قبيل قمة العرب في الرياض .. مساع متسارعة لإنهاء عزلة سوريا

mainThumb

30-04-2023 11:43 PM

printIcon
تتسارع الخطى العربية نحو دمشق قبيل القمة العربية في الرياض، وبعد عزلة وحرب ولجوء لأكثر من عقد، وصولا إلى كارثة الزلزال التي لم تمهل سوريا فرصة لالتقاط أنفاسها بعيدا عن الدمار والموت.

محليا، لم يغب الأردن عن الوقوف مع جارته الشمالية سوريا منذ بدء أزمتها الداخلية عام 2011 وحتى تاريخه، من استقبال للاجئين وإجراء زيارات رسمية وإرسال مساعدات لغوث السوريين بعد الزلزال الذي أودى بحياة آلاف السوريين.

وبدأ الأردن في أيلول 2022، على هامش اجتماعات الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بطرح مبادرة أردنية تتضمن حلا للأزمة السورية، على مبدأ "خطوة بخطوة".
يستضيف الأردن، الاثنين، اجتماعا لوزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر وسوريا، بعد اجتماع سابق في 14 نيسان في جدة شاركت به دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن.

ويأتي اجتماع عمّان استكمالا لاجتماع جدة وللبناء على الاتصالات التي قامت بها هذه الدول مع الحكومة السورية وفي سياق طروحاتها، والمبادرة الأردنية للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية.

عودة "ضمنية"

يرى أستاذ العلوم السياسية حسن المومني، أن سوريا عادت للعمل العربي المشترك عمليا وضمنيا، وهو ما يظهر بشكل واضح في إعادة فتح سفارات عربية في دمشق، وزيارات وزراء الخارجية والدبلوماسيين المتبادلة.

وتحدث أستاذ العلوم السياسية عن ضرورة حسم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية قبيل القمة العربية المزمع عقدها في الرياض، وتقديم رؤية عربية سورية واضحة تتبناها القمة العربية بشأن آلية العودة السورية وخلق عملية سياسية.

واستطرد المومني بقوله إن عودة سوريا إلى الجامعة إنما هي وسيلة قد تساهم في خلق العملية السياسية المؤدية إلى نتائج ذات معنى.

ووفق رؤية المومني، فإن جوهر الخطة السياسية هو مبدأ (خطوة مقابل خطوة) أي عندما يتقدم العرب خطوة يجب على سوريا التقدم بخطوة مماثلة.

اجتماع عمّان

ويوضح المومني بأن حضور وزير خارجية سوريا فيصل المقداد يعدّ نجاحا جزئيا للاجتماع وللمبادرة العربية كاملة، بعد أن خلق اجتماع جدة اشتباكا مباشرا من أجل حسم عودة سوريا، والمرحلة التي تلي العودة.

وأوضح وزير الإعلام السابق سميح المعايطة أن الأردن لديه تصور وهو مع عودة سوريا إلى الإطار العربي، ويؤمن كذلك بعودة سوريا إلى الإطار الدولي حتى تتخلص سوريا من العقوبات ومن قانون قيصر ومن المقاطعة المفروضة على الدولة السورية.

وأكد المعايطة تمتع الأردن وسوريا بعلاقات جيّدة وتواصل دائم حتى خلال الأزمة.

"كارثة إنسانية"

مسؤولون ومحللون سياسيون اتفقوا على أن الزلزال، الذي وصفوه بـ"الكارثة الإنسانية"، أسهم بعودة العمل العربي اتجاه سوريا.

وعلّق العين محمد المومني، على الزيارة الأردنية إلى العاصمة السورية دمشق بعد الزلزال، قائلا "كان يمكن الاكتفاء بإرسال مساعدات إنسانية من الأردن بعد الزلزال، ولكن من الواضح أن زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي أتت لغايات أبعد من ذلك".

وقال المومني، إنّ زيارة الصفدي لدمشق أتت لإيصال رسالة واضحة للقيادة السورية فحواها "ساعدونا لكي نتمكن من مساعدتكم".

السفير السابق زياد المجالي، أعاد التأكيد أن كارثة الزلزال الإنسانية في سوريا "أسهمت أكثر بالعمل لعودة سوريا للحضن العربي".

وتابع، أن الظروف المعيشية للشعب السوري والأوضاع الداخلية التي كشف عنها الزلزال تطلب رؤية ما فوق الأبعاد السياسية بما فيها مصلحة للسوريين، لذلك يجب أن يكون هناك تعامل مختلف مع الأزمة السورية.

