نشرت مجلة 'ناشيونال إنترست' الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن مدى تأثير أزمة سقف الدين في الولايات المتحدة على مكانة الدولار كعملة عالمية رئيسية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته 'عربي21'، إن الولايات المتحدة تواجه أزمة أخرى لسقف الديون، وإذا لم يتمكن الديمقراطيون والجمهوريون من التغلب على خلافاتهم بشأن الإنفاق، فسوف تنفد أموال الحكومة الفيدرالية في مطلع حزيران/ يونيو، مما قد يؤدي إلى التخلف عن سداد الديون السيادية. وعلى الرغم من توصّل قيادة الحزبين إلى اتفاق، إلا أن الجزء الصعب يتمثّل في تسويق الصفقة إلى الأعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ؛ حيث يمكن أن يعقد المتشددون في كلا الحزبين الأمور.
وأوضحت المجلة أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تتخلف أبدًا عن سداد ديونها السيادية في تاريخها، إلا أن الطبقة السياسية الحالية في واشنطن فتحت الباب أمام هذه الاحتمالية. ولسوء الحظ، فإن الجمهور الأمريكي متوتر، فقد شاهدوا هذا العرض من قبل.
ووفق المجلة؛ تتمحور توقعات العديد من المشاركين في السوق في أن الأطراف ستتصرف حتى اللحظة الأخيرة إلى حين يرن جرس الإنذار المالي، ولكن بعد ذلك سيتوصلون إلى اتفاق. وبعد ذلك؛ سيعلن الطرفان النصر، بحجة أن الطرف الآخر تنازل أولاً. ولكن المشكلة تكمن في أنه لا يمكن لأي طرف أن يتنازل عن مواقفه (بسبب السياسات الحزبية الداخلية) أو السماح بحدوث تقصير.
وأفادت المجلة أنه يمكن توقع التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة الممكنة، ولكن هناك خطر متزايد من أن تخطئ الطبقة السياسية في تقديرها وتدفع الولايات المتحدة إلى التخلف عن سداد ديونها، مما قد يؤدي إلى تأثير سلبي على الدولار ودور الولايات المتحدة في العالم.
ما هو سقف الدين؟
وذكرت المجلة أنه وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن سقف الدين يمثّل 'المبلغ الإجمالي للأموال التي تسمح حكومة الولايات المتحدة باقتراضها للوفاء بالتزاماتها القانونية الحالية، بما في ذلك مزايا الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، ورواتب العسكريين، وفوائد الدين القومي واسترداد الضرائب، وغيرها من المدفوعات'. تاريخيًا، كان سقف الدين موجودًا منذ سنة 1917، حيث تم تعديله بموجب قوانين الدين العام التي صدرت في سنتي 1939 و1941. وفي الوقت الحالي، يبلغ سقف الدين 31.46 تريليون دولار.
وحسب المجلة؛ سيؤدي الفشل في زيادة سقف الدين الفيدرالي إلى عواقب متعددة، تشمل التخلف عن سداد الديون السيادية، والأزمة المالية، والانكماش الاقتصادي (إلى جانب تداعيات عالمية)، وفقدان الوظائف، وإغلاق أجزاء من الحكومة، وإيقاف محتمل لمدفوعات الرعاية الطبية، وخفض تصنيفات الديون السيادية الأمريكية نظريا AAA AA +.
وتتعقد المشكلة بسرعة كبيرة، بناءً على المدة التي سيستغرقها التخلف عن السداد والالتزامات التي لم يتم الوفاء بها. في الواقع؛ حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، مرارًا وتكرارًا بأنه إذا لم يتم رفع سقف الديون قريبًا، فستكون هناك 'خيارات صعبة يتعين اتخاذها بشأن الفواتير التي لم يتم سدادها'.
الإطاحة بالدولار
وأشارت المجلة إلى أن أحد المخاوف الكبيرة المتعلقة بالتخلف عن السداد المحتمل تكمن في أن هذا الحدث سيعطي زخمًا إضافيًّا لإزاحة الدولار الأمريكي عن عرشه باعتباره أهم عملة احتياطية في العالم.
