حسين الرّواشدة
كيف تستطيع الأحزاب التي اختارت قياداتها من خلال آلية “التوافق”، أن تقنع الأردنيين بالذهاب إلى الصناديق ، لانتخاب مرشحيها في أي انتخابات قادمة ؟
مشروعية السؤال تفرضها معادلة تبدو، هنا ، مقلوبة تماما ، فأغلبية الأحزاب ال26 التي تشكلت ،ثم حصلت على الترخيص ، بموجب قانون الأحزاب الجديد ، زهدت بالانتخاب عبر الصناديق ، او رفضت الاحتكام اليه، ، حين أفرزت من يمثلها بالصفوف الأولى للقيادة ( وما أكثرهم) ، لكنها ستضطر قريبا لمطالبة الأردنيين بإنتخاب مرشحيها والتصويت لهم، ما يعني امرين ، الاول أن هذه الأحزاب لا تؤمن اصلا بالصناديق التي هي أساس شرعيتها ، او انها لم تستطع ان تمارس هذه العملية، والثاني هو ان الرسالة الخطأ التي بعثتها للاردنيين ، ستجد من يقرأها بذات الطريقة التي كتبتها في أول تمرين سياسي لها، وسيردون عليها بالمثل، اقصد بمنطق العزوف عن الصناديق ايضا .
لا أريد ، بالطبع ، أن افتح طوابق “التوافقات ” التي جرت داخل الأحزاب لإفراز قياداتها، وكيف جرى ذلك ، اترك مهمة هذا النقاش لأعضاء كل حزب على أساس المكاشفة والمصارحة والمحاسبة ، لكن يكفي أن أشير إلى أن اغلب هذه التوافقات عكست فكرة “الاخ الاكبر” ، وتعاملت مع المشهد الحزبي بمنطق تقسيم الغنائم ، وأفقدت الثقة بمشروع الحزب لدي بعض المؤمنين به ، ناهيك على أن نتائجها ستظهر لاحقا على شكل انفجارات وانشقاقات تضر بالاداء الحزبي، كما ان هذه ” البروفة” الانتقائية ستتكرر عند ترشيح قوائم الأحزاب لاي انتخابات قادمةً، كان يمكن أن يحدث عكس ذلك تماما ، لو أن الصناديق هي من قالت كلمتها ، او حتى لو ان المخرجات التوافقية صبّت باتجاه الخيارات الأصلح ، أقصد العاقلة ، اذا تعذرت الخيارات العادلة.
السؤال الذي يمكن أن اطرحه، هو : من المرشحون لإنتاج نماذج حزبية في بلدنا ، بعد ان ملأ هذا الفراغ توافق المال والأيديولوجيا بأنواعها ، أثر ما جرى من تحولات افرزت طبقة سياسية جديدة ، عنوانها “البزنس السياسي ” ، ضمت كبار التجار والمقاولين والأثرياء ، والموظفين السابقين من جماعة “الفهلوة ” الطامحين للعودة إلى المناصب ، هؤلاء كلهم لا علاقة لهم بالسياسة ، ولكنهم دخلوها فجأة ، وتعاملوا معها كهواة، وقد شاهدنا نماذج عديدة منهم ، خاصة بالبرلمانات المتعاقبة ، وبالتالي فإنهم شكلوا إفرازات ما أشرنا إليه سلفا من توافقات داخل الاحزاب.
الاجابة على هذا السؤال تحتاج للتذكير بضرورة انضاج مفهوم “الجماعة الوطنية”، استنادا إلى مشروع وطني، بما يتضمنه من رأسمال وطني، ونخب وطنية، وبرامج وطنية (إن شئت إيديولوجيات وطنية بالمعنى السياسي)، هذه الجماعة مهما كانت توجهاتها الفكرية والسياسية؛ معارضة أو موالية، من رحم الإدارة العامة للدولة أو من رحم المجتمع ومؤسساته المدنية، محسوبة على الأثرياء أو الفقراء، هي البديل والمرشح الوحيد لتشكيل الأحزاب وقيادتها.
