تطهو سلافة أحمد، وهي ربة منزل، بَصلات عدة على نار الحطب، ثم تضيف إليها قليلاً من الماء ومعجون الطماطم وبعض البهارات، لتصنع منها وجبة تقدمها إفطاراً لأطفالها الثلاثة وزوجها، وجبة فقيرة وحيدة يتناولونها خلال اليوم، بعد أن أسقطوا من حسابات معداتهم وجبتي الغداء والعشاء، بينما تتساقط من حولهم قذائف الأسلحة الثقيلة التي اعتادوا عليها منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) الماضي.
تقول الثلاثينية سلافة لـ«الشرق الأوسط»: «لا نملك المال لشراء اللحم؛ لذلك أقوم بإعداد هذه الوجبة الفقيرة كما ترون، وأحياناً نحصل على بعض العدس، أو ربما بعض اللوبياء العدسية المسلوقة». وتتابع: «أحياناً يرفض صغاري الطعام، ويطالبون بأصناف أخرى، فقد ملوا أكل وجبتهم الوحيدة طوال نصف عام، وأقصى ما أستطيعه لهم سلطة خضراوات للتغيير».
بين الرصاص والجوع
فالمواطنون السودانيون في مناطق الاشتباكات ليسوا بخير، وكثيرون منهم لا يجدون قطعة خبز تسد جوع بطونهم الخاوية. وتنقل وسائط التواصل وأجهزة الإعلام أن أعداداً منهم فارقوا الحياة بسبب الجوع، بعد أن أخطأهم الرصاص والقذائف والقصف الطائش.
يقول رئيس الوزراء الأسبق، الجزولي دفع الله، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»: إن الوضع معقد جداً في السودان، والحرب أزهقت أرواح أعداد كبيرة من الموطنين في المناطق التي شملتها، وأحدثت دماراً هائلاً في البني التحتية. ويضيف: «لذلك؛ فإن وقفها ضرورة حيوية، ويجب اتخاذ إجراءات جذرية تنهي أسباب الحروب، وليس إجراءات فوقية مؤقتة لا تتجه لأسباب الحرب الفعلية».
وتزداد معاناة السودانيين باستمرار الحرب، خاصة أولئك الذين لم يغادروا الخرطوم، ويحاولون باستمرار التعايش مع واقع الحرب وإيجاد بدائل للتغلب على الأوضاع السيئة التي يعيشونها. فقد لجأ البعض إلى الاعتماد على الأرز بديلاً عن الخبز؛ لأن الحصول على الخبز صعب للغاية، وطوابير الناس على المخابز القليلة التي لا تزال تعمل، تمتد لمسافات طويلة، وفي النهاية لن يحصل المرء إلا على حصة خبز لا تكفي ليوم واحد.
لا غاز ولا كهرباء
ويعدّ استخدام الحطب في الطبخ أمراً نادراً في السودان قبل الحرب، لكنه بعد الحرب أصبح هو الشائع، لعدم وجود غاز الطبخ وبسبب انقطاع التيار الكهربائي؛ ما جعل النساء يبذلن جهوداً كبيرة لجمع ما يتيسر من الحطب والعشب، وفي سبيل ذلك يواجهن خطر التعرض لإصابات بالرصاص المتطاير أو القذائف العشوائية. وليس الحصول على الغذاء وحده هو ما يواجه الناس في مناطق الحرب. ذلك أن السكان المتبقين في الخرطوم والبالغ عددهم نحو 9 ملايين شخص، يحاولون إيجاد تدابير اقتصادية، ويعانون عدم توفر الخدمات العلاجية، وقضى كثير منهم بسبب عدم الحصول على الدواء أو الوصول إلى المشافي.
الأعشاب بدلاً عن الأدوية
ويقول حسين آدم، البالغ من العمر 67 عاماً، إنه يعاني «جرثومة المعدة»، ومع انعدام الخدمة العلاجية لجأ للتداوي بالأعشاب؛ إذ يتناول مسحوق قشر الرمان، فيما تضع زوجته مسحوق أوراق شجر «النيم» على قدمها اليسرى لأنها تعاني داء الروماتيزم.