في الواقع، بدأت الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والعديد من الدول الأخرى بالفعل في استخدام العملات الأخرى في جزء من تجارتها للهروب من احتمال قيام الحكومة الأمريكية بتسليح عملتها الوطنية، وهو ما كان واضحًا في العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا. والجدير بالذكر أن الصين تعمل جاهدة لإزاحة الدولار، مما يقلل من تعرضها لسندات الخزينة من أكثر من 1 تريليون دولار في سنة 2022 إلى 859 مليار دولار في كانون الثاني/ يناير 2023 (ومن المتوقع أن تنخفض أكثر).
ولفتت الصحيفة؛ أنه في حين أن التحول السريع عن الدولار الأمريكي غير مرجح على المدى القصير، فإن واشنطن لا تحبّذ هذا الاتجاه. إن التخلف عن سداد الديون السيادية الناجم عن انعدام الإرادة السياسية بدلًا من القدرة على الدفع من شأنه بالتأكيد أن يغذي الزخم لإزاحة الدولار. وسيؤدي ذلك إلى تقويض قدرة واشنطن على طباعة النقود بلا توقف في شكل سندات الخزانة الأمريكية وغيرها من الأوراق المالية.
وتابعت المجلة قائلة إنه سيكون لتراجع قيمة الدولار الأمريكي عواقب على رغبة الأطياف السياسية الأمريكية الجشعة في زيادة الإنفاق العام باستمرار. ولكن على حد تعبير النقاد؛ فإن هذا لن يحدث أبدًا، لأن سياسة سقف الديون الأمريكية هي عرض سيستمر إلى الأبد، خاصة وأن العجز لا يهم.
ومع ذلك، لن يكون للعجز أهمية حتى يحدث، إذ أن الاستمرار في التخلي عن المزايا النسبية للولايات المتحدة؛ مثل السياسة الديمقراطية المستقرة، والسياسة الاقتصادية الرشيدة، والإجماع العام حول السياسة الاقتصادية، والديون التي يمكن إدارتها؛ كلها لها تأثير تراكمي.
وذكرت المجلة أن المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة لا تتمحور حول سقف الديون فحسب. في الواقع، توضّح أزمة سقف الديون في حد ذاتها ضعف النظام السياسي، وربما انهياره على الأرجح.
ويتم تحديد الفضيلة السياسية حاليًا من خلال النقاء الأيديولوجي، وهو أمر يؤيده اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري واليساريون التقدميون في الحزب الديمقراطي.
سياسة عدم وجود صعوبات اقتصادية
وحسب المجلة؛ فقد أنفقت الحكومة الفيدرالية واقترضت مبالغ طائلة منذ الأزمة المالية 2008-2009 للتأكد من أنه حتى عندما يكون هناك تباطؤ اقتصادي، فإن الإنفاق يذهب للمساعدة في التخفيف من حدة الركود. وهذا ينطبق على الطبقة المتوسطة والعاملة وكذلك كبرى الشركات والقطاع المالي. واعتبر الكثيرون الفترة الممتدة لأسعار الفائدة المنخفضة بمثابة أموال رخيصة.
ونتيجة لذلك؛ لا توجد حتى الآن دورة عمل تقليدية للتوسع، والذروة والركود. وأحد الدلائل على ذلك هو أن حالات الإفلاس ظلت عند مستويات منخفضة تاريخيًا من سنة 2009 حتى سنة 2020. ووفقًا لشركة 'إس أند بي غلوبال'، كانت حالات إفلاس الشركات في ارتفاع فقط في سنة 2023، حيث سجلت في مطلع السنة أعلى إجمالي لأي فترة مماثلة منذ سنة 2011.
وأوردت المجلة أن سعي بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض التضخم يدخل في سياسات انعدام الصعوبات الاقتصادية. وفي حين رفع البنك المركزي أسعار الفائدة، أطلقت إدارة بايدن برنامجين رئيسيين للإنفاق، وهما قانون الرقائق والعلوم، والذي يوفر حوالي 280 مليار دولار في التمويل الجديد لتعزيز البحث المحلي وتصنيع أشباه الموصلات، وقانون الحد من التضخم، الذي يستثمر في إنتاج الطاقة المحلية من الوقود غير الأحفوري مع تعزيز ما يسمى بالطاقة النظيفة.
