'توقف عن الأكل'، 'انظري كيف أصبح شكل جسمك'، 'لا أحد يصدق عمرك الحقيقي وأنك لا تزالين في الثالثة عشرة من عمرك، جسدك يوحي أنك في العشرين'، 'اتركي طبق الأرز وأكملي السلطة فقط'.
مثل تلك العبارات لا تمحى من الذاكرة أبدا. ربما ينساها قائلها بعد دقائق، لكنها تظل في عقل مستمعها بقية عمره، يحاول جاهدا الهرب منها دون فائدة، فقد شكلت صورته عن نفسه، ولم تفلح جلسات العلاج النفسية في تحسين تلك الصورة أبدا.
لا تزال هبة عبد الحافظ (39 عاما) تتذكر كيف كان والدها يمنع عنها الطعام، أو يوجه إليها انتقادات قاسية بشأن وزنها أمام الضيوف المدعوّين على مائدة رمضانية أو تجمع عائلي في الأعياد.
كبرت هبة، وعملت في التدريس، وتركت بيت أسرتها للزواج، ولا تزال كلمات والدها ترن في أذنيها في كل مرة ترى فيها ابنتها مقبلة على الطعام، وتأكل بشراهة ونهم. لكنها لم تُعِد الكرّة أبدا، ولم تجعل ابنتها فريسة سهلة للشعور الدائم بعدم الثقة في نفسها.
وبفطرتها، استبدلت الكلام القاسي الذي كانت تسمعه من والدها، بكلمات تشجيعية تحض بها طفلتها على ممارسة الرياضة، وطهو أكلات صحية تفيد جميع أفراد الأسرة. أرادت هبة أن تكبر طفلتها وهي لا تتذكر أبدا أن أمها كانت تمنع عنها الطعام، بل كانت تشاركها حياة مختلفة.
وتشير الإحصاءات إلى أن السمنة تضاعفت في العقود الأربعة الماضية، وتضاعفت سمنة الأطفال في سن المدرسة، حتى أصابت طفلا واحدا من بين كل 5 أطفال.
وبالطبع، يريد الأم والأب أن يعيش طفلهما حياة صحية خالية من الأمراض، وألا تدفعه السمنة إلى مشكلات هو في غنى عنها، ويرغبان في أن يلتزم الطفل بنمط حياة صحي لا يخلو من أوقات المتعة والترفيه المناسب لسنه، لكن كيف يفاتحان طفلهما بضرورة التخلي عن العادات السيئة في طعامه، وإلزامه بتغيير نمط حياته، من دون أن يشكل ذلك صدمة نفسية تستمر معه إلى الأبد؟
التركيز على الصحة.. لا الوزن
ينصح الخبير في التغذية أحمد حامد آباء الأطفال المتبعين حمية لإنقاص الوزن، بأن حديثهم مع أبنائهم يجب ألا يكون عن أوزانهم، بل عن الصحة والتغير الإيجابي في صحتهم إذا ما خسروا القليل من الكيلوغرامات الزائدة.
ويوضح حامد، في حديثه إلى الجزيرة نت، أن برامج الحميات الغذائية التي يخصصها للأطفال تختلف تماما عن مثيلاتها المخصصة للكبار، ويقول 'علينا أن نراعي أن هناك طفلا يكون الطعام والحلوى له متعة لذيذة لم يشبع منها بعد، على عكس الكبار الذين لا تهمهم تلك الأشياء، باعتبارهم قد شبعوا منها بشكل ما، وأصبحت صحتهم وشكل أجسادهم هي هدفهم الأهم'.
كيف تبدأ الحديث مع طفلك عن وزنه؟
في مقال كتبته في موقع 'ذا هلثي' (The Healthy)، تقول الخبيرة تينا دونفيتو إن الآباء يمرون بمرحلة صعبة بين الرغبة في أن يربّوا أطفالهم على فكرة تقبّل أجسادهم أيا كانت، وبين أنهم يريدون أن يحيا الأطفال بصحة جيدة.
