بيت التضامن: عُمّال يتعرضون لانتهاكات كبيرة ونطالب برفع الحد الأدنى للأجور

mainThumb

30-04-2023 10:20 AM

printIcon

لا ندري بأي وجه نحتفل هنا في المملكة الأردنية الهاشمية بعيد العمّال، فالانتهاكات للكثير من حقوق العمال لا تزال قائمة وربما بصورة أشد وأبشع، وما يُمارَس بحق العمّال ليس له حدود، ونحب هنا أن نسرد بعضاً من صور هذه الانتهاكات التي لا يكاد أحد من المسؤولين يلقي لها بالاً، هذا إذا كانوا على اطّلاع فعلي عليها:
١) بيئة عمل غير صحية وغير آمِنة: إذْ يسقط كل (1.9) يوم عامل صريعاً بسبب حوادث وإصابات العمل كما يتعرض عامل لإصابة عمل كل (25) دقيقة بسبب غياب الكثير من تدابير السلامة والصحة المهنية في مواقع العمل.
٢) ارتفاع معدّلات البطالة ولا سيما في أوساط الشباب الباحثين عن فرص العمل في آخر عشر سنوات من (13%) سنة 2013 إلى (24%) حالياً. وتصل إلى أكثر من (50%) بين حَمَلة الشهادات الجامعية من الشباب.
٣) ضعف الحد الأدنى للأجور في المملكة: ولا تزال الحكومة ممتنعة عن ربط الحد الأدنى للأجور بمعدلات الارتفاع بكلف المعيشة " معدل التضخم" وفقاً لما ينص عليه قانون العمل، علماً بأن الحكومة الحالية تنصّلت مع الأسف من قرار سابق واجب التطبيق يقضي برفع الحد الأدنى للأجور المقرر إلى (271) ديناراً اعتباراً من مطلع العام الجاري 2023 مما حرمَ أكثر من (170) ألف عامل أردني منتظم من زيادة قيمتها (11) ديناراً.
٤) تهرب رسمي عن شمول فئات واسعة وبالآلاف من العاملين بنظام شراء الخدمات في العديد من مؤسسات القطاع العام بمظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وبعضهم يتقاضى أجوراً دون الحد الأدنى للأجور. إضافة إلى تهرب الكثير من أصحاب العمل في القطاع الخاص عن شمول عشرات الآلاف من العمال بمظلة الضمان، حيث يُقدّر عدد العمال غير المشمولين بحوالي (300) ألف عامل تنطبق عليهم أحكام الشمول بتأمينات قانون الضمان، لكنهم ما زالوا مع الأسف خارج مظلة الحماية الاجتماعية للضمان بسبب ضعف إجراءات وآليات عمل التفتيش لدى مؤسسة الضمان، وضعف القدرة على إنفاذ القانون بحزم.
٥) فوضى عمالة الأطفال؛ حيث يشهد سوق العمل الأردني وجود أكثر من (100) ألف طفل عامل في المملكة دون حماية ومتابعة، وتحت طائلة الاستغلال البشع في صور كثيرة من أعمالهم.
٦) قوننة حرمان العاملين الشباب من الشمول الكلي بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة: وقد تم ابتداع نص في قانون الضمان يعطي الحق لمنشآت القطاع بشمول المؤمن عليه الأردني بهذا التأمين بشكل جزئي وهو ما يشكّل تراجعاً عن الاتفاقية الدولية (102) التي تنص على الحدود الدنيا للحمايات الاجتماعية لمنظومة تأمينات الضمان.
٧) ضعف نظم حماية العاملين في المهن الخطرة والشاقّة: إذ لا تزال أنظمة وأدوات الرقابة على قضايا السلامة والصحة المهنية لحمايتهم محدودة وقاصرة، مما يعرّض حياة وسلامة هؤلاء العمال للخطر المحدق الشديد.
