الرئيس رجب طيب أردوغان هو أكثر السياسيين تداولاً في الأخبار، تزامناً مع انتخابات تركيا المقررة يوم 14 مايو/أيار 2023، فمن هو السياسي المخضرم الساعي إلى الفوز مرة أخرى؟
بعيداً عن حظوظ الأحزاب والمرشحين للرئاسة، في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي انطلق التصويت فيها للأتراك المسجلين أماكن إقامتهم خارج حدود البلاد، يوم 27 أبريل/نيسان، هناك إجماع داخل وخارج تركيا على أن الانتخابات هذه المرة تمثل مفترق طرق للبلاد، وقد تكون الأكثر أهمية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923.
فنتائج الانتخابات التركية، أياً كانت، سوف يكون لها تأثير مباشر على صياغة الحسابات الجيوسياسية في واشنطن وموسكو، إضافة إلى عواصم في أوروبا والشرق الأوسط ووسط آسيا وإفريقيا أيضاً: 'ما يحدث في تركيا لن يبقى في تركيا فقط'، كما قال ضياء ميرال، الباحث في معهد خدمات رويال المتحد لدراسات الدفاع والأمن لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، مضيفاً أن 'تركيا قد تكون قوة متوسطة، لكن القوى الكبرى ستتأثر بنتائج الانتخابات في أنقرة'.
أردوغان.. الميلاد والنشأة والدراسة ولد رجب طيب أردوغان يوم 26 فبراير/شباط عام 1956 في مدينة طرابزون بشمال شرق تركيا، لأسرة فقيرة، وأمضى جانباً من طفولته المبكرة في محافظة ريزة على البحر الأسود، ثم عاد إلى إسطنبول وهو في الثالثة عشرة من عمره.
وفي إحدى المناظرات التلفزيونية السابقة، تحدث الرئيس التركي عن طفولته، فقال: 'لم يكن أمامي سوى بيع البطيخ والسميط خلال دراستي الابتدائية والإعدادية، كي أستطيع معاونة والدي، وتوفير جزء من مصروفات تعليمي، فقد كان والدي فقيراً'.
وتلقى أردوغان دراسته في مدارس 'إمام خطيب' الإسلامية في تركيا، والتحق بجامعة مرمرة، حيث تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية فيها، كما مارس كرة القدم لاعباً في صفوف نادي قاسم باشا، أحد أندية الدوري الممتاز في تركيا، وكان لاعباً شبه محترف.
ومنذ تلك المرحلة المبكرة من حياته أظهر أردوغان اهتماماً بالعمل العام، وانضم إلى حزب الخلاص الوطني، الذي كان يرأسه نجم الدين أربكان، وكان ذلك في نهاية سبعينات القرن الماضي، وكان أردوغان وقتها في بداية العشرينيات من عمره.
وشهد عام 1980 انقلاباً عسكرياً في تركيا بقيادة الجنرال كنعان إيفرين، الذي ألغى الحياة السياسية وحل جميع الأحزاب، واستمر ذلك حتى عام 1983 عندما أعيدت الحياة السياسية مرة أخرى، وأسس نجم الدين أربكان حزب الرفاه الإسلامي، ومعه عاد أردوغان إلى نشاطه الحزبي والسياسي من خلال الحزب، وبخاصة في إسطنبول.
مسيرة أردوغان السياسية من خلال حزب الرفاه، شارك أردوغان لأول مرة في الانتخابات البلدية عام 1989، مرشحاً في بلدية 'باي أوغلو'، لكنه لم يفز فيها، لكنه ترشح في الانتخابات البلدية مرة أخرى عام 1994، وفي تلك المرة ترشح للمنافسة على الفوز بمنصب والي إسطنبول، وهو ما تحقق بالفعل، ليمثل ذلك أحد أبرز المحطات السياسية في حياته وفي تركيا كذلك.
