صالح الشرّاب العبادي
في حضرة الأعلام، يظل العَلم الأردني متفرداً في بهائه، مهاباً في عليائه، شامخاً كما الجبال التي تسند جذور الوطن وتطلُّ على فضاءاته بتؤدةٍ وكبرياء ، ليس قماشاً يرفرف فحسب، بل هو نَفَس الوطن المتجسد، ونبض الأرض حين تعتنق السحاب، ومهوى القلوب حين تفتش عن عنوان الهوية في زحام العالم وتقاطعات الانتماء.
إنه العَلم الذي خُطّ على صفحات الزمن، بألوانه العتيقة التي ما خبت يوماً، وما انحنت مهما تلاعبت العواصف برايات الدنيا ، الأسود فيه حكاية الدولة العباسية، والأبيض يروي شرف الأمويين، والأخضر يصدح باسم الفاطميين، أما الأحمر فهو دم الثورة العربية الكبرى، وهو شريان الكرامة الممتد من البادية إلى الجبل، من غور الأردن إلى قمة رم ، من حناجر النشامى إلى ساحات المجد.
وفي القلب من هذا المجد، نجمة سباعية لا تماثلها نجمة، تتلألأ في كف المثلث القاني، وكأنها تتلو سورة الفاتحة، سبع آيات تفتح أبواب الرحمة وتختم بالهداية ، سبع زوايا هي فيض النور، رمز المثاني المقدسة، ودلالة السمو حين تتعانق الرسالة بالسيادة.
العَلم الأردني ليس زينة تُرفع ولا شعاراً يُزيّن الجدران في المناسبات، بل هو عَهدٌ مرسوم على الجبين، تحمله الصدور قبل السواعد، وتحنو له الأرواح كما تحنو الأمهات على مهود أطفالهن. كل خفقة له في السماء، هي نداء عتيق بأن الوطن باقٍ، وأن الراية لن تسقط ما دام في القلب نبض، وفي الأرض رجال، وفي الأفق أمل لا يخبو.
وإذا كان لكل أرض عَلم، فإن للراية الأردنية خصوصيتها التي لا تُجارى، فهي دفء القلوب في برد النكبات، وهي يقين الاستقلال حين تلوح الذكريات، وهي الحارس الصامت على حدود الكرامة، والعين التي لا تنام على أسوار السيادة ، سارية لا تذبل، وحكاية لا تنتهي، وصوت لا يخفت في زحام الضجيج.
في اليوم الوطني للعَلَم الأردني، تنحني الحروف إجلالاً، وتسمو اللغة لتوافي المعنى حقه، وتكتب الأرواح، لا الأقلام، اعترافها الأبدي بأن هذا العَلم، هو ميثاقنا الذي لا يلين، وسقف عزتنا الذي لا يُدانى ، هو الحاضر أبداً، في القلب وفي التاريخ وفي القادم من الأيام.
فالسلام على الراية كلما علت، والسلام على الوطن كلما تنفّس، والسلام على كل نبض أردني، يحمل العلم في قلبه، قبل أن يعلّقه على كتفه.