كتبها: عبدالله محمد الغويري.
الحصيدة تعني جز عشب المحاصيل الحقلية وقطعها (الساق مع الثمرة) وذلك باليد أو بإستخدام المِنجل (والمنجل آلة زراعية يدوية حادة تأخذ شكل الهِلال تساعد على الجز والقطع) - كانوا يستخدمونهُ في حال كانت السقيان طويلة، أمَّا القصيرة فكان يتم حصدها بإستخدام اليد، أحياناً كانوا يحصِدونَ ليلاً تحت نور القمر إذا كان مُكتملاً في مرحلة البدر.
تبدأ الحصيدة في وقت باكر جداً (بعد الفجر)، ويسرعُ الرجال نحو الحقول ليجدوا النَّدى قد سبقهم إلى تلك السنابل المُذَهْبَة، ثم تلتحق بهم النساء والأطفال وقت الضحى وهم يحملون (زوادة الطعام)، غالباً تكثر الأيادي بوجود العُونة (وهي الفَزْعَة من الأقارب والجيران).. ليصبحوا جميعاً كالجيش الزاحف الذي يقضي على الأخضر واليابس، وحينما يتغشَّاهم التعب والفتور يُغنونَ بصوتٍ أجشّْ وبنبرةٍ واحدةٍ حتى يستعيدوا النشاط والفتوة من جديد - وهم يُرددون:
منجلي يامن جلاه............ راح عالصايغ جلاه
ما جلاه إلا بعلبة............ يا ريت العلبة فداه
ما جلاه إلا بحبه......... يا ريت الحية عزاه
منجلي يا ابو الخداخش... منجلي بالقش طافش
جابني حب البنات.......... والعيون الناعسات
والعيون السود نود........والحواجب مقرنات
عندما تقيظُ الشمس في كبدِ السماء.. وتستعرُ الحرارة.. يعودونَ إلى بيوت الشَّعْرِ ليتناولوا الغداء وليستجمعوا قُواهم بعد قيلولة منتصف النهار، ثم يَرجِعونَ إلى الحصادِ مرة ثانية بعد العصر، وهنا يستعِيرونَ بعض الأهازيج لشحذِ الهمم وللتحذيرِ من الكسل؛ وحينها يُرددونَ:
عند العْصيرِ الماسي...........يبين الفلاسي
عند العْصيرِ غروبة.............تبين المعيوبة
سبعك ياللي مابيك فود.... يا مربي اللحم لدود
يجمع الحصّاد بيديهِ ربطات من تلك السيقان ويضعها في إتجاهٍ وترتيبٍ واحدٍ بما يُسمَّى الشُّمُول (والشمول.. مفردها شِمل وتعني كومة من العشب، أحياناً يضعون عليها حجر حتى لا يبعثرها الهواء)، وبعد أنْ ينتهوا من الحقل الواحد - في المساحة الجغرافية الواحدة - يجمعونَ أكوام البَرَكَة تلكَ على شكل كومة كبيرة ضخمة تسمى البِيْدر (جمعها بيادر) وتُسمّى عملية التَّجميع تلك بالغِمَارة، إذا كانت المسافة عن البيدر بعيدة يستخدمونَ الحمير ليضعوا على ظهورها الشِّلِيْف (والشليف قطعة واسعة من الخَيْش أو القِماش تُوضع فيها الشُّمول لحملها إلى البيدر).
ثم تأتي مرحلة دَرْس البيدر بإستخدام لوح خشبي تَجرُّهُ بعض الدَّواب (حِصان أو اكثر)، ولوح الدْرَاس هو عبارة عن لوحين خشبيين .. يكونانِ أخشن في جهة أكثر من الأخرى.. ويقومانِ بِهَرْسِ المحصول عندما تتحرك الدَّواب حركة دائرية. ثم ينتقلونَ إلى مرحلة التذرية مع الريح باستخدام الشاعوب أو المِذْراة (هشيماً تذروهُ الرياح) - كي تتطايرَ الأشواك والأعشاب الزائدة عن الحاجة وتصبح مفصولة عن الحُبوب.
يضعونَ الأعشاب المَدْروسة (التِّبن) في شوالات أو ثِلْثِيْات كي يستخدمونها أعْلافاً للدَّوابِّ في فصل الشتاء، أما حُبوب القمح فيقومونَ بتنقيتها أكثر بإستخدام (الغِربال) - لفَصْلِ الشوائبِ والحصى الصغيرة عنها.. ثم يتمُّ طحنُها بالرَّحى (وهو عبارة عن حجرين دائريين لهما مقبض ويتم التحريك بشكل دائري لتتم عملية الطحن من أجل العجين والخبز)، أما المُتبقي من الحُبوب فيتِمُّ تخزينهُ من أجل بَذْرِها في المواسم اللّاحقة.
يتبع الجزء الثالث....