وتعطي الخبيرة عددا من النصائح للآباء، كي لا يقعوا في فخ إيذاء أطفالهم نفسيا من دون وعي:
لا تذكري اتباع نظام غذائي
تناول الطعام الصحي ليس نظاماً غذائيا. لذا، تجنبي تلك الكلمة، فالطعام الصحي يجب أن يكون نمطا مستداما على المدى الطويل كي تكون آثاره فعالة، وليس مجرد نظام غذائي لبعض الوقت.
تشير بحوث الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال إلى أن اتباع ما يسمى بـ'تقييد السعرات' بهدف تقليل وزن الأطفال، هو في الواقع عامل خطر لكل من السمنة ولاضطرابات الطعام بين المراهقين. لذا، تجنبي الحديث عن اضطرابات السعرات الحرارية، وركّزي فقط على الوجبات الصحية.
كلام أقل.. عمل أكثر
أحيانا، تكون أفضل طريقة للتحدث مع أطفالك بشأن الوزن هي عدم التحدث عنه إطلاقا، ففي حالة الأطفال الأصغر سنا، قد لا يكون من الضروري شرح لماذا تغيّرت طريقة طهو الطعام المنزلي، ولماذا لم تعد المقرمشات والتسالي العالية الدهون متاحة.
لكن إذا تعلق الأمر بأطفال على أعتاب المراهقة، فقد يكون الأمر أكثر تعقيدا، إذ حينها عليك جمع معلومات عن قلق طفلك بشأن وزنه. فإن كانت الأمور طبيعية، فحينها يكون إدخال نمط حياة صحية وتغيير العادات السيئة بشكل تدريجي أفضل من الكلام والمناقشة المباشرة التي قد تؤثر في ثقته بنفسه.
ضعي في اعتبارك رأي ابنك
لا تستخدمي مع ابنك أبدا كلمات مثل: 'بدين' أو 'سمين'، وحافظي على الاحترام في كلامك معه عن جسده، واحترمي استعداده النفسي للتغيير، فربما يُحدِث فرض التغيير نتائج عكسية.
لا تستبعدي كل الأطعمة السيئة
يجب عدم إبعاد العناصر غير المرغوب فيها تماما، لكن يمكن فعل ذلك تدريجيا، لأن محاولة قطع كل طعام يشتهيه الطفل غالبا ما تأتي بنتائج عكسية، وترسخ فيه أن الحياة الصحية تحرمه من المتعة.
لذا، فإن من الأفضل أن يتعلم الطفل الاستمتاع بأنواع أخرى من الطعام، مع تناول طعامه المفضل مرة أسبوعيا مثلا.
لا تتنمري على جسد طفلك
مهما كان الأمر، لا تعلقي على جسد طفلك أمام الآخرين، فكثير من النساء يتذكرن تعليقات أهليهم حول أجسادهن في مرحلة مبكرة من العمر.
امدحي الأفعال الإيجابية
إذا قرّر الطفل لعب الكرة يوميا، أو ركوب الدراجة، فقدمي له دعما إيجابيا وامدحي سلوكياته الجديدة. أما إذا اعتقدت أنه فشل في الاستمرار في النمط الجديد لحياته، فحفّزيه من جديد للمضي قدما.
الحياة الصحية لا تقتصر على الطعام
تنظيم النوم وممارسة الرياضة، ولو البسيطة، لا يقل أهمية عن تغيير العادات الغذائية من أجل حياة صحية أفضل.
نزهات عائلية نشيطة
لا تجعلي النزهات العائلية تقتصر على الخروج إلى المطاعم والسينما، بل حدّدي أياما لممارسة نشاطات بدنية في متنزهات عامة.
