، فضلا عن أن الآلات الموسيقية المستخدمة بسيطة، وأيضا إحضار هذه الفرق كشرط لبعض حفلات الزفاف أمر غير مكلف'.
وفيما يتعلق بأثر اللجوء في استحضار 'العراضة' داخل المجتمع الأردني، قال خزاعي إن ذلك 'نتيجة طبيعية، خاصة في ظل طول مدة بقاء السوريين بالأردن'.
وأضاف: 'نحن نتحدث عن قرابة 13 عاما من التعايش المجتمعي، مضافا لها سنوات طوال من اختلاط الشعبين الأردني والسوري مع بعضهم بحكم علاقة الجيرة، وهو ما أدى إلى ظهورها بشكل واضح داخل المناسبات بالمملكة'.
وفي الأردن يوجد نحو 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بصفة 'لاجئ'، فيما يقيم 750 ألفا منهم في المملكة قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية بين البلدين.
ليث الجنيدي / الأناضول
'صلوا على محمد.. مكحول العين.. العادية.. والله عليه'.. أسلوب غنائي استعراضي لم يكن للأردنيين أن يسمعوه ولا يشاهدوه في مناسباتهم وحفلاتهم قبل ثورة سوريا عام 2011 إلا بالحدود الدنيا أو عبر شاشات التلفزة، ولكنه أصبح تقليدا مستحدثا يمتزج بعاداتهم.
تلك هي 'العراضة' السورية أو ما تعرف بـ'العراضة الشامية'، والتي انتقلت إلى المجتمع الأردني كأحد عوامل تأثير لجوء سوريين إلى المملكة؛ تحت وطأة حرب لم تسلم منها أبسط جوانب الحياة، وطالت المادي منها والمعنوي.
وبحكم القرب الجغرافي والترابط الديموغرافي بين الجارتين سوريا والأردن، كانت المملكة من أكثر الدول تأثرا بما تشهده سوريا إذ يستضيف الأردن على أراضيه نحو 1.3 مليون سوري، ما أدى إلى انتقال طقوس وعادات، بينها 'العراضة الشامية'.
مراسل الأناضول تابع مع إحدى الفرق السورية المتخصصة أجواء العراضة في حمام 'الساحة'، وهو من أقدم الحمامات الشامية في محافظة إربد شمالي الأردن، واطلع على الفقرات التي يقومون بها، وكيف تحولت منذ نحو عقد من الزمن إلى عرض أساسي في العديد من أفراح المملكة.
وبمجرد وقوف محمد أبو سردانة (48 عاما) وكنيته أبو أحمد مرتديا زيّا شاميا تراثيا بين صفين من الشبان بلباس موحد ويحملون آلات موسيقية متنوعة من طبول ودفوف، تجمع المارة في الطرقات منتظرين بدء العرض، ليعطي الإشارة بزفة عريس إلى الحمام.
'عريـس الزين يتهنّـى.. يطلـب علينا ويتمـنى'.. بهذه الكلمات بدأ أبو أحمد ورفاقه استعراضهم، يتقدمهم الطفل كنان (10 أعوام) يرقص بسيف وترس، وشابان آخران يقدمان حركات بسيوف معدنية، وسط مسيرهم صوب الحمام؛ ليكملوا فقرات اعتادوا القيام بها في مثل هذه المناسبات.
وقال أبو أحمد، وهو قائد الفرقة، للأناضول: 'نحن فرقة عراضة سورية، جئنا بأول اللجوء، وكان لدينا فرقة بالشام.. بالقديم قبل الأحداث في سوريا كان هناك فرق موجودة بالأردن، ولكن بشكل قليل، وقررنا أن نعيد إحياء تراثنا هنا، وحاولنا أن نمزج بينه وبين الأردني لأن هناك ترابطا، وهو ما خفف علينا'.
أبو أحمد تابع: 'الآن تستطيع أن تشاهد العراضة متواجدة بجميع الأعراس الأردنية والمهرجانات وحفلات الجامعات؛ لأنها نموذج فني خاص'.
وشدد على أن 'اللجوء كلمة سلبية، ونحاول أن نحدث تمازجا مع الثقافة الأردنية'.
