ينظر المزارع رامي رومانين بأسى إلى أراضي قريته 'العوجا' وقد فقدت غطاءها الأخضر من أشجار الموز التي أصبحت نادرة الوجود في المكان، بعد أنْ كانت تظلل مساحاتٍ واسعة من الأراضي وينتظر مزارعوها في الأغوار الجنوبية المحتلة حصاد ثمارها بفارغ الصبر.
تغيرت ملامح المكان الذي يشكل عماد دخل المزارعين السنوي؛ بفعل سياسات ممنهجة يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد القطاع الزراعي في الأغوار الفلسطينية عمومًا.
فبعد أن كان نحو ثلثي مزارعي الأغوار يزرعون الموز عندما كان رومانين صبيًا، بالكاد اليوم تجد مزارعًا يتمسك بهذا المحصول.
ولارتباطه الكبير بالموز مصدر الدخل الأول لعائلته في عهد جده، حين كان يُصدر الطن الواحد منه للأردن بتسعمئة دينار، يحاول رومانين الحفاظ على الموروث العائلي بزراعة خمسة دونماتٍ بالموز لكنه في الوقت نفسه يصارع إجراءات الاحتلال بالتهويد الزراعي للأغوار.
ويبين أن الاحتلال يتعمد إغراق سوق الضفة الغربية بالموز الإسرائيلي في وقت حصاد الموز الفلسطيني فيضطر المزارع الفلسطيني إلى بيعه بسعر لا يغطي سعر التكلفة، أما الحصول على الماء لري الأشجار فهو ضرب من الخيال في ظل سيطرة الاحتلال على المصادر المائية للأغوار. ويوضح رومانين أن المستوطنين الذين لهم مزارع بالأغوار تتوافر لهم كل أنواع الخدمات وينعمون بالمياه بينما يحارب المزارع الفلسطيني للحصول على 20% من احتياجاته المائية، 'ولا يكتفون بذلك بل يمنعونا البتة أنْ تكون لنا خطوط مياه تمر من الأراضي التي نهبها المستوطنون التي تكون ملاصقة لأرضنا'.
ذرائع مختلفة وبخلاف ذلك يُحارب المزارع الفلسطيني بالأراضي التي يشتريها أو يستأجرها بذرائع مختلفة، فتارة يشككون في ملكيته لها أو يتذرع الاحتلال بأنها 'أملاك غائبين'، مبينًا أن سلطات الاحتلال وسعة نفوذ المناطق (ج) في العوجا بضم مزيد من الأراضي للسيطرة الإسرائيلية وملاحقة المزارعين فيها.
ويضيف رومانين عن صور محاربة زراعة الموز الفلسطيني: 'يمنعون المزارعين في الأراضي المصنفة (ج) من زراعة أي شجرة يزيد طولها عن المتر، هم حتى المطر يغتاظون عندما يروي الأرض التي تبقت في أيدينا، يريدونه أن يسقط فقط على الأرض التي صادروها!'. ويتابع: 'لم يعد ممكنًا أنْ يعتمد المزارع في دخله على الموز فقط بل يجب أن يزرع إلى جانبه محاصيل أخرى، كل هذا دون إمكانية أن يستعين بعمال فبالكاد يؤمن لقمة عيشه من الزراعة بعد رفع تكاليف العملية الزراعية من مياه وأسمدة ومبيدات'.
تخلٍّ عن مهنة العمر وبحسب بيانات فلسطينية رسمية، تبلغ المساحة الكلية المزروعة بالموز في أريحا نحو 1170 دونمًا، في حين أن المساحة المنتجة تصل إلى 774 دونمًا، بينما يبلغ معدل إنتاج الدونم الواحد 4 أطنان سنويًا، ليصل بذلك مجموع الإنتاج الكلي إلى نحو 3000 طن في العام. وهذه كمية لا تغطي حاجة السوق الفلسطيني الذي يستورد من الاحتلال لتغطية النقص.
أما المزارع عطية عواطلة من 'نويعمة الفوقا' الذي يعمل في الزراعة منذ أكثر من ثلاثة عقود فقد قرر التخلص من أشجار الموز بالكامل في أرضه، وعمل على تجريفها واستبدالها بمحاصيل خضرية كالبندورة والخيار والفلفل في بيوت بلاستيكية.