ويضطر كثيرون إلى شرب الشاي بالتمر؛ لندرة سلعة السكر. وقال بعضهم ليخفف عن نفسه: «اضطررنا إلى تجنب السكر والمشروبات الغازية، فحصلنا على وضع صحي أفضل». وتابع أحدهم: «تركنا الوجبات المحتوية على السكر والمشروبات الغازية، وغيرها من المواد الغذائية الضارة، غصباً عنّا، لكن لطف الله جعلنا نحصل على صحة أفضل».
صابون منزلي
كما اضطر كثيرون إلى الحصول على مواد النظافة (الصابون) إلى تعلم صناعتها منزلياً، بل وأصبح بعض الشباب يصنعونها منزلياً ويبيعونها للناس بأسعار زهيدة. أما وسائط التنقل، فإن أعداداً كبيرة من السيارات أخرجت خارج الخرطوم؛ خوفاً من نهبها أو إحراقها، وأصبحت الدراجات أو العربات التي تجرّها الدواب هي وسيلة التنقل الرئيسة في مناطق الاشتباكات. فإذا حركت عربتك فإنها عرضة لأن تستهدف من أحد قناصة الطرفين، أو أن تنهب منك السيارة عنوة، وفي كل الأحوال فإن الخروج من المنزل ليس آمناً.
الشرق الأوسط
تطهو سلافة أحمد، وهي ربة منزل، بَصلات عدة على نار الحطب، ثم تضيف إليها قليلاً من الماء ومعجون الطماطم وبعض البهارات، لتصنع منها وجبة تقدمها إفطاراً لأطفالها الثلاثة وزوجها، وجبة فقيرة وحيدة يتناولونها خلال اليوم، بعد أن أسقطوا من حسابات معداتهم وجبتي الغداء والعشاء، بينما تتساقط من حولهم قذائف الأسلحة الثقيلة التي اعتادوا عليها منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) الماضي.
تقول الثلاثينية سلافة لـ«الشرق الأوسط»: «لا نملك المال لشراء اللحم؛ لذلك أقوم بإعداد هذه الوجبة الفقيرة كما ترون، وأحياناً نحصل على بعض العدس، أو ربما بعض اللوبياء العدسية المسلوقة». وتتابع: «أحياناً يرفض صغاري الطعام، ويطالبون بأصناف أخرى، فقد ملوا أكل وجبتهم الوحيدة طوال نصف عام، وأقصى ما أستطيعه لهم سلطة خضراوات للتغيير».
بين الرصاص والجوع
فالمواطنون السودانيون في مناطق الاشتباكات ليسوا بخير، وكثيرون منهم لا يجدون قطعة خبز تسد جوع بطونهم الخاوية. وتنقل وسائط التواصل وأجهزة الإعلام أن أعداداً منهم فارقوا الحياة بسبب الجوع، بعد أن أخطأهم الرصاص والقذائف والقصف الطائش.
يقول رئيس الوزراء الأسبق، الجزولي دفع الله، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»: إن الوضع معقد جداً في السودان، والحرب أزهقت أرواح أعداد كبيرة من الموطنين في المناطق التي شملتها، وأحدثت دماراً هائلاً في البني التحتية. ويضيف: «لذلك؛ فإن وقفها ضرورة حيوية، ويجب اتخاذ إجراءات جذرية تنهي أسباب الحروب، وليس إجراءات فوقية مؤقتة لا تتجه لأسباب الحرب الفعلية».
وتزداد معاناة السودانيين باستمرار الحرب، خاصة أولئك الذين لم يغادروا الخرطوم، ويحاولون باستمرار التعايش مع واقع الحرب وإيجاد بدائل للتغلب على الأوضاع السيئة التي يعيشونها. فقد لجأ البعض إلى الاعتماد على الأرز بديلاً عن الخبز؛ لأن الحصول على الخبز صعب للغاية، وطوابير الناس على المخابز القليلة التي لا تزال تعمل، تمتد لمسافات طويلة، وفي النهاية لن يحصل المرء إلا على حصة خبز لا تكفي ليوم واحد.