وإذا نجح البرنامجان، فإنهما سيقللان بشكل كبير من الاعتماد الأمريكي على الصين، وسيحققان تقدما كبيرا نحو أهداف إزالة الكربون، وسيحولان الاقتصاد الأمريكي بالكامل. وفي الوقت نفسه، تستفيد مجموعات مصالح محددة بشكل غير متناسب، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا والنقابات وصناعة السيارات.
ونوّهت المجلة إلى أن ما يبعث على الأمل في الأزمة الحالية هو أن المعتدلين في كلا الطرفين يريدون إبرام صفقة. وتتطلب الاتفاقية صفقة اعتمادات لمدة سنتين، وتمديدًا لمدة سنتين لسقف الدين، وهي الشروط المطلوبة لتلقي المساعدة الفيدرالية بموجب برنامج المساعدة الغذائية التكميلية للأشخاص حتى سن 54، مع استثناءات للمشردين والمحاربين القدامى.
واختتمت المجلة التقرير بالقول إنه بالنظر إلى المستقبل، من المحتمل أن يتم حل أزمة سقف الديون قبل نفاد أموال الحكومة الفيدرالية أو بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك، فإن الوضع الصعب للسياسة الأمريكية يفتح المجال لتآكل السياسة الاقتصادية الأمريكية مما يقوض دور الدولار على الصعيد الدولي والقيادة العالمية للولايات المتحدة.
نشرت مجلة 'ناشيونال إنترست' الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن مدى تأثير أزمة سقف الدين في الولايات المتحدة على مكانة الدولار كعملة عالمية رئيسية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته 'عربي21'، إن الولايات المتحدة تواجه أزمة أخرى لسقف الديون، وإذا لم يتمكن الديمقراطيون والجمهوريون من التغلب على خلافاتهم بشأن الإنفاق، فسوف تنفد أموال الحكومة الفيدرالية في مطلع حزيران/ يونيو، مما قد يؤدي إلى التخلف عن سداد الديون السيادية. وعلى الرغم من توصّل قيادة الحزبين إلى اتفاق، إلا أن الجزء الصعب يتمثّل في تسويق الصفقة إلى الأعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ؛ حيث يمكن أن يعقد المتشددون في كلا الحزبين الأمور.
وأوضحت المجلة أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تتخلف أبدًا عن سداد ديونها السيادية في تاريخها، إلا أن الطبقة السياسية الحالية في واشنطن فتحت الباب أمام هذه الاحتمالية. ولسوء الحظ، فإن الجمهور الأمريكي متوتر، فقد شاهدوا هذا العرض من قبل.
ووفق المجلة؛ تتمحور توقعات العديد من المشاركين في السوق في أن الأطراف ستتصرف حتى اللحظة الأخيرة إلى حين يرن جرس الإنذار المالي، ولكن بعد ذلك سيتوصلون إلى اتفاق. وبعد ذلك؛ سيعلن الطرفان النصر، بحجة أن الطرف الآخر تنازل أولاً. ولكن المشكلة تكمن في أنه لا يمكن لأي طرف أن يتنازل عن مواقفه (بسبب السياسات الحزبية الداخلية) أو السماح بحدوث تقصير.
وأفادت المجلة أنه يمكن توقع التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة الممكنة، ولكن هناك خطر متزايد من أن تخطئ الطبقة السياسية في تقديرها وتدفع الولايات المتحدة إلى التخلف عن سداد ديونها، مما قد يؤدي إلى تأثير سلبي على الدولار ودور الولايات المتحدة في العالم.
ما هو سقف الدين؟
وذكرت المجلة أنه وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن سقف الدين يمثّل 'المبلغ الإجمالي للأموال التي تسمح حكومة الولايات المتحدة باقتراضها للوفاء بالتزاماتها القانونية الحالية، بما في ذلك مزايا الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، ورواتب العسكريين، وفوائد الدين القومي واسترداد الضرائب، وغيرها من المدفوعات'. تاريخيًا، كان سقف الدين موجودًا منذ سنة 1917، حيث تم تعديله بموجب قوانين الدين العام التي صدرت في سنتي 1939 و1941. وفي الوقت الحالي، يبلغ سقف الدين 31.46 تريليون دولار.