ولم يكن من السهل على 'عواطلة' اتخاذ مثل هذا القرار بعد اعتماده كليًا على زراعة الموز الذي كان يصدره للدول الخليجية والأردن وللداخل المحتل والسوق المحلي بالضفة، لكن مزاحمة الموز الإسرائيلي للمنتج الفلسطيني يدفعه للبيع بسعر التكلفة.
ويقول: 'الموز يحتاج إلى جهد وعناية كبيرة، وتقليم وتنظيف مستمرين قرابة خمس مرات سنويًا، وتعيش الشجرة لنحو عشر سنوات، وحاليًا هذا الجهد الكبير الذي نبذله لم نعد نجد له جدوى مادية، ما جعل الكثير من المزارعين هنا يحجمون عن زراعته'.
كان عواطلة في السابق يزرع ثلاثين دونمًا تضم 2700 شجرة موز، ويحتاج إلى ترك قرابة ثلاثة أمتار بين الشجرة والأخرى كي تصلها تهوية جيدة، لكن وفي ظل صعوبة الحصول على الماء وحاجة الموز لعناية كبيرة ليكون جاهزًا للسوق المحلي وضعف المردود وغياب أي مساندة للمزارع الفلسطيني، كلها عوامل دفعته لترك الزراعة المفضلة لقلبه.
فلسطين أونلاين
ينظر المزارع رامي رومانين بأسى إلى أراضي قريته 'العوجا' وقد فقدت غطاءها الأخضر من أشجار الموز التي أصبحت نادرة الوجود في المكان، بعد أنْ كانت تظلل مساحاتٍ واسعة من الأراضي وينتظر مزارعوها في الأغوار الجنوبية المحتلة حصاد ثمارها بفارغ الصبر.
تغيرت ملامح المكان الذي يشكل عماد دخل المزارعين السنوي؛ بفعل سياسات ممنهجة يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد القطاع الزراعي في الأغوار الفلسطينية عمومًا.
فبعد أن كان نحو ثلثي مزارعي الأغوار يزرعون الموز عندما كان رومانين صبيًا، بالكاد اليوم تجد مزارعًا يتمسك بهذا المحصول.
ولارتباطه الكبير بالموز مصدر الدخل الأول لعائلته في عهد جده، حين كان يُصدر الطن الواحد منه للأردن بتسعمئة دينار، يحاول رومانين الحفاظ على الموروث العائلي بزراعة خمسة دونماتٍ بالموز لكنه في الوقت نفسه يصارع إجراءات الاحتلال بالتهويد الزراعي للأغوار.
ويبين أن الاحتلال يتعمد إغراق سوق الضفة الغربية بالموز الإسرائيلي في وقت حصاد الموز الفلسطيني فيضطر المزارع الفلسطيني إلى بيعه بسعر لا يغطي سعر التكلفة، أما الحصول على الماء لري الأشجار فهو ضرب من الخيال في ظل سيطرة الاحتلال على المصادر المائية للأغوار. ويوضح رومانين أن المستوطنين الذين لهم مزارع بالأغوار تتوافر لهم كل أنواع الخدمات وينعمون بالمياه بينما يحارب المزارع الفلسطيني للحصول على 20% من احتياجاته المائية، 'ولا يكتفون بذلك بل يمنعونا البتة أنْ تكون لنا خطوط مياه تمر من الأراضي التي نهبها المستوطنون التي تكون ملاصقة لأرضنا'.
ذرائع مختلفة وبخلاف ذلك يُحارب المزارع الفلسطيني بالأراضي التي يشتريها أو يستأجرها بذرائع مختلفة، فتارة يشككون في ملكيته لها أو يتذرع الاحتلال بأنها 'أملاك غائبين'، مبينًا أن سلطات الاحتلال وسعة نفوذ المناطق (ج) في العوجا بضم مزيد من الأراضي للسيطرة الإسرائيلية وملاحقة المزارعين فيها.