الأصل، بالطبع، أن تخرج شهادة ميلاد أي حزب من المجتمع، فالأحزاب هي المعنية بإنتاج الوسائط السياسية التي تمثل الناس، وتتحدث باسم الضمير العام، وسواء وصلت لتشكيل الحكومة أو ظلت في دائرة المعارضة، فإنها تستمد مشروعية عملها ونفوذها واستمرارها من ثقة المجتمع بها، كما يفترض أنها تتعامل مع المؤسسات الفاعلة في المجال العام، سواء كانت رسمية أو مدنية، بمنطق التنافس والندية، لا بمنطق الهيمنة أو التبعية.
إذا كنا جادين فعلا بالتأسيس لمرحلة حزبية جديدة، فإننا نحتاج إلى رسائل (مواقف إن شئت)حقيقية، لا مجال فيها للاستهانة بذكاء الناس، لا سيما وأن ذاكرة الأردنيين ما تزال مزدحمة بالخيبات والشكوك، خاصة فيما يتعلق بالتجربة الحزبية، فأي خطأ – مهما كان صغيرا- سيعيدنا خطوات للوراء، وبالتالي فمن الواجب على الجميع أن يفسح الطريق أمام الأردنيين، والشباب تحديدا، للعبور نحو الأحزاب الوطنية، على اعتبار الحزبية مطلبا وطنيا، وليس مجرد ديكور لتزيين الصورة فقط.
حسين الرّواشدة
كيف تستطيع الأحزاب التي اختارت قياداتها من خلال آلية “التوافق”، أن تقنع الأردنيين بالذهاب إلى الصناديق ، لانتخاب مرشحيها في أي انتخابات قادمة ؟
مشروعية السؤال تفرضها معادلة تبدو، هنا ، مقلوبة تماما ، فأغلبية الأحزاب ال26 التي تشكلت ،ثم حصلت على الترخيص ، بموجب قانون الأحزاب الجديد ، زهدت بالانتخاب عبر الصناديق ، او رفضت الاحتكام اليه، ، حين أفرزت من يمثلها بالصفوف الأولى للقيادة ( وما أكثرهم) ، لكنها ستضطر قريبا لمطالبة الأردنيين بإنتخاب مرشحيها والتصويت لهم، ما يعني امرين ، الاول أن هذه الأحزاب لا تؤمن اصلا بالصناديق التي هي أساس شرعيتها ، او انها لم تستطع ان تمارس هذه العملية، والثاني هو ان الرسالة الخطأ التي بعثتها للاردنيين ، ستجد من يقرأها بذات الطريقة التي كتبتها في أول تمرين سياسي لها، وسيردون عليها بالمثل، اقصد بمنطق العزوف عن الصناديق ايضا .
لا أريد ، بالطبع ، أن افتح طوابق “التوافقات ” التي جرت داخل الأحزاب لإفراز قياداتها، وكيف جرى ذلك ، اترك مهمة هذا النقاش لأعضاء كل حزب على أساس المكاشفة والمصارحة والمحاسبة ، لكن يكفي أن أشير إلى أن اغلب هذه التوافقات عكست فكرة “الاخ الاكبر” ، وتعاملت مع المشهد الحزبي بمنطق تقسيم الغنائم ، وأفقدت الثقة بمشروع الحزب لدي بعض المؤمنين به ، ناهيك على أن نتائجها ستظهر لاحقا على شكل انفجارات وانشقاقات تضر بالاداء الحزبي، كما ان هذه ” البروفة” الانتقائية ستتكرر عند ترشيح قوائم الأحزاب لاي انتخابات قادمةً، كان يمكن أن يحدث عكس ذلك تماما ، لو أن الصناديق هي من قالت كلمتها ، او حتى لو ان المخرجات التوافقية صبّت باتجاه الخيارات الأصلح ، أقصد العاقلة ، اذا تعذرت الخيارات العادلة.
