كان الناس في ما مضى يغمضون على صوته الرائع عقب نشرة أخبار الثامنة «برعاية الله نترككم ولأردننا كلّ الحبّ»، فيما كانت الشاشة الصغيرة التي تسع الأردنيين والكون كلّه، تبهج بطلّة المذيع القدير المخضرم غالب الحديدي الذي غادرنا أمس بعد مرضٍ عضال عن أربعة وثمانين عامًا، تاركًا الكلمة تكبر في نفوس أجيال نشأت على حبّ الوطن، حتى بعد أن تقاعد من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وخدم ما يزيد على 55 عامًا في المهنة التي جعلته جزءًا لا ينفصل من قلوب زملائه ومحيطه الاجتماعي والبلدان العربيّة التي عمل فيها واحتضنت خبراته وكفاءات? في المهنة التي كان منذورًا لها منذ ولادته بعمّان عام 1939، المهنة التي ترك في أرجائها حسّه الأصيل ونغمة حروفه الجميلة في الوجدان الشعبيّ للناس.
وكلّما غادر أحد الأعلام الكبار في المهن اللصيقة بالناس وذات العلاقة الحميمة بهم، نظلّ نسأل كم أثّر هذا الرائح في من بعده وفي من جايله ومن جاوره، وكم ترك من أثر وذكريات نعود إليها في رحاب زمنٍ جميل.
ومن عادة الأردنيين أنّهم يحتفظون بصور المؤثرين من مذيعي تلفزيونهم الأثير وإذاعتهم الحبيبة، فما زال لدى جيل الثمانينات والتسعينات ومن لحقوا بركب الألفية الثانية والعشرية الأولى منها، ذلك الفهم الأصيل غير المشوّش لمعنى التأثير عبر كاريزما وشخصيّة المذيع، وتحديدًا لمن ملك ناصية اللغة وتماوج فيها وذاب عشقًا في حروفها، وغالب الحديدي الذي عاش أربعةً وثمانين عامًا، لم يكن ليسأم أو يملّ، فحطّم في ذلك بيت زهير بن أبي سلمى الذي يقول'سئمت تكاليف الحياة ومن يعش/ ثمانين عامًا، لا أبًا لك، يسأمِ»، فهو مذيع من طراز رفيع،?أثرى بخبرته محطات إذاعيّة بعد أن وقف التقاعد بينه وبين في مؤسسته التي يحبّ وكانت بيته ومحيطه وكلّ شيء في حياته، فظلّ صوته يصدح في إذاعة القوات المسلّحة الأردنيّة الجيش العربيّ، كأحسن ما يكون الصوت وأنبل ما يكون العطاء وأروع ما يكون الأداء.
تخرّج غالب الحديدي في كليّة الحسين سنة 1957، ودرس الإدارة العامة، وعرف كيف يدير البوصلة لجهة الوطن مع نفر من زملائه الذين نحفظ أسماءهم ونستذكر كم قدّموا ولم يكونوا يتعاملون مع مهنة المذيع تعامل الوظيفة الجامدة أو الحذلقة الزائدة عن الحاجة، بل كانوا يتخللون جمهورهم في كلّ وقفةٍ أو تحيّة أو تعليق أو استضافة، على معرفتهم بالبروتوكول الإذاعيّ وما يصحّ وما لا يصحّ وصولجان الرضا الذي يتوّجون به من غايتهم المستهدفة الأولى، الجمهور.