فخلال تلك الفترة تعرض أردوغان للسجن بسبب قصيدة شعر من التراث التركي ألقاها في مناسبة عامة، فحكم عليه بالحبس 10 أشهر، والمنع من الترشح لأي وظيفة عامة، وكذلك الانتخابات العامة، وكان ذلك عام 1998.
فقد أدت تلك القضية لاحقاً إلى تأسيس أردوغان حزب التنمية والعدالة، ليحدث تغييراً جوهرياً في تركيا ويجعل منها خلال 20 عاماً فقط قوة عسكرية إقليمية، مروراً بعدد من المحطات البارزة.
قضى أردوغان الفترة من مارس/آذار حتى يوليو/تموز عام 1999، خلف القضبان، وفي أغسطس/آب 2001 أسس حزب العدالة والتنمية، وتم انتخابه رئيساً للحزب. وبعد نحو عام وشهرين تقريباً، شارك الحزب في الانتخابات العامة في تركيا، وفاز بنحو 35% من الأصوات، ليصبح صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر، ومن ثم يصبح مؤهلاً لتشكيل الحكومة.
لكن تم منع أردوغان قانوناً من شغل منصب رئيس الوزراء أو دخول البرلمان بسبب الحكم بسجنه، وظلَّ الأمر على حاله حتى تم إلغاء القرار، في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وفي مايو/أيار 2003، أصبح رجب طيب أردوغان رئيساً للوزراء في تركيا، ليبدأ عقداً من الازدهار الاقتصادي، وارتفاع مستويات المعيشة نتيجة طفرة في البنية التحتية والتصنيع بأنواعه والاستثمار الأجنبي، ليرتفع حجم الاقتصاد التركي بصورة لافتة.
ومنذ ذلك الوقت، أي خلال 20 عاماً، شهدت تركيا بزعامة أردوغان تغييرات سياسية مهمة، حيث وافق الأتراك في استفتاء أكتوبر/تشرين الأول عام 2007، على تعديلات دستورية تقضي بإجراء انتخابات عامة لاختيار الرئيس الذي كان منصبه حتى ذلك الوقت شرفياً إلى حد كبير.
نجاحات متتالية في الانتخابات التركية وفي فبراير/شباط عام 2008، ألغت تركيا الحظر الذي كان مفروضاً على الحجاب في الجامعات، حيث أقر البرلمان تعديلاً صاغه حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، برفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الحرم الجامعي.
وفي مارس/آذار من العام نفسه، نظرت المحكمة الدستورية في قضية تتعلق بفصل الدين عن الدولة، وأصدرت حكماً بالأغلبية برفض حل حزب العدالة والتنمية، ومنع أردوغان وعشرات من أعضاء الحزب الآخرين من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات.
وفي سبتمبر/أيلول عام 2010، شهدت تركيا استفاءً آخر وافق فيه الأتراك على إدخال تعديلات قضائية واقتصادية دافع عنها أردوغان، والتي كانت تهدف إلى أن يتماشى الدستور مع معايير الاتحاد الأوروبي، حتى مع تعثر محاولة تركيا للانضمام إلى التكتل.
وفي أغسطس/آب 2014، فاز أردوغان بأول انتخابات رئاسية عامة تشهدها تركيا، وأبريل/نيسان 2017، وافق الأتراك في استفتاء على إقرار نظام رئاسي تنفيذي يمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، في اختبار شعبية آخر اجتازه الرئيس التركي بنجاح كبير.
وفي يونيو/حزيران عام 2018، فاز أردوغان بانتخابات رئاسية مبكرة، كما فاز حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه من حزب الحركة القومية بأغلبية برلمانية.
والآن تُظهر استطلاعات الرأي أردوغان يواجه منافسة قوية من مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، إلا أن هذه المخاطر الكبيرة ليست جديدة على الرئيس الذي نشأ فقيراً وقضى عقوبة في السجن- لأنه ألقى قصيدة شعر ديني- ونجا من محاولة انقلاب عسكري في عام 2016، عندما هاجم جنود مارقون البرلمان وقتلوا 250 شخصاً.
