اكتشاف آثار “مذبحة رومانية” بالأردن وجوجل يوثقها بالصور

mainThumb

28-04-2023 12:40 PM

printIcon

اكتشف علماء آثار من جامعة أكسفورد البريطانية بقايا معسكرات كبرى في الصحراء العربية، يتوقعون أنها تعود إلى حملة عسكرية شنَّها الرومان في نحو عام 106 بعد الميلاد لضم مملكة الأنباط، وعاصمتها مدينة البتراء الأردنية والتي كانت تقع في شمال شبه الجزيرة العربية، حسب ما نشرته صحيفة The Telegraph البريطانية.

ويذهب العلماء إلى أن آثار المعسكرات الرومانية التي رصدها برنامج "جوجل إيرث" Google Earth ربما تشير إلى مذبحة شهدت مقتل عدد كبير من القوات الرومانية في معركة دارت للاستيلاء على المملكة النبطية.
وجاءت المعسكرات على هيئة مستطيلات واسعة في الصور الملتقطة، وما يثير الاهتمام أن مساحة المعسكر الغربي تبلغ ضعف مساحة الحصنين في شرقه، ما يدل على أن الجيش إما انقسم إلى قسمين أو أن أعداداً كبيرة من القوات قد هُزمت، ومن ثم فقد قلت المساحة التي يشغلونها أثناء تحركهم نحو مقصدهم.

على الرغم من أن المصادر التاريخية الرومانية تشير إلى أن السيطرة انتقلت سلمياً من الأنباط إلى الرومان في ختام عهد "رب أيل الثاني" آخر ملوك الأنباط، فإن الاكتشافات الجديدة توحي بأن عملية الانتقال ربما كانت أشد عنفاً مما تزعم الوثائق.

فيما قال البروفيسور أندرو ويلسون، المؤلف المشارك في دراسة بحثية جديدة بشأن العصور الكلاسيكية، إن "هذه المعسكرات المتحركة -إنْ تبين صواب تأريخنا بأنها تعود إلى أوائل القرن الثاني الميلادي- فإنها تشير إلى أن ضم الرومان للمملكة النبطية بعد وفاة آخر ملوكها (رب أيل الثاني) الملقَّب بسوتر، في عام 106 بعد الميلاد، لم يكن انتقالاً مباشراً يسير المأخذ للسلطة، وأن روما تحركت بسرعة لتأمين سيطرتها على المملكة".
وكشف ويلسون عن بعض الأسئلة التي طرحتها الاكتشافات الجديدة، مثل: "لماذا تبلغ مساحة المعسكر الغربي ضعف مساحة المعسكرين الآخرين؟ هل يعني ذلك أن القوة العسكرية انقسمت، وإن كان الأمر كذلك، فأين ذهب النصف الآخر؟ هل قُضي على نصفها في المعركة أم أنها بقيت في المعسكر الغربي لإعادة إمداد المعسكرات الأخرى بالمياه؟".

وتشير المعسكرات المكتشفة حديثاً إلى زحف القوات في خط مستقيم باتجاه منطقة دومة الجندل الواقعة الآن في السعودية، والتي كانت مستوطنة واقعة في شرق المملكة النبطية آنذاك، ويميل الخبراء إلى أن الجيش الروماني بنى المعسكرات لتكون قواعد دفاعية مؤقتة أثناء الزحف في الحملة.

فيما يبدو أن القوات الرومانية اتبعت طريقاً لم تكن القوافل تتخذه إلا قليلاً بين منطقة باير في جنوب شرق الأردن ودومة الجندل، إخفاءً لوجهتهم على ما يبدو. وقد نجح الرومان في حملتهم آخر المطاف، إذ بلغوا مملكة الأنباط وأسسوا مقاطعة عربية جديدة دُمجت فيها المملكة.

علاوة على ذلك، يمكن أن تضيف هذه الاكتشافات معلومات جديدة عن حملة الاستيلاء، التي لا يوجد بشأنها إلا بعض الأدلة التاريخية والأثرية الشحيحة.

وزعم الدكتور مايكل فرادلي، المشرف على الدراسة وأول من حدد المعسكرات على جوجل إيرث، أن الشك قليل في تاريخ هذه المعسكرات، "فنحن على يقين من أن الجيش الروماني أقامها، بالنظر إلى شكل المستطيل متماثل الأضلاع الذي اتخذته المعسكرات والمداخل المتقابلة على طول كل جانب"، و"احتفاظ المعسكرات بهذه الهيئة أمر عظيم حقاً، لا سيما أنها ربما لم تستخدم إلا بضعة أيام أو أسابيع".

فيما أشار فرادلي إلى "أن القوات تخلت باستخدام هذا الطريق عن السبيل المتبع عادةً جنوب وادي السرحان، ما أضاف عنصر المفاجأة للهجوم. إنه لأمر مدهش أن نتمكن من التقاط هذه اللحظة على مستوى المشهد البصري الكامل".

وتبلغ المسافة بين المعسكر الأول والثاني 37 كيلومتراً، وبين الثاني والثالث نحو 43 كيلومتراً، وهما مسافتان بعيدتان يرى الفريق العلمي أنها أبعد من أن يتمكن المشاة من عبورها في يوم واحد. ويوحي ذلك بأن وحدة سلاح الفرسان -المحمولة ربما على الإبل، والقادرة على قطع المسافة في غضون يوم- قد أقامت مرفقات المعسكر قبل أن يبلغه المشاة.

ويذهب رأي ثانٍ إلى أن المعسكر الغربي ربما كان مُقاماً من قبل في المنطقة الواقعة الآن على تخوم القصر الأموي والقلعة الأموية اللاحقة ومنطقة آبار باير.

فيما قال الدكتور مايك بيشوب، الخبير البارز في الشؤون العسكرية الرومانية: "إن اكتشاف هذه المعسكرات اكتشاف مذهل ورؤية جديدة مهمة للحملات الرومانية في شبه الجزيرة العربية. فالقلاع والحصون الرومانية تُظهر لنا كيف حفظت روما سيطرتها على المقاطعات، أما المعسكرات المؤقتة فتكشف كيف استحوذت عليها في الأصل".

 



news image