ومثل الحديدي، تمتلئ ذاكرة الأجيال بصوت وصورة زملاء المرحوم من المذيعين والمذيعات، ولكلّ منهم بصمته ومشواره وجملته المشهورة، فقد كانوا أساتذةً في مجالهم وإنسانيّتهم وحضورهم المحليّ والعربي، كما في السيرة العطرة لغالب الحديدي الذي عمل في مبكّرًا في الخمسينيات في الإذاعة الأردنيّة، وفي إذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية في الستينيات والسبعينيات، وفي تلفزيون دولة قطر أواخر السبعينيّات، ليواصل في الثمانينيات عمله في التلفزيون الأردني، فيعمل عام ألفين في الإذاعة الأردنيّة، ليحال على التقاعد، مواصلًا المشوار?في إذاعة القوات المسلحة الأردنيّة الجيش العربيّ حتى عام ألفين وثمانية عشر،.. لتقترب النهاية مع العشرية الثالثة في منتصف هذا العام الذي غادرنا فيه محفوفًا بالحبّ والأسى والحزن لكلمة مضيئة من إنسان دمث يملؤ وجهه البشر والفرح الذي لا بدّ وأن ينعكس على محيّا الشباب من أبنائه وهم يستضيفونه ليقبسوا منه شيئًا من خبرته الطويلة مع الإعلام والحياة.
في هذه الساعات وغدًا.. وفي كلّ حين، سيكتب الشباب الذين كبروا على حبّ غالب الحديدي جملته الشهيرة ويجعلونها أيقونة لصفحاتهم في التواصل الاجتماعيّ، مثلما سينشرون صورهم معه في جنبات الإذاعة وعلى مداخلها وقبيل البثّ، وستستعاد مقاطع من صوته العذب المميز بين المحبين، فيستمرّ العطاء، ويظلّ الوفاء عرفًا ساريًا بين الناس.
(إبراهيم السواعير - الرأي)
كان الناس في ما مضى يغمضون على صوته الرائع عقب نشرة أخبار الثامنة «برعاية الله نترككم ولأردننا كلّ الحبّ»، فيما كانت الشاشة الصغيرة التي تسع الأردنيين والكون كلّه، تبهج بطلّة المذيع القدير المخضرم غالب الحديدي الذي غادرنا أمس بعد مرضٍ عضال عن أربعة وثمانين عامًا، تاركًا الكلمة تكبر في نفوس أجيال نشأت على حبّ الوطن، حتى بعد أن تقاعد من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وخدم ما يزيد على 55 عامًا في المهنة التي جعلته جزءًا لا ينفصل من قلوب زملائه ومحيطه الاجتماعي والبلدان العربيّة التي عمل فيها واحتضنت خبراته وكفاءات? في المهنة التي كان منذورًا لها منذ ولادته بعمّان عام 1939، المهنة التي ترك في أرجائها حسّه الأصيل ونغمة حروفه الجميلة في الوجدان الشعبيّ للناس.
وكلّما غادر أحد الأعلام الكبار في المهن اللصيقة بالناس وذات العلاقة الحميمة بهم، نظلّ نسأل كم أثّر هذا الرائح في من بعده وفي من جايله ومن جاوره، وكم ترك من أثر وذكريات نعود إليها في رحاب زمنٍ جميل.
ومن عادة الأردنيين أنّهم يحتفظون بصور المؤثرين من مذيعي تلفزيونهم الأثير وإذاعتهم الحبيبة، فما زال لدى جيل الثمانينات والتسعينات ومن لحقوا بركب الألفية الثانية والعشرية الأولى منها، ذلك الفهم الأصيل غير المشوّش لمعنى التأثير عبر كاريزما وشخصيّة المذيع، وتحديدًا لمن ملك ناصية اللغة وتماوج فيها وذاب عشقًا في حروفها، وغالب الحديدي الذي عاش أربعةً وثمانين عامًا، لم يكن ليسأم أو يملّ، فحطّم في ذلك بيت زهير بن أبي سلمى الذي يقول'سئمت تكاليف الحياة ومن يعش/ ثمانين عامًا، لا أبًا لك، يسأمِ»، فهو مذيع من طراز رفيع،?أثرى بخبرته محطات إذاعيّة بعد أن وقف التقاعد بينه وبين في مؤسسته التي يحبّ وكانت بيته ومحيطه وكلّ شيء في حياته، فظلّ صوته يصدح في إذاعة القوات المسلّحة الأردنيّة الجيش العربيّ، كأحسن ما يكون الصوت وأنبل ما يكون العطاء وأروع ما يكون الأداء.