ومع وجود كثير من الأمور على المحك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يستهدف السياسي المخضرم، الذي فاز في أكثر من عشر انتخابات، منتقديه، متهماً المعارضة بالسعي للاستفادة من كارثة الزلزال، حيث قام بعدة زيارات لمنطقة الزلزال، حيث لقي أكثر من 50 ألف شخص حتفهم، وتعهد بإعادة الإعمار سريعاً ومعاقبة من خالفوا لوائح البناء.
واستند أردوغان خلال الفترة السابقة للانتخابات باحتفالات بإنجازات صناعية ضخمة، بما في ذلك إطلاق أول سيارة كهربائية تركية، وتدشين أول سفينة هجومية برمائية، والتي تم بناؤها في إسطنبول، لحمل طائرات مسيرة تركية الصنع. كما قام الرئيس بتسليم أول شحنة من الغاز الطبيعي لمحطة بحرية من احتياطي مكتشف في البحر الأسود، ووعد بتوفير الغاز الطبيعي مجاناً للمنازل، وافتتح أول محطة للطاقة النووية في تركيا، في حفل شارك فيه عبر الإنترنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تقدم أوغلو بنسبة طفيفة، فإن تحليل وحدة المعلومات في الإيكونوميست توقع أن يكون الفوز من نصيب الرئيس الحالي، راصداً عدداً من الأسباب، منها ما يتعلق بالرئيس نفسه، ومنها ما يتعلق بأوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية.
ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات منافسة حامية، وأن تكون النتيجة متقاربة للغاية، 'إلا أننا نتوقع أن يضيف الرئيس الذي يحكم تركيا منذ 20 عاماً مدة رئاسية جديدة… إذ إن نسبة المصوتين الذين لم يحسموا أمرهم بعد (الناخبين المتأرجحين) مرتفعة، وتزيد على 13%. وسيستفيد الرئيس أردوغان من تاريخه الطويل من النجاحات منذ تولى المسؤولية، وشخصيته الكاريزمية وقاعدة الناخبين المؤيدة له من المحافظين'، بحسب التحليل، الذي رصد عوامل أخرى تصبّ في صالح الرئيس.
كما رصد التحليل عناصر أخرى تتعلق بـ'اقتصاد الانتخابات'، حسب وصفه، في إشارة إلى الإجراءات المتعددة التي اتخذتها حكومة الرئيس أردوغان للتخفيف على المواطنين من أعباء الأزمة الاقتصادية، ومنها على سبيل المثال رفع الحد الأعلى للأجور، وتخفيض سن المعاش، وإصدار إجراءات أخرى تتعلق بتأجيل أو تخفيض الضرائب والرسوم المستحقة للدولة.
الرئيس رجب طيب أردوغان هو أكثر السياسيين تداولاً في الأخبار، تزامناً مع انتخابات تركيا المقررة يوم 14 مايو/أيار 2023، فمن هو السياسي المخضرم الساعي إلى الفوز مرة أخرى؟
بعيداً عن حظوظ الأحزاب والمرشحين للرئاسة، في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي انطلق التصويت فيها للأتراك المسجلين أماكن إقامتهم خارج حدود البلاد، يوم 27 أبريل/نيسان، هناك إجماع داخل وخارج تركيا على أن الانتخابات هذه المرة تمثل مفترق طرق للبلاد، وقد تكون الأكثر أهمية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923.
فنتائج الانتخابات التركية، أياً كانت، سوف يكون لها تأثير مباشر على صياغة الحسابات الجيوسياسية في واشنطن وموسكو، إضافة إلى عواصم في أوروبا والشرق الأوسط ووسط آسيا وإفريقيا أيضاً: 'ما يحدث في تركيا لن يبقى في تركيا فقط'، كما قال ضياء ميرال، الباحث في معهد خدمات رويال المتحد لدراسات الدفاع والأمن لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، مضيفاً أن 'تركيا قد تكون قوة متوسطة، لكن القوى الكبرى ستتأثر بنتائج الانتخابات في أنقرة'.