وحسب المجلة؛ سيؤدي الفشل في زيادة سقف الدين الفيدرالي إلى عواقب متعددة، تشمل التخلف عن سداد الديون السيادية، والأزمة المالية، والانكماش الاقتصادي (إلى جانب تداعيات عالمية)، وفقدان الوظائف، وإغلاق أجزاء من الحكومة، وإيقاف محتمل لمدفوعات الرعاية الطبية، وخفض تصنيفات الديون السيادية الأمريكية نظريا AAA AA +.
وتتعقد المشكلة بسرعة كبيرة، بناءً على المدة التي سيستغرقها التخلف عن السداد والالتزامات التي لم يتم الوفاء بها. في الواقع؛ حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، مرارًا وتكرارًا بأنه إذا لم يتم رفع سقف الديون قريبًا، فستكون هناك 'خيارات صعبة يتعين اتخاذها بشأن الفواتير التي لم يتم سدادها'.
الإطاحة بالدولار
وأشارت المجلة إلى أن أحد المخاوف الكبيرة المتعلقة بالتخلف عن السداد المحتمل تكمن في أن هذا الحدث سيعطي زخمًا إضافيًّا لإزاحة الدولار الأمريكي عن عرشه باعتباره أهم عملة احتياطية في العالم.
في الواقع، بدأت الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والعديد من الدول الأخرى بالفعل في استخدام العملات الأخرى في جزء من تجارتها للهروب من احتمال قيام الحكومة الأمريكية بتسليح عملتها الوطنية، وهو ما كان واضحًا في العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا. والجدير بالذكر أن الصين تعمل جاهدة لإزاحة الدولار، مما يقلل من تعرضها لسندات الخزينة من أكثر من 1 تريليون دولار في سنة 2022 إلى 859 مليار دولار في كانون الثاني/ يناير 2023 (ومن المتوقع أن تنخفض أكثر).
ولفتت الصحيفة؛ أنه في حين أن التحول السريع عن الدولار الأمريكي غير مرجح على المدى القصير، فإن واشنطن لا تحبّذ هذا الاتجاه. إن التخلف عن سداد الديون السيادية الناجم عن انعدام الإرادة السياسية بدلًا من القدرة على الدفع من شأنه بالتأكيد أن يغذي الزخم لإزاحة الدولار. وسيؤدي ذلك إلى تقويض قدرة واشنطن على طباعة النقود بلا توقف في شكل سندات الخزانة الأمريكية وغيرها من الأوراق المالية.
وتابعت المجلة قائلة إنه سيكون لتراجع قيمة الدولار الأمريكي عواقب على رغبة الأطياف السياسية الأمريكية الجشعة في زيادة الإنفاق العام باستمرار. ولكن على حد تعبير النقاد؛ فإن هذا لن يحدث أبدًا، لأن سياسة سقف الديون الأمريكية هي عرض سيستمر إلى الأبد، خاصة وأن العجز لا يهم.
ومع ذلك، لن يكون للعجز أهمية حتى يحدث، إذ أن الاستمرار في التخلي عن المزايا النسبية للولايات المتحدة؛ مثل السياسة الديمقراطية المستقرة، والسياسة الاقتصادية الرشيدة، والإجماع العام حول السياسة الاقتصادية، والديون التي يمكن إدارتها؛ كلها لها تأثير تراكمي.
وذكرت المجلة أن المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة لا تتمحور حول سقف الديون فحسب. في الواقع، توضّح أزمة سقف الديون في حد ذاتها ضعف النظام السياسي، وربما انهياره على الأرجح.
ويتم تحديد الفضيلة السياسية حاليًا من خلال النقاء الأيديولوجي، وهو أمر يؤيده اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري واليساريون التقدميون في الحزب الديمقراطي.
سياسة عدم وجود صعوبات اقتصادية
وحسب المجلة؛ فقد أنفقت الحكومة الفيدرالية واقترضت مبالغ طائلة منذ الأزمة المالية 2008-2009 للتأكد من أنه حتى عندما يكون هناك تباطؤ اقتصادي، فإن الإنفاق يذهب للمساعدة في التخفيف من حدة الركود. وهذا ينطبق على الطبقة المتوسطة والعاملة وكذلك كبرى الشركات والقطاع المالي. واعتبر الكثيرون الفترة الممتدة لأسعار الفائدة المنخفضة بمثابة أموال رخيصة.