ويضيف رومانين عن صور محاربة زراعة الموز الفلسطيني: 'يمنعون المزارعين في الأراضي المصنفة (ج) من زراعة أي شجرة يزيد طولها عن المتر، هم حتى المطر يغتاظون عندما يروي الأرض التي تبقت في أيدينا، يريدونه أن يسقط فقط على الأرض التي صادروها!'. ويتابع: 'لم يعد ممكنًا أنْ يعتمد المزارع في دخله على الموز فقط بل يجب أن يزرع إلى جانبه محاصيل أخرى، كل هذا دون إمكانية أن يستعين بعمال فبالكاد يؤمن لقمة عيشه من الزراعة بعد رفع تكاليف العملية الزراعية من مياه وأسمدة ومبيدات'.
تخلٍّ عن مهنة العمر وبحسب بيانات فلسطينية رسمية، تبلغ المساحة الكلية المزروعة بالموز في أريحا نحو 1170 دونمًا، في حين أن المساحة المنتجة تصل إلى 774 دونمًا، بينما يبلغ معدل إنتاج الدونم الواحد 4 أطنان سنويًا، ليصل بذلك مجموع الإنتاج الكلي إلى نحو 3000 طن في العام. وهذه كمية لا تغطي حاجة السوق الفلسطيني الذي يستورد من الاحتلال لتغطية النقص.
أما المزارع عطية عواطلة من 'نويعمة الفوقا' الذي يعمل في الزراعة منذ أكثر من ثلاثة عقود فقد قرر التخلص من أشجار الموز بالكامل في أرضه، وعمل على تجريفها واستبدالها بمحاصيل خضرية كالبندورة والخيار والفلفل في بيوت بلاستيكية.
ولم يكن من السهل على 'عواطلة' اتخاذ مثل هذا القرار بعد اعتماده كليًا على زراعة الموز الذي كان يصدره للدول الخليجية والأردن وللداخل المحتل والسوق المحلي بالضفة، لكن مزاحمة الموز الإسرائيلي للمنتج الفلسطيني يدفعه للبيع بسعر التكلفة.
ويقول: 'الموز يحتاج إلى جهد وعناية كبيرة، وتقليم وتنظيف مستمرين قرابة خمس مرات سنويًا، وتعيش الشجرة لنحو عشر سنوات، وحاليًا هذا الجهد الكبير الذي نبذله لم نعد نجد له جدوى مادية، ما جعل الكثير من المزارعين هنا يحجمون عن زراعته'.
كان عواطلة في السابق يزرع ثلاثين دونمًا تضم 2700 شجرة موز، ويحتاج إلى ترك قرابة ثلاثة أمتار بين الشجرة والأخرى كي تصلها تهوية جيدة، لكن وفي ظل صعوبة الحصول على الماء وحاجة الموز لعناية كبيرة ليكون جاهزًا للسوق المحلي وضعف المردود وغياب أي مساندة للمزارع الفلسطيني، كلها عوامل دفعته لترك الزراعة المفضلة لقلبه.
فلسطين أونلاين
ينظر المزارع رامي رومانين بأسى إلى أراضي قريته 'العوجا' وقد فقدت غطاءها الأخضر من أشجار الموز التي أصبحت نادرة الوجود في المكان، بعد أنْ كانت تظلل مساحاتٍ واسعة من الأراضي وينتظر مزارعوها في الأغوار الجنوبية المحتلة حصاد ثمارها بفارغ الصبر.
تغيرت ملامح المكان الذي يشكل عماد دخل المزارعين السنوي؛ بفعل سياسات ممنهجة يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد القطاع الزراعي في الأغوار الفلسطينية عمومًا.
فبعد أن كان نحو ثلثي مزارعي الأغوار يزرعون الموز عندما كان رومانين صبيًا، بالكاد اليوم تجد مزارعًا يتمسك بهذا المحصول.
ولارتباطه الكبير بالموز مصدر الدخل الأول لعائلته في عهد جده، حين كان يُصدر الطن الواحد منه للأردن بتسعمئة دينار، يحاول رومانين الحفاظ على الموروث العائلي بزراعة خمسة دونماتٍ بالموز لكنه في الوقت نفسه يصارع إجراءات الاحتلال بالتهويد الزراعي للأغوار.