كتبها: عبدالله محمد الغويري.
الحصيدة تعني جز عشب المحاصيل الحقلية وقطعها (الساق مع الثمرة) وذلك باليد أو بإستخدام المِنجل (والمنجل آلة زراعية يدوية حادة تأخذ شكل الهِلال تساعد على الجز والقطع) - كانوا يستخدمونهُ في حال كانت السقيان طويلة، أمَّا القصيرة فكان يتم حصدها بإستخدام اليد، أحياناً كانوا يحصِدونَ ليلاً تحت نور القمر إذا كان مُكتملاً في مرحلة البدر.
تبدأ الحصيدة في وقت باكر جداً (بعد الفجر)، ويسرعُ الرجال نحو الحقول ليجدوا النَّدى قد سبقهم إلى تلك السنابل المُذَهْبَة، ثم تلتحق بهم النساء والأطفال وقت الضحى وهم يحملون (زوادة الطعام)، غالباً تكثر الأيادي بوجود العُونة (وهي الفَزْعَة من الأقارب والجيران).. ليصبحوا جميعاً كالجيش الزاحف الذي يقضي على الأخضر واليابس، وحينما يتغشَّاهم التعب والفتور يُغنونَ بصوتٍ أجشّْ وبنبرةٍ واحدةٍ حتى يستعيدوا النشاط والفتوة من جديد - وهم يُرددون:
منجلي يامن جلاه............ راح عالصايغ جلاه
ما جلاه إلا بعلبة............ يا ريت العلبة فداه
ما جلاه إلا بحبه......... يا ريت الحية عزاه
منجلي يا ابو الخداخش... منجلي بالقش طافش
جابني حب البنات.......... والعيون الناعسات
والعيون السود نود........والحواجب مقرنات
عندما تقيظُ الشمس في كبدِ السماء.. وتستعرُ الحرارة.. يعودونَ إلى بيوت الشَّعْرِ ليتناولوا الغداء وليستجمعوا قُواهم بعد قيلولة منتصف النهار، ثم يَرجِعونَ إلى الحصادِ مرة ثانية بعد العصر، وهنا يستعِيرونَ بعض الأهازيج لشحذِ الهمم وللتحذيرِ من الكسل؛ وحينها يُرددونَ:
عند العْصيرِ الماسي...........يبين الفلاسي
عند العْصيرِ غروبة.............تبين المعيوبة
سبعك ياللي مابيك فود.... يا مربي اللحم لدود
يجمع الحصّاد بيديهِ ربطات من تلك السيقان ويضعها في إتجاهٍ وترتيبٍ واحدٍ بما يُسمَّى الشُّمُول (والشمول.. مفردها شِمل وتعني كومة من العشب، أحياناً يضعون عليها حجر حتى لا يبعثرها الهواء)، وبعد أنْ ينتهوا من الحقل الواحد - في المساحة الجغرافية الواحدة - يجمعونَ أكوام البَرَكَة تلكَ على شكل كومة كبيرة ضخمة تسمى البِيْدر (جمعها بيادر) وتُسمّى عملية التَّجميع تلك بالغِمَارة، إذا كانت المسافة عن البيدر بعيدة يستخدمونَ الحمير ليضعوا على ظهورها الشِّلِيْف (والشليف قطعة واسعة من الخَيْش أو القِماش تُوضع فيها الشُّمول لحملها إلى البيدر).
ثم تأتي مرحلة دَرْس البيدر بإستخدام لوح خشبي تَجرُّهُ بعض الدَّواب (حِصان أو اكثر)، ولوح الدْرَاس هو عبارة عن لوحين خشبيين .. يكونانِ أخشن في جهة أكثر من الأخرى.. ويقومانِ بِهَرْسِ المحصول عندما تتحرك الدَّواب حركة دائرية. ثم ينتقلونَ إلى مرحلة التذرية مع الريح باستخدام الشاعوب أو المِذْراة (هشيماً تذروهُ الرياح) - كي تتطايرَ الأشواك والأعشاب الزائدة عن الحاجة وتصبح مفصولة عن الحُبوب.
يضعونَ الأعشاب المَدْروسة (التِّبن) في شوالات أو ثِلْثِيْات كي يستخدمونها أعْلافاً للدَّوابِّ في فصل الشتاء، أما حُبوب القمح فيقومونَ بتنقيتها أكثر بإستخدام (الغِربال) - لفَصْلِ الشوائبِ والحصى الصغيرة عنها.. ثم يتمُّ طحنُها بالرَّحى (وهو عبارة عن حجرين دائريين لهما مقبض ويتم التحريك بشكل دائري لتتم عملية الطحن من أجل العجين والخبز)، أما المُتبقي من الحُبوب فيتِمُّ تخزينهُ من أجل بَذْرِها في المواسم اللّاحقة.
يتبع الجزء الثالث....