وهذا ما اتفق معه أيضا أستاذ العلوم السياسية حسن المومني، قائلا إن دولا كانت متحفظة بالتواصل مع سوريا، و"الكارثة الإنسانية" في زلزال سوريا خلقت وفرضت فرصة دبلوماسية واشتباكا عربيا سوريا.

المطلوب من سوريا

ولفت العين المومني، إلى أنه يتوجب على سوريا إرسال تطمينات باتجاه محيطها العربي إذا كانت جادة في العودة إلى الحضن العربي.

ويرى، أن عودة سوريا لجامعة الدول العربية، ستكون مقابل خطوات؛ أهمها السيطرة على الحدود، ومكافحة المخدرات، واتخاذ خطوات ملموسة للسيطرة على "الميليشيات الإيرانية" على أراضيها.

وقرّرت الجامعة العربية في 12 تشرين الثاني 2011 تعليق مشاركة وفود حكومة سوريا في اجتماعات الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها.

في وقت يرى فيه أستاذ العلوم السياسية المومني، أن المبادرة يجب أن تتضمن دستورا جديدا يحكم العملية السلمية في سوريا، واحتواء عناصر المعارضة، حيث إنّ الاستقرار في سوريا عملية طويلة؛ لأن البلد في الواقع العملي "مقسم".

وشدّد، أن على الحكومة السورية والمعارضة عمل ما يسمى تبادل التنازلات ليعود الاستقرار داخليا، تشمل التنازلات؛ تخلي الحكومة السورية عن تمسكها بفرض كل شروطها، واعتراف المعارضة بوحدة الأراضي السورية لخلق عملية سياسية وتفاهم.

تفاصيل المبادرة الأردنية

ولم يفصح الأردن حتى اليوم، عن كثير من تفاصيل مبادرته للحل في سوريا، باستثناء ما تحدث به نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، عن تنسيق أردني مع الأمم المتحدة، من أجل إطلاعها على مضمون المبادرة العربية لإيجاد حل للأزمة السورية.

ويدعم الأردن دائما التوصل إلى حل سياسي، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 وعلى مبدأ خطوة مقابل خطوة.

قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، المتخذ بالإجماع في 18 كانون الأول 2015، يطالب جميع الأطراف بوقف فوري لإطلاق النار ضد أي أهداف مدنية والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.

ووفقا للصفدي، تستهدف المبادرة إطلاق جهود عربية للانخراط مع الحكومة السورية في حوار سياسي يستهدف حل الأزمة ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية.

كما يبحث الأردن مع دول عربية تفاصيل المبادرة وموعد إطلاقها وآليات عملها، ولم تعلن للآن أسماء الدول التي ستشارك فيها.

ويرى السفير المجالي أن فكرة المبادرة وتوقيتها مناسبان، ولكن يجب عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري وتطبيق ما يتحدث عنه الأردن دائما بالمحافظة على وحدة الأراضي السورية، حيث إنّ الحفاظ على وحدة سوريا مطلوب.

وتعتمد الخطوط العامة للمبادرة كسر الجمود الحاصل في سوريا وتغيير الوضع الراهن وخلق عملية سياسية تؤدي إلى الاستقرار في سوريا.

وأشار أستاذ العلوم السياسية المومني، إلى وجود أطراف قوى اجتماعية وسياسية في سوريا، حيث إنّ على الحكومة السورية أن تقرر في نهاية المطاف مسار الحل.

وأضاف، أن الخطوة الأردنية "لم يعلن عن تفاصيلها رسميا لأن أي دولة تقدم خطوة أو تعمل كوسيط يجب أن تحاول خلق الظروف من أجل ضمان نجاحها".

واعتبر المومني، أن المبادرة الأردنية قائمة على مبدأ الواقعية السياسية القائمة على المنطق تقتضي أن تكون سوريا موحدة مستقرة وأن يكون هناك "عملية سياسية توافقية" ترضي جميع الأطراف.

وأشار، إلى أن الأردن يتحدث عن المبادرة منذ عام تقريبا، حيث تحدث مع الأمم المتحدة والأوروبيين والأميركيين.

ويعتقد، أن الأردن يثبت كعادته أنه صانع سلام ودولة وازنة في المنطقة يستطيع تحريك الأمور من خلال المبادرة من خلال عمله مع جهد عربي.