ويبين أن الاحتلال يتعمد إغراق سوق الضفة الغربية بالموز الإسرائيلي في وقت حصاد الموز الفلسطيني فيضطر المزارع الفلسطيني إلى بيعه بسعر لا يغطي سعر التكلفة، أما الحصول على الماء لري الأشجار فهو ضرب من الخيال في ظل سيطرة الاحتلال على المصادر المائية للأغوار. ويوضح رومانين أن المستوطنين الذين لهم مزارع بالأغوار تتوافر لهم كل أنواع الخدمات وينعمون بالمياه بينما يحارب المزارع الفلسطيني للحصول على 20% من احتياجاته المائية، 'ولا يكتفون بذلك بل يمنعونا البتة أنْ تكون لنا خطوط مياه تمر من الأراضي التي نهبها المستوطنون التي تكون ملاصقة لأرضنا'.
ذرائع مختلفة وبخلاف ذلك يُحارب المزارع الفلسطيني بالأراضي التي يشتريها أو يستأجرها بذرائع مختلفة، فتارة يشككون في ملكيته لها أو يتذرع الاحتلال بأنها 'أملاك غائبين'، مبينًا أن سلطات الاحتلال وسعة نفوذ المناطق (ج) في العوجا بضم مزيد من الأراضي للسيطرة الإسرائيلية وملاحقة المزارعين فيها.
ويضيف رومانين عن صور محاربة زراعة الموز الفلسطيني: 'يمنعون المزارعين في الأراضي المصنفة (ج) من زراعة أي شجرة يزيد طولها عن المتر، هم حتى المطر يغتاظون عندما يروي الأرض التي تبقت في أيدينا، يريدونه أن يسقط فقط على الأرض التي صادروها!'. ويتابع: 'لم يعد ممكنًا أنْ يعتمد المزارع في دخله على الموز فقط بل يجب أن يزرع إلى جانبه محاصيل أخرى، كل هذا دون إمكانية أن يستعين بعمال فبالكاد يؤمن لقمة عيشه من الزراعة بعد رفع تكاليف العملية الزراعية من مياه وأسمدة ومبيدات'.
تخلٍّ عن مهنة العمر وبحسب بيانات فلسطينية رسمية، تبلغ المساحة الكلية المزروعة بالموز في أريحا نحو 1170 دونمًا، في حين أن المساحة المنتجة تصل إلى 774 دونمًا، بينما يبلغ معدل إنتاج الدونم الواحد 4 أطنان سنويًا، ليصل بذلك مجموع الإنتاج الكلي إلى نحو 3000 طن في العام. وهذه كمية لا تغطي حاجة السوق الفلسطيني الذي يستورد من الاحتلال لتغطية النقص.
أما المزارع عطية عواطلة من 'نويعمة الفوقا' الذي يعمل في الزراعة منذ أكثر من ثلاثة عقود فقد قرر التخلص من أشجار الموز بالكامل في أرضه، وعمل على تجريفها واستبدالها بمحاصيل خضرية كالبندورة والخيار والفلفل في بيوت بلاستيكية.
ولم يكن من السهل على 'عواطلة' اتخاذ مثل هذا القرار بعد اعتماده كليًا على زراعة الموز الذي كان يصدره للدول الخليجية والأردن وللداخل المحتل والسوق المحلي بالضفة، لكن مزاحمة الموز الإسرائيلي للمنتج الفلسطيني يدفعه للبيع بسعر التكلفة.
ويقول: 'الموز يحتاج إلى جهد وعناية كبيرة، وتقليم وتنظيف مستمرين قرابة خمس مرات سنويًا، وتعيش الشجرة لنحو عشر سنوات، وحاليًا هذا الجهد الكبير الذي نبذله لم نعد نجد له جدوى مادية، ما جعل الكثير من المزارعين هنا يحجمون عن زراعته'.
كان عواطلة في السابق يزرع ثلاثين دونمًا تضم 2700 شجرة موز، ويحتاج إلى ترك قرابة ثلاثة أمتار بين الشجرة والأخرى كي تصلها تهوية جيدة، لكن وفي ظل صعوبة الحصول على الماء وحاجة الموز لعناية كبيرة ليكون جاهزًا للسوق المحلي وضعف المردود وغياب أي مساندة للمزارع الفلسطيني، كلها عوامل دفعته لترك الزراعة المفضلة لقلبه.
فلسطين أونلاين
التعليقات