٨) انتهاك خطير لحقوق معلمات وآذنات مراكز محو الأمية: فلا تزال العاملات في مراكز محو الأمية وتعليم الكبار من معلمات وآذِنات يتقاضين أجوراً لا تكاد تصل إلى نصف الحد الأدنى المعتمد للأجور، وأنّهن يعملن لمدة خمسة أيام في الأسبوع، وأنهن غير مشتركات بالضمان حتى الآن، ومحرومات من أي نوع من الإجازات، وحتى أيام الجمع والعطلات الرسمية تُخصم من أجورهن..!
منذ سنوات عديدة والحديث يدور حول هذا الموضوع وضرورة إنصاف هؤلاء المعلمات، وحتى الآذنات اللواتي يعملن في هذه المراكز كان ولا يزال يقع عليهن ظلم كبير، وتم التطرق إلى أن الأجر الذي تتقاضاه الآذنة من وزارة التربية هو (10) دنانير في الشهر ليس أكثر. علماً أن عدد مراكز محو الأمية يبلغ حوالي(550) مركزاً، وأن ذات الانتهاكات على حقوق المعلمات والآذنات العاملات في هذه المراكز لا تزال قائمة، علماً أن معلمات مراكز تعليم الكبار ومحو الأمية يتم تعيينهن من قبل وزارة التربية وأكبر أجر تحصل عليه المعلمة هو (4.8 )دينار في اليوم أي ما يصل تقريباً إلى (134) ديناراً في الشهر مقابل إعطاء ثلاث حصص دراسية يومياً، وحتى اليوم لم يتم شمولهن بأحكام قانون الضمان الاجتماعي رغم مرور سنوات طويلة على التحاق بعضهن بالعمل المستمر لدى هذه المراكز، بمعنى أنهن لا زلن خارج مظلة الحماية الاجتماعية، فلا ضمان ولا حد أدنى للأجور ولا تأمين صحي ولا إجازات سنوية ولا أي حق من الحقوق العمالية أو حقوق الموظفات.
٩) حقوق منتقصة لمعلمي ومعلمات التعليم الإضافي: حيث تقوم وزارة التربية والتعليم بإيقاف رواتبهم خلال الإجازتين الصيفية والشتوية وإيقاف اشتراكهم بالضمان.
١٠ ) حقوق منتقصة للكثير من معلمي ومعلمات المدارس الخاص، ومن ضمنها عدم تقاضي الحد الأدنى للأجور، لا بل لا تزال الكثير من المعلمات يتقاضين أجوراً لا تكاد تعادل (50%) من الحد الأدنى للأجور، كما يتعرضن لإيقاف رواتبهن خلال الإجازة الصيفية وإجازة ما بين الفصلين الدراسيين.
١١ ) الإحالات على التقاعد المبكر بالآلاف في القطاع العام: إذ لا تزال الحكومة تحيل أعداداً كبيرة من موظفيها على التقاعد المبكر دون طلب منهم ما يعد مخالفة صريحة للقانون وانتقاصاً من حمايتهم اجتماعياً، وإضراراً بمنافعهم التأمينية ورواتبهم التقاعدية.
١٢ ) الواقع المؤلم للعاملات في الحيازات الزراعية: فقد كشفت ورقة سياسات أعدّها فريق عمل من قسم العدالة الاجتماعية في معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا واقعاً مؤلماً للنساء العاملات في القطاع الزراعي في منطقة طبقة فحل بالأغوار الشمالية، سواء ما يتعلق بتدنّي الأجور، أو عدم استحقاق أي من الحقوق العمّالية من إجازات أو حوافز عمل إضافي، أو وضوح في آلية تشغيلهن وحقوقهن، إضافة إلى غياب الحماية الاجتماعية. أما نظام عمال الزراعة رقم (19) لسنة 2021، الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع أيار 2021، فلم يوفّر الحماية والتنظيم اللازمين للعاملين في هذا القطاع، ولا سيّما في الحيازات الزراعية الصغيرة، ولذلك لم يلمس العاملون الزراعيون تغيّراً إيجابياً على حقوقهم منذ أن تم تطبيق النظام قبل سنتين، حيث النظام جاء قاصراً من ناحية عدم النص على إلزامية تسجيل الحيازات الزراعية لدى جهة رسمية وهنا يمكن أن تكون وزارة الزراعة هي الجهة الأنسب، ثم من ناحية عدم حماية العاملين في الحيازات والمنشآت الزراعية الصغيرة التي يقل عدد العاملين فيها عن (4) عمّال، إذ أعفى النظام صاحب العمل الزراعي الذي يستخدم ثلاثة عمال فأقل من الالتزام بأحكام المواد 4, 5، 7، 12 من النظام، والتي تتضمن أهم الحقوق العمالية من تنظيم وتحديد ساعات العمل، والحق بالعطلة الأسبوعية وحق العامل ببدل نسبته (150%) من أجره مقابل عمله في العطلة الأسبوعية أو الرسمية، والحق بالإجازة السنوية، والإجازة المرضية، وحق العاملة بإجازة أمومة مدفوعة الأجر، إضافة إلى إعفاء صاحب العمل من إشراك عمال الزراعة لديه بالتأمينات المشمولة بقانون الضمان الاجتماعي..!