لا غاز ولا كهرباء
ويعدّ استخدام الحطب في الطبخ أمراً نادراً في السودان قبل الحرب، لكنه بعد الحرب أصبح هو الشائع، لعدم وجود غاز الطبخ وبسبب انقطاع التيار الكهربائي؛ ما جعل النساء يبذلن جهوداً كبيرة لجمع ما يتيسر من الحطب والعشب، وفي سبيل ذلك يواجهن خطر التعرض لإصابات بالرصاص المتطاير أو القذائف العشوائية. وليس الحصول على الغذاء وحده هو ما يواجه الناس في مناطق الحرب. ذلك أن السكان المتبقين في الخرطوم والبالغ عددهم نحو 9 ملايين شخص، يحاولون إيجاد تدابير اقتصادية، ويعانون عدم توفر الخدمات العلاجية، وقضى كثير منهم بسبب عدم الحصول على الدواء أو الوصول إلى المشافي.
الأعشاب بدلاً عن الأدوية
ويقول حسين آدم، البالغ من العمر 67 عاماً، إنه يعاني «جرثومة المعدة»، ومع انعدام الخدمة العلاجية لجأ للتداوي بالأعشاب؛ إذ يتناول مسحوق قشر الرمان، فيما تضع زوجته مسحوق أوراق شجر «النيم» على قدمها اليسرى لأنها تعاني داء الروماتيزم.
ويضطر كثيرون إلى شرب الشاي بالتمر؛ لندرة سلعة السكر. وقال بعضهم ليخفف عن نفسه: «اضطررنا إلى تجنب السكر والمشروبات الغازية، فحصلنا على وضع صحي أفضل». وتابع أحدهم: «تركنا الوجبات المحتوية على السكر والمشروبات الغازية، وغيرها من المواد الغذائية الضارة، غصباً عنّا، لكن لطف الله جعلنا نحصل على صحة أفضل».
صابون منزلي
كما اضطر كثيرون إلى الحصول على مواد النظافة (الصابون) إلى تعلم صناعتها منزلياً، بل وأصبح بعض الشباب يصنعونها منزلياً ويبيعونها للناس بأسعار زهيدة. أما وسائط التنقل، فإن أعداداً كبيرة من السيارات أخرجت خارج الخرطوم؛ خوفاً من نهبها أو إحراقها، وأصبحت الدراجات أو العربات التي تجرّها الدواب هي وسيلة التنقل الرئيسة في مناطق الاشتباكات. فإذا حركت عربتك فإنها عرضة لأن تستهدف من أحد قناصة الطرفين، أو أن تنهب منك السيارة عنوة، وفي كل الأحوال فإن الخروج من المنزل ليس آمناً.
الشرق الأوسط
تطهو سلافة أحمد، وهي ربة منزل، بَصلات عدة على نار الحطب، ثم تضيف إليها قليلاً من الماء ومعجون الطماطم وبعض البهارات، لتصنع منها وجبة تقدمها إفطاراً لأطفالها الثلاثة وزوجها، وجبة فقيرة وحيدة يتناولونها خلال اليوم، بعد أن أسقطوا من حسابات معداتهم وجبتي الغداء والعشاء، بينما تتساقط من حولهم قذائف الأسلحة الثقيلة التي اعتادوا عليها منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) الماضي.
تقول الثلاثينية سلافة لـ«الشرق الأوسط»: «لا نملك المال لشراء اللحم؛ لذلك أقوم بإعداد هذه الوجبة الفقيرة كما ترون، وأحياناً نحصل على بعض العدس، أو ربما بعض اللوبياء العدسية المسلوقة». وتتابع: «أحياناً يرفض صغاري الطعام، ويطالبون بأصناف أخرى، فقد ملوا أكل وجبتهم الوحيدة طوال نصف عام، وأقصى ما أستطيعه لهم سلطة خضراوات للتغيير».
بين الرصاص والجوع
فالمواطنون السودانيون في مناطق الاشتباكات ليسوا بخير، وكثيرون منهم لا يجدون قطعة خبز تسد جوع بطونهم الخاوية. وتنقل وسائط التواصل وأجهزة الإعلام أن أعداداً منهم فارقوا الحياة بسبب الجوع، بعد أن أخطأهم الرصاص والقذائف والقصف الطائش.
