أخبار اليوم - على الرغم من قسوة الحرب المتواصلة في قطاع غزة، لا تنفكّ محاولات المواطنين لإيجاد سبل للعيش الكريم، وتقديم خدمات مجتمعية تسهم في دعم الأسر المنكوبة، في واقعٍ مأساوي فرضه الاحتلال.
وفي مشهدٍ يعكس الإصرار والصمود، تبذل العديد من العائلات جهودًا حثيثة لتأمين مصادر دخل بديلة، من خلال إعادة تفعيل خدمات محلية كانت متاحة قبل الحرب، ولكن بوسائل بديلة تتماشى مع الواقع الراهن.
في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أعاد المواطن أحمد عطوان، البالغ من العمر أربعين عامًا، تشغيل فرن عائلته ليقدّم من خلاله خدمات الخَبز لجيرانه مقابل أجور رمزية.
نصب عطوان معرّشًا بسيطًا أمام منزله يقيه حرارة الشمس، وأعاد استخدام الفرن الذي كان يعمل بالغاز، مستعيضًا عنه بالحطب بعد توقّف إمدادات الغاز نتيجة الحصار.
يقول عطوان لـ "فلسطين أون لاين": "الناس بحاجة إلى من يخبز لهم الدقيق ويجهّز المعجّنات، وأنا بحاجة إلى المال لإطعام أطفالي، لذلك فكّرت في تشغيل فرني لخدمة الجميع. أتقاضى شيقلًا واحدًا مقابل كل أربعة أرغفة، وبهذا أستطيع تأمين لقمة العيش لعائلتي من دون الحاجة إلى طلب المساعدة."
وفي مكان غير بعيد، يقف الشاب سلمي أبو حامدة أمام غسالته الصغيرة، مرتديًا قفازات، ويقوم بخلط مسحوق الغسيل استعدادًا لتنظيف دفعة جديدة من الملابس، قبل أن ينشرها على حبل أقامه قرب منزله المتضرر. يعتمد أبو حامدة على غسالة منخفضة الاستهلاك للطاقة، ويقدّم خدمة الغسيل والتجفيف للأهالي مقابل ثمانية شواقل لكل وجبة غسيل.
ويقول أبو حامدة لـ"فلسطين أون لاين": "معظم الناس لا يملكون كهرباء، وحتى من تتوفّر لديه، لا يستطيع تشغيل الغسالة، لذلك قررت أن أقدّم هذه الخدمة، مع الحرص على مراعاة ظروف الناس المعيشية."
ويضيف: "ليست كل العائلات تلجأ إلى خدمتي، إذ يفضّل البعض إنجاز الأمر يدويًا، لكن هناك من يحتاج إليها، خصوصًا كبار السن والمرضى."
في مخيم البريج وسط قطاع غزة، يقدّم المواطن فهد أبو حلو، وهو في الخمسين من عمره، خدمة تتمثّل في حفظ المواد الغذائية وبيع مكعّبات الثلج، مستعينًا بثلاجته التي أصبحت ملاذًا للأهالي في ظل الانقطاع التام للتيار الكهربائي.
بدأ أبو حلو بتوفير مكعّبات الثلج للمواطنين لتلبية احتياجاتهم في حفظ الماء والطعام، إلا أنّه سرعان ما طوّر فكرته لتشمل خدمة حفظ اللحوم والأطعمة مقابل أجور رمزية.
يقول أبو حلو لـ"فلسطين أون لاين": "الخدمة ساعدت بشكل خاص أصحاب المطاعم الصغيرة، مثل محال الفلافل، الذين يخشون من فساد المواد الغذائية بسبب انقطاع الكهرباء."
ويضيف: "بات الناس يجلبون إليّ اللحوم والخضراوات مقابل مبلغ بسيط لتخزينها، وهناك من يشتري مكعّبات الثلج لتبريد الطعام أو لتوفير ماء بارد لأطفالهم، خاصة في ظل الحر الشديد."
فلسطين أون لاين