كنان حماد (23 عاما)، عازف الطبل في الفرقة، قال للأناضول: 'وجودنا في الأردن من آثار الأزمة في بلادنا، بالقديم لم تكن لتشاهد العراضة بشكل كبير، أما حاليا فأصبحت تشاهدها في الأعراس والأفراح الأردنية'.
أما غسان عكاوي (24 عاما)، وهو راقص تنورة (المعروفة باللهجة السورية الميلوية)، فقال: 'نحن هنا بالأردن منذ عام 2013، ونسعى لإحياء تراثنا وتراث أجدادنا، وتقريبا نشارك الأردنيين في كافة أفراحهم'.
وأضاف أن 'الفرقة مكونة من 12 شخصا، نقوم بأداء كل فقرات العراضة السورية بكل تفاصيلها، مستخدمين الطبل والدربكة والدف والمزاهر والمشاعل والسيف والترس'.
الأكاديمي والباحث في علم الاجتماع حسين خزاعي، قال إن 'العراضة أصبحت مؤخرا جزءا من العادات الأردنية، والسبب في ذلك هو أن الأردنيين يتابعون الدراما السورية ويتأثرون بها'.
وأردف خزاعي للأناضول: 'زي المشاركين بهذه الفقرات الفنية شعبي ومقبول وقريب من الأردنيين، إضافة إلى أن العراضة باتت من صلب اهتمام المجتمع الأردني'.
واعتبر أن 'ما يزيد الإعجاب والإقبال عليها أن المشاركين أيضا من فئات عمرية مختلفة، كبار وصغار السن، ما يجعلها محببة من كبار السن بشكل خاص، فضلا عن أن الآلات الموسيقية المستخدمة بسيطة، وأيضا إحضار هذه الفرق كشرط لبعض حفلات الزفاف أمر غير مكلف'.
وفيما يتعلق بأثر اللجوء في استحضار 'العراضة' داخل المجتمع الأردني، قال خزاعي إن ذلك 'نتيجة طبيعية، خاصة في ظل طول مدة بقاء السوريين بالأردن'.
وأضاف: 'نحن نتحدث عن قرابة 13 عاما من التعايش المجتمعي، مضافا لها سنوات طوال من اختلاط الشعبين الأردني والسوري مع بعضهم بحكم علاقة الجيرة، وهو ما أدى إلى ظهورها بشكل واضح داخل المناسبات بالمملكة'.
وفي الأردن يوجد نحو 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بصفة 'لاجئ'، فيما يقيم 750 ألفا منهم في المملكة قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية بين البلدين.
ليث الجنيدي / الأناضول
'صلوا على محمد.. مكحول العين.. العادية.. والله عليه'.. أسلوب غنائي استعراضي لم يكن للأردنيين أن يسمعوه ولا يشاهدوه في مناسباتهم وحفلاتهم قبل ثورة سوريا عام 2011 إلا بالحدود الدنيا أو عبر شاشات التلفزة، ولكنه أصبح تقليدا مستحدثا يمتزج بعاداتهم.
تلك هي 'العراضة' السورية أو ما تعرف بـ'العراضة الشامية'، والتي انتقلت إلى المجتمع الأردني كأحد عوامل تأثير لجوء سوريين إلى المملكة؛ تحت وطأة حرب لم تسلم منها أبسط جوانب الحياة، وطالت المادي منها والمعنوي.
وبحكم القرب الجغرافي والترابط الديموغرافي بين الجارتين سوريا والأردن، كانت المملكة من أكثر الدول تأثرا بما تشهده سوريا إذ يستضيف الأردن على أراضيه نحو 1.3 مليون سوري، ما أدى إلى انتقال طقوس وعادات، بينها 'العراضة الشامية'.
مراسل الأناضول تابع مع إحدى الفرق السورية المتخصصة أجواء العراضة في حمام 'الساحة'، وهو من أقدم الحمامات الشامية في محافظة إربد شمالي الأردن، واطلع على الفقرات التي يقومون بها، وكيف تحولت منذ نحو عقد من الزمن إلى عرض أساسي في العديد من أفراح المملكة.