وللأسف فإن أكثر من (90%) من الحيازات والمنشآت الزراعية يعمل فيها أقل من أربعة عمال زراعيين، وهؤلاء سيظلوا محرومين من أهم حقوقهم العمّالية ومن أهم صورة من صور الحماية الاجتماعية وهو الضمان الاجتماعي..!
١٣ ) تضخم العمالة غير المنظّمة: حيث ذكر تقرير حديث صادر عن البنك الدولي حول العمالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن حجم العمالة غير المنظّمة في الأردن آخذ بالتضخم، وتصل نسبتها إلى (59%) من إجمالي العمالة في الدولة، أي إلى أكثر من (1.5) مليون شخص يعملون في قطاع الاقتصاد غير الرسمي (قطاعات العمل غير المنظّمة). كما يشير التقرير الذي حمل عنوان (وظائف لم تتحقق.. إعادة تشكيل دور الحكومات تجاه الأسواق والعمالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا) إلى حقيقة أخرى صادمة وهي أن (75%) من عمالة القطاع الخاص الأردني هي عمالة غير منظّمة وهذا يعني أن التحديات الماثلة أمامنا دون أن نشاهدها كبيرة جداً، وأن الكثير من دراساتنا وتوقعاتنا لم تكن مبنية على أسس صحيحة، وبالتالي فإن الكثير أيضاً من سياساتنا في هذا الاتجاه كانت خاطئة، فماذا فعلت الحكومات وماذا يمكن أن تفعل إزاء واقع بهذا الحال لسوق العمل والمشتغلين، وهل نحن مقبلون على توسّع أكبر في التوظيف في القطاعات غير المنظّمة بسبب ضعف قدرة الاقتصاد الرسمي على خلق فرص عمل جديدة كافية، وما أثر ذلك على الحمايات الاجتماعية للمشتغلين..؟!
١٤ ) تأمين صحي مشوّه وغياب كلي للتأمين الصحي الشامل للعمال والمتقاعدين: ولا سيما في غالبية المنشآت الصغيرة والمتوسطة والميكروية، ووضع المواطن والعامل المريض وأسرته في وضع المتلقّي للمساعدة والمكرمة وصدقة واستجداء الحصول على الإعفاء الطبي من النواب والمسؤولين.
١٥ ) حرمان معلمات التعليم الإضافي من الإجازات السنوية والمرضية وإجازات الأمومة: فلا تزال المعلمة تُضطر إلى العودة إلى عملها بعد (3) أيام من الإنجاب بسبب حرمانها من إجازة أمومة مدفوعة الأجر، ويجري ذلك على مرأى ومسمع المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، وهو من أخطر وأبشع الانتهاكات على الحقوق الأساسية العمالية لهذه الفئة من العاملات.