كتبها: عبدالله محمد الغويري.
الحصيدة تعني جز عشب المحاصيل الحقلية وقطعها (الساق مع الثمرة) وذلك باليد أو بإستخدام المِنجل (والمنجل آلة زراعية يدوية حادة تأخذ شكل الهِلال تساعد على الجز والقطع) - كانوا يستخدمونهُ في حال كانت السقيان طويلة، أمَّا القصيرة فكان يتم حصدها بإستخدام اليد، أحياناً كانوا يحصِدونَ ليلاً تحت نور القمر إذا كان مُكتملاً في مرحلة البدر.
تبدأ الحصيدة في وقت باكر جداً (بعد الفجر)، ويسرعُ الرجال نحو الحقول ليجدوا النَّدى قد سبقهم إلى تلك السنابل المُذَهْبَة، ثم تلتحق بهم النساء والأطفال وقت الضحى وهم يحملون (زوادة الطعام)، غالباً تكثر الأيادي بوجود العُونة (وهي الفَزْعَة من الأقارب والجيران).. ليصبحوا جميعاً كالجيش الزاحف الذي يقضي على الأخضر واليابس، وحينما يتغشَّاهم التعب والفتور يُغنونَ بصوتٍ أجشّْ وبنبرةٍ واحدةٍ حتى يستعيدوا النشاط والفتوة من جديد - وهم يُرددون:
منجلي يامن جلاه............ راح عالصايغ جلاه
ما جلاه إلا بعلبة............ يا ريت العلبة فداه
ما جلاه إلا بحبه......... يا ريت الحية عزاه
منجلي يا ابو الخداخش... منجلي بالقش طافش
جابني حب البنات.......... والعيون الناعسات
والعيون السود نود........والحواجب مقرنات
عندما تقيظُ الشمس في كبدِ السماء.. وتستعرُ الحرارة.. يعودونَ إلى بيوت الشَّعْرِ ليتناولوا الغداء وليستجمعوا قُواهم بعد قيلولة منتصف النهار، ثم يَرجِعونَ إلى الحصادِ مرة ثانية بعد العصر، وهنا يستعِيرونَ بعض الأهازيج لشحذِ الهمم وللتحذيرِ من الكسل؛ وحينها يُرددونَ:
عند العْصيرِ الماسي...........يبين الفلاسي
عند العْصيرِ غروبة.............تبين المعيوبة
سبعك ياللي مابيك فود.... يا مربي اللحم لدود
يجمع الحصّاد بيديهِ ربطات من تلك السيقان ويضعها في إتجاهٍ وترتيبٍ واحدٍ بما يُسمَّى الشُّمُول (والشمول.. مفردها شِمل وتعني كومة من العشب، أحياناً يضعون عليها حجر حتى لا يبعثرها الهواء)، وبعد أنْ ينتهوا من الحقل الواحد - في المساحة الجغرافية الواحدة - يجمعونَ أكوام البَرَكَة تلكَ على شكل كومة كبيرة ضخمة تسمى البِيْدر (جمعها بيادر) وتُسمّى عملية التَّجميع تلك بالغِمَارة، إذا كانت المسافة عن البيدر بعيدة يستخدمونَ الحمير ليضعوا على ظهورها الشِّلِيْف (والشليف قطعة واسعة من الخَيْش أو القِماش تُوضع فيها الشُّمول لحملها إلى البيدر).
ثم تأتي مرحلة دَرْس البيدر بإستخدام لوح خشبي تَجرُّهُ بعض الدَّواب (حِصان أو اكثر)، ولوح الدْرَاس هو عبارة عن لوحين خشبيين .. يكونانِ أخشن في جهة أكثر من الأخرى.. ويقومانِ بِهَرْسِ المحصول عندما تتحرك الدَّواب حركة دائرية. ثم ينتقلونَ إلى مرحلة التذرية مع الريح باستخدام الشاعوب أو المِذْراة (هشيماً تذروهُ الرياح) - كي تتطايرَ الأشواك والأعشاب الزائدة عن الحاجة وتصبح مفصولة عن الحُبوب.
يضعونَ الأعشاب المَدْروسة (التِّبن) في شوالات أو ثِلْثِيْات كي يستخدمونها أعْلافاً للدَّوابِّ في فصل الشتاء، أما حُبوب القمح فيقومونَ بتنقيتها أكثر بإستخدام (الغِربال) - لفَصْلِ الشوائبِ والحصى الصغيرة عنها.. ثم يتمُّ طحنُها بالرَّحى (وهو عبارة عن حجرين دائريين لهما مقبض ويتم التحريك بشكل دائري لتتم عملية الطحن من أجل العجين والخبز)، أما المُتبقي من الحُبوب فيتِمُّ تخزينهُ من أجل بَذْرِها في المواسم اللّاحقة.
يتبع الجزء الثالث....
التعليقات