وفي حال نجاح المبادرة الأردنية، أكّد المومني أن المبادرة "ستكسب زخما دوليا".

الأردن الأكثر تضررا

واتفق السياسيون، خلال حديثهم على أن الأردن تضرر كثيرا من الأزمة السورية.

وعزز الأردن أمن حدوده مطلع عام 2022، بتغيير قواعد قواته المسلحة في الاشتباك، لمواجهة أي تهديد لأمنه الوطني وما أسماه بـ"حرب مخدرات" على واجهتيه الشمالية والشرقية، في ظل ارتفاع محاولات التسلل والتهريب.

وقال مدير الإعلام العسكري العقيد مصطفى الحياري، إنّ "نشامى" القوات المسلحة يواجهون حاليا "حرب مخدرات" على الحدود الشمالية الشرقية للأردن.

السفير السابق، المجالي، أكّد أن الأردن أكثر الدول تضررا من الأزمة السورية خاصة مع غياب أفق للعملية السلمية.

وحسب أستاذ العلوم السياسية المومني، الأردن يعدّ الأزمة السورية من أهم القضايا في السياسة الداخلية أو الخارجية للقرب الجغرافي الاجتماعي السياسي، قائلا إن "القضية السورية خلقت العديد من التحديات للأردن".

ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة السورية في 2011، بينهم 661670 لاجئا سوريا مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويرى، أن من مصلحة الأردن كسر الجمود في المسألة السورية وإيجاد حل، وفي العلاقات الدولية يجري الاهتمام بدول الجوار.

وأشار المومني إلى وجود تاريخ من المحاولات السياسية والدبلوماسية والوساطات من أجل حل الأزمة السورية وهناك قرار الأمم المتحدة 2054، وإعلان جنيف، إضافة إلى مسار أستانا ولجنة الدستور.

إطار عربي

ويتفق السياسيون على أن الحل السياسي للأزمة السورية؛ سيكون "استنادا إلى أي مبادرة تنطلق من دور عربي مباشر، للانخراط مع سوريا في حوار سياسي لحل الأزمة وتفرعاتها الأمنية والسياسية".

وينسق الأردن مع الأمم المتحدة أهداف مبادرته، حيث ستطرح بالتنسيق مع الدول العربية، من حيث "تفاصيلها، وموعد إطلاقها بهدف التحرك العربي الجاد لحل الأزمة السورية".
وقال العين المومني، إنّ هناك جهودا عربية تُبذل لإعادة سوريا إلى الحضن العربي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك معارضة (دول) تربط أي تحرك اتجاه سوريا بـ"السلوك السوري".

وأضاف، أن المساعدة التي تحتاج إليها سوريا تأتي ضمن العودة لأطر الانفتاح والتعاون العربي، وتخفيف وطأة العقوبات الدولية، والبدء بإعادة بناء ما تدمر في سوريا.

ورجح السفير المجالي، بأن يكون هناك قرار لدى جامعة الدول العربية خاصة أن قمة الجزائر تضمنت جهودا تسعى لعودة سوريا إلى الحضن العربي.

أستاذ العلوم السياسية، المومني، توقع أن تتطور المبادرة الأردنية في الاجتماعات العربية المشتركة وتقدم بسياق عربي؛ وينجح العرب وتنجح سوريا في إعادة مقعدها في جامعة الدول العربية، لكن تبقى العملية السلمية ناقصة طيلة عدم وجود أي تفاهم إقليمي ودولي حول سوريا.

"قانون قيصر"

وعن قانون العقوبات الأميركي المعروف باسم "قيصر"، أشار أستاذ العلوم السياسية المومني، إلى أن نجاح المبادرة سيشكل ضغطا على الولايات المتحدة والأوروبيين وبهذا يتآكل تدريجيا قانون قيصر.

وتشترط واشنطن لرفع العقوبات، وفق القانون، إجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي "جرائم الحرب" ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين.

التمثيل الدبلوماسي

قطعت دول عربية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا مع بدء الأزمة الداخلية، وأغلقت سفاراتها في دمشق.

ولم يغلق الأردن منذ بدء الأزمة السورية سفارته في دمشق، لكنه خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي.

وبعد بدء العلاقات العربية السورية، أعادت الإمارات، والجزائر، وسلطنة عُمان، والبحرين وتونس فتح سفاراتها في دمشق.

المملكة