١٦ ) ضعف النقابات العمالية وعدم قدرتها على تمثيل العمال تمثيلاً حقيقياً فاعلاً، وعدم استجابة السلطات الرسمية لترخيص منظمات مجتمع مدني جديدة تمثل العمال وتدافع عن حقوقهم وتُعنى بحمايتهم اجتماعياً واقتصادياً، ما يستدعي سن تشريعات تُنظّم عمل النقابات العمالية بما يماثل قوانين النقابات المهنية لتكون أكثر تمثيلاً للحركة العمالية.
١٧ ) تراجع معدل المشاركة الاقتصادية المنقّح (قوة العمل إلى السكان في سن العمل) من (34.5%) عام 2021 إلى (33.2%) عام 2022 وفقاً لبيانات دائرة الإحصاءات العامة.
١٨ ) عدم نجاح خطط الحكومة وبرامجها في رفع معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة لا بل تراجع معدل مشاركتها اقتصادياً من (16.1%) عام 2010 إلى (13.5%) عام 2022 وفقاً لبيانات نشرها البنك الدولي في النصف الثاني من عام 2022، ما يعني ضرورة قيام الحكومة بمراجعة خططها وتصويب برامجها الرامية لرفع معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة بما يدعم النمو الاقتصادي ويساهم في تحسين مستوى معيشة الأسر الأردنية.
١٩ ) عدم شمول موظفي السفارات الأردنية المحليين بالضمان: منذ أكثر من عقدين وهناك مئات الأردنيين يعملون في سفارات المملكة في الخارج كموظفين محليين وتتمنع وزارة الخارجية عن شمولهم بأحكام قانون الضمان الاجتماعي بالرغم من انطباق القانون عليهم.. ومؤسسة الضمان على علم واطلاع كامل بذلك، مما يترك هؤلاء الموظفين دون تغطية تأمينية وتقاعدية..!
٢٠ ) عمّال تحت رحمة المقاولين: وهناك ظاهرة تتعلق بتخلّي المقاولين عن دفع أجور العمال عند حصول خلاف مع صاحب المشروع. والضحية دائماً هو العامل، وهذا حصل ويحصل كثيراً ولا سيما في العطاءات التي تطرحها الدوائر والمؤسسات الرسمية والعامة وأمانة عمان والبلديات.. وليس ثمة من يدافع عن حقوق العمال في هذا الجانب.
٢١ ) ضرورة إيجاد صيغة تشريعية أفضل من النصوص الموجودة في قانون الضمان الاجتماعي حالياً لتحسين الرواتب التقاعدية المتدنية، وتغيير آلية احتساب زيادة التضخم السنوية بصورة تنصف الجميع ولا سيما أصحاب الرواتب التقاعدية المتدنية والمتوسطة.
٢٢ ) أخيراً ثمة مدارس خاصة طلبت من معلميها ومعلماتها وكافة العاملين فيها عدم التعطيل لهذا اليوم الأحد بمناسبة عيد العمّال، وضرورة الالتحاق بأعمالهم، تحت تحديد الخصم من رواتبهم وأجورهم، ومواقع عمل أخرى سلكت ذات السلوك وحرمت عامليها من التمتع بعطلة عيد العمال..!
وبعد..
فإن جمعية بيت التضامن للحماية الاجتماعية "تحت التأسيس" لتدعو العمال في المملكة الأردنية الهاشمية إلى الاتحاد والقوة والتضامن فيما بينهم دفاعاً عن حقوقهم ولوقف الانتهاكات التي تتعرض لها شريحة واسعة منهم، كما تطالب الجمعية المسؤولين في الدولة إلى المسارعة لمعالجة كافة النقاط المطروحة أعلاه، ولا سيما الاستجابة الفورية لمطلب رفع الحد الأدنى للأجور وبأثر رجعي اعتباراً من 1-1-2023، وفقاً لقرارات سابقة صادرة بموجب قانون العمل.
وإذا أرادت الحكومة أن تناقشنا بالنقاط المذكورة فنحن مستعدون، ونساعدها أيضاً في الحلول والمعالجات إذا أرادت.
جمعية بيت التضامن للحماية الاجتماعية "تحت التأسيس".
عن الهيئة التأسيسية / الحقوقي موسى الصبيحي
عمّان - 30-4-2023