ونتيجة لذلك؛ لا توجد حتى الآن دورة عمل تقليدية للتوسع، والذروة والركود. وأحد الدلائل على ذلك هو أن حالات الإفلاس ظلت عند مستويات منخفضة تاريخيًا من سنة 2009 حتى سنة 2020. ووفقًا لشركة 'إس أند بي غلوبال'، كانت حالات إفلاس الشركات في ارتفاع فقط في سنة 2023، حيث سجلت في مطلع السنة أعلى إجمالي لأي فترة مماثلة منذ سنة 2011.
وأوردت المجلة أن سعي بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض التضخم يدخل في سياسات انعدام الصعوبات الاقتصادية. وفي حين رفع البنك المركزي أسعار الفائدة، أطلقت إدارة بايدن برنامجين رئيسيين للإنفاق، وهما قانون الرقائق والعلوم، والذي يوفر حوالي 280 مليار دولار في التمويل الجديد لتعزيز البحث المحلي وتصنيع أشباه الموصلات، وقانون الحد من التضخم، الذي يستثمر في إنتاج الطاقة المحلية من الوقود غير الأحفوري مع تعزيز ما يسمى بالطاقة النظيفة.
وإذا نجح البرنامجان، فإنهما سيقللان بشكل كبير من الاعتماد الأمريكي على الصين، وسيحققان تقدما كبيرا نحو أهداف إزالة الكربون، وسيحولان الاقتصاد الأمريكي بالكامل. وفي الوقت نفسه، تستفيد مجموعات مصالح محددة بشكل غير متناسب، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا والنقابات وصناعة السيارات.
ونوّهت المجلة إلى أن ما يبعث على الأمل في الأزمة الحالية هو أن المعتدلين في كلا الطرفين يريدون إبرام صفقة. وتتطلب الاتفاقية صفقة اعتمادات لمدة سنتين، وتمديدًا لمدة سنتين لسقف الدين، وهي الشروط المطلوبة لتلقي المساعدة الفيدرالية بموجب برنامج المساعدة الغذائية التكميلية للأشخاص حتى سن 54، مع استثناءات للمشردين والمحاربين القدامى.
واختتمت المجلة التقرير بالقول إنه بالنظر إلى المستقبل، من المحتمل أن يتم حل أزمة سقف الديون قبل نفاد أموال الحكومة الفيدرالية أو بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك، فإن الوضع الصعب للسياسة الأمريكية يفتح المجال لتآكل السياسة الاقتصادية الأمريكية مما يقوض دور الدولار على الصعيد الدولي والقيادة العالمية للولايات المتحدة.
نشرت مجلة 'ناشيونال إنترست' الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن مدى تأثير أزمة سقف الدين في الولايات المتحدة على مكانة الدولار كعملة عالمية رئيسية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته 'عربي21'، إن الولايات المتحدة تواجه أزمة أخرى لسقف الديون، وإذا لم يتمكن الديمقراطيون والجمهوريون من التغلب على خلافاتهم بشأن الإنفاق، فسوف تنفد أموال الحكومة الفيدرالية في مطلع حزيران/ يونيو، مما قد يؤدي إلى التخلف عن سداد الديون السيادية. وعلى الرغم من توصّل قيادة الحزبين إلى اتفاق، إلا أن الجزء الصعب يتمثّل في تسويق الصفقة إلى الأعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ؛ حيث يمكن أن يعقد المتشددون في كلا الحزبين الأمور.
وأوضحت المجلة أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تتخلف أبدًا عن سداد ديونها السيادية في تاريخها، إلا أن الطبقة السياسية الحالية في واشنطن فتحت الباب أمام هذه الاحتمالية. ولسوء الحظ، فإن الجمهور الأمريكي متوتر، فقد شاهدوا هذا العرض من قبل.