السؤال الذي يمكن أن اطرحه، هو : من المرشحون لإنتاج نماذج حزبية في بلدنا ، بعد ان ملأ هذا الفراغ توافق المال والأيديولوجيا بأنواعها ، أثر ما جرى من تحولات افرزت طبقة سياسية جديدة ، عنوانها “البزنس السياسي ” ، ضمت كبار التجار والمقاولين والأثرياء ، والموظفين السابقين من جماعة “الفهلوة ” الطامحين للعودة إلى المناصب ، هؤلاء كلهم لا علاقة لهم بالسياسة ، ولكنهم دخلوها فجأة ، وتعاملوا معها كهواة، وقد شاهدنا نماذج عديدة منهم ، خاصة بالبرلمانات المتعاقبة ، وبالتالي فإنهم شكلوا إفرازات ما أشرنا إليه سلفا من توافقات داخل الاحزاب.
الاجابة على هذا السؤال تحتاج للتذكير بضرورة انضاج مفهوم “الجماعة الوطنية”، استنادا إلى مشروع وطني، بما يتضمنه من رأسمال وطني، ونخب وطنية، وبرامج وطنية (إن شئت إيديولوجيات وطنية بالمعنى السياسي)، هذه الجماعة مهما كانت توجهاتها الفكرية والسياسية؛ معارضة أو موالية، من رحم الإدارة العامة للدولة أو من رحم المجتمع ومؤسساته المدنية، محسوبة على الأثرياء أو الفقراء، هي البديل والمرشح الوحيد لتشكيل الأحزاب وقيادتها.
الأصل، بالطبع، أن تخرج شهادة ميلاد أي حزب من المجتمع، فالأحزاب هي المعنية بإنتاج الوسائط السياسية التي تمثل الناس، وتتحدث باسم الضمير العام، وسواء وصلت لتشكيل الحكومة أو ظلت في دائرة المعارضة، فإنها تستمد مشروعية عملها ونفوذها واستمرارها من ثقة المجتمع بها، كما يفترض أنها تتعامل مع المؤسسات الفاعلة في المجال العام، سواء كانت رسمية أو مدنية، بمنطق التنافس والندية، لا بمنطق الهيمنة أو التبعية.
إذا كنا جادين فعلا بالتأسيس لمرحلة حزبية جديدة، فإننا نحتاج إلى رسائل (مواقف إن شئت)حقيقية، لا مجال فيها للاستهانة بذكاء الناس، لا سيما وأن ذاكرة الأردنيين ما تزال مزدحمة بالخيبات والشكوك، خاصة فيما يتعلق بالتجربة الحزبية، فأي خطأ – مهما كان صغيرا- سيعيدنا خطوات للوراء، وبالتالي فمن الواجب على الجميع أن يفسح الطريق أمام الأردنيين، والشباب تحديدا، للعبور نحو الأحزاب الوطنية، على اعتبار الحزبية مطلبا وطنيا، وليس مجرد ديكور لتزيين الصورة فقط.
حسين الرّواشدة
كيف تستطيع الأحزاب التي اختارت قياداتها من خلال آلية “التوافق”، أن تقنع الأردنيين بالذهاب إلى الصناديق ، لانتخاب مرشحيها في أي انتخابات قادمة ؟
مشروعية السؤال تفرضها معادلة تبدو، هنا ، مقلوبة تماما ، فأغلبية الأحزاب ال26 التي تشكلت ،ثم حصلت على الترخيص ، بموجب قانون الأحزاب الجديد ، زهدت بالانتخاب عبر الصناديق ، او رفضت الاحتكام اليه، ، حين أفرزت من يمثلها بالصفوف الأولى للقيادة ( وما أكثرهم) ، لكنها ستضطر قريبا لمطالبة الأردنيين بإنتخاب مرشحيها والتصويت لهم، ما يعني امرين ، الاول أن هذه الأحزاب لا تؤمن اصلا بالصناديق التي هي أساس شرعيتها ، او انها لم تستطع ان تمارس هذه العملية، والثاني هو ان الرسالة الخطأ التي بعثتها للاردنيين ، ستجد من يقرأها بذات الطريقة التي كتبتها في أول تمرين سياسي لها، وسيردون عليها بالمثل، اقصد بمنطق العزوف عن الصناديق ايضا .