وبمجرد وقوف محمد أبو سردانة (48 عاما) وكنيته أبو أحمد مرتديا زيّا شاميا تراثيا بين صفين من الشبان بلباس موحد ويحملون آلات موسيقية متنوعة من طبول ودفوف، تجمع المارة في الطرقات منتظرين بدء العرض، ليعطي الإشارة بزفة عريس إلى الحمام.
'عريـس الزين يتهنّـى.. يطلـب علينا ويتمـنى'.. بهذه الكلمات بدأ أبو أحمد ورفاقه استعراضهم، يتقدمهم الطفل كنان (10 أعوام) يرقص بسيف وترس، وشابان آخران يقدمان حركات بسيوف معدنية، وسط مسيرهم صوب الحمام؛ ليكملوا فقرات اعتادوا القيام بها في مثل هذه المناسبات.
وقال أبو أحمد، وهو قائد الفرقة، للأناضول: 'نحن فرقة عراضة سورية، جئنا بأول اللجوء، وكان لدينا فرقة بالشام.. بالقديم قبل الأحداث في سوريا كان هناك فرق موجودة بالأردن، ولكن بشكل قليل، وقررنا أن نعيد إحياء تراثنا هنا، وحاولنا أن نمزج بينه وبين الأردني لأن هناك ترابطا، وهو ما خفف علينا'.
أبو أحمد تابع: 'الآن تستطيع أن تشاهد العراضة متواجدة بجميع الأعراس الأردنية والمهرجانات وحفلات الجامعات؛ لأنها نموذج فني خاص'.
وشدد على أن 'اللجوء كلمة سلبية، ونحاول أن نحدث تمازجا مع الثقافة الأردنية'.
كنان حماد (23 عاما)، عازف الطبل في الفرقة، قال للأناضول: 'وجودنا في الأردن من آثار الأزمة في بلادنا، بالقديم لم تكن لتشاهد العراضة بشكل كبير، أما حاليا فأصبحت تشاهدها في الأعراس والأفراح الأردنية'.
أما غسان عكاوي (24 عاما)، وهو راقص تنورة (المعروفة باللهجة السورية الميلوية)، فقال: 'نحن هنا بالأردن منذ عام 2013، ونسعى لإحياء تراثنا وتراث أجدادنا، وتقريبا نشارك الأردنيين في كافة أفراحهم'.
وأضاف أن 'الفرقة مكونة من 12 شخصا، نقوم بأداء كل فقرات العراضة السورية بكل تفاصيلها، مستخدمين الطبل والدربكة والدف والمزاهر والمشاعل والسيف والترس'.
الأكاديمي والباحث في علم الاجتماع حسين خزاعي، قال إن 'العراضة أصبحت مؤخرا جزءا من العادات الأردنية، والسبب في ذلك هو أن الأردنيين يتابعون الدراما السورية ويتأثرون بها'.
وأردف خزاعي للأناضول: 'زي المشاركين بهذه الفقرات الفنية شعبي ومقبول وقريب من الأردنيين، إضافة إلى أن العراضة باتت من صلب اهتمام المجتمع الأردني'.
واعتبر أن 'ما يزيد الإعجاب والإقبال عليها أن المشاركين أيضا من فئات عمرية مختلفة، كبار وصغار السن، ما يجعلها محببة من كبار السن بشكل خاص، فضلا عن أن الآلات الموسيقية المستخدمة بسيطة، وأيضا إحضار هذه الفرق كشرط لبعض حفلات الزفاف أمر غير مكلف'.
وفيما يتعلق بأثر اللجوء في استحضار 'العراضة' داخل المجتمع الأردني، قال خزاعي إن ذلك 'نتيجة طبيعية، خاصة في ظل طول مدة بقاء السوريين بالأردن'.
وأضاف: 'نحن نتحدث عن قرابة 13 عاما من التعايش المجتمعي، مضافا لها سنوات طوال من اختلاط الشعبين الأردني والسوري مع بعضهم بحكم علاقة الجيرة، وهو ما أدى إلى ظهورها بشكل واضح داخل المناسبات بالمملكة'.
وفي الأردن يوجد نحو 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بصفة 'لاجئ'، فيما يقيم 750 ألفا منهم في المملكة قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية بين البلدين.
ليث الجنيدي / الأناضول
التعليقات