ووفق المجلة؛ تتمحور توقعات العديد من المشاركين في السوق في أن الأطراف ستتصرف حتى اللحظة الأخيرة إلى حين يرن جرس الإنذار المالي، ولكن بعد ذلك سيتوصلون إلى اتفاق. وبعد ذلك؛ سيعلن الطرفان النصر، بحجة أن الطرف الآخر تنازل أولاً. ولكن المشكلة تكمن في أنه لا يمكن لأي طرف أن يتنازل عن مواقفه (بسبب السياسات الحزبية الداخلية) أو السماح بحدوث تقصير.
وأفادت المجلة أنه يمكن توقع التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة الممكنة، ولكن هناك خطر متزايد من أن تخطئ الطبقة السياسية في تقديرها وتدفع الولايات المتحدة إلى التخلف عن سداد ديونها، مما قد يؤدي إلى تأثير سلبي على الدولار ودور الولايات المتحدة في العالم.
ما هو سقف الدين؟
وذكرت المجلة أنه وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، فإن سقف الدين يمثّل 'المبلغ الإجمالي للأموال التي تسمح حكومة الولايات المتحدة باقتراضها للوفاء بالتزاماتها القانونية الحالية، بما في ذلك مزايا الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، ورواتب العسكريين، وفوائد الدين القومي واسترداد الضرائب، وغيرها من المدفوعات'. تاريخيًا، كان سقف الدين موجودًا منذ سنة 1917، حيث تم تعديله بموجب قوانين الدين العام التي صدرت في سنتي 1939 و1941. وفي الوقت الحالي، يبلغ سقف الدين 31.46 تريليون دولار.
وحسب المجلة؛ سيؤدي الفشل في زيادة سقف الدين الفيدرالي إلى عواقب متعددة، تشمل التخلف عن سداد الديون السيادية، والأزمة المالية، والانكماش الاقتصادي (إلى جانب تداعيات عالمية)، وفقدان الوظائف، وإغلاق أجزاء من الحكومة، وإيقاف محتمل لمدفوعات الرعاية الطبية، وخفض تصنيفات الديون السيادية الأمريكية نظريا AAA AA +.
وتتعقد المشكلة بسرعة كبيرة، بناءً على المدة التي سيستغرقها التخلف عن السداد والالتزامات التي لم يتم الوفاء بها. في الواقع؛ حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، مرارًا وتكرارًا بأنه إذا لم يتم رفع سقف الديون قريبًا، فستكون هناك 'خيارات صعبة يتعين اتخاذها بشأن الفواتير التي لم يتم سدادها'.
الإطاحة بالدولار
وأشارت المجلة إلى أن أحد المخاوف الكبيرة المتعلقة بالتخلف عن السداد المحتمل تكمن في أن هذا الحدث سيعطي زخمًا إضافيًّا لإزاحة الدولار الأمريكي عن عرشه باعتباره أهم عملة احتياطية في العالم.
في الواقع، بدأت الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والعديد من الدول الأخرى بالفعل في استخدام العملات الأخرى في جزء من تجارتها للهروب من احتمال قيام الحكومة الأمريكية بتسليح عملتها الوطنية، وهو ما كان واضحًا في العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا. والجدير بالذكر أن الصين تعمل جاهدة لإزاحة الدولار، مما يقلل من تعرضها لسندات الخزينة من أكثر من 1 تريليون دولار في سنة 2022 إلى 859 مليار دولار في كانون الثاني/ يناير 2023 (ومن المتوقع أن تنخفض أكثر).
ولفتت الصحيفة؛ أنه في حين أن التحول السريع عن الدولار الأمريكي غير مرجح على المدى القصير، فإن واشنطن لا تحبّذ هذا الاتجاه. إن التخلف عن سداد الديون السيادية الناجم عن انعدام الإرادة السياسية بدلًا من القدرة على الدفع من شأنه بالتأكيد أن يغذي الزخم لإزاحة الدولار. وسيؤدي ذلك إلى تقويض قدرة واشنطن على طباعة النقود بلا توقف في شكل سندات الخزانة الأمريكية وغيرها من الأوراق المالية.
وتابعت المجلة قائلة إنه سيكون لتراجع قيمة الدولار الأمريكي عواقب على رغبة الأطياف السياسية الأمريكية الجشعة في زيادة الإنفاق العام باستمرار. ولكن على حد تعبير النقاد؛ فإن هذا لن يحدث أبدًا، لأن سياسة سقف الديون الأمريكية هي عرض سيستمر إلى الأبد، خاصة وأن العجز لا يهم.