تخرّج غالب الحديدي في كليّة الحسين سنة 1957، ودرس الإدارة العامة، وعرف كيف يدير البوصلة لجهة الوطن مع نفر من زملائه الذين نحفظ أسماءهم ونستذكر كم قدّموا ولم يكونوا يتعاملون مع مهنة المذيع تعامل الوظيفة الجامدة أو الحذلقة الزائدة عن الحاجة، بل كانوا يتخللون جمهورهم في كلّ وقفةٍ أو تحيّة أو تعليق أو استضافة، على معرفتهم بالبروتوكول الإذاعيّ وما يصحّ وما لا يصحّ وصولجان الرضا الذي يتوّجون به من غايتهم المستهدفة الأولى، الجمهور.
ومثل الحديدي، تمتلئ ذاكرة الأجيال بصوت وصورة زملاء المرحوم من المذيعين والمذيعات، ولكلّ منهم بصمته ومشواره وجملته المشهورة، فقد كانوا أساتذةً في مجالهم وإنسانيّتهم وحضورهم المحليّ والعربي، كما في السيرة العطرة لغالب الحديدي الذي عمل في مبكّرًا في الخمسينيات في الإذاعة الأردنيّة، وفي إذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية في الستينيات والسبعينيات، وفي تلفزيون دولة قطر أواخر السبعينيّات، ليواصل في الثمانينيات عمله في التلفزيون الأردني، فيعمل عام ألفين في الإذاعة الأردنيّة، ليحال على التقاعد، مواصلًا المشوار?في إذاعة القوات المسلحة الأردنيّة الجيش العربيّ حتى عام ألفين وثمانية عشر،.. لتقترب النهاية مع العشرية الثالثة في منتصف هذا العام الذي غادرنا فيه محفوفًا بالحبّ والأسى والحزن لكلمة مضيئة من إنسان دمث يملؤ وجهه البشر والفرح الذي لا بدّ وأن ينعكس على محيّا الشباب من أبنائه وهم يستضيفونه ليقبسوا منه شيئًا من خبرته الطويلة مع الإعلام والحياة.
في هذه الساعات وغدًا.. وفي كلّ حين، سيكتب الشباب الذين كبروا على حبّ غالب الحديدي جملته الشهيرة ويجعلونها أيقونة لصفحاتهم في التواصل الاجتماعيّ، مثلما سينشرون صورهم معه في جنبات الإذاعة وعلى مداخلها وقبيل البثّ، وستستعاد مقاطع من صوته العذب المميز بين المحبين، فيستمرّ العطاء، ويظلّ الوفاء عرفًا ساريًا بين الناس.
(إبراهيم السواعير - الرأي)
كان الناس في ما مضى يغمضون على صوته الرائع عقب نشرة أخبار الثامنة «برعاية الله نترككم ولأردننا كلّ الحبّ»، فيما كانت الشاشة الصغيرة التي تسع الأردنيين والكون كلّه، تبهج بطلّة المذيع القدير المخضرم غالب الحديدي الذي غادرنا أمس بعد مرضٍ عضال عن أربعة وثمانين عامًا، تاركًا الكلمة تكبر في نفوس أجيال نشأت على حبّ الوطن، حتى بعد أن تقاعد من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وخدم ما يزيد على 55 عامًا في المهنة التي جعلته جزءًا لا ينفصل من قلوب زملائه ومحيطه الاجتماعي والبلدان العربيّة التي عمل فيها واحتضنت خبراته وكفاءات? في المهنة التي كان منذورًا لها منذ ولادته بعمّان عام 1939، المهنة التي ترك في أرجائها حسّه الأصيل ونغمة حروفه الجميلة في الوجدان الشعبيّ للناس.
وكلّما غادر أحد الأعلام الكبار في المهن اللصيقة بالناس وذات العلاقة الحميمة بهم، نظلّ نسأل كم أثّر هذا الرائح في من بعده وفي من جايله ومن جاوره، وكم ترك من أثر وذكريات نعود إليها في رحاب زمنٍ جميل.