ما وراء السمنة.. فقدان الثقة والإحباط
تقدم شبكة مستشفيات الأطفال في أستراليا (schn.health) للآباء والمتخصصين في الرعاية مجموعة من النصائح حول الحديث مع الأبناء عن أوزانهم، لعل أهمها ألا ينزلق الآباء في فخ مقارنة أطفالهم بالآخرين، سواء في ما يتعلق بأجسامهم أو أدائهم الدراسي أو أي شيء آخر.
وحذرت الشبكة الآباء من التعليقات السلبية، مثل أن يقول الأب: 'ألا ترى أنه يجب عليك فعل…' أو 'يجب ألا تقوم بكذا…' أو 'يجب أن يكون لديك…'، إذ يفسر الأطفال تلك التعليقات بأنها مزعجة، ويقلّ احتمال تنفيذها.
وعادة ما يكون الشعور بالسمنة مقترنا بشيء آخر، مثل القلق أو عدم الشعور بالأمان، أو الإحباط وعدم الثقة بالنفس، فتحدث معهم إذا كان قد حدث شيء دفعهم إلى تلك الحالة .
وتنصح الشبكة بعدم السماح لطفلك باتباع 'الحميات الغذائية المبتذلة'، أو الاعتماد على العقاقير، وعدم التسامح مع التعليقات على وزن طفلك، سواء كان ذلك من مدرّسي المدرسة أو الأهل والأصدقاء.
'توقف عن الأكل'، 'انظري كيف أصبح شكل جسمك'، 'لا أحد يصدق عمرك الحقيقي وأنك لا تزالين في الثالثة عشرة من عمرك، جسدك يوحي أنك في العشرين'، 'اتركي طبق الأرز وأكملي السلطة فقط'.
مثل تلك العبارات لا تمحى من الذاكرة أبدا. ربما ينساها قائلها بعد دقائق، لكنها تظل في عقل مستمعها بقية عمره، يحاول جاهدا الهرب منها دون فائدة، فقد شكلت صورته عن نفسه، ولم تفلح جلسات العلاج النفسية في تحسين تلك الصورة أبدا.
لا تزال هبة عبد الحافظ (39 عاما) تتذكر كيف كان والدها يمنع عنها الطعام، أو يوجه إليها انتقادات قاسية بشأن وزنها أمام الضيوف المدعوّين على مائدة رمضانية أو تجمع عائلي في الأعياد.
كبرت هبة، وعملت في التدريس، وتركت بيت أسرتها للزواج، ولا تزال كلمات والدها ترن في أذنيها في كل مرة ترى فيها ابنتها مقبلة على الطعام، وتأكل بشراهة ونهم. لكنها لم تُعِد الكرّة أبدا، ولم تجعل ابنتها فريسة سهلة للشعور الدائم بعدم الثقة في نفسها.
وبفطرتها، استبدلت الكلام القاسي الذي كانت تسمعه من والدها، بكلمات تشجيعية تحض بها طفلتها على ممارسة الرياضة، وطهو أكلات صحية تفيد جميع أفراد الأسرة. أرادت هبة أن تكبر طفلتها وهي لا تتذكر أبدا أن أمها كانت تمنع عنها الطعام، بل كانت تشاركها حياة مختلفة.
وتشير الإحصاءات إلى أن السمنة تضاعفت في العقود الأربعة الماضية، وتضاعفت سمنة الأطفال في سن المدرسة، حتى أصابت طفلا واحدا من بين كل 5 أطفال.
وبالطبع، يريد الأم والأب أن يعيش طفلهما حياة صحية خالية من الأمراض، وألا تدفعه السمنة إلى مشكلات هو في غنى عنها، ويرغبان في أن يلتزم الطفل بنمط حياة صحي لا يخلو من أوقات المتعة والترفيه المناسب لسنه، لكن كيف يفاتحان طفلهما بضرورة التخلي عن العادات السيئة في طعامه، وإلزامه بتغيير نمط حياته، من دون أن يشكل ذلك صدمة نفسية تستمر معه إلى الأبد؟
التركيز على الصحة.. لا الوزن
ينصح الخبير في التغذية أحمد حامد آباء الأطفال المتبعين حمية لإنقاص الوزن، بأن حديثهم مع أبنائهم يجب ألا يكون عن أوزانهم، بل عن الصحة والتغير الإيجابي في صحتهم إذا ما خسروا القليل من الكيلوغرامات الزائدة.