لا أريد ، بالطبع ، أن افتح طوابق “التوافقات ” التي جرت داخل الأحزاب لإفراز قياداتها، وكيف جرى ذلك ، اترك مهمة هذا النقاش لأعضاء كل حزب على أساس المكاشفة والمصارحة والمحاسبة ، لكن يكفي أن أشير إلى أن اغلب هذه التوافقات عكست فكرة “الاخ الاكبر” ، وتعاملت مع المشهد الحزبي بمنطق تقسيم الغنائم ، وأفقدت الثقة بمشروع الحزب لدي بعض المؤمنين به ، ناهيك على أن نتائجها ستظهر لاحقا على شكل انفجارات وانشقاقات تضر بالاداء الحزبي، كما ان هذه ” البروفة” الانتقائية ستتكرر عند ترشيح قوائم الأحزاب لاي انتخابات قادمةً، كان يمكن أن يحدث عكس ذلك تماما ، لو أن الصناديق هي من قالت كلمتها ، او حتى لو ان المخرجات التوافقية صبّت باتجاه الخيارات الأصلح ، أقصد العاقلة ، اذا تعذرت الخيارات العادلة.
السؤال الذي يمكن أن اطرحه، هو : من المرشحون لإنتاج نماذج حزبية في بلدنا ، بعد ان ملأ هذا الفراغ توافق المال والأيديولوجيا بأنواعها ، أثر ما جرى من تحولات افرزت طبقة سياسية جديدة ، عنوانها “البزنس السياسي ” ، ضمت كبار التجار والمقاولين والأثرياء ، والموظفين السابقين من جماعة “الفهلوة ” الطامحين للعودة إلى المناصب ، هؤلاء كلهم لا علاقة لهم بالسياسة ، ولكنهم دخلوها فجأة ، وتعاملوا معها كهواة، وقد شاهدنا نماذج عديدة منهم ، خاصة بالبرلمانات المتعاقبة ، وبالتالي فإنهم شكلوا إفرازات ما أشرنا إليه سلفا من توافقات داخل الاحزاب.
الاجابة على هذا السؤال تحتاج للتذكير بضرورة انضاج مفهوم “الجماعة الوطنية”، استنادا إلى مشروع وطني، بما يتضمنه من رأسمال وطني، ونخب وطنية، وبرامج وطنية (إن شئت إيديولوجيات وطنية بالمعنى السياسي)، هذه الجماعة مهما كانت توجهاتها الفكرية والسياسية؛ معارضة أو موالية، من رحم الإدارة العامة للدولة أو من رحم المجتمع ومؤسساته المدنية، محسوبة على الأثرياء أو الفقراء، هي البديل والمرشح الوحيد لتشكيل الأحزاب وقيادتها.
الأصل، بالطبع، أن تخرج شهادة ميلاد أي حزب من المجتمع، فالأحزاب هي المعنية بإنتاج الوسائط السياسية التي تمثل الناس، وتتحدث باسم الضمير العام، وسواء وصلت لتشكيل الحكومة أو ظلت في دائرة المعارضة، فإنها تستمد مشروعية عملها ونفوذها واستمرارها من ثقة المجتمع بها، كما يفترض أنها تتعامل مع المؤسسات الفاعلة في المجال العام، سواء كانت رسمية أو مدنية، بمنطق التنافس والندية، لا بمنطق الهيمنة أو التبعية.
إذا كنا جادين فعلا بالتأسيس لمرحلة حزبية جديدة، فإننا نحتاج إلى رسائل (مواقف إن شئت)حقيقية، لا مجال فيها للاستهانة بذكاء الناس، لا سيما وأن ذاكرة الأردنيين ما تزال مزدحمة بالخيبات والشكوك، خاصة فيما يتعلق بالتجربة الحزبية، فأي خطأ – مهما كان صغيرا- سيعيدنا خطوات للوراء، وبالتالي فمن الواجب على الجميع أن يفسح الطريق أمام الأردنيين، والشباب تحديدا، للعبور نحو الأحزاب الوطنية، على اعتبار الحزبية مطلبا وطنيا، وليس مجرد ديكور لتزيين الصورة فقط.
التعليقات