ومن عادة الأردنيين أنّهم يحتفظون بصور المؤثرين من مذيعي تلفزيونهم الأثير وإذاعتهم الحبيبة، فما زال لدى جيل الثمانينات والتسعينات ومن لحقوا بركب الألفية الثانية والعشرية الأولى منها، ذلك الفهم الأصيل غير المشوّش لمعنى التأثير عبر كاريزما وشخصيّة المذيع، وتحديدًا لمن ملك ناصية اللغة وتماوج فيها وذاب عشقًا في حروفها، وغالب الحديدي الذي عاش أربعةً وثمانين عامًا، لم يكن ليسأم أو يملّ، فحطّم في ذلك بيت زهير بن أبي سلمى الذي يقول'سئمت تكاليف الحياة ومن يعش/ ثمانين عامًا، لا أبًا لك، يسأمِ»، فهو مذيع من طراز رفيع،?أثرى بخبرته محطات إذاعيّة بعد أن وقف التقاعد بينه وبين في مؤسسته التي يحبّ وكانت بيته ومحيطه وكلّ شيء في حياته، فظلّ صوته يصدح في إذاعة القوات المسلّحة الأردنيّة الجيش العربيّ، كأحسن ما يكون الصوت وأنبل ما يكون العطاء وأروع ما يكون الأداء.
تخرّج غالب الحديدي في كليّة الحسين سنة 1957، ودرس الإدارة العامة، وعرف كيف يدير البوصلة لجهة الوطن مع نفر من زملائه الذين نحفظ أسماءهم ونستذكر كم قدّموا ولم يكونوا يتعاملون مع مهنة المذيع تعامل الوظيفة الجامدة أو الحذلقة الزائدة عن الحاجة، بل كانوا يتخللون جمهورهم في كلّ وقفةٍ أو تحيّة أو تعليق أو استضافة، على معرفتهم بالبروتوكول الإذاعيّ وما يصحّ وما لا يصحّ وصولجان الرضا الذي يتوّجون به من غايتهم المستهدفة الأولى، الجمهور.
ومثل الحديدي، تمتلئ ذاكرة الأجيال بصوت وصورة زملاء المرحوم من المذيعين والمذيعات، ولكلّ منهم بصمته ومشواره وجملته المشهورة، فقد كانوا أساتذةً في مجالهم وإنسانيّتهم وحضورهم المحليّ والعربي، كما في السيرة العطرة لغالب الحديدي الذي عمل في مبكّرًا في الخمسينيات في الإذاعة الأردنيّة، وفي إذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية في الستينيات والسبعينيات، وفي تلفزيون دولة قطر أواخر السبعينيّات، ليواصل في الثمانينيات عمله في التلفزيون الأردني، فيعمل عام ألفين في الإذاعة الأردنيّة، ليحال على التقاعد، مواصلًا المشوار?في إذاعة القوات المسلحة الأردنيّة الجيش العربيّ حتى عام ألفين وثمانية عشر،.. لتقترب النهاية مع العشرية الثالثة في منتصف هذا العام الذي غادرنا فيه محفوفًا بالحبّ والأسى والحزن لكلمة مضيئة من إنسان دمث يملؤ وجهه البشر والفرح الذي لا بدّ وأن ينعكس على محيّا الشباب من أبنائه وهم يستضيفونه ليقبسوا منه شيئًا من خبرته الطويلة مع الإعلام والحياة.
في هذه الساعات وغدًا.. وفي كلّ حين، سيكتب الشباب الذين كبروا على حبّ غالب الحديدي جملته الشهيرة ويجعلونها أيقونة لصفحاتهم في التواصل الاجتماعيّ، مثلما سينشرون صورهم معه في جنبات الإذاعة وعلى مداخلها وقبيل البثّ، وستستعاد مقاطع من صوته العذب المميز بين المحبين، فيستمرّ العطاء، ويظلّ الوفاء عرفًا ساريًا بين الناس.
(إبراهيم السواعير - الرأي)
التعليقات