ومع ذلك، لن يكون للعجز أهمية حتى يحدث، إذ أن الاستمرار في التخلي عن المزايا النسبية للولايات المتحدة؛ مثل السياسة الديمقراطية المستقرة، والسياسة الاقتصادية الرشيدة، والإجماع العام حول السياسة الاقتصادية، والديون التي يمكن إدارتها؛ كلها لها تأثير تراكمي.
وذكرت المجلة أن المشكلة التي تواجه الولايات المتحدة لا تتمحور حول سقف الديون فحسب. في الواقع، توضّح أزمة سقف الديون في حد ذاتها ضعف النظام السياسي، وربما انهياره على الأرجح.
ويتم تحديد الفضيلة السياسية حاليًا من خلال النقاء الأيديولوجي، وهو أمر يؤيده اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري واليساريون التقدميون في الحزب الديمقراطي.
سياسة عدم وجود صعوبات اقتصادية
وحسب المجلة؛ فقد أنفقت الحكومة الفيدرالية واقترضت مبالغ طائلة منذ الأزمة المالية 2008-2009 للتأكد من أنه حتى عندما يكون هناك تباطؤ اقتصادي، فإن الإنفاق يذهب للمساعدة في التخفيف من حدة الركود. وهذا ينطبق على الطبقة المتوسطة والعاملة وكذلك كبرى الشركات والقطاع المالي. واعتبر الكثيرون الفترة الممتدة لأسعار الفائدة المنخفضة بمثابة أموال رخيصة.
ونتيجة لذلك؛ لا توجد حتى الآن دورة عمل تقليدية للتوسع، والذروة والركود. وأحد الدلائل على ذلك هو أن حالات الإفلاس ظلت عند مستويات منخفضة تاريخيًا من سنة 2009 حتى سنة 2020. ووفقًا لشركة 'إس أند بي غلوبال'، كانت حالات إفلاس الشركات في ارتفاع فقط في سنة 2023، حيث سجلت في مطلع السنة أعلى إجمالي لأي فترة مماثلة منذ سنة 2011.
وأوردت المجلة أن سعي بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض التضخم يدخل في سياسات انعدام الصعوبات الاقتصادية. وفي حين رفع البنك المركزي أسعار الفائدة، أطلقت إدارة بايدن برنامجين رئيسيين للإنفاق، وهما قانون الرقائق والعلوم، والذي يوفر حوالي 280 مليار دولار في التمويل الجديد لتعزيز البحث المحلي وتصنيع أشباه الموصلات، وقانون الحد من التضخم، الذي يستثمر في إنتاج الطاقة المحلية من الوقود غير الأحفوري مع تعزيز ما يسمى بالطاقة النظيفة.
وإذا نجح البرنامجان، فإنهما سيقللان بشكل كبير من الاعتماد الأمريكي على الصين، وسيحققان تقدما كبيرا نحو أهداف إزالة الكربون، وسيحولان الاقتصاد الأمريكي بالكامل. وفي الوقت نفسه، تستفيد مجموعات مصالح محددة بشكل غير متناسب، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا والنقابات وصناعة السيارات.
ونوّهت المجلة إلى أن ما يبعث على الأمل في الأزمة الحالية هو أن المعتدلين في كلا الطرفين يريدون إبرام صفقة. وتتطلب الاتفاقية صفقة اعتمادات لمدة سنتين، وتمديدًا لمدة سنتين لسقف الدين، وهي الشروط المطلوبة لتلقي المساعدة الفيدرالية بموجب برنامج المساعدة الغذائية التكميلية للأشخاص حتى سن 54، مع استثناءات للمشردين والمحاربين القدامى.
واختتمت المجلة التقرير بالقول إنه بالنظر إلى المستقبل، من المحتمل أن يتم حل أزمة سقف الديون قبل نفاد أموال الحكومة الفيدرالية أو بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك، فإن الوضع الصعب للسياسة الأمريكية يفتح المجال لتآكل السياسة الاقتصادية الأمريكية مما يقوض دور الدولار على الصعيد الدولي والقيادة العالمية للولايات المتحدة.
التعليقات