أردوغان.. الميلاد والنشأة والدراسة ولد رجب طيب أردوغان يوم 26 فبراير/شباط عام 1956 في مدينة طرابزون بشمال شرق تركيا، لأسرة فقيرة، وأمضى جانباً من طفولته المبكرة في محافظة ريزة على البحر الأسود، ثم عاد إلى إسطنبول وهو في الثالثة عشرة من عمره.
وفي إحدى المناظرات التلفزيونية السابقة، تحدث الرئيس التركي عن طفولته، فقال: 'لم يكن أمامي سوى بيع البطيخ والسميط خلال دراستي الابتدائية والإعدادية، كي أستطيع معاونة والدي، وتوفير جزء من مصروفات تعليمي، فقد كان والدي فقيراً'.
وتلقى أردوغان دراسته في مدارس 'إمام خطيب' الإسلامية في تركيا، والتحق بجامعة مرمرة، حيث تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية فيها، كما مارس كرة القدم لاعباً في صفوف نادي قاسم باشا، أحد أندية الدوري الممتاز في تركيا، وكان لاعباً شبه محترف.
ومنذ تلك المرحلة المبكرة من حياته أظهر أردوغان اهتماماً بالعمل العام، وانضم إلى حزب الخلاص الوطني، الذي كان يرأسه نجم الدين أربكان، وكان ذلك في نهاية سبعينات القرن الماضي، وكان أردوغان وقتها في بداية العشرينيات من عمره.
وشهد عام 1980 انقلاباً عسكرياً في تركيا بقيادة الجنرال كنعان إيفرين، الذي ألغى الحياة السياسية وحل جميع الأحزاب، واستمر ذلك حتى عام 1983 عندما أعيدت الحياة السياسية مرة أخرى، وأسس نجم الدين أربكان حزب الرفاه الإسلامي، ومعه عاد أردوغان إلى نشاطه الحزبي والسياسي من خلال الحزب، وبخاصة في إسطنبول.
مسيرة أردوغان السياسية من خلال حزب الرفاه، شارك أردوغان لأول مرة في الانتخابات البلدية عام 1989، مرشحاً في بلدية 'باي أوغلو'، لكنه لم يفز فيها، لكنه ترشح في الانتخابات البلدية مرة أخرى عام 1994، وفي تلك المرة ترشح للمنافسة على الفوز بمنصب والي إسطنبول، وهو ما تحقق بالفعل، ليمثل ذلك أحد أبرز المحطات السياسية في حياته وفي تركيا كذلك.
فخلال تلك الفترة تعرض أردوغان للسجن بسبب قصيدة شعر من التراث التركي ألقاها في مناسبة عامة، فحكم عليه بالحبس 10 أشهر، والمنع من الترشح لأي وظيفة عامة، وكذلك الانتخابات العامة، وكان ذلك عام 1998.
فقد أدت تلك القضية لاحقاً إلى تأسيس أردوغان حزب التنمية والعدالة، ليحدث تغييراً جوهرياً في تركيا ويجعل منها خلال 20 عاماً فقط قوة عسكرية إقليمية، مروراً بعدد من المحطات البارزة.
قضى أردوغان الفترة من مارس/آذار حتى يوليو/تموز عام 1999، خلف القضبان، وفي أغسطس/آب 2001 أسس حزب العدالة والتنمية، وتم انتخابه رئيساً للحزب. وبعد نحو عام وشهرين تقريباً، شارك الحزب في الانتخابات العامة في تركيا، وفاز بنحو 35% من الأصوات، ليصبح صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر، ومن ثم يصبح مؤهلاً لتشكيل الحكومة.
لكن تم منع أردوغان قانوناً من شغل منصب رئيس الوزراء أو دخول البرلمان بسبب الحكم بسجنه، وظلَّ الأمر على حاله حتى تم إلغاء القرار، في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وفي مايو/أيار 2003، أصبح رجب طيب أردوغان رئيساً للوزراء في تركيا، ليبدأ عقداً من الازدهار الاقتصادي، وارتفاع مستويات المعيشة نتيجة طفرة في البنية التحتية والتصنيع بأنواعه والاستثمار الأجنبي، ليرتفع حجم الاقتصاد التركي بصورة لافتة.