يقول رئيس الوزراء الأسبق، الجزولي دفع الله، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»: إن الوضع معقد جداً في السودان، والحرب أزهقت أرواح أعداد كبيرة من الموطنين في المناطق التي شملتها، وأحدثت دماراً هائلاً في البني التحتية. ويضيف: «لذلك؛ فإن وقفها ضرورة حيوية، ويجب اتخاذ إجراءات جذرية تنهي أسباب الحروب، وليس إجراءات فوقية مؤقتة لا تتجه لأسباب الحرب الفعلية».
وتزداد معاناة السودانيين باستمرار الحرب، خاصة أولئك الذين لم يغادروا الخرطوم، ويحاولون باستمرار التعايش مع واقع الحرب وإيجاد بدائل للتغلب على الأوضاع السيئة التي يعيشونها. فقد لجأ البعض إلى الاعتماد على الأرز بديلاً عن الخبز؛ لأن الحصول على الخبز صعب للغاية، وطوابير الناس على المخابز القليلة التي لا تزال تعمل، تمتد لمسافات طويلة، وفي النهاية لن يحصل المرء إلا على حصة خبز لا تكفي ليوم واحد.
لا غاز ولا كهرباء
ويعدّ استخدام الحطب في الطبخ أمراً نادراً في السودان قبل الحرب، لكنه بعد الحرب أصبح هو الشائع، لعدم وجود غاز الطبخ وبسبب انقطاع التيار الكهربائي؛ ما جعل النساء يبذلن جهوداً كبيرة لجمع ما يتيسر من الحطب والعشب، وفي سبيل ذلك يواجهن خطر التعرض لإصابات بالرصاص المتطاير أو القذائف العشوائية. وليس الحصول على الغذاء وحده هو ما يواجه الناس في مناطق الحرب. ذلك أن السكان المتبقين في الخرطوم والبالغ عددهم نحو 9 ملايين شخص، يحاولون إيجاد تدابير اقتصادية، ويعانون عدم توفر الخدمات العلاجية، وقضى كثير منهم بسبب عدم الحصول على الدواء أو الوصول إلى المشافي.
الأعشاب بدلاً عن الأدوية
ويقول حسين آدم، البالغ من العمر 67 عاماً، إنه يعاني «جرثومة المعدة»، ومع انعدام الخدمة العلاجية لجأ للتداوي بالأعشاب؛ إذ يتناول مسحوق قشر الرمان، فيما تضع زوجته مسحوق أوراق شجر «النيم» على قدمها اليسرى لأنها تعاني داء الروماتيزم.
ويضطر كثيرون إلى شرب الشاي بالتمر؛ لندرة سلعة السكر. وقال بعضهم ليخفف عن نفسه: «اضطررنا إلى تجنب السكر والمشروبات الغازية، فحصلنا على وضع صحي أفضل». وتابع أحدهم: «تركنا الوجبات المحتوية على السكر والمشروبات الغازية، وغيرها من المواد الغذائية الضارة، غصباً عنّا، لكن لطف الله جعلنا نحصل على صحة أفضل».
صابون منزلي
كما اضطر كثيرون إلى الحصول على مواد النظافة (الصابون) إلى تعلم صناعتها منزلياً، بل وأصبح بعض الشباب يصنعونها منزلياً ويبيعونها للناس بأسعار زهيدة. أما وسائط التنقل، فإن أعداداً كبيرة من السيارات أخرجت خارج الخرطوم؛ خوفاً من نهبها أو إحراقها، وأصبحت الدراجات أو العربات التي تجرّها الدواب هي وسيلة التنقل الرئيسة في مناطق الاشتباكات. فإذا حركت عربتك فإنها عرضة لأن تستهدف من أحد قناصة الطرفين، أو أن تنهب منك السيارة عنوة، وفي كل الأحوال فإن الخروج من المنزل ليس آمناً.
الشرق الأوسط
التعليقات