ويوضح حامد، في حديثه إلى الجزيرة نت، أن برامج الحميات الغذائية التي يخصصها للأطفال تختلف تماما عن مثيلاتها المخصصة للكبار، ويقول 'علينا أن نراعي أن هناك طفلا يكون الطعام والحلوى له متعة لذيذة لم يشبع منها بعد، على عكس الكبار الذين لا تهمهم تلك الأشياء، باعتبارهم قد شبعوا منها بشكل ما، وأصبحت صحتهم وشكل أجسادهم هي هدفهم الأهم'.
كيف تبدأ الحديث مع طفلك عن وزنه؟
في مقال كتبته في موقع 'ذا هلثي' (The Healthy)، تقول الخبيرة تينا دونفيتو إن الآباء يمرون بمرحلة صعبة بين الرغبة في أن يربّوا أطفالهم على فكرة تقبّل أجسادهم أيا كانت، وبين أنهم يريدون أن يحيا الأطفال بصحة جيدة.
وتعطي الخبيرة عددا من النصائح للآباء، كي لا يقعوا في فخ إيذاء أطفالهم نفسيا من دون وعي:
لا تذكري اتباع نظام غذائي
تناول الطعام الصحي ليس نظاماً غذائيا. لذا، تجنبي تلك الكلمة، فالطعام الصحي يجب أن يكون نمطا مستداما على المدى الطويل كي تكون آثاره فعالة، وليس مجرد نظام غذائي لبعض الوقت.
تشير بحوث الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال إلى أن اتباع ما يسمى بـ'تقييد السعرات' بهدف تقليل وزن الأطفال، هو في الواقع عامل خطر لكل من السمنة ولاضطرابات الطعام بين المراهقين. لذا، تجنبي الحديث عن اضطرابات السعرات الحرارية، وركّزي فقط على الوجبات الصحية.
كلام أقل.. عمل أكثر
أحيانا، تكون أفضل طريقة للتحدث مع أطفالك بشأن الوزن هي عدم التحدث عنه إطلاقا، ففي حالة الأطفال الأصغر سنا، قد لا يكون من الضروري شرح لماذا تغيّرت طريقة طهو الطعام المنزلي، ولماذا لم تعد المقرمشات والتسالي العالية الدهون متاحة.
لكن إذا تعلق الأمر بأطفال على أعتاب المراهقة، فقد يكون الأمر أكثر تعقيدا، إذ حينها عليك جمع معلومات عن قلق طفلك بشأن وزنه. فإن كانت الأمور طبيعية، فحينها يكون إدخال نمط حياة صحية وتغيير العادات السيئة بشكل تدريجي أفضل من الكلام والمناقشة المباشرة التي قد تؤثر في ثقته بنفسه.
ضعي في اعتبارك رأي ابنك
لا تستخدمي مع ابنك أبدا كلمات مثل: 'بدين' أو 'سمين'، وحافظي على الاحترام في كلامك معه عن جسده، واحترمي استعداده النفسي للتغيير، فربما يُحدِث فرض التغيير نتائج عكسية.
لا تستبعدي كل الأطعمة السيئة
يجب عدم إبعاد العناصر غير المرغوب فيها تماما، لكن يمكن فعل ذلك تدريجيا، لأن محاولة قطع كل طعام يشتهيه الطفل غالبا ما تأتي بنتائج عكسية، وترسخ فيه أن الحياة الصحية تحرمه من المتعة.
لذا، فإن من الأفضل أن يتعلم الطفل الاستمتاع بأنواع أخرى من الطعام، مع تناول طعامه المفضل مرة أسبوعيا مثلا.
لا تتنمري على جسد طفلك
مهما كان الأمر، لا تعلقي على جسد طفلك أمام الآخرين، فكثير من النساء يتذكرن تعليقات أهليهم حول أجسادهن في مرحلة مبكرة من العمر.
امدحي الأفعال الإيجابية
إذا قرّر الطفل لعب الكرة يوميا، أو ركوب الدراجة، فقدمي له دعما إيجابيا وامدحي سلوكياته الجديدة. أما إذا اعتقدت أنه فشل في الاستمرار في النمط الجديد لحياته، فحفّزيه من جديد للمضي قدما.
الحياة الصحية لا تقتصر على الطعام
تنظيم النوم وممارسة الرياضة، ولو البسيطة، لا يقل أهمية عن تغيير العادات الغذائية من أجل حياة صحية أفضل.
نزهات عائلية نشيطة
لا تجعلي النزهات العائلية تقتصر على الخروج إلى المطاعم والسينما، بل حدّدي أياما لممارسة نشاطات بدنية في متنزهات عامة.
ما وراء السمنة.. فقدان الثقة والإحباط
تقدم شبكة مستشفيات الأطفال في أستراليا (schn.health) للآباء والمتخصصين في الرعاية مجموعة من النصائح حول الحديث مع الأبناء عن أوزانهم، لعل أهمها ألا ينزلق الآباء في فخ مقارنة أطفالهم بالآخرين، سواء في ما يتعلق بأجسامهم أو أدائهم الدراسي أو أي شيء آخر.
وحذرت الشبكة الآباء من التعليقات السلبية، مثل أن يقول الأب: 'ألا ترى أنه يجب عليك فعل…' أو 'يجب ألا تقوم بكذا…' أو 'يجب أن يكون لديك…'، إذ يفسر الأطفال تلك التعليقات بأنها مزعجة، ويقلّ احتمال تنفيذها.
وعادة ما يكون الشعور بالسمنة مقترنا بشيء آخر، مثل القلق أو عدم الشعور بالأمان، أو الإحباط وعدم الثقة بالنفس، فتحدث معهم إذا كان قد حدث شيء دفعهم إلى تلك الحالة .
وتنصح الشبكة بعدم السماح لطفلك باتباع 'الحميات الغذائية المبتذلة'، أو الاعتماد على العقاقير، وعدم التسامح مع التعليقات على وزن طفلك، سواء كان ذلك من مدرّسي المدرسة أو الأهل والأصدقاء.
'توقف عن الأكل'، 'انظري كيف أصبح شكل جسمك'، 'لا أحد يصدق عمرك الحقيقي وأنك لا تزالين في الثالثة عشرة من عمرك، جسدك يوحي أنك في العشرين'، 'اتركي طبق الأرز وأكملي السلطة فقط'.
مثل تلك العبارات لا تمحى من الذاكرة أبدا. ربما ينساها قائلها بعد دقائق، لكنها تظل في عقل مستمعها بقية عمره، يحاول جاهدا الهرب منها دون فائدة، فقد شكلت صورته عن نفسه، ولم تفلح جلسات العلاج النفسية في تحسين تلك الصورة أبدا.
لا تزال هبة عبد الحافظ (39 عاما) تتذكر كيف كان والدها يمنع عنها الطعام، أو يوجه إليها انتقادات قاسية بشأن وزنها أمام الضيوف المدعوّين على مائدة رمضانية أو تجمع عائلي في الأعياد.
كبرت هبة، وعملت في التدريس، وتركت بيت أسرتها للزواج، ولا تزال كلمات والدها ترن في أذنيها في كل مرة ترى فيها ابنتها مقبلة على الطعام، وتأكل بشراهة ونهم. لكنها لم تُعِد الكرّة أبدا، ولم تجعل ابنتها فريسة سهلة للشعور الدائم بعدم الثقة في نفسها.
وبفطرتها، استبدلت الكلام القاسي الذي كانت تسمعه من والدها، بكلمات تشجيعية تحض بها طفلتها على ممارسة الرياضة، وطهو أكلات صحية تفيد جميع أفراد الأسرة. أرادت هبة أن تكبر طفلتها وهي لا تتذكر أبدا أن أمها كانت تمنع عنها الطعام، بل كانت تشاركها حياة مختلفة.
وتشير الإحصاءات إلى أن السمنة تضاعفت في العقود الأربعة الماضية، وتضاعفت سمنة الأطفال في سن المدرسة، حتى أصابت طفلا واحدا من بين كل 5 أطفال.
وبالطبع، يريد الأم والأب أن يعيش طفلهما حياة صحية خالية من الأمراض، وألا تدفعه السمنة إلى مشكلات هو في غنى عنها، ويرغبان في أن يلتزم الطفل بنمط حياة صحي لا يخلو من أوقات المتعة والترفيه المناسب لسنه، لكن كيف يفاتحان طفلهما بضرورة التخلي عن العادات السيئة في طعامه، وإلزامه بتغيير نمط حياته، من دون أن يشكل ذلك صدمة نفسية تستمر معه إلى الأبد؟
التركيز على الصحة.. لا الوزن
ينصح الخبير في التغذية أحمد حامد آباء الأطفال المتبعين حمية لإنقاص الوزن، بأن حديثهم مع أبنائهم يجب ألا يكون عن أوزانهم، بل عن الصحة والتغير الإيجابي في صحتهم إذا ما خسروا القليل من الكيلوغرامات الزائدة.
ويوضح حامد، في حديثه إلى الجزيرة نت، أن برامج الحميات الغذائية التي يخصصها للأطفال تختلف تماما عن مثيلاتها المخصصة للكبار، ويقول 'علينا أن نراعي أن هناك طفلا يكون الطعام والحلوى له متعة لذيذة لم يشبع منها بعد، على عكس الكبار الذين لا تهمهم تلك الأشياء، باعتبارهم قد شبعوا منها بشكل ما، وأصبحت صحتهم وشكل أجسادهم هي هدفهم الأهم'.
كيف تبدأ الحديث مع طفلك عن وزنه؟
في مقال كتبته في موقع 'ذا هلثي' (The Healthy)، تقول الخبيرة تينا دونفيتو إن الآباء يمرون بمرحلة صعبة بين الرغبة في أن يربّوا أطفالهم على فكرة تقبّل أجسادهم أيا كانت، وبين أنهم يريدون أن يحيا الأطفال بصحة جيدة.
وتعطي الخبيرة عددا من النصائح للآباء، كي لا يقعوا في فخ إيذاء أطفالهم نفسيا من دون وعي:
لا تذكري اتباع نظام غذائي
تناول الطعام الصحي ليس نظاماً غذائيا. لذا، تجنبي تلك الكلمة، فالطعام الصحي يجب أن يكون نمطا مستداما على المدى الطويل كي تكون آثاره فعالة، وليس مجرد نظام غذائي لبعض الوقت.
تشير بحوث الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال إلى أن اتباع ما يسمى بـ'تقييد السعرات' بهدف تقليل وزن الأطفال، هو في الواقع عامل خطر لكل من السمنة ولاضطرابات الطعام بين المراهقين. لذا، تجنبي الحديث عن اضطرابات السعرات الحرارية، وركّزي فقط على الوجبات الصحية.
كلام أقل.. عمل أكثر
أحيانا، تكون أفضل طريقة للتحدث مع أطفالك بشأن الوزن هي عدم التحدث عنه إطلاقا، ففي حالة الأطفال الأصغر سنا، قد لا يكون من الضروري شرح لماذا تغيّرت طريقة طهو الطعام المنزلي، ولماذا لم تعد المقرمشات والتسالي العالية الدهون متاحة.
لكن إذا تعلق الأمر بأطفال على أعتاب المراهقة، فقد يكون الأمر أكثر تعقيدا، إذ حينها عليك جمع معلومات عن قلق طفلك بشأن وزنه. فإن كانت الأمور طبيعية، فحينها يكون إدخال نمط حياة صحية وتغيير العادات السيئة بشكل تدريجي أفضل من الكلام والمناقشة المباشرة التي قد تؤثر في ثقته بنفسه.
ضعي في اعتبارك رأي ابنك
لا تستخدمي مع ابنك أبدا كلمات مثل: 'بدين' أو 'سمين'، وحافظي على الاحترام في كلامك معه عن جسده، واحترمي استعداده النفسي للتغيير، فربما يُحدِث فرض التغيير نتائج عكسية.
لا تستبعدي كل الأطعمة السيئة
يجب عدم إبعاد العناصر غير المرغوب فيها تماما، لكن يمكن فعل ذلك تدريجيا، لأن محاولة قطع كل طعام يشتهيه الطفل غالبا ما تأتي بنتائج عكسية، وترسخ فيه أن الحياة الصحية تحرمه من المتعة.
لذا، فإن من الأفضل أن يتعلم الطفل الاستمتاع بأنواع أخرى من الطعام، مع تناول طعامه المفضل مرة أسبوعيا مثلا.
لا تتنمري على جسد طفلك
مهما كان الأمر، لا تعلقي على جسد طفلك أمام الآخرين، فكثير من النساء يتذكرن تعليقات أهليهم حول أجسادهن في مرحلة مبكرة من العمر.
امدحي الأفعال الإيجابية
إذا قرّر الطفل لعب الكرة يوميا، أو ركوب الدراجة، فقدمي له دعما إيجابيا وامدحي سلوكياته الجديدة. أما إذا اعتقدت أنه فشل في الاستمرار في النمط الجديد لحياته، فحفّزيه من جديد للمضي قدما.
الحياة الصحية لا تقتصر على الطعام
تنظيم النوم وممارسة الرياضة، ولو البسيطة، لا يقل أهمية عن تغيير العادات الغذائية من أجل حياة صحية أفضل.
نزهات عائلية نشيطة
لا تجعلي النزهات العائلية تقتصر على الخروج إلى المطاعم والسينما، بل حدّدي أياما لممارسة نشاطات بدنية في متنزهات عامة.
ما وراء السمنة.. فقدان الثقة والإحباط
تقدم شبكة مستشفيات الأطفال في أستراليا (schn.health) للآباء والمتخصصين في الرعاية مجموعة من النصائح حول الحديث مع الأبناء عن أوزانهم، لعل أهمها ألا ينزلق الآباء في فخ مقارنة أطفالهم بالآخرين، سواء في ما يتعلق بأجسامهم أو أدائهم الدراسي أو أي شيء آخر.
وحذرت الشبكة الآباء من التعليقات السلبية، مثل أن يقول الأب: 'ألا ترى أنه يجب عليك فعل…' أو 'يجب ألا تقوم بكذا…' أو 'يجب أن يكون لديك…'، إذ يفسر الأطفال تلك التعليقات بأنها مزعجة، ويقلّ احتمال تنفيذها.
وعادة ما يكون الشعور بالسمنة مقترنا بشيء آخر، مثل القلق أو عدم الشعور بالأمان، أو الإحباط وعدم الثقة بالنفس، فتحدث معهم إذا كان قد حدث شيء دفعهم إلى تلك الحالة .
وتنصح الشبكة بعدم السماح لطفلك باتباع 'الحميات الغذائية المبتذلة'، أو الاعتماد على العقاقير، وعدم التسامح مع التعليقات على وزن طفلك، سواء كان ذلك من مدرّسي المدرسة أو الأهل والأصدقاء.
التعليقات