ومنذ ذلك الوقت، أي خلال 20 عاماً، شهدت تركيا بزعامة أردوغان تغييرات سياسية مهمة، حيث وافق الأتراك في استفتاء أكتوبر/تشرين الأول عام 2007، على تعديلات دستورية تقضي بإجراء انتخابات عامة لاختيار الرئيس الذي كان منصبه حتى ذلك الوقت شرفياً إلى حد كبير.
نجاحات متتالية في الانتخابات التركية وفي فبراير/شباط عام 2008، ألغت تركيا الحظر الذي كان مفروضاً على الحجاب في الجامعات، حيث أقر البرلمان تعديلاً صاغه حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، برفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الحرم الجامعي.
وفي مارس/آذار من العام نفسه، نظرت المحكمة الدستورية في قضية تتعلق بفصل الدين عن الدولة، وأصدرت حكماً بالأغلبية برفض حل حزب العدالة والتنمية، ومنع أردوغان وعشرات من أعضاء الحزب الآخرين من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات.
وفي سبتمبر/أيلول عام 2010، شهدت تركيا استفاءً آخر وافق فيه الأتراك على إدخال تعديلات قضائية واقتصادية دافع عنها أردوغان، والتي كانت تهدف إلى أن يتماشى الدستور مع معايير الاتحاد الأوروبي، حتى مع تعثر محاولة تركيا للانضمام إلى التكتل.
وفي أغسطس/آب 2014، فاز أردوغان بأول انتخابات رئاسية عامة تشهدها تركيا، وأبريل/نيسان 2017، وافق الأتراك في استفتاء على إقرار نظام رئاسي تنفيذي يمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، في اختبار شعبية آخر اجتازه الرئيس التركي بنجاح كبير.
وفي يونيو/حزيران عام 2018، فاز أردوغان بانتخابات رئاسية مبكرة، كما فاز حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه من حزب الحركة القومية بأغلبية برلمانية.
والآن تُظهر استطلاعات الرأي أردوغان يواجه منافسة قوية من مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، إلا أن هذه المخاطر الكبيرة ليست جديدة على الرئيس الذي نشأ فقيراً وقضى عقوبة في السجن- لأنه ألقى قصيدة شعر ديني- ونجا من محاولة انقلاب عسكري في عام 2016، عندما هاجم جنود مارقون البرلمان وقتلوا 250 شخصاً.
ومع وجود كثير من الأمور على المحك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يستهدف السياسي المخضرم، الذي فاز في أكثر من عشر انتخابات، منتقديه، متهماً المعارضة بالسعي للاستفادة من كارثة الزلزال، حيث قام بعدة زيارات لمنطقة الزلزال، حيث لقي أكثر من 50 ألف شخص حتفهم، وتعهد بإعادة الإعمار سريعاً ومعاقبة من خالفوا لوائح البناء.
واستند أردوغان خلال الفترة السابقة للانتخابات باحتفالات بإنجازات صناعية ضخمة، بما في ذلك إطلاق أول سيارة كهربائية تركية، وتدشين أول سفينة هجومية برمائية، والتي تم بناؤها في إسطنبول، لحمل طائرات مسيرة تركية الصنع. كما قام الرئيس بتسليم أول شحنة من الغاز الطبيعي لمحطة بحرية من احتياطي مكتشف في البحر الأسود، ووعد بتوفير الغاز الطبيعي مجاناً للمنازل، وافتتح أول محطة للطاقة النووية في تركيا، في حفل شارك فيه عبر الإنترنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تقدم أوغلو بنسبة طفيفة، فإن تحليل وحدة المعلومات في الإيكونوميست توقع أن يكون الفوز من نصيب الرئيس الحالي، راصداً عدداً من الأسباب، منها ما يتعلق بالرئيس نفسه، ومنها ما يتعلق بأوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية.
ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات منافسة حامية، وأن تكون النتيجة متقاربة للغاية، 'إلا أننا نتوقع أن يضيف الرئيس الذي يحكم تركيا منذ 20 عاماً مدة رئاسية جديدة… إذ إن نسبة المصوتين الذين لم يحسموا أمرهم بعد (الناخبين المتأرجحين) مرتفعة، وتزيد على 13%. وسيستفيد الرئيس أردوغان من تاريخه الطويل من النجاحات منذ تولى المسؤولية، وشخصيته الكاريزمية وقاعدة الناخبين المؤيدة له من المحافظين'، بحسب التحليل، الذي رصد عوامل أخرى تصبّ في صالح الرئيس.
كما رصد التحليل عناصر أخرى تتعلق بـ'اقتصاد الانتخابات'، حسب وصفه، في إشارة إلى الإجراءات المتعددة التي اتخذتها حكومة الرئيس أردوغان للتخفيف على المواطنين من أعباء الأزمة الاقتصادية، ومنها على سبيل المثال رفع الحد الأعلى للأجور، وتخفيض سن المعاش، وإصدار إجراءات أخرى تتعلق بتأجيل أو تخفيض الضرائب والرسوم المستحقة للدولة.
الرئيس رجب طيب أردوغان هو أكثر السياسيين تداولاً في الأخبار، تزامناً مع انتخابات تركيا المقررة يوم 14 مايو/أيار 2023، فمن هو السياسي المخضرم الساعي إلى الفوز مرة أخرى؟
بعيداً عن حظوظ الأحزاب والمرشحين للرئاسة، في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي انطلق التصويت فيها للأتراك المسجلين أماكن إقامتهم خارج حدود البلاد، يوم 27 أبريل/نيسان، هناك إجماع داخل وخارج تركيا على أن الانتخابات هذه المرة تمثل مفترق طرق للبلاد، وقد تكون الأكثر أهمية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923.
فنتائج الانتخابات التركية، أياً كانت، سوف يكون لها تأثير مباشر على صياغة الحسابات الجيوسياسية في واشنطن وموسكو، إضافة إلى عواصم في أوروبا والشرق الأوسط ووسط آسيا وإفريقيا أيضاً: 'ما يحدث في تركيا لن يبقى في تركيا فقط'، كما قال ضياء ميرال، الباحث في معهد خدمات رويال المتحد لدراسات الدفاع والأمن لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، مضيفاً أن 'تركيا قد تكون قوة متوسطة، لكن القوى الكبرى ستتأثر بنتائج الانتخابات في أنقرة'.
أردوغان.. الميلاد والنشأة والدراسة ولد رجب طيب أردوغان يوم 26 فبراير/شباط عام 1956 في مدينة طرابزون بشمال شرق تركيا، لأسرة فقيرة، وأمضى جانباً من طفولته المبكرة في محافظة ريزة على البحر الأسود، ثم عاد إلى إسطنبول وهو في الثالثة عشرة من عمره.
وفي إحدى المناظرات التلفزيونية السابقة، تحدث الرئيس التركي عن طفولته، فقال: 'لم يكن أمامي سوى بيع البطيخ والسميط خلال دراستي الابتدائية والإعدادية، كي أستطيع معاونة والدي، وتوفير جزء من مصروفات تعليمي، فقد كان والدي فقيراً'.
وتلقى أردوغان دراسته في مدارس 'إمام خطيب' الإسلامية في تركيا، والتحق بجامعة مرمرة، حيث تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية فيها، كما مارس كرة القدم لاعباً في صفوف نادي قاسم باشا، أحد أندية الدوري الممتاز في تركيا، وكان لاعباً شبه محترف.
ومنذ تلك المرحلة المبكرة من حياته أظهر أردوغان اهتماماً بالعمل العام، وانضم إلى حزب الخلاص الوطني، الذي كان يرأسه نجم الدين أربكان، وكان ذلك في نهاية سبعينات القرن الماضي، وكان أردوغان وقتها في بداية العشرينيات من عمره.
وشهد عام 1980 انقلاباً عسكرياً في تركيا بقيادة الجنرال كنعان إيفرين، الذي ألغى الحياة السياسية وحل جميع الأحزاب، واستمر ذلك حتى عام 1983 عندما أعيدت الحياة السياسية مرة أخرى، وأسس نجم الدين أربكان حزب الرفاه الإسلامي، ومعه عاد أردوغان إلى نشاطه الحزبي والسياسي من خلال الحزب، وبخاصة في إسطنبول.
مسيرة أردوغان السياسية من خلال حزب الرفاه، شارك أردوغان لأول مرة في الانتخابات البلدية عام 1989، مرشحاً في بلدية 'باي أوغلو'، لكنه لم يفز فيها، لكنه ترشح في الانتخابات البلدية مرة أخرى عام 1994، وفي تلك المرة ترشح للمنافسة على الفوز بمنصب والي إسطنبول، وهو ما تحقق بالفعل، ليمثل ذلك أحد أبرز المحطات السياسية في حياته وفي تركيا كذلك.
فخلال تلك الفترة تعرض أردوغان للسجن بسبب قصيدة شعر من التراث التركي ألقاها في مناسبة عامة، فحكم عليه بالحبس 10 أشهر، والمنع من الترشح لأي وظيفة عامة، وكذلك الانتخابات العامة، وكان ذلك عام 1998.
فقد أدت تلك القضية لاحقاً إلى تأسيس أردوغان حزب التنمية والعدالة، ليحدث تغييراً جوهرياً في تركيا ويجعل منها خلال 20 عاماً فقط قوة عسكرية إقليمية، مروراً بعدد من المحطات البارزة.
قضى أردوغان الفترة من مارس/آذار حتى يوليو/تموز عام 1999، خلف القضبان، وفي أغسطس/آب 2001 أسس حزب العدالة والتنمية، وتم انتخابه رئيساً للحزب. وبعد نحو عام وشهرين تقريباً، شارك الحزب في الانتخابات العامة في تركيا، وفاز بنحو 35% من الأصوات، ليصبح صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر، ومن ثم يصبح مؤهلاً لتشكيل الحكومة.
لكن تم منع أردوغان قانوناً من شغل منصب رئيس الوزراء أو دخول البرلمان بسبب الحكم بسجنه، وظلَّ الأمر على حاله حتى تم إلغاء القرار، في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وفي مايو/أيار 2003، أصبح رجب طيب أردوغان رئيساً للوزراء في تركيا، ليبدأ عقداً من الازدهار الاقتصادي، وارتفاع مستويات المعيشة نتيجة طفرة في البنية التحتية والتصنيع بأنواعه والاستثمار الأجنبي، ليرتفع حجم الاقتصاد التركي بصورة لافتة.
ومنذ ذلك الوقت، أي خلال 20 عاماً، شهدت تركيا بزعامة أردوغان تغييرات سياسية مهمة، حيث وافق الأتراك في استفتاء أكتوبر/تشرين الأول عام 2007، على تعديلات دستورية تقضي بإجراء انتخابات عامة لاختيار الرئيس الذي كان منصبه حتى ذلك الوقت شرفياً إلى حد كبير.
نجاحات متتالية في الانتخابات التركية وفي فبراير/شباط عام 2008، ألغت تركيا الحظر الذي كان مفروضاً على الحجاب في الجامعات، حيث أقر البرلمان تعديلاً صاغه حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، برفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الحرم الجامعي.
وفي مارس/آذار من العام نفسه، نظرت المحكمة الدستورية في قضية تتعلق بفصل الدين عن الدولة، وأصدرت حكماً بالأغلبية برفض حل حزب العدالة والتنمية، ومنع أردوغان وعشرات من أعضاء الحزب الآخرين من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات.
وفي سبتمبر/أيلول عام 2010، شهدت تركيا استفاءً آخر وافق فيه الأتراك على إدخال تعديلات قضائية واقتصادية دافع عنها أردوغان، والتي كانت تهدف إلى أن يتماشى الدستور مع معايير الاتحاد الأوروبي، حتى مع تعثر محاولة تركيا للانضمام إلى التكتل.
وفي أغسطس/آب 2014، فاز أردوغان بأول انتخابات رئاسية عامة تشهدها تركيا، وأبريل/نيسان 2017، وافق الأتراك في استفتاء على إقرار نظام رئاسي تنفيذي يمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، في اختبار شعبية آخر اجتازه الرئيس التركي بنجاح كبير.
وفي يونيو/حزيران عام 2018، فاز أردوغان بانتخابات رئاسية مبكرة، كما فاز حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه من حزب الحركة القومية بأغلبية برلمانية.
والآن تُظهر استطلاعات الرأي أردوغان يواجه منافسة قوية من مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، إلا أن هذه المخاطر الكبيرة ليست جديدة على الرئيس الذي نشأ فقيراً وقضى عقوبة في السجن- لأنه ألقى قصيدة شعر ديني- ونجا من محاولة انقلاب عسكري في عام 2016، عندما هاجم جنود مارقون البرلمان وقتلوا 250 شخصاً.
ومع وجود كثير من الأمور على المحك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يستهدف السياسي المخضرم، الذي فاز في أكثر من عشر انتخابات، منتقديه، متهماً المعارضة بالسعي للاستفادة من كارثة الزلزال، حيث قام بعدة زيارات لمنطقة الزلزال، حيث لقي أكثر من 50 ألف شخص حتفهم، وتعهد بإعادة الإعمار سريعاً ومعاقبة من خالفوا لوائح البناء.
واستند أردوغان خلال الفترة السابقة للانتخابات باحتفالات بإنجازات صناعية ضخمة، بما في ذلك إطلاق أول سيارة كهربائية تركية، وتدشين أول سفينة هجومية برمائية، والتي تم بناؤها في إسطنبول، لحمل طائرات مسيرة تركية الصنع. كما قام الرئيس بتسليم أول شحنة من الغاز الطبيعي لمحطة بحرية من احتياطي مكتشف في البحر الأسود، ووعد بتوفير الغاز الطبيعي مجاناً للمنازل، وافتتح أول محطة للطاقة النووية في تركيا، في حفل شارك فيه عبر الإنترنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تقدم أوغلو بنسبة طفيفة، فإن تحليل وحدة المعلومات في الإيكونوميست توقع أن يكون الفوز من نصيب الرئيس الحالي، راصداً عدداً من الأسباب، منها ما يتعلق بالرئيس نفسه، ومنها ما يتعلق بأوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية.
ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات منافسة حامية، وأن تكون النتيجة متقاربة للغاية، 'إلا أننا نتوقع أن يضيف الرئيس الذي يحكم تركيا منذ 20 عاماً مدة رئاسية جديدة… إذ إن نسبة المصوتين الذين لم يحسموا أمرهم بعد (الناخبين المتأرجحين) مرتفعة، وتزيد على 13%. وسيستفيد الرئيس أردوغان من تاريخه الطويل من النجاحات منذ تولى المسؤولية، وشخصيته الكاريزمية وقاعدة الناخبين المؤيدة له من المحافظين'، بحسب التحليل، الذي رصد عوامل أخرى تصبّ في صالح الرئيس.
كما رصد التحليل عناصر أخرى تتعلق بـ'اقتصاد الانتخابات'، حسب وصفه، في إشارة إلى الإجراءات المتعددة التي اتخذتها حكومة الرئيس أردوغان للتخفيف على المواطنين من أعباء الأزمة الاقتصادية، ومنها على سبيل المثال رفع الحد الأعلى للأجور، وتخفيض سن المعاش، وإصدار إجراءات أخرى تتعلق بتأجيل أو تخفيض الضرائب والرسوم المستحقة للدولة.
التعليقات
رجب طيب أردوغان .. من هو الرجل الذي يسعى للفوز بأهم انتخابات في تاريخ تركيا